هل يتمكن ترامب من شرخ أصوات يهود أميركا؟
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
واشنطن- يؤمن الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب بأحقيته في الحصول على أصوات أغلبية الناخبين من يهود أميركيا، لا سيما بعد نقله السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، واعترافه بالأخيرة "عاصمة موحدة ودائمة لإسرائيل"، وبالجولان "أرضا إسرائيلية".
وكان ترامب أيضا قد أغلق المكتب الدبلوماسي الفلسطيني في واشنطن، وكذلك القنصلية الأميركية في شرقي القدس، بالإضافة لانسحابه من الاتفاق النووي مع إيران.
إلا أن واقع الصوت اليهودي يبدو أكثر تعقيدا من حسابات ترامب، إذ يصوت -تاريخيا- أكثر من ثلثي اليهود الأميركيين للحزب الديمقراطي، بينما يأمل ترامب أن يتمكن من إحداث ثغرة واختراق في أصوات اليهود تمنحه أغلبيتها أو نصفها على الأقل.
ورغم أن أغلب اليهود الأميركيين ينظرون إلى المرشح الجمهوري على أنه شديد الود تجاه إسرائيل، فإن 68% منهم سبق أن صوتوا لصالح منافسه الديمقراطي جو بايدن في انتخابات 2020، كما تشير كل استطلاعات الرأي إلى نية 60% إلى 70% من يهود أميركا التصويت لصالح المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.
اتجاهات التصويت اليهوديأصدر "المجلس الديمقراطي اليهودي الأميركي"، وهو محسوب على الحزب الديمقراطي، استطلاعا وطنيا شمل 800 ناخب يهودي، أظهر تقدم هاريس بين الناخبين اليهود بنسبة 72%، في مقابل 25% لترامب، بينما لم تحدد البقية موقفها بعد، وهي نسبة أكبر من التي حققها بايدن في انتخابات 2020.
لكن استطلاعين آخرين مستقلين، أجريا مؤخرا، أشارا إلى أن تقدم هاريس قد يكون أضعف مما تشير إليه النتائج الأولى، حتى مع استمرار غالبية الناخبين اليهود في تفضيل ترشيحها، فعلى سبيل المثال، أظهر استطلاع نشره مركز "بيو" للأبحاث تقدم هاريس بنسبة 65% فقط مقابل حصول ترامب على 35% من الأصوات.
وفي الوقت نفسه، أظهر استطلاع منفصل أجرته مجموعة "هونان" الإستراتيجية انخفاض نسبة دعم هاريس بين الناخبين اليهود لتصل إلى 57% فقط.
وتتودد حملة ترامب إلى الناخبين اليهود الساخطين من صعود نفوذ التيار التقدمي اليساري داخل الحزب الديمقراطي المعارضين للدعم الأميركي الكامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلا أن ارتباط ترامب القوي بشخصيات متهمة بما تسمى "معاداة السامية" في أقصى يمين الحزب الجمهوري، مثل المذيع الشهير تاكر كارلسون، يقلق اليهود الأميركيين.
وتحدثت الجزيرة نت إلى جاك بوستيك، وهو ناخب يهودي يقطن في مقاطعة مونتغومري بولاية ميريلاند، وقال إن ما يجري من لغط حول الناخبين اليهود أصبح تقليدا كل 4 سنوات.
وأضاف موضحا "كل 4 سنوات، يقول الجمهوريون اليهود إن هذا هو العام الذي سيصوت فيه الأميركيون اليهود لصالح المرشح الجمهوري، ثم تثبت الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني أن ذلك غير صحيح، هذا العام لن يكون مختلفا وستحصل هاريس على ما بين 70% إلى 75% من الأصوات اليهودية".
وفي خطابه الذي ألقاه مساء الخميس الماضي، وكان مخصصا لمواجهة "العداء للسامية"، ونظمه المجلس الأميركي الإسرائيلي، صرح المرشح الجمهوري ترامب بأن أصوات اليهود سيكون لها دور كبير إذا خسر الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وقال ترامب "سأطرح عليكم الأمر بكل بساطة ولطف قدر الإمكان: لم أُعامل بشكل صحيح من قبل الناخبين الذين تصادف أنهم يهود، لا أعلم، هل يعرفون ماذا سيحدث إذا لم أفز في هذه الانتخابات؟ سيكون للناخبين اليهود علاقة كبيرة بذلك إذا حدث، لأن نسبة 40% لي تعني أن 60% من الناس يصوتون للعدو".
وكرر ترامب أن هاريس تكره اليهود وتكره إسرائيل، وأنه خدم إسرائيل وقدم لها أكثر من أي رئيس آخر في التاريخ الأميركي، بينما رد البيت الأبيض وحملة كامالا هاريس بشدة على خطاب ترامب التخويفي، واتهماه بتأجيج الانقسام والكراهية ضد الجالية اليهودية.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس، ردا على ما قاله ترامب، إنه "من البغيض الاتجار بالاستعارات الخطيرة، عندما يكون من الواجب على جميع القادة الالتزام بالرد على الارتفاع المأساوي في جميع أنحاء العالم في معاداة السامية، يقوم ترامب بمحاولة تمزيق المجتمع، وتأليب الجماعات المختلفة ضد بعضها البعض".
كما دخل على خط النقاش دوغ إمهوف (زوج كامالا هاريس وهو يهودي الديانة) بقوله إن "الأميركيين اليهود لن يخافوا من هجمات ترامب، إنه يحاول إشعال نيران معاداة السامية من خلال الاتجار بعبارات إلقاء اللوم على اليهود واستعمالهم كبش فداء، حتى إنه فعل ذلك في حدث يزعم أنه يحارب معاداة السامية! هذا أمر خطير وتجب إدانته".
ووسط هذا الجدل، رد الائتلاف اليهودي الجمهوري مدافعا عن ترامب، وأصدر الرئيس التنفيذي للائتلاف مات بروكس بيانا وصف فيه خطاب ترامب بأنه "محاولة للحصول على دعم الجالية اليهودية وإسرائيل، في الوقت الذي نواجه فيه بشكل جماعي بعضا من أحلك الأيام في التاريخ اليهودي الحديث".
وأضاف "لا شك أن دونالد ترامب حين كان رئيسا للولايات المتحدة، قدم لليهود الأميركيين والدولة اليهودية أكثر من أي رئيس آخر في التاريخ الحديث"، وذكر أنه رغم أن عديدا من الأميركيين اليهود يصوتون للديمقراطيين "فإن ترامب يعمل بلا كلل لتغيير ذلك"، حسب وصفه.
وقال إن ترامب نجح عام 2020 في الحصول على أكبر حصة من الأصوات اليهودية منذ 40 عاما، وأضاف "نتوقع أن يبني الرئيس ترامب على نجاحه التاريخي في انتخابات 2024 الحاسمة".
عدد صغير ونفوذ ضخملا يتجاوز عدد يهود أميركا 2% من إجمالي عدد السكان، ومثل بقية الأقليات الأميركية، لا يمكنهم تحديد هوية الرئيس القادم، إلا أن ارتفاع نسبتهم في بعض الولايات المتأرجحة، مثل بنسلفانيا وميشيغان، يمنحهم ميزة كبيرة في ولايتين مهمتين، كما أن حجم الإنفاق والتبرعات المالية لليهود الأميركيين أعلى مما تقدمه أي جالية أخرى.
ورغم ميل أغلب يهود أميركا للحزب الديمقراطي لأسباب تتعلق بمواقفه من قضايا اجتماعية لا تتعلق بإسرائيل، فإن إحدى كبار المتبرعين ميريام أديلسون، وهي أميركية إسرائيلية ورثت تركة مليارية بعد وفاة زوجها شيلدون أديلسون أحد أكبر الداعمين التاريخيين للحزب الجمهوري ولخطط التوسع الإسرائيلي، تعهدت بمنح حملة ترامب 100 مليون دولار لمساعدته على الفوز بانتخابات 2024.
في الوقت ذاته، تولي حملة هاريس أهمية كبيرة للصوت اليهودي في ولاية بنسلفانيا، وعينت مزيدا من المؤثرين اليهود الأميركيين للانضمام إلى حملتها، مثل إيفا وينر التي ستنضم هذا الأسبوع كمديرة للتواصل اليهودي في ولاية بنسلفانيا، مما يشير إلى الدور الحاسم الذي من المتوقع أن يلعبه الناخبون اليهود في هذه الولاية المتأرجحة الرئيسية، والتي تعتبر كلتا الحملتين أن الفوز بها أمر لا بد منه للفوز بالانتخابات الرئاسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الیهود الأمیرکیین الناخبین الیهود معاداة السامیة أصوات الیهود یهود أمیرکا
إقرأ أيضاً:
ترامب يواصل هجومه وزيلينسكي يراهن على براغماتية أميركا
اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن روسيا "في موقع قوة" في المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وواصل هجومه على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي سيلتقي اليوم الخميس الموفد الأميركي كيث كيلوغ .
وقال ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية أمس "أعتقد أن الروس يريدون انتهاء الحرب، لكنني أعتقد أيضا أنهم في موقع قوة إلى حد ما لأنهم سيطروا على الكثير من الأراضي، لذا فإنهم في موقع قوة".
وجدد ترامب انتقاداته للرئيس الأوكراني، وقال في مؤتمر في فلوريدا إنه كان بمقدوره الحضور لإجراء محادثات مع روسيا في السعودية لو أراد ذلك. مضيفا أنه يأمل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا قريبا.
وحذر ترامب نظيره الأوكراني من أنه "من الأفضل له أن يتحرك بسرعة" للتفاوض على إنهاء الحرب الروسية ضد بلاده، "وإلا فإنه قد يخاطر بعدم امتلاك دولة ليحكمها".
رهانات زيلينسكيمن جهته أعلن زيلينسكي أنه سيلتقي الموفد الأميركي كيث كيلوغ اليوم الخميس، مبديا أمله في عمل "بنّاء" مع الولايات المتحدة بعد هجمات متكررة تعرض لها على لسان ترامب.
وقال زيلينسكي في مداخلته اليومية مساء أمس "من المقرر أن نلتقي الجنرال كيلوغ الخميس ومن الأهمية بمكان بالنسبة إلينا أن يكون هذا الاجتماع وعملنا مع أميركا في شكل عام بنّاء".
إعلانوأضاف "معا مع أميركا وأوروبا، يمكن تحقيق سلام يعول عليه، وذلك هو هدفنا. والأهم أن هذا ليس هدفنا فحسب، بل هدف مشترك مع شركائنا".
وأكد زيلينسكي أن "المستقبل ليس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل مع السلام. وعلى كل طرف في العالم، وخصوصا القوي، أن يكون مع بوتين أو مع السلام. علينا أن نختار السلام. أشكر الجميع على دعمهم".
وشدد على أنه "يعول على وحدة أوكرانيا" وكذلك على "وحدة أوروبا" و"براغماتية أميركا".
انتقادات أوروبية أميركية لترامبفي غضون ذلك، واصل الأوروبيون إبداء مواقفهم الداعمة لأوكرانيا وزيلينسكي في مواجهة تصريحات الرئيس الأميركي، ومحادثاته التي يجريها مع روسيا في سبيل إنهاء الحرب الطاحنة المستمرة بين موسكو وكييف منذ 3 سنوات.
وأثار ترامب صدمة في الاتحاد الأوروبي بإشارته إلى أنه مستعد لاستئناف التواصل الدبلوماسي مع بوتين بعد 3 سنوات على بدء روسيا حربها مع أوكرانيا، ومناقشة مصير البلد الموالي للغرب من دون التشاور مع أوروبا أو كييف.
وأعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مساء أمس عن دعمه للرئيس الأوكراني "المنتخب ديمقراطيا" فولوديمير زيلينسكي الذي وصفه ترامب بأنه "دكتاتور من دون انتخابات".
وقال متحدث باسم داونينغ ستريت في بيان إن رئيس الوزراء العمالي اتصل بالرئيس الأوكراني وعبر عن دعمه له بوصفه رئيسا ديمقراطيا انتخبته أوكرانيا، وأعلن أنه من المنطقي تماما تعليق إجراء الانتخابات في زمن الحرب، الأمر الذي قامت به المملكة المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية.
من جهتها، نقلت فايننشال تايمز عن وزراء بريطانيين أن ستارمر يتجنب إغضاب ترامب ويسعى ليصبح جسرا بين واشنطن وأوروبا. ومن المقرر أن يلتقي ستارمر الرئيس الأميركي الأسبوع المقبل في واشنطن.
من جهته، اعتبر رئيس وزراء بولندا دونالد توسك أن فرض ما وصفه بالاستسلام القسري على أوكرانيا يعني استسلام الغرب بأكمله.
إعلانأما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقال إنه يجب أن يكون السلام في أوكرانيا دائما وأن ترافقه ضمانات قوية وموثوقة.
بينما اعتبر المستشار الألماني أولاف شولتس أن أوكرانيا تدافع عن نفسها ضد "حرب العدوان الروسية منذ نحو 3 سنوات". كما اعتبر شولتس أن وصف ترامب لزيلينسكي بالدكتاتور "أمر خاطئ وخطير".
وإلى جانب الاستياء الأوروبي أثارت كلمات ترامب القاسية بحق زيلينسكي انتقادات من الديمقراطيين وحتى بعض الجمهوريين في الولايات المتحدة.
وقال زيلينسكي إن ترامب وقع في فخ التضليل الروسي، وسرعان ما حذره نائب الرئيس جيه دي فانس من مخاطر انتقاد الرئيس الجديد علنا.
وأعرب زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر من نيويورك عن فزعه من إلقاء ترامب باللوم على أوكرانيا في غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال شومر "من المثير للاشمئزاز أن نرى رئيسا أميركيا ينقلب ضد أحد أصدقائنا وينحاز علنا إلى بلطجي مثل فلاديمير بوتين".
وقال السيناتور جون كينيدي، جمهوري من لويزيانا، إنه لا يتفق مع اقتراح ترامب بأن أوكرانيا مسؤولة.
وقال كينيدي "أعتقد أن فلاديمير بوتين بدأ الحرب. أعتقد أيضا، من تجربة مريرة، أن بوتين رجل عصابات. إنه رجل عصابات ذو قلب أسود" يتمتع بـ "ذوق الدكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين للدماء".
وقال السيناتور ديك دوربين، ديمقراطي من إلينوي، إن كلمات ترامب مهينة لآلاف الأوكرانيين الذين ماتوا في الحرب، متهما ترامب بتقليد بوتين. وقال دوربين: "أود أن أدعو الرئيس ترامب إلى الاعتذار لشعب أوكرانيا، لكن هذا سيكون مضيعة للوقت. دونالد ترامب ضعيف أمام بوتين".