أردوغان: دول غربية عديدة أبرزها الولايات المتحدة لا تزال تلتزم الصمت إزاء إسرائيل
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
نيويورك – أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أسفه جراء استمرار العديد من الدول الغربية في صمتها على إسرائيل وأبرزها الولايات المتحدة.
وقال أردوغان في لقاء مع قناة “إن بي سي نيوز” الأمريكية على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنسختها الـ79: “للأسف، لا تزال العديد من الدول الغربية تلتزم الصمت ضد إسرائيل ولم تتخذ موقفا ضدها”.
وأضاف “ولسوء الحظ من بين حلفاء الناتو هناك دول تقف إلى جانب إسرائيل، نحن الآن في الولايات المتحدة والتي تعد واحدة من هذه البلدان”.
وأوضح أن الرئيس الأمريكي جو بايدن ينتقد إسرائيل من ناحية لكنه يقدم الدعم لها بطرق مختلفة من ناحية أخرى.
وأشار الرئيس التركي إلى أن الولايات المتحدة قدمت الأسلحة والذخيرة لإسرائيل وأرسلت حاملة طائرات إلى البحر الأبيض المتوسط لدعمها.
من جهته، أكد رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون أن الحكومة الإسرائيلية التي يقودها بنيامين نتنياهو تحاول جاهدة صرف الأنظار عن الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وذكر ألطون في منشور عبر منصة “إكس” أن نتنياهو أطلق اتهامات لا أساس لها من الصحة بشأن اجتماع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وعقد الرئيس أردوغان لقاء مع خان في “البيت التركي” بنيويورك يوم الاثنين على هامش اجتماعات الدورة الـ79 للجمعية العام للأمم المتحدة، وقدم له كتابي “الدليل” و”الشاهد” من إعداد وكالة “الأناضول” وهما من أبرز الأدلة الملموسة على جرائم إسرائيل في غزة.
وأشار ألطون إلى أن نتنياهو يحاول تبرير عمليات القتل العشوائية التي ترتكبها حكومته، وجرائم الحرب، وتجاهل القانون الدولي، من خلال الادعاء بأن قضيته مشروعة.
وتابع قائلا: “لم يعد أحد يصدق هذه القصة، بما في ذلك العديد من الإسرائيليين”.
وأوضح أن “نتنياهو يستخدم أحداث 7 أكتوبر 2023 ذريعة لقتل المدنيين الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم، وهو اليوم في حالة من الذعرخشية أن يتم اعتقاله على خلفية القضية المرفوعة ضده في المحكمة الجنائية الدولية”.
وشدد ألطون على أن “الحماية الدبلوماسية التي توفرها بعض الحكومات الغربية لن تخلص نتنياهو من المحاكمة بموجب القانون الدولي”.
ولفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية مذنبة بالفعل في نظر أغلب دول العالم، وأن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية سوف يؤكد ما هو معروف بالفعل لدى الجميع.
وأكد ألطون أن محاولة نزع الشرعية عن هذه القضية لن تنجح إلا عند حفنة من الحكومات الغربية المتواطئة في هذه الإبادة الجماعية.
وشدد على أن “التاريخ أصدر حكمه منذ وقت طويل في هذه القضية، ومحاسبة المسؤولين مسألة وقت ليس إلا”.
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 137 ألف قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
كما تتحدى إسرائيل طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
المصدر: “الأناضول”
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الجنائیة الدولیة
إقرأ أيضاً:
التداعيات القانونية والسياسية لأمر "الجنائية الدولية" ضد إسرائيل
د. عبدالله الأشعل
نشأت المحكمة الجنائية الدولية ويحكم عملها (ميثاق روما) في 2002؛ وبذلك تأخر القضاء الجنائي الدولي عدة عقود عن نشأة القضاء المدني الدولي ممثلًا في محكمة العدل الدولية. ونظرت المحكمة الجنائية الدولية حتى الآن 32 قضية مُعظمها لحوادث في قارة إفريقيا.
بينما عُرضت قضية الإبادة الجماعية في قطاع غزة على المحكمة في أوائل العام الجاري، وهذه المحكمة لا علاقة لها بالأمم المتحدة؛ بينما محكمة العدل الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، وتنظر المنازعات القانونية وحدها بشرط أن تكون بين دول.
أما المحكمة الجنائية الدولية فتختص بثلاث مجموعات من الجرائم هي جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية والإبادة، وجريمة العدوان، وتركز هذه المحكمة على المجرمين وليس لها علاقة بالدول، ومعنى ذلك أن الدولة غير العضو فى المحكمة والتى وقعت فيها الجريمة أو ارتكب مواطنوها هذه الجريمة تختص المحكمة بنظرها فإسرائيل ليست عضوًا فى المحكمة وتصورت عبثًا أن المحكمة غير مختصة كما قالت أيضًا الولايات المتحدة، وهما دولتان حضرتا مؤتمر روما عام 1998 ووقعتا على ميثاق روما، ثم سحبتا التوقيع فى اليوم التالي، ظنًا منهما أنَّ المحكمة غير مختصة بنظر الجرائم التي تقع في الدولة أو من الدولة غير العضو.
المحكمة الجنائية الدولية تختلف اختلافًا جوهريًا عن محكمة العدل الدولية فى جوانب متعددة، ويهمنا جانب واحد وهو أن المجرم فى محكمة العدل الدولية يتمتع بالحصانة إذا كان مسؤولًا فى مستوى مُعين، ولكن المحكمة الجنائية الدولية تنص المادة 27 من ميثاقها على أن اختصاص المحكمة يشمل أي شخص بشرط أن يرتكب جريمة من الجرائم التي تختص المحكمة الجنائية الدولية بنظرها، وفقًا للمادة الخامسة من "ميثاق روما"، وبغض النظر عن مرتبته في سلم الحكم فى بلده، وهو ذات الحكم الذي اعتمدته محاكم نورمبرج في ألمانيا التي نشأت لمحاكمة مجرمي الحرب النازيين.
والطريف أن السلاح الذى ابتكرته إسرائيل الصهيونية، وهو هذا النص ونفس الجرائم يُطبَّق عليها الآن؛ فالهولوكوست الذي قامت به إسرائيل فى غزة ولبنان ومصر (سابقًا) أخطر من الهولوكوست الذي تمسكت به إسرائيل ضد الزعيم الألماني هتلر، وإذا كان الهولوكوست الألماني تمت روايته من طرف واحد هو إسرائيل، ووقع سرًا ولم يسجل بأي وثيقة، كما إن خبره أحيط بقدسية خاصة، وحُظِر على الباحثين تناوله، فإن الهولوكوست الإسرائيلي تم في العلن على مسمع ومرأى من كل العالم؛ بل إن الجنود الإسرائيليين من شدة اعتزازهم بارتكاب الجرائم سجلوا هذه الجرائم فى فيديوهات نشرت على العلن، كما أن إسرائيل دفنت في سيناء عام 1967 أكثر من 10 آلاف من الجنود والضباط المصريين أحياءً، وعبرت عن اعتزازها بهذا العمل بتسجيله في فيلم. ويعد الرواية الرسمية لإسرائيل عن جرائمها فى حرب 1967 وسمته فيلم "روح شاكيد".
ويبلغ عدد أعضاء المحكمة الجنائية الدولية 124 دولة، علمًا بأن معظم الدول الأفريقية بما فيها جنوب إفريقيا قررت الانسحاب منها واتهمتها بالإغراق في تسييس الجرائم.
والمحكمة الجنائية الدولية تتكون من مستويين من المحاكم؛ المستوى الأول الدائرة التمهدية الأولى والمستوى الثانى هو بمثابة استئناف للحكم ومعلوم أن محكمة العدل الدولية ليس فيها استئناف والدائرة التمهدية الأولى يقدم لها المدعي العام التقارير والتحقيقات الأولية التي أجراها والتى تلقاها من الأطراف الأخرى. وتحريك الدعوى أمام هذه المحكمة يتم بثلاثة طرق وفق المادة 13 من ميثاق روما الطريق الأول إحالة مجلس الأمن القضية إلى المحكمة بقرار يصدر وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ومثاله إحالة مجلس الأمن في القرار 1593 الرئيس عمر البشير ورفاقه إلى المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد المواطنين السودانيين في دارفور وقد ناقشنا هذا القرار فى كتابنا الصادر سنة 2009 بعنوان السودان والمحكمة الجنائية الدولية. أما الوسيلة الثانية فهي المُدعي العام. والوسيلة الثالثة هي تقديم دعوى للمحكمة من جانب دولة عضو.
وبالنسبة لإسرائيل، فقد تقدمت جنوب إفريقيا بعد انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية بدعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة انتهاك اتفاقية إبادة الجنس البشري لعام 1948. وقد قدمت دعوى ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية من خمس من الدول الأعضاء بينهم دولة جيبوتي العربية بالإضافة إلى فريق قانوني دولي تقدم بتقارير ضد إسرائيل مع فريق قانوني من جنوب إفريقيا في نفس الاتجاه.
فإذا توفرت موجبات التحقيق وتوفرت أركان الدعوى طلب المدعي العام من الدائرة التمهدية الأولى أن تصدر أمرا بالقبض على المتهم لكي تحاكمه .
وإذا كانت المحكمة مختصة بنوع الجرائم وتوفرت الأدلة والوقائع فى هذه الحالة تصدر الدائرة التمهدية الأولى أو غرفة ما قبل المحاكمة المنصوص عليها في المادة 37 من ميثاق روما وغالبًا يصدر أمر القبض على المتهم وتقديمه للمحاكمة بناءً على غلبة الظن أنه ارتكب هذه الجرائم.
القضية ضد إسرائيل
طلب المدعي العام من الدائرة التمهدية الأولى منذ شهور طلبًا لغرفة ما قبل المحاكمة بتقديم اثنين من القيادات الإسرائيلية ومن حماس، رغم أن مجلس النواب الأمريكي أصدر قانونا يهدد بعقوبات على قضاة المحكمة والمدعي العام إذا أصدروا قرار المحاكمة ضد إسرائيل، ولكن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت هذا القرار يوم 21 نوفمبر 2024؛ وهو قرار تاريخي وأطلق عليه نتانياهو "اليوم الأسود" ورفضته إسرائيل والولايات المتحدة فورًا وتعهدت الولايات المتحدة بأن تُحبِط عمل المحكمة امتدادًا لموقفها المُعادي للمحكمة منذ نشأتها. وفي السنوات الأولى من عمل المحكمة هددت الولايات المتحدة بقصف قصر السلام الذي يضم مبنى المحكمة في لاهاي في هولندا.
معنى ذلك أن الولايات المتحدة تبذل كل جهدها لتأكيد إفلات إسرائيل من العقاب وإشاعة الفوضى فى العلاقات الدولية، كما اتهمت إسرائيل المحكمة بأنها ترتكب جريمة معاداة السامية، وهو اتهام يُطلق عادة على كل من ينتقد السياسة الإسرائيلية، وعند التحليل فإن هذا الاتهام فضفاض وليس له محتوى موضوعى وتطلقه إسرائيل على أي تصرف لا تؤيدها.
أما رد فعل المجتمع الدولي، فقد رحبت به معظم دول العالم؛ بما فى ذلك منسق السياسات الأوروبية، وصدرت تصريحات من وزراء الدفاع والخارجية فى بعض الدول تتعهد بتنفيذ القرار مثل وزير خارجية هولندا ووزير الدفاع الإيطالى ووزير الخارجية الإيرلندي ووزير الخارجية الإسباني ونائبة وزير الخارجية البلجيكي. وبصفة عامة، فإنَّ الدول الواقعة تحت تأثير واشنطن في أوروبا لن تُنفِّذ هذا القرار. أما الدول المستقلة عن النفوذ الأمريكي فقد تعهدت بتنفيذه. ولا يحتمل هذا القرار في الواقع بالنسبة لإسرائيل، ولذلك ينحصر أثر القرار فى التداعيات القانونية والسياسية الآتية:
أولًا: أن القرار يساوي الحكم وهو إدانة إسرائيل ونتنياهو ووزير الدفاع بالذات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وسوف يدفع هذا القرار قدمًا قضية جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية. واللافت للنظر أن جميع منظمات حقوق الإنسان رحبت بالقرار وحثت على تنفيذه.
ثانيًا: يُعبِّر هذا القرار عن شجاعة القضاة والمدعي العام، وتحديهما لإسرائيل والولايات المتحدة؛ وبذلك أُعيد الاعتبار إلى هذه المحكمة، ويُتوقع أن يزيد عدد أعضائها خلال أشهر.
ثالثًا: أما آلية التنفيذ على المستوى الدولى فلا تزال عاجزة، خصوصًا فى ظل انحياز واشنطن ومشاركتها لجرائم إسرائيل؛ مما أظهر واشنطن أنها تعيق العدالة الدولية وتحبط الأمل فيها. ولذلك فإنَّ هذا القرار مفيد جدًا في أي دعوى أمام القضاء الأمريكي ضد الحكومة الأمريكية أو ضد الحكومة الإسرائيلية أمام أي من القضاء الغربي.
رابعًا: أن القرار يُسهم فى تبديد الحُجج الإسرائيلية بأن إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وأنها تطبق مبدأ سيادة القانون، وبذلك يُعد القرار انتصارًا للقانون الدولي والقضاء الدولي، ويُعيد الثقة في القضاء الدولي، وأن الذى يتحدى إسرائيل بشكل خاص يعمل لمصلحة العدالة الدولية التي أُهدرت على يد إسرائيل والولايات المتحدة.
خامسًا: هذا القرار يحرج العلاقات الإسرائيلية مع معظم دول العالم، كما إنه يًعد انتصارًا للمقاومة، لكن هذا القرار يوقف حملة الإبادة الإسرائيلية وتوحش إسرائيل مادام القتل أصبح هدفا للجنود الصهاينة.
سادسًا: أن القرار يدعم جهود طرد إسرائيل من الأمم المتحدة.
وسوف نتابع تداعيات هذا القرار التي لا تنتهي، خاصة وأن المحكمة ردت على إسرائيل والولايات المتحدة بأنها مُختصة بالجرائم التى ارتكبها نتنياهو ووزير الدفاع السابق جلانت، وأن من ضمن الدول التى رفعت الدعوى دولة فلسطين التى انضمت للمحكمة عام 2015.
رابط مختصر