الدور الشعبي الواجب لمحاصرة النفوذ الصهيوني في بلادنا
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
ليس هناك شك في أن أهم ساحة لمواجهة النفوذ الصهيوني في بلادنا هي الساحة الشعبية، فبرغم تراجع عدد من الحكومات عن ثوابت الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني، إلا أن الشعوب بقيت وفية لقضيتها، واقفة عند مبادئها، دون تفريط أو تهوين، وهو ما أرّق خصوم أمتنا في السنوات الأخيرة، وجعل هدف التطبيع الإبراهيمي على رأس أولوياتهم، وذلك لكي يستطيعوا من خلاله أن يمرروا مخططاتهم بسهوله، ويقضوا على الممانعة الشعبية المتعاظمة.
وفي هذا الصدد يجب أن نذكر وأن نحتفى بانتصارنا مجتمعين على مخططات التطبيع السالفة، التي كانت مواجهتها من أبرز صور التعاون والتلاحم بين قوانا الوطنية على اختلاف توجهاتها الفكرية، ولا تزال مصر مضرب الأمثال في هذا النجاح في التصدي للتطبيع بالتعاون بين كافة الحركات الوطنية، برغم الأشواط البعيدة التي خاضتها الحكومات المتعاقبة منذ اتفاقيات كامب ديفيد.
منذ نشوء المشروع الصهيوني، سعت إسرائيل إلى التغلغل في المنطقة العربية والإسلامية، مستخدمة أدوات سياسية واقتصادية وثقافية لتعزيز وجودها وترسيخ سيطرتها. ومع التغيرات الجيوسياسية الراهنة في ضوء طوفان الأقصى والحرب على غزة وما أعقبهما من زلازل سياسية في المنطقة والعالم، باتت الحركات الشعبية والقوى السياسية، سواء الإسلامية، أو القومية، أو اليسارية، أو الليبرالية، مطالبة بتوحيد جهودها لمحاصرة هذا التغلغل، ووقف أي محاولات للتطبيع تلك التي تعمل على تغيير طبيعة العلاقات بين العالم العربي والإسلامي وبين المشروع الصهيوني.
الحركات الإسلامية، في جميع المراحل، كانت في طليعة مقاومة هذا المشروع، لكن نجاحها في التصدي له لا يمكن أن يكون كاملا بدون تعاون وتكامل مع الحركات القومية واليسارية والليبرالية. هذه الحركات، بمختلف توجهاتها الفكرية، تمتلك نقاط قوة وإمكانيات يمكن توظيفها بشكل استراتيجي لتضييق الخناق على التغلغل الإسرائيلي
الحركات الإسلامية، في جميع المراحل، كانت في طليعة مقاومة هذا المشروع، لكن نجاحها في التصدي له لا يمكن أن يكون كاملا بدون تعاون وتكامل مع الحركات القومية واليسارية والليبرالية. هذه الحركات، بمختلف توجهاتها الفكرية، تمتلك نقاط قوة وإمكانيات يمكن توظيفها بشكل استراتيجي لتضييق الخناق على التغلغل الإسرائيلي، سواء كان ذلك عبر العمل الشعبي المباشر أو التأثير على السياسات الحكومية في العالم العربي والإسلامي. هذه المقالة تحلل الدور الشعبي الذي يجب أن تقوم به هذه الحركات، وتطرح استراتيجيات مشتركة يمكن اتباعها في مواجهة المشروع الصهيوني.
المقاومة الشعبية وتوحيد الجهود:
في البداية، لا بد من التأكيد على أن أحد أهم أسباب نجاح المشروع الصهيوني هو التشتت والفرقة بين القوى السياسية والفكرية في العالم العربي والإسلامي. إن توحيد الجهود بين الحركات الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية يمثل خطوة استراتيجية لمحاصرة هذا المشروع، فكل حركة من هذه الحركات تمتلك جماهيرها وشبكات تأثيرها التي يمكن استخدامها في توحيد الرأي العام وتوجيهه ضد السياسات التطبيعية أو محاولات التغلغل الصهيوني في المجالات الاقتصادية والثقافية.
- الحركات الإسلامية، بقدرتها على تعبئة الجماهير عبر المساجد والشبكات الاجتماعية والدينية، يمكنها أن تلعب دورا كبيرا في إبراز البعد الديني والأخلاقي لمقاومة إسرائيل ورفض التطبيع.
- الحركات القومية، التي تستند إلى رفضها التاريخي للمشروع الصهيوني كأداة استعمارية في المنطقة، تستطيع أن تستقطب القوى الوطنية والشعوب العربية وتوجيهها نحو العمل ضد التطبيع والهيمنة الصهيونية.
- الحركات اليسارية، التي تعارض الاحتلال الإسرائيلي من منطلقات حقوق الإنسان ومقاومة الاستعمار، يمكن أن تسهم في بناء تحالفات مع القوى العالمية المناهضة لإسرائيل وتفعيل الحركات العمالية والشبابية.
أحد أهم أسباب نجاح المشروع الصهيوني هو التشتت والفرقة بين القوى السياسية والفكرية في العالم العربي والإسلامي. إن توحيد الجهود بين الحركات الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية يمثل خطوة استراتيجية لمحاصرة هذا المشروع، فكل حركة من هذه الحركات تمتلك جماهيرها وشبكات تأثيرها التي يمكن استخدامها في توحيد الرأي العام وتوجيهه ضد السياسات التطبيعية
- الحركات الليبرالية، برغم تباين مواقفها تجاه إسرائيل، يمكن أن تلعب دورا في نشر الوعي بالسياسات الإسرائيلية الاستعمارية، والترويج لأهمية الحفاظ على السيادة الوطنية والاستقلال الاقتصادي والثقافي.
المقاطعة الاقتصادية كسلاح شعبي مشترك:
المقاطعة الاقتصادية تمثل أحد أنجح التكتيكات التي يمكن للحركات المختلفة التعاون فيها لمحاصرة المشروع الصهيوني. هذه المقاطعة لا تستهدف فقط المنتجات الإسرائيلية، بل أيضا الشركات العالمية التي تتعاون مع إسرائيل أو تستفيد من الاستيطان. يمكن أن تكون هذه المقاطعة في شكل حملات شعبية تقوم بها المنظمات المدنية والنقابات العمالية، أو من خلال الضغط على الحكومات لاتخاذ خطوات فعالة في هذا المجال.
- الحركات الإسلامية، تمتلك قواعد جماهيرية واسعة يمكن توجيهها لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية ودعم المنتجات المحلية أو العربية والإسلامية البديلة.
- الحركات القومية واليسارية، يمكنها تحفيز قطاعات العمال والنقابات المهنية لتبني سياسات مقاطعة فعالة والترويج لهذه الفكرة في المحافل الدولية.
- الحركات الليبرالية، خاصة تلك التي تهتم بحرية الأسواق والاقتصاد، يمكن أن تضغط باتجاه فتح النقاش حول تأثير التعامل مع إسرائيل على الاقتصادات الوطنية وعلى استقلال القرار العربي والإسلامي.
المواجهة الثقافية والإعلامية:
تسعى إسرائيل إلى التغلغل في الفضاءات الثقافية والإعلامية العربية والإسلامية من خلال التطبيع الفني، والأدبي، والإعلامي. لذلك، يجب على الحركات الشعبية المختلفة بناء استراتيجيات لمواجهة هذا التغلغل عبر:
- الإعلام الشعبي والمستقل، حيث يمكن من خلال منصات إعلامية مستقلة وشبكات التواصل الاجتماعي، مواجهة الدعاية الإسرائيلية التي تسعى إلى ترسيخ صورة إيجابية عن إسرائيل.
- تعزيز الهوية الثقافية، من خلال تنظيم فعاليات ثقافية، وفنية، وأدبية تعزز الهوية العربية والإسلامية وتربط الجماهير بالقضية الفلسطينية. هذا يمكن أن يتضمن المهرجانات الثقافية التي تدعم الفن المناهض للاحتلال وتروج لثقافة المقاومة.
- مواجهة التطبيع الثقافي، من خلال التوعية بضرورة رفض المشاركة في الأنشطة الثقافية التي تدعم إسرائيل، سواء عبر المنصات الإعلامية أو المؤتمرات الثقافية الدولية، كما يجب أن تكون هناك شبكات لمقاطعة الفنانين الذين يروجون للتطبيع.
التحالفات الدولية والمقاومة العولمية:
من أجل مواجهة التغلغل الصهيوني بشكل فعال، يجب على الحركات الشعبية العربية أن تنسق مع الحركات الدولية المناهضة للاستعمار والمناصرة لحقوق الإنسان. الحركات اليسارية والليبرالية تمتلك روابط قوية مع الحركات العالمية، ويمكن استخدامها لتعزيز حملات المقاطعة مثل (BDS) وغيرها من الحملات المناهضة لإسرائيل على المستوى الدولي.
فالحركات اليسارية، التي لها روابط مع الحركات الاشتراكية والتقدمية العالمية، يمكن أن تسهم في بناء شبكات ضغط دولية على إسرائيل، والحركات الليبرالية، التي تدافع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، يمكن أن تستغل علاقاتها مع المؤسسات الدولية للضغط من أجل محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها ضد الفلسطينيين، والحركات الإسلامية والقومية، يمكنها الاستفادة من هذه التحالفات الدولية لدعم نضالها ضد التطبيع والاحتلال، خاصة عبر التعاون مع المؤسسات الإسلامية والدولية.
الضغط على الحكومات لرفض التطبيع:
في ظل التحديات الراهنة التي تواجه العالم العربي والإسلامي نتيجة التغلغل الصهيوني في المنطقة، يصبح الدور الشعبي للحركات الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية ضرورة لا غنى عنها. التعاون بين هذه الحركات، بمختلف توجهاتها، سيعزز من قدرتها على محاصرة المشروع الصهيوني
تُعتبر الحركات الشعبية قوة ضغط مؤثرة على الحكومات، ويمكنها أن تلعب دورا كبيرا في دفع الحكومات العربية والإسلامية لرفض التطبيع مع إسرائيل. يجب على الحركات الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية أن تتوحد في هذا الجهد، وتستخدم كافة الوسائل المتاحة لها من أجل التأثير على صنع القرار السياسي:
- المظاهرات الشعبية، حيث تنظيم احتجاجات جماهيرية مشتركة ترفض أي خطوة نحو التطبيع مع إسرائيل.
- البيانات المشتركة، حيث إصدار بيانات مشتركة بين الحركات المختلفة تؤكد على موقفها الرافض للتطبيع وتطالب الحكومات بالابتعاد عن إسرائيل.
- الضغط من خلال الانتخابات، من خلال دعم المرشحين والأحزاب التي تتبنى مواقف مناهضة للتطبيع في الانتخابات المحلية أو الإقليمية.
في ظل التحديات الراهنة التي تواجه العالم العربي والإسلامي نتيجة التغلغل الصهيوني في المنطقة، يصبح الدور الشعبي للحركات الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية ضرورة لا غنى عنها. التعاون بين هذه الحركات، بمختلف توجهاتها، سيعزز من قدرتها على محاصرة المشروع الصهيوني وحرمانه من تحقيق أهدافه الاستراتيجية في الفضاءات السياسية والاقتصادية والثقافية.
هذا التعاون يجب أن يكون مبنيا على رؤية استراتيجية شاملة، تستند إلى توحيد الجهود في المقاومة الشعبية، والمقاطعة الاقتصادية، والمواجهة الثقافية، والتحالفات الدولية، لضمان تحقيق انتصار فعلي وإفشال المشروع الصهيوني في المنطقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التطبيع العالم العربي الصهيونية العالم العربي التطبيع الصهيونية الحركات الاسلامية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العالم العربی والإسلامی العربیة والإسلامیة المشروع الصهیونی توحید الجهود الدور الشعبی هذه الحرکات الصهیونی فی هذا المشروع فی المنطقة مع الحرکات مع إسرائیل من خلال یمکن أن یجب أن فی هذا
إقرأ أيضاً:
صراع النفوذ.. هل تتخلى الفصائل العراقية عن سلاحها؟
بغدادـ جدل واسع شهدته الساحة العراقية بعد الإعلان عن مساعي الحكومة لإقناع الفصائل المسلحة في البلاد بـ"تسليم السلاح أو الانضمام للجيش"، وذلك بعد تصريحات وزير الخارجية فؤاد حسين التي أكد فيها ضرورة دمج هذه الفصائل في المؤسسة الأمنية.
ونقلت وكالة رويترز عن وزير الخارجية العراقي قوله -الخميس الماضي- إن الحكومة العراقية تحاول إقناع الفصائل المسلحة في البلاد بإلقاء السلاح أو الانضمام للجيش والقوات الأمنية الرسمية، مشيرا خلال زيارة رسمية إلى لندن إلى أنه "منذ عامين أو 3 أعوام كان من المستحيل مناقشة هذا الموضوع في مجتمعنا.. لكن الآن أصبح من غير المقبول وجود مجموعات مسلحة تعمل خارج إطار الدولة".
تصريحات وزير الخارجية العراقي قوبلت برفض مطلق من قبل بعض الفصائل التي اعتبرت أن التوقيت غير مناسب لمثل حوارات كهذه.
تصريحات وزير الخارجية العراقي قوبلت برفض من بعض الفصائل (رويترز) نفي وجود محادثاتالمتحدث باسم كتائب سيد الشهداء كاظم الفرطوسي نفى بشكل قاطع وجود أي محادثات بينهم وبين الحكومة بشأن نزع سلاح الفصائل.
وأكد الفرطوسي، في حديثه للجزيرة نت، أنهم لم يتلقوا أي اتصالات أو عروض بهذا الشأن، ولم يفتح أي طرف حكومي هذا الموضوع معهم بشكل رسمي، مضيفا أنهم علموا بهذه الأنباء من خلال وسائل الإعلام، وأنها قد تكون محادثات تجري مع فصائل أخرى، إلا أنهم في كتائب "سيد الشهداء" لم يُطرح لديهم هذا الموضوع مطلقا ولم يناقشوا أي تفاصيل متعلقة به.
وأشار الفرطوسي إلى أن أي مشروع يتعلق بهذا الأمر يتطلب دراسة متأنية وشاملة، وأنهم لن يقبلوا بأي مشروع يمس بسيادة العراق أو هيبته، مؤكدا أنهم يدعمون أي مبادرة تخدم مصلحة البلاد.
إعلانكذلك نفت حركة النجباء -على لسان المتحدث باسمها حسين الموسوي- بشكل قاطع وجود أي حوارات بين الحكومة العراقية والفصائل المسلحة، مؤكدا أن هذا الكلام عارٍ من الصحة ولا أساس له.
وقال الموسوي -في حديث للجزيرة نت- إن الظروف الحالية في العراق لا تسمح بإجراء مثل هذه الحوارات "بسبب حجم التحديات الكبيرة التي يواجهها البلد في ظل الانفلات الأمني والتخبط في السياسة الخارجية والصعوبات والمخاطر التي تواجه المنطقة بأسرها".
وخلص الموسوي إلى أن مثل هذه الحوارات غير واردة في الوقت الحالي، كما أن هذا الكلام غير واقعي ولا يمكن البناء أو التعويل عليه.
عقدت لقاءً مثمراً مع السيد @DavidLammy، وزير خارجية بريطانيا، حيث تباحثنا في سبل تعزيز علاقاتنا الثنائية، وتبادلنا وجهات النظر حول الأوضاع الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى التطورات السياسية في سوريا.نجدد تأكيد عزم العراق على بناء علاقات متينة مع المملكة المتحدة في مختلف المجالات. pic.twitter.com/FqqAsocDBO
— Fuad Hussein | فؤاد حسين (@Fuad_Husseein) January 15, 2025
شرط وحيدوبدوره، أكد علي الفتلاوي المقرب من الفصائل أن الفصائل المسلحة تعتبر نفسها موجودة لمواجهة أي تهديد خارجي على العراق، سواء كان من الولايات المتحدة أو غيرها.
وقال الفتلاوي -في حديث للجزيرة نت- إن الاتفاقية الإطارية الإستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة نصت على انسحاب القوات الأميركية بنهاية عام 2025، وتساءل عن دور الفصائل المسلحة في حال عدم تنفيذ هذا الاتفاق.
وأكد الفتلاوي أن الدعوات لحل هذه الفصائل تأتي في سياق الضغوط الدولية التي تسعى إلى إضعاف محور المقاومة في المنطقة، معتبرا أن حل هذه الفصائل ليس أمرا واقعيا في الوقت الحالي، خاصة في ظل استمرار التهديدات الخارجية التي تواجه العراق، مثل وجود قوات أميركية وقوات تركية في شمال العراق، ووجود تنظيم داعش.
إعلانوأوضح الفتلاوي أن الفصائل مستعدة لحل نفسها إذا زال التهديد الخارجي عن العراق، أي بعد انسحاب القوات الأميركية والتركية، والقضاء على تنظيم داعش، مشيرا إلى أن هذه الفصائل لم تشكل تهديدا على البعثات الدبلوماسية العاملة في العراق، وأن الفترة الأخيرة شهدت حالة من الهدوء النسبي.
لم تأتِ من فراغمن ناحيته، أكد الخبير في شؤون الفصائل علاء النشوع أن تصريحات وزير الخارجية العراقية الأخيرة لم تكن من فراغ أو وليدة اللحظة، بل جاءت في سياق ضغوط دولية وإقليمية متزايدة، فضلا عن تحذيرات محلية.
هذه الضغوط، كما يرى النشوع خلال حديثه للجزيرة نت، تهدف إلى حل الفصائل المسلحة وإنهاء وجودها العسكري، وذلك لما تشكله من تهديد خطير على الأمن القومي العراقي، موضحا أن الحكومة العراقية، رغم ادعائها امتلاكها للأجهزة الأمنية والعسكرية القادرة على التعامل مع هذه الفصائل، فإنها عاجزة عن حلها، سواء سياسيا أو عسكريا.
ويرجع ذلك، حسب رأيه، إلى عدة أسباب أبرزها أن هذه الفصائل تمتلك قدرات عسكرية كبيرة تفوق قدرات الجيش والشرطة الاتحادية، مما يجعل من الصعب مواجهتها وإجبارها على التخلي عن سلاحها، إضافة إلى أن أجهزة الاستخبارات العسكرية العراقية تخضع لسيطرة أمن الفصائل، مما سمح لها بتشكيل أجهزة أمنية خاصة بها قادرة على اختراق الأجهزة الأمنية الأخرى للدولة.
وأشار إلى أن إسرائيل تمارس ضغوطا كبيرة على العراق، خاصة في ظل قرب عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية، الذي يتوقع أن يكون أكثر صرامة تجاه إيران وحلفائها.
صراعات الداخل والخارجوفي السياق، قال أستاذ العلوم السياسية علي غوان إن التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية العراقي تأتي في سياق ضغوطات خارجية شديدة تمارسها الولايات المتحدة ودول أخرى، موضحا أن هذه الضغوط تهدف إلى الحد من أنشطة الجماعات المسلحة العراقية في المنطقة، خاصة تلك التي تستهدف حلفاء الولايات المتحدة.
إعلانوأشار غوان -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن هذه الضغوط ليست جديدة، بل بدأت منذ فترة من خلال رسائل ومبادرات من مبعوث الأمم المتحدة زيارات لمسؤولين أميركيين وبريطانيين، وحتى خلال الزيارات الإقليمية لرئيس الوزراء العراقي، وكل هذه الجهود تهدف إلى تهدئة التوترات الناجمة عن أنشطة هذه الجماعات.
وأكد غوان أن هناك حوارا جادا يجري حاليا لإعادة توجيه سلوك هذه الجماعات، وأن هناك قرارا داخليا بالحد من أنشطتها خارج الحدود العراقية، ومع ذلك، أشار إلى وجود تحديات كبيرة، منها التباين بين توجهات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وبين توجهات المرجعية الدينية الشيعية في العراق، التي تدعو إلى سيادة الدولة على السلاح.
وشدد غوان على أن الحكومة العراقية الحالية، التي تضم شخصيات من هذه الفصائل، تواجه صعوبة في اتخاذ إجراءات حاسمة لنزع سلاحها، وذلك بسبب الظروف التي تشكلت فيها الحكومة ودور هذه الفصائل في تحرير مناطق من سيطرة داعش.
وأضاف أن الحكومة تفضل في المرحلة الحالية احتواء الوضع وتجنب التصعيد، ولكنها في الوقت نفسه تدرك أن صبر الولايات المتحدة قد ينفد إذا استمرت هذه الجماعات في تهديد المصالح الأميركية وحلفائها.
وحذر غوان من أن استمرار الوضع على هذا النحو قد يؤدي إلى تكرار سيناريوهات مماثلة لما حدث في لبنان وسوريا، حيث تعرضت الجماعات المسلحة لضغوط شديدة أدت إلى تغييرات سياسية واسعة، مؤكدا أن الضغوط الأميركية على العراق تأتي في سياق محاولة تغيير التوازن السياسي في المنطقة، وتأمين مصالحها الإستراتيجية.