قصائد في محراب المديح النبوي
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
بقلوب تنبض ببهجة استقبال ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، تتواصل حفلات الابتهاج والفرح الغامرة بهذه المناسبة الغالية التي تتشوق لها القلوب والأفئدة.
وعن هذه المناسبة العظيمة كتب الكثير من الشعراء أجمل القصائد من مختلف العصور.
وذلك تحت باب المديح النبوي وهو نوع من الشعر الخاص بالمديح النبوي البديع.
المديح النبوي هو ذلك الشعر الذي ينصب في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعداد صفاته الخلقية والخلقية وإظهار الشوق لرؤيته وزيارة قبره والأماكن المقدسة التي ترتبط بحياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، مع ذكر معجزاته المادية والمعنوية ونظم سيرته شعرا والإشادة بغزواته وصفاته المثلى والصلاة عليه تقديرا وتعظيما.
ويظهر الشاعر المادح في هذا النوع من الشعر الديني تقصيره في أداء واجباته الدينية والدنيوية، ويذكر عيوبه وزلاته المشينة وكثرة ذنوبه في الدنيا، مناجيا الله بصدق وخوف، مستعطفا إياه طالبا منه التوبة والمغفرة، وينتقل بعد ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم طامعا في وساطته وشفاعته يوم القيامة، وغالبا ما يتداخل المديح النبوي مع قصائد التصوف وقصائد المولد النبوي التي تسمى بالمولديات.
وتعرف المدائح النبوية كما يقول الدكتور زكي مبارك بأنها: «فن من فنون الشعر التي أذاعها التصوف، فهي لون من التعبير عن العواطف الدينية، وباب من الأدب الرفيع؛ لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص».
وفي السطور التالية أبيات مختارة من قصائد المديح النبوي تلك:
*من قصائد حسان بن ثابت في مدح الرسول:
وأحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني وأجملُ منكَ لَمْ تَلِدِ النّساءُ
خُلقتَ مبرئاً مِنْ كلِّ عيبٍ كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ
*ومنها أيضا :
أَغرّ عليهِ للنبوةِ خاتمٌ مِنَ اللهِ مَشهودٌ يلوحُ ويَشهدُ
وضَمَّ الإلهُ اسمَ النبي إلى اسمهِ إذا قالَ في الخمسِ المؤذنِ أَشهدُ
وشَقَ لهُ مِنْ اسمهِ ليُجلَّهُ فذو العرشِ محمودٌ وهَذا محمدُ
نَبي أتانا بَعدَ يأسٍ وفترةٍ مِنَ الرُّسل والأوثانُ في الأرضِ تُعبدُ
فأمْسى سِراجًا مُستَنيرًا وهَادياً يَلوحُ كما لاحَ الصَقيلُ المهندُ
وأنذَرَنا ناراً وبَشَّر جنةً وعلَّمَنا الإسلامَ، فالله نحمدُ
*كما رثا حساب بن ثابت رسول الله قائلا:
ما بَالُ عَينِكَ لا تَنَامُ كأنّمَا كُحِلَتْ مآقِيها بكُحْلِ الأرْمَدِ
جزعاً على المهديّ أصبحَ ثاوياً يا خيرَ من وطئَ الحَصى لا تَبعدِ
جنبي يقيكَ التربَ لَهفي لَيتَني غُيّبْتُ قَبْلكَ في بَقِيعِ الغَرْقَدِ
بأبي وأمّْي مَنْ شَهدتُ وفاتهُ في يومِ الاثنينِ النبيُّ المهتدي
فَظَلِلْتُ بَعْدَ وَفَاتِهِ مُتَبَلِّداً يا لهْفَ نفسي لَيْتَني لم أُولَدِ
أأُقِيمُ بَعدَكَ بالمدينَةِ بَيْنَهُمْ؟ يا لَيْتَني صُبّحْتُ سمَّ الأسْوَدِ
أوْ حلّ أمرُ اللهِ فينا عاجلاً في روحةٍ منْ يومنا أو في غدِ
فتقومُ ساعتُنا، فنلقى طَيباً مَحضَاً ضَرَائِبُهُ كَريمَ المَحْتِدِ
يَا بِكْرَ آمِنَةَ المُبَارَكِ ذِكْرهُ وَلدَتْكَ مُحْصَنةً بِسعْدِ الأسعُدِ
نُوراً أضَاءَ على البَرِيّةِ كلِّها مَنْ يُهْدِ للنّورِ المُبَارَكِ يَهْتَدِ
يا ربّ! فاجْمَعنا فمَاً ونَبِيَّنَا في جَنّةٍ تَثْني عُيُونَ الحُسّدِ
في جَنّةِ الفِرْدَوْسِ واكتُبْها لَنَا يا ذا الجلالِ وذا العُلا والسؤدُدِ
واللَّهِ أسْمَعُ ما بَقِيتُ بهالِكٍ إلا بكيتُ على النبيّ محمدِ
يا ويحَ أنصارِ النبيِّ ورهطهِ بَعْدَ المغَيَّبِ في سَوَاءِ المَلْحَدِ
ضاقتْ بالأنصارِ البلادُ فأصبحتْ سوداً وجوههمُ كلونِ الإثمدِ
وَلَقَدْ وَلَدْنَاهُ، وَفِينَا قَبْرُهُ وفضولُ نعمتهِ بنا لمْ يجحدِ
وَاللَّهُ أكْرَمَنا بِهِ وَهَدَى بِهِ أنْصَارَهُ في كُلّ سَاعَةِ مَشْهَدِ
صَلّى الإلهُ وَمَنْ يَحُفُّ بِعَرْشِهِ والطيبونَ على المباركِ أحمدِ
* من بردة كعبٍ بن زهير:
تَسْعَى الوُشاةُ جَنابَيْها وقَوْلُهُمُ إنَّك يا ابْنَ أبي سُلْمَى لَمَقْتولُ
وقالَ كلُّ خَليلٍ كُنْتُ آملهُ لا أُلْهِيَنَّكَ إنِّي عَنْكَ مَشْغولُ
فَقُلْتُ خَلُّوا سَبيلِي لاَ أبا لَكُمُ فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَّحْمنُ مَفْعولُ
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ يَوْماً على آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمولُ
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ
وقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ
مَهْلاً هَداكَ الذي أَعْطاكَ نافِلَةَ الْقُرْآنِ فيها مَواعيظٌ وتَفُصيلُ
لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوالِ الوُشاة ولَمْ أُذْنِبْ وقَدْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقاويلُ
لَقَدْ أقْومُ مَقاماً لو يَقومُ بِه أرَى وأَسْمَعُ ما لم يَسْمَعِ الفيلُ
لَظَلَّ يِرْعُدُ إلاَّ أنْ يكونَ لَهُ مِنَ الَّرسُولِ بِإِذْنِ اللهِ تَنْويلُ
حَتَّى وَضَعْتُ يَميني لا أُنازِعُهُ في كَفِّ ذِي نَغَماتٍ قِيلُهُ القِيلُ
لَذاكَ أَهْيَبُ عِنْدي إذْ أُكَلِّمُهُ وقيلَ إنَّكَ مَنْسوبٌ ومَسْؤولُ
*أما أشهر أبياتها، حين يقول:
إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
في فِتْيَةٍ مِنْ قُريْشٍ قالَ قائِلُهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أسْلَمُوا زُولُوا
زالُوا فمَا زالَ أَنْكاسٌ ولا كشفٌ عِنْدَ الِّلقاءِ ولا مِيلٌ مَعازيلُ
*أما أشهر أبيات البردة للبوصيري:
مُحمَّدٌ سيِّدُ الكونينِ والثقلينِ والفريقينِ من عُرْبٍ ومِنْ عَجمِ
نبيُّنا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ أبرَّ في قولِ (لا) مِنهُ ولا نَعَمِ
هو الحَبيبُ الذي تُرجَى شفاعَتُهُ لكلِّ هولٍ مِن الأهوالِ مقتَحمِ
دعا إلى الله فالمُستمسِكونَ بهِ مُستمسِكون بحبلٍ غيرِ منفَصِمِ
فاقَ النبيّينَ في خلقٍ وفي خُلُقٍ ولمْ يُدانوهُ في علْمٍ ولا كرَمِ
وكلُّهمْ مِن رَسولِ الله مُلتمسٌ غرفاً من البَحرِ أو رَشفاً من الدِّيَمِ
وواقِفونَ لديهِ عندَ حدِّهمِ مِن نقطةِ العِلْمِ أو مِن شكلةِ الحِكَمِ
فهوَ الَذي تَمَ معناهُ وصورَتُهُ ثُمَّ اصطفاهُ حَبيباً بارئُ النَّسّمِ
مُنزَّهٌ عَن شريكٍ في محاسنهِ فجوهَرُ الحُسنِ فيهِ غيرُ مُنقَسْمِ
وانْسُبْ إلى ذَاتِهِ ما شِئتَ مِن شرفٍ وانسبْ إلى قَدرِهِ ما شِئتَ من عِظَمِ
فإنَّ فَضلَ رسولِ اللهِ ليسَ لهُ حَدٌّ فيُعْرِبَ عنه ناطقٌ بِفَمِ
*نهج البردة لأمير الشعراء أحمد شوقي:
لَمّا رَآهُ بَحيرى قالَ نَعرِفُهُ بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ
سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ؟
كَم جيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَت بِهِما بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ والغَسَمِ
وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ
يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ
لمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَئ فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ
وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ
مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم المدیح النبوی
إقرأ أيضاً:
صيغة دعاء الرجوع من السفر كما وردت عن النبي الكريم
دعاء الرجوع من السفر من الأدعية المحببة، فمع نهاية كل رحلة، يملأ المسافرين شعور عميق بالامتنان، يتناغم مع فرحة اللقاء بأحبائهم واشتياقهم للعودة إلى منازلهم، ورغم أن السفر يحمل في طياته العديد من التجارب والتحديات، فقد يواجه المسافرون صعوبات ويصادفون مخاطر، إلا أن العودة بأمان تضفي سحرًا خاصًا على تلك المشاعر، لذا، يحرص المسلمون على ترديد الأدعية المستحبة عند العودة من السفر، تعبيرًا عن شكرهم لله تعالى على كرمه ولطفه الكبير.
دعاء الرجوع من السفريمكن قول دعاء الرجوع من السفر بعدة صيغ، كما أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية، من بين هذه الصيغ ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعْثاء السفر، وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل»، وعند الرجوع، يُستحب قول هذه الكلمات نفسها مع إضافة: «آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون» (رواه مسلم).
صيغة دعاء الرجوع من السفردعاء الرجوع من السفر هو دعاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه في صحيح مسلم، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استوى على بعيره في بداية سفره، كبّر ثلاثًا، ثم قال: «سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هذا، وَما كُنَّا له مُقْرِنِينَ، وإنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البِرَّ وَالتَّقوى، وَمِنَ العَمَلِ ما تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هذا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ في الأهلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بكَ مِن وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ المَنْظَرِ، وَسُوءِ المُنْقَلَبِ في المالِ وَالأهلِ»، وعند العودة من السفر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول مثل هذا الدعاء، ويزيد عليه: آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ.
هذا الدعاء يُظهر التوكل على الله في السفر، ويشمل طلبات متنوعة مثل الراحة والبركة في الطريق، وحفظ المال والأهل، مع التأكيد على العودة بسلام.