لا تريد مشاركتها.. الصين تتربّع على منجم ذهب من البيانات الجينية
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- من علاجات أفضل لأمراض السرطان، وإحراز تقدّم في مجال إطالة العمر، إلى أدوية ولقاحات رائدة: هذه ليست سوى بعض من الجوائز المحتملة المعروضة في إطار سباق عالمي ناشئ للنهوض بالعلوم الحيوية.
وتضخ الصين مليارات الدولارات في هذا المجال كي تصبح القوة البارزة، حيث يزعم الخبراء أن عدد سكانها الهائل الذي يبلغ 1.
وبحسب الخبراء، توجد كميات هائلة من هذه البيانات بالفعل في البنوك الحيوية ومراكز الأبحاث في جميع أنحاء البلاد، لكنّ الحكومة الصينية تطلق الآن "مسحًا جينيًا وطنيًا" لجمع المعلومات حول هذه الموارد وتأكيد إجراء المزيد من الرقابة عليها.
وخلال السنوات الأخيرة، شدّدت السلطات الصينية أيضًا الضوابط على إمكانية وصول الأجانب إلى هذه البيانات، بخلاف العديد من الدول الغربية التي تعهّدت بفتح المعلومات للمشاركة العالمية.
ويُعد المسح الوطني والقيود المفروضة على وصول الأجانب جزءًا من القوانين الجديدة المفروضة على الموارد الجينية في الصين، التي دخلت حيّز التنفيذ في يوليو/ تموز الماضي.
ومع ذلك، حذّر بعض الخبراء من أنّ هذا الاكتناز الجيني قد يجعل التعاون البحثي العالمي أكثر صعوبة، وربّما يأتي بنتائج عكسية على الصين.
من جهتها، قالت جوي واي تشانغ، مديرة مركز العلوم العالمية والعدالة المعرفية: "تريد الحكومة تمكين قبضتها في هذا المجال لأنها تدرك أن هذا ينطوي على إمكانات اقتصادية ضخمة، لكن.. الصين بحاجة إلى تعاون دولي لتحقيق هذه الإمكانات".
وحضرت تشانغ اجتماعات التشاور أثناء صياغة القوانين الجديدة.
وأضافت: "لديك حاليًا منجم ذهب عند باب منزلك، لكنك في الواقع لا تعرف كيف تستخرجه".
هناك الكثير من الأمور على المحك، إذ قد تكشف الكتل الوراثية التي تتكوّن منها أجسامنا عن اكتشافات ذات آثار واسعة النطاق، من الرعاية الصحية والاقتصاد، إلى الدفاع الوطني والسلامة الحيوية.
وخلال السنوات الأخيرة، أكّد العلماء والسلطات الصينية كيف يمكن أن تكون المادة الوراثية مفيدة في دراسة الأمراض وعلاجها؛ وتطوير المستحضرات الصيدلانية والأجهزة الطبية؛ وفهم أفضل لكيفية تشكل العيوب الخلقية أو كيفية مساهمة الجينات في إطالة عمر الشخص، وهو أمر مهم تحديدًا نظرًا للأزمة الديموغرافية التي تلوح في الأفق بالصين، حيث ينخفض معدل الولادات ويسجّل عمر القوى العاملة ارتفاعًا.
وقد زعم المسؤولون أنّ علم الوراثة في البلاد قد يوفر "موردًا استراتيجيًا وكنزًا"، وذلك بفضل العدد الهائل من الأشخاص و"سكانها الأصحاء والمعمّرين"، رغم تحذير العلماء من أن الجينات لدى سكان كل بلد تُعد قيّمة بطريقتها الخاصة.
قالت آنا بوجليسي، مديرة برامج التكنولوجيا الحيوية لدى مركز جورج تاون للأمن والتكنولوجيا الناشئة، أمام جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي حول الأمن القومي في عام 2021: "جمعت الصين أكبر مجموعة من البيانات الجينية من أي مكان في العالم".
وأضافت بوجليسي أنّ فهم ما تقوم به الجينات يُعد "واحدا من أهم الأسئلة لدى الجيل التالي في مجالَي الطب وأبحاث البيولوجيا أيضًا".
ولفتت إلى أن "الوصول إلى هذا النوع من البيانات، سواء كانت بياناتهم الخاصة أو من أماكن أخرى في العالم، يمنحهم ميزة للتوصل إلى حل بعض هذه المشاكل".
هناك علامات على أن الولايات المتحدة، منافسة الصين الطويلة الأمد في مجال التكنولوجيا، والنفوذ الإقليمي، والقوة العسكرية، والقوة الاقتصادية تشعر بالضغط.
وتحذّر العديد من التقارير الصادرة عن مجموعات البحث والمؤسسات التفكيرية من أن الولايات المتحدة تواجه خطر فقدان ميزتها التنافسية.
ويقول آخرون إنّ الأمر قد يستغرق سنوات حتى يتم سد تلك الفجوة.
وقالت تشانغ إن الطبيعة المشتتة والمتفرّقة لقواعد البيانات الصينية الحالية تشكل تحديًا تحاول الحكومة التصدي له الآن.
وهناك العديد من الحوادث الأخيرة التي سلّطت الضوء على مخاطر انتهاكات البيانات.
على سبيل المثال، تُركت قاعدة بيانات ضخمة على الإنترنت تحتوي على معلومات شخصية لما يصل إلى مليار مواطن صيني من دون حماية وأصبحت متاحة للجمهور لأكثر من عام، حتى قدم مستخدم مجهول الهوية عرضًا لبيع البيانات في عام 2022.
وكان هناك أيضًا مخاوف طويلة الأمد من المجتمع الدولي بشأن استخدام الصين للبيانات الجينية في مجال إنفاذ القانون، لا سيما بعد التقارير التي أشارت إلى أن السلطات كانت تقوم بجمع عينات الحمض النووي والبيانات البيومترية الأخرى من ملايين السكان في منطقة شينجيانغ بالغرب البعيد، التي تُعد موطنًا للمجتمع الإيغور المسلم والأقليات العرقية الأخرى.
ولطالما واجهت الصين اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانغ، الأمر الذي نفته مرارًا وتكرارًا.
لكن هذه المخاوف ليست جديدة، ويبدو أن المسح الجيني الوطني موجّه أكثر نحو البحث العلمي مقارنة مع أغراض أخرى، واتفق العديد من الخبراء على ذلك.
من جانبها، قالت كاثرين وانغ، التي تعمل لدى شركة المحاماة العالمية Ropes & GrayK التي تركّز على علوم الحياة: "كان لدى الحكومة نية دائمة للحصول على رؤية أفضل حول السجلات الجينية المهمة والموارد الجينية المهمة المتعلقة بأعراق الأقليات".
وتابعت وانغ: "لذا في هذا السياق، أعتقد أن المسح يحاول توفير أداة أو وسيلة للحكومة لإنشاء تلك الرؤية".
وتواصلت CNN مع وزارة العلوم والتكنولوجيا للحصول على تعليق حول تدابير حماية الخصوصية.
وفي حين أن العديد من البلدان الأخرى لديها أيضًا قوانين تنظم استخدام ونقل المواد الجينية لسكانها، إلا أنّ القليل منها يتمتع بمستوى الصرامة التي تتميز بها قوانين الصين.
على سبيل المثال، توفر قاعدة البيانات Biobank في المملكة المتحدة التي تدعمها خدمة الصحة الوطنية التابعة للحكومة، بيانات جينية مجهولة المصدر من سكان المملكة المتحدة إلى "الباحثين في جميع أنحاء العالم الذين يستخدمونها لتحقيق اكتشافات علمية جديدة"، وفقًا لموقع Biobank.
وبالمثل في الولايات المتحدة، تدير الوكالة الحكومية المعاهد الوطنية للصحة، قاعدة بيانات للمعلومات الجينية التي تم إنشاؤها بواسطة الأبحاث الممولة من المعاهد الوطنية للصحة، والتي يمكن للعلماء المؤهّلين في جميع أنحاء العالم التقدّم للحصول عليها.
ويصف موقع المعاهد الوطنية للصحة البيانات الجينومية بأنها "مورد مشترك حاسم"، مضيفًا أن "مشاركة نتائج البحث في الوقت المناسب يمكن أن يسرع الاكتشافات" التي تعود بالفائدة على المجتمع العلمي الأوسع.
على النقيض من ذلك، قالت تشانغ، "يبدو أن الصين تبنت نهجًا معاكسًا تمامًا.. الصين تغلق الأمور، وتريد فقط إبقاء كل شيء محليًا والنظر إلى الداخل."
وتواصلت CNN مع وزارة العلوم والتكنولوجيا للتعليق على مخاوف مشاركة البيانات هذه.
قد يكون لهذا آثار أوسع على قدرة العلماء على العمل مع نظرائهم الدوليين، بسبب تراجع التعاون بين الولايات المتحدة والصين جراء التوترات السياسية المتفاقمة، وعزلة الباحثين الصينيين خلال جائحة "كوفيد-19"، كل هذا يمكن أن يعيق في نهاية المطاف آمال الصين في كسر الحدود والارتقاء فوق المنافسة.
وأضافت تشانغ أن التقدم العلمي اليوم يبدو مختلفًا تمامًا عما كان عليه قبل بضعة عقود فقط: "في الوقت الحاضر نحن نتحدث عن البيانات الضخمة والتنقيب في البيانات. وفي هذا السياق، لن يضر تقييد الوصول إلا بالصين".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: دراسات قوانين الولایات المتحدة من البیانات العدید من فی هذا
إقرأ أيضاً:
ترامب يفرض رسوماً جمركية جديدة على الصين وكندا والمكسيك
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة على واردات الولايات المتحدة من الصين وكندا والمكسيك، مما أثار ردود فعل سريعة من هذه الدول التي تعهدت بالرد على هذه الإجراءات.
روسيا تُعلن إسقاط صاروخ و44 مُسيَرة أوكرانيةالجدير بالذكر أن هذه الخطوة تأتي في إطار سياسة ترامب الهادفة إلى حماية الاقتصاد الأمريكي ومكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات.
تفاصيل الإجراءات الجمركية
أوضح ترامب أن الرسوم الجمركية الجديدة ستشمل فرض ضريبة بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى رسوم إضافية بنسبة 10% على البضائع الصينية. كما ستخضع الطاقة الكندية لرسوم أقل تبلغ 10%. وبرر ترامب هذه الخطوة بأنها رد على تدفق المخدرات غير المشروعة والمخدرات القاتلة مثل الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، والتي تشكل تهديداً كبيراً لصحة المواطنين الأمريكيين.
ردود الفعل الدولية
من جهتها، أعلنت كل من كندا والمكسيك عن استعدادها لفرض رسوم جمركية مماثلة على المنتجات الأمريكية، في حين أشارت الصين إلى أنها ستتخذ "الإجراءات اللازمة للدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة". ووصفت الصين هذه الرسوم بأنها "ممارسات خاطئة" وتعهدت برفع دعوى ضد الولايات المتحدة أمام منظمة التجارة العالمية.
وأشارت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم إلى أن مشاكل الهجرة والمخدرات لا تُحل بفرض الرسوم الجمركية، بل من خلال الحوار والتعاون. كما دعت الولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهود لوقف تدفق الأسلحة غير المشروعة إلى المكسيك، والتي تستخدمها عصابات المخدرات.
تداعيات اقتصادية محتملة
حذر خبراء الاقتصاد من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى اندلاع حرب تجارية عالمية جديدة، مما سيؤثر سلباً على الأسعار في مجموعة واسعة من المنتجات، بما في ذلك السيارات والأخشاب والصلب والمنتجات الغذائية والمشروبات الكحولية. كما أشارت تقارير إلى أن قطاع السيارات قد يكون الأكثر تضرراً، حيث قد ترتفع أسعار السيارات في الولايات المتحدة بحوالي 3000 دولار بسبب هذه الرسوم.
ردود فعل محلية
في الولايات المتحدة، أثارت هذه الإجراءات قلقاً واسعاً بين قطاعات الصناعة والتجارة. حيث حذرت جمعيات الصناعة من أن هذه الرسوم ستزيد من تكاليف الإسكان وتؤثر سلباً على المزارعين الذين يعانون بالفعل من صعوبات اقتصادية. كما أعربت جمعيات تجارية كبرى عن أملها في تجنب فرض هذه الرسوم.
خلفية الأزمة
يأتي هذا الإجراء في إطار سياسة ترامب الاقتصادية التي تعتمد على الرسوم الجمركية كأداة لتحفيز النمو الاقتصادي وحماية الوظائف الأمريكية. وتعد الصين وكندا والمكسيك من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، حيث تمثل وارداتها مجتمعة أكثر من 40% من إجمالي الواردات الأمريكية.
مستقبل العلاقات التجارية
مع تصاعد التوترات، يبقى السؤال الأكبر هو كيفية استجابة الدول الأخرى لهذه الإجراءات وما إذا كانت ستؤدي إلى تفاقم الأزمة التجارية العالمية. في الوقت الحالي، يبدو أن كلاً من كندا والمكسيك والصين مصممة على الدفاع عن مصالحها الاقتصادية، مما قد يفتح الباب أمام مواجهات تجارية أوسع في المستقبل.
في النهاية، تؤكد هذه الأزمة أن الحروب التجارية لا تُنتج سوى خاسرين، وأن الحلول الدبلوماسية والتعاون الدولي هما الطريق الأمثل لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية المشتركة.