شهدت الإدارة الأمريكية حالة من الانقسام في موقفها بشأن التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد "حزب الله" اللبناني، حيث يرى بعض كبار المسؤولين أن القصف متهور وسينتج عنه دورات أكثر دموية من العنف.

ويرى آخرون أن الحملة العسكرية الإسرائيلية على لبنان، بمثابة وسيلة فعالة محتملة لإضعاف "حزب الله" وإجباره على التراجع.

ويدعو كبار المسؤولين الأمريكيين علنا إلى خفض التصعيد في الوقت الذي يحاول فيه البيت الأبيض إيجاد مخرج دبلوماسي للصراع المتفاقم في الشرق الأوسط، لا سيما في الأسبوعين الماضيين.

الهجمات التخريبية

وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن "الهجمات التخريبية البشعة التي شنتها إسرائيل لآلاف أجهزة الاستدعاء واللاسلكي وسلاسل الغارات الجوية أدت إلى مقتل المئات، بما في ذلك أحد كبار قادة حزب الله يوم الجمعة".

الأمم المتحدة

وقال الرئيس جو بايدن في كلمة ألقاها أمام الأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن "الحرب الشاملة ليست في مصلحة أحد، وإن الحل الدبلوماسي يظل السبيل الوحيد لتحقيق الأمن الدائم للسماح لسكان البلدين بالعودة إلى ديارهم على الحدود بأمان".

 

وفي الوقت الذي كان يتحدث فيه رئيس البيت الأبيض، واصل الجيش الإسرائيلي قصف لبنان بغارات جوية.

 

وأبدى مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، في حديثه للصحفيين في بداية اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع في نيويورك، وجهة نظر قاتمة بشأن نهج تكثيف الضغوط العسكرية على "حزب الله" حتى "يتراجع"، وهي استراتيجية مثيرة للجدل يطلق عليها البعض سياسة.

 

وقال المسؤول، الذي تحدث مثل غيره ممن تمت مقابلتهم بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الأمر: "لا أستطيع أن أتذكر، على الأقل في الذاكرة الحديثة، فترة أدى فيها التصعيد أو التكثيف إلى خفض التصعيد بشكل أساسي وأدى إلى استقرار عميق للوضع".

 

ويقول الخبير في شؤون "حزب الله" في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمسؤول الأمريكي السابق في مكافحة الإرهاب ماثيو ليفيت، إن مسؤولين آخرين في الإدارة الأمريكية "يدعمون بحذر استراتيجية خفض التصعيد من خلال الضغط على حزب الله. إنهم يسعون بقوة إلى بذل جهد دبلوماسي، لكن التصعيد الإسرائيلي كان العامل الحاسم في هذا الجهد".

مناقشات نشطة مع إسرائيل

وأشار مسؤول أمريكي إلى أن إدارة بايدن تجري "مناقشات نشطة" مع إسرائيل ودول أخرى لتأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"، دون ارتباط بجهود منفصلة - ومتوقفة - في غزة. وفي الوقت نفسه، تقول واشنطن إنها لن تتدخل بشكل مباشر في الصراع حتى مع قيام الجيش الأمريكي بنشر قواته في المنطقة.

 

وأكد مسؤولون أمريكيون أنه في ظل أي ظرف من الظروف لن تساعد الولايات المتحدة إسرائيل في هجومها أو إطلاق النار على لبنان أو أي دولة أخرى، بما في ذلك إيران، التي قالت إن الهجمات الإسرائيلية المستمرة على "حزب الله" لن تمر دون رد.

 

وأوضح مسؤول دفاعي كبير، رفض الكشف عن هويته، أن "سياسة الولايات المتحدة في تقديم الدعم العسكري لإسرائيل ليست شيكا على بياض".

 

وقال المسؤول: "كما قلنا لهم، فإن الأمر ليس بلا شروط. لا يمكنك فتح جبهة جديدة، ولا توجد عواقب. وهذه ليست في الواقع أسرع طريقة لإعادة مواطنيك إلى الحدود الشمالية".

وأضاف المسؤول أن وزير الدفاع لويد أوستن "كان واضحا للغاية في أن فتح جبهة مع حزب الله اللبناني في هذه اللحظة ليس هو الطريق إلى الأمام لتخفيف التوترات هناك".

 

وأشار مسؤول آخر إلى أن بايدن وكبار مساعديه، بمن فيهم مستشار الأمن القومي جيك ساليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، "يعملون بجد" على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك للتوصل إلى حل دبلوماسي لتصاعد القتال.

 

ومن جانبه، أوضح مسؤول إسرائيلي أن "تزايد العمليات العسكرية في لبنان في الأيام الأخيرة كان يهدف إلى إقناع حزب الله بالتفاوض وليس إلى بدء حرب أوسع نطاقا"، مضيفا: "نعتقد أن هذا قد يدفع حزب الله إلى السعي إلى حل دبلوماسي".

حرب استنزاف

وتابع المسؤول "العنصر الأساسي في هذه الاستراتيجية هو الردع. لن نسمح لحزب الله بجرنا إلى حرب استنزاف. نحن لا نسعى إلى الحرب، ولكننا لن نتراجع عنها، ولا يمكن أن نبدو وكأننا نتراجع عنها، لأن هذا من شأنه أن يشجع حزب الله على التصعيد".

 

ويشكك بعض المسؤولين الأمريكيين في جدوى هذه الاستراتيجية، ويتساءلون عن السبب الذي قد يدفع قيادة "حزب الله" إلى التراجع فجأة عن مسارها.

 

وقال مسؤول أمريكي آخر إنه "من الحماقة أن نفترض أن القصف الأكثر عدوانية للبنان من شأنه أن يجبر نصر الله على الاستسلام"، وأضاف "يحتاج (حزب الله) إلى حفظ ماء وجهه أيضا".

 

ولم يبد المسؤولون الإسرائيليون أي اعتذار عن تصعيد جهودهم لضرب "حزب الله "في لبنان، وقال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون في مقابلة: "نحن نهاجم أعداءنا في لبنان، ونهاجم حماس في غزة، ولسنا في وضع يجعلنا ننتظر رحمة العالم لدعمنا".

 

ودخلت الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني مرحلة جديدة بعدما شنت طائرات الجيش الإسرائيلي غارات جوية مكثفة على مدار اليومين على أماكن متفرقة في لبنان، قابلتها عمليات مكثفة من "حزب الله".

 

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، أنه "يشن هجمات واسعة في جنوب لبنان وفي منطقة البقاع" الواقعة عند الحدود الشرقية مع سوريا.

 

ومن جانبه، أعلن "حزب الله" فجر الأربعاء، إطلاق صاروخ باليستي نحو تل أبيب للمرة الأولى منذ بدء التصعيد قبل نحو عام، مستهدفا مقرا لجهاز الموساد، لكن الجيش الإسرائيلي قال إنه اعترضه.

 أعنف معارك منذ حرب عام 2006 في لبنان

وتستهدف غارات إسرائيلية عنيفة، منذ الاثنين، جنوب لبنان وشرقه بشكل رئيسي، في تصعيد حاد للنزاع، حيث خاضت إسرائيل و"حزب الله" خلال الأسبوعين الماضيين أعنف معارك بينهما منذ حرب عام 2006 في لبنان.

 

وأدت الهجمات الإسرائيلية إلى مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين في لبنان، كما أُجبر عشرات الآلاف من اللبنانيين على النزوح من أماكن سكنهم في جنوب البلاد.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: إدارة بايدن نتنياهو حزب الله التصعيد العسكري الإسرائيلي الجیش الإسرائیلی حزب الله فی لبنان

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يتراجع بشأن مبادرة وقف إطلاق النار في لبنان

أفادت تقارير إسرائيلية اليوم الخميس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تراجع عن تفاهمات سابقة مع واشنطن حول المبادرة الأمريكية-الفرنسية لوقف إطلاق النار في لبنان ، ووفقًا لما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن نتنياهو أشار بتصريحاته بعد وصوله إلى نيويورك، والتي قال فيها: "سنواصل ضرب حزب الله بكل قوتنا"، إلى انسحابه من "تفاهمات صامتة" مع الجانب الأمريكي بشأن قبول المبادرة.

 

وقالت مصادر مطلعة إن نتنياهو كان قد توصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة تضمنت ترحيبه بالمبادرة بشكل علني، لكن في النهاية قرر عدم التطرق للمقترح ورفضه. وأضافت هيئة البث الإسرائيلية "كان 11" أن واشنطن كانت تعتزم نشر المبادرة اليوم الخميس بالتنسيق مع نتنياهو، لكنه انسحب من الاتفاق في اللحظات الأخيرة.

 

وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن نتنياهو نقل شفهياً إلى الإدارة الأمريكية تراجعه عن وقف إطلاق النار بعد تعرضه لضغوط سياسية داخلية. كما ذكرت الصحيفة أن نتنياهو ووزيره المقرب رون ديرمر كانا على اطلاع دائم بالجهود السياسية الأمريكية والفرنسية، لكنهما غيّرا موقفهما أثناء الرحلة إلى الولايات المتحدة.

 

في السياق ذاته، هدد إيتمار بن غفير، رئيس حزب "عوتسما يهوديت" ووزير الأمن القومي الإسرائيلي، بالانسحاب من الحكومة إذا تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع "حزب الله". وقال دبلوماسي غربي رفيع المستوى لصحيفة "هآرتس" إن نتنياهو اتخذ خطوة مشابهة أثناء المفاوضات حول صفقة الأسرى الإسرائيليين في غزة، حيث خشي من الانتقادات الداخلية.

 

في بيان صدر مساء الخميس، أشار نتنياهو إلى أن زيارته للأمم المتحدة تهدف إلى "إيصال كلمة إسرائيل إلى العالم"، مؤكدًا أن القوات الإسرائيلية تمكنت خلال الرحلة من القضاء على رئيس وحدة الطائرات المسيرة في "حزب الله". وأضاف: "سنواصل ضرب حزب الله بكل ما أوتينا من قوة ولن نتوقف حتى نحقق أهدافنا، وأهمها عودة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان".

 

من جهته، أكد البيت الأبيض أن الدعوة الدولية لوقف إطلاق النار جاءت بالتنسيق مع إسرائيل، مشيرًا إلى استمرار المحادثات في نيويورك خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأضافت الناطقة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، أن الهدف من البيان المشترك هو إفساح المجال أمام الدبلوماسية لتجنب حرب شاملة.

 

وأفاد موقع "أكسيوس" أن نتنياهو كان مشاركًا بشكل مباشر في صياغة وقف إطلاق النار المؤقت، لكن المقترح لم يتم مناقشته في اجتماع الكابينيت الإسرائيلي يوم الأربعاء.

 

وفي وقت سابق، نفى مكتب نتنياهو الأنباء المتداولة عن وقف إطلاق النار في لبنان، مؤكدًا أن الحديث يدور حول مقترح أمريكي-فرنسي لم يتم الرد عليه بعد، بينما أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزراء في الحكومة يعارضون وقف إطلاق النار ويدعون إلى استمرار الهجمات حتى تحقيق نصر كامل.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يتراجع بشأن مبادرة وقف إطلاق النار في لبنان
  • انقسامات في ادارة بايدن بشأن التصعيد الإسرائيلي في لبنان
  • انقسام داخل الإدارة الأمريكية تجاه استراتيجية نتنياهو في لبنان
  • تسريبات عن مقترح أميركي لخفض التصعيد بين إسرائيل وحزب الله
  • إعلام أمريكي: انقسام في إدارة بايدن بشأن العملية الإسرائيلية بلبنان
  • غالبية مسؤولي إدارة بايدن يؤيّدون «التصعيد لمنع التصعيد» في لبنان
  • وزير خارجية لبنان: تصريحات بايدن بشأن الصراع مع إسرائيل ليست مبشرة
  • بايدن: العالم يعاني حالة انقسام بشأن التطورات في الشرق الأوسط
  • مسؤول أمريكي ينتقد استراتيجية إسرائيل تجاه لبنان