استدراج الجيش الإسرائيلي لحرب استنزاف
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
حال إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة العدوان على قطاع غزّة ولبنان، لن يكون أمام المقاومة الفلسطينية هناك من سبيل سوى ممارسة "حرب استنزاف"، وصفها أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية – حماس)، بأنها "وحْل غزة"، وذلك في معرض تعقيبه في خطابه الأخير على ضرب جماعة الحوثيين تل أبيب للمرّة الثانية.
وتجربة "حرب الاستنزاف" تخوضها المقاومة الفلسطينية للمرة الثانية في تاريخها، بعد معركة الكرامة عام 1970، حيث جرّب الفلسطينيون على مدار أكثر من نصف قرن وسائل أخرى للكفاح، منها الانتفاضات الشعبية، والعمليات الاستشهادية، والاشتباكات المحدودة عند نقاط التماس، والقصف الصاروخي الذي يرمي بالأساس إلى تخفيض قدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق الأمن للمجتمع اليهوديّ.
نعم، خاضت المقاومة في غزة تجربة التهديد المستمرّ للجيش الإسرائيلي من خلال عمليات فردية وضربات جماعية محدودة، أجبرته على الانسحاب الأحادي من القطاع في أغسطس/آب من عام 2005، لكنها كانت مختلفة في الدرجة والأساليب والكثافة عما تعتزمه في الوقت الراهن، كما أنه لم تكن واقعة في أتون حرب ضروس، إنما في سياق كفاح يزاوج بين الوسائل المسلّحة والمدنية خلال احتلال إسرائيل للقطاع على مدار 38 عامًا.
وحرب الاستنزاف، وفق القواميس العسكرية، هي قتال محدّد مستمر يرمي إلى إضعاف وتدمير أفراد العدوّ، من كافة الأسلحة، وخصوصًا القوات البرية، وكذلك تكبيده خسائر مادية، وتحطيم معنوياته، حين يتم جرّه إلى مواجهات متقطعة أو غير محسومة تستغرق فترة طويلة، تحرمه من بلوغ النصر، وتسمح للمقاومين بترتيب أوراقهم ورصّ صفوفهم؛ استعدادًا لمواجهة حاسمة فيما بعد.
ظهرت هذه الممارسة للمرّة الأولى خلال الحرب العالمية الأولى في الهجمات البريطانية والفرنسية على التحصينات الألمانية، ثم شاعت خلال الحرب العالمية الثانية، لا سيما في معركة ستالينغراد ضد الألمان، بعد استدراجهم إلى أرض يجهلونها، ووسط مناخ لم يألفوه ولم يستعدّوا له.
ومثّلت حرب فيتنام تجربة مهمة لهذا النوع من الحروب، حيث تمّ توريط الولايات المتحدة في مستنقع فيتنام الشمالية، وراحت موسكو وبكين تمدّان المقاومة بالسلاح والمؤونة؛ لإنهاك الجيش الأميركي. وفي اتجاه معاكس فعلت الولايات المتحدة الأمر نفسه بالقوات السوفياتية التي غزت أفغانستان عام 1979 حتى أرهقت تمامًا، وهُزمت في النهاية.
وللجيش الإسرائيلي تجربة سابقة خاضتها ضده مصر، استمرّت من يونيو/حزيران 1967 حتى أغسطس/آب 1970، وكان مسرحها ممتدًا من عمق الدولة المصرية حتى أعماق سيناء، بل ويبلغ ما هو أبعد، حين ضربت مصر حفارًا إسرائيليًا كان راسيًا في ميناء أبيدجان عاصمة السنغال، وكان سيُستخدم في الحفر عن النفط في خليج السويس.
هذه الحرب أرهقت الجيش الإسرائيلي كثيرًا، وحرمته من تعزيز وجوده في سيناء، ومهّدت لمبادرة روجرز التي تمكن الجيش المصري بمقتضاها من بناء حائط الصواريخ الذي أعانه في حرب أكتوبر/تشرين الأوّل عام 1973. لكن هذه التجربة، على أهميتها، كانت لجيش نظامي، حتى لو لجأ إلى أسلوب "حرب العصابات".
ربما تكون تجربة الإسرائيليين في لبنان بين 1982 و2000 هي الأقرب لتجربة غزة التي بدأت منذ توغل الجيش الإسرائيلي في القطاع في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وإقامة مراكز ثابتة لقواته في بعض المناطق، لكنه لم ينجح في غزة، مثلما تمكّن في لبنان من تكوين مليشيات محلية عميلة، كانت تخوض بعض المعارك والاشتباكات بديلًا له، أو تخفف وطأة ضربات المقاومة نيابة عنه.
وترمي المقاومة في غزة إلى تحقيق عدة أهداف من خوضها حربَ استنزاف ضد الجيش الإسرائيلي، هي:
الاستنزاف المستمر للقدرات البشرية والتسليحية للجيش الإسرائيلي بما يجعل قادته يدركون، في خاتمة المطاف، أن البقاء في قطاع غزة مكلف جدًا. توسيع دائرة المشتبكين مع القوات الإسرائيلية، إذ إن طول بقائها في القطاع، وتلقيها ضربات متلاحقة، سيشجّع بعض شباب غزة على الانخراط في المقاومة، كل على قدر استطاعتِه. وقد نشهد عمليات فردية، يقوم بها من يمكن أن نطلق عليهم "الأسود المنفردة"، علاوة على نجاح المقاومة بالفعل في استقطاب وتجنيد شباب جدد ينضمون إلى صفوفها ذات القوام المتماسك والمنتظم. كما أن مثل هذه العمليات يمكنها أن تنتقل إلى الضفة الغربية بمرور الوقت، وهي إقليم لم تُنزع منه المقاومة، رغم ظروفه السياسية والاقتصادية المختلفة عن قطاع غزة. تحقيق انتصارات في معارك صغيرة أو محدودة، ترفع الروح المعنوية للمقاتلين، ولأهل غزة حولهم، ممن يشكلون حاضنة اجتماعية للمقاومة، فيتعزز صمودهم، ويقوى إصرارهم على البقاء في مكانهم، رافضين الاقتلاع أو التهجير القسري. إبقاء المقاومة فاعلًا سياسيًا في أي ترتيبات لاحقة تخص إدارة قطاع غزة بعد الحرب، على العكس من سعي تل أبيب إلى إبعادها تمامًا عن المشهد السياسي والإداري، حتى لو لم تحقق هدفها الذي أعلنته في بداية الحرب من استئصال فصائل المقاومة. زيادة إنهاك الاقتصاد الإسرائيلي، الذي تأثر عميقًا بهذه الحرب، حيث ضُربت السياحة، وأُغلقت عشرات الآلاف من الشركات الصغيرة، وزاد العبء على الموازنة العامة إثر تخصيص أموال لإيواء النازحين بسبب الحرب، سواء من غلاف غزة، أو من شمال إسرائيل الذي يتلقى ضربات منتظمة من المقاومة اللبنانية. تعميق إدراك المواطنين في إسرائيل للورطة الأمنية التي يعيشونها، إثر تأكدهم من عجز الجيش عن تحقيق الحماية المطلقة لهم وفق ما يعولون عليه دومًا، ويثقون في تمكنه من منع أي أذى من أن يطولهم أو يلحق بهم. وسيؤدي هذا مع الأيام إلى زيادة معدلات الهجرة من إسرائيل، لتتحول إلى دولة طاردة، بعد أن ظلت سنوات طويلة دولة جاذبة لليهود من مختلف أرجاء العالم. يُبقي الاستنزاف القضية الفلسطينية ملتهبة لدى أصحاب الضمائر في العالم بأسره، إذ إن إسرائيل سترد بعنف وقسوة على عمليات المقاومة المستمرة، مفرغة طاقتها الغضبية في المدنيين كالعادة، وهو السلوك الذي جلب تعاطفًا مع تضحيات الفلسطينيين، وجعل إسرائيل تخسر معركة الصورة التي ربحتها على مدار عقود من الزمن.لقد اعتاد الجيش الإسرائيلي الحروب الخاطفة، أو الاستنزاف المحدود الذي يُطوقه سياج حمائي يقوم به العملاء المسلحون المنظمون، أو ذلك الذي يندلع ضد جيش نظامي يسهل مع الوقت تحديد أنماط عملياته، وطبيعة اختراقاته، ونوع ضرباته، لكنه يجد نفسه الآن في قطاع غزة يواجه تجربة جديدة عليه، زادت قسوتها بالنسبة له من قدرة المقاومة على الصمود نحو أحد عشر شهرًا.
لكن حرب الاستنزاف لا تجري في اتجاه واحد بالطبع، فالجيش الإسرائيلي يريد استنزاف المقاومة أيضًا، لا سيما بعد الحصار المطبق الذي فرضه عليها، معولًا على صعوبة حصولها على السلاح اللازم لمواصلة المعركة، والتمكن من قتل كثير من مقاتليها المدربين جيدًا.
لكن، رغم قسوة الظروف، فإن التأثير السلبي للاستنزاف على قوة تمارس "حرب عصابات" أقل منه لدى جيش نظامي، لا سيما أن المقاومة تعرف أرض المعركة جيدًا، بينما الجيش الإسرائيلي يحاول تحقيق أهدافه في أرض غريبة عليه نسبيًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش الإسرائیلی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
يديعوت أحرونوت: الجيش الإسرائيلي في أزمة غير مسبوقة
كشف تقرير مطول نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن أزمة عميقة يعاني منها الجيش الإسرائيلي بسبب العبء المتزايد على قواته مع تعدد الجبهات والاستعدادات المحتملة لشن عدوان عسكري جديد على قطاع غزة.
وسلط تقرير المحلل العسكري للصحيفة يوآف زيتون الضوء على الصعوبات التي يواجهها الجيش، بما في ذلك نقص القوى البشرية، والضغوط التشغيلية والنفسية، والتحديات اللوجستية التي تهدد قدرته على الحفاظ على استقرار الجبهات المختلفة.
كما ناقش التقرير تأثير هذه الضغوط على احتمالية شن حرب جديدة على غزة، وما يعنيه ذلك من ضغوط إضافية على الجنود وعائلاتهم.
نقص القوى البشريةوفقًا للتقرير، يواجه الجيش الإسرائيلي عبئًا تشغيليًا غير مسبوق منذ أيام حرب لبنان الثانية والانتفاضة الفلسطينية الثانية في مطلع الألفية.
وتشير التقديرات إلى أن القوات النظامية ستواصل تحمل العبء الأكبر في السنوات القادمة، مع توقعات بزيادة المهام وتقليل فترات الراحة.
فبدلًا من أن يحصل الجنود على إجازة قصيرة كل أسبوعين، كما كان الحال في السنوات الماضية، فإنهم الآن يُمنحون في أحسن الأحوال إجازة لمدة 3-4 أيام فقط بعد 17 يومًا متواصلًا من الخدمة، وهذا يعني أن الجنود لن يتمكنوا من رؤية أسرهم إلا مرة كل أسبوعين إلى مرة في الشهر.
إعلانويشير التقرير إلى أن هذه السياسة تأتي في إطار محاولة الجيش التكيف مع الواقع الجديد الذي فرضته المهمات المتعددة للجيش الإسرائيلي على الحدود، بما في ذلك المهمات في قطاع غزة ولبنان وسوريا، مما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد القوات المطلوبة للخدمة في المناطق الحدودية، حيث تم إنشاء نقاط عسكرية دائمة في لبنان وسوريا وحول قطاع غزة.
وينقل زيتون عن الجيش الإسرائيلي "نحن نبذل قصارى جهدنا لتسهيل الأمر على جنود الاحتياط الذين يتم حرقهم حتى النخاع، لكن الثمن سيدفعه المقاتلون النظاميون أولا. واليوم نحتاج إلى آلاف المقاتلين في المواقع الأمامية الجديدة التي أنشأناها داخل الأراضي اللبنانية، وعلى الجانب السوري من مرتفعات الجولان، وكذلك في مواقع المنطقة العازلة التي أنشأناها على جانب غزة من حدود غزة. ويضاف إلى ذلك ضعف إلى 3 أضعاف عدد الكتائب الدائمة في غلاف غزة وفي فرقة الجليل (الحدود مع لبنان)".
ومن بين التحديات الرئيسية التي يواجهها الجيش الإسرائيلي هو النقص الحاد في القوى البشرية، إذ يعترف زيتون بأن الجيش الإسرائيلي خسر أكثر من 12 ألف جندي منذ بداية الحرب الأخيرة، بين قتلى وجرحى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الزيادة في عدد القوات المطلوبة للدفاع عن الحدود، وتوسيع الوحدات العسكرية مثل وحدات المدرعات والهندسة، أدت إلى عجز كبير في عدد الجنود المتاحين.
ويتعلق النقص، حسب التقرير، بالقرارات الأولى التي اتخذها رئيس الأركان الجديد للجيش الإسرائيلي الفريق إيال زامير قبل 4 أيام بإنشاء لواء مشاة إضافي (أكبر من لواء مدرع من حيث عدد الجنود).
ويضيف المحلل العسكري "اليوم، هناك 5 ألوية مشاة في الجيش الإسرائيلي النظامي، وهي لواء كفير، وناحال، والمظليين، وغولاني وغفعاتي. كما سيتم إنشاء كتيبة هندسية واحدة على الأقل، وسيتم إعادة إنشاء سرايا استطلاع للألوية المدرعة التي تم إغلاقها في العقد الماضي".
إعلانويقول زيتون "إن هذه الإضافات سيتم الوصول لها من الصفر وتحتاج وقتا طويلا، مما سيزيد العبء على المقاتلين الحاليين، كذا سيلجأ الجيش الإسرائيلي إلى المقاتلين السابقين الأكبر سنا، ويحاول استخدامهم لإنشاء ألوية احتياطية جديدة تعتمد على جنود تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عاما، وهذا سيعتمد على حالتهم الصحية، وغيرها من القيود".
ضغوط على الجنود والعائلاتوينقل المحلل العسكري عن قادة بجيش الاحتلال قولهم "نحن متوترون بجنون، وكل جندي في الجيش الإسرائيلي يشعر بذلك بالفعل في جسده، وبعد نحو شهرين من التدريب القتالي في المشاة، يطلب من سرايا ألوية المشاة القدوم إلى القطاعات والمساعدة والتعزيز لمدة أسبوع أو أسبوعين على حساب تدريبهم. إنها دائرة لا يمكن تربيعها، باستثناء إضافة قوات جديدة بحجم كبير لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي".
كما يتطرق التقرير للعبء المتزايد على الجنود، حيث لا تؤثر الحرب على أدائهم العسكري فقط، بل أيضًا على حياتهم الشخصية وعائلاتهم. فمع تقليل فترات الإجازة وزيادة المهام، أصبح الجنود يعانون من ضغوط نفسية وجسدية كبيرة. كما أن العائلات التي كانت تعتاد على رؤية أبنائها بشكل منتظم أصبحت الآن تواجه صعوبات في التواصل معهم.
ويشير التقرير إلى أن الجيش يحاول تخفيف العبء على قوات الاحتياط، التي عانت من ضغوط كبيرة خلال العام الماضي. ومع ذلك، فإن القوات النظامية هي التي تتحمل العبء الأكبر، مع توقعات بأن يستمر هذا الوضع في السنوات القادمة.
ولتوضيح مشكلة جنود الاحتياط يقول التقرير إن "50 إلى 70% من الجنود الذين تم استدعاؤهم يقدمون تقارير لمسؤوليهم بالإرهاق الطويل، الذي يضر بتقدمهم في حياتهم المهنية وأسرهم ودراساتهم الأكاديمية وأعمالهم، حيث لا يمكن تعويض كل شيء بالمال أو منحة أخرى أو قسيمة إجازة أو تدليك".
جبهات متعددةويسلط المراسل العسكري الضوء على التحديات المفروضة على الجيش الإسرائيلي في ظل قرارات المستوى السياسي، ومن أبرز التحديات الجديدة هي الجبهة الساخنة في الضفة الغربية وعلى حدود غور الأردن، حيث يعمل الجيش بالإضافة لمواجهة المقاومين هناك على إحباط تهريب الأسلحة من الأردن.
إعلانأما التحدي الأكثر أهمية، فهو الخطة الهجومية الجديدة التي صاغها الجيش الإسرائيلي لاحتلال الأراضي في قطاع غزة والبقاء فيها، وذلك كبديل لطريقة الغارات المتكررة، والتي أثارت انتقادات لفعاليتها، خاصة من عناصر اليمين الإسرائيلي.
ويرى زيتون أنه "إذا انتهى الهجوم الجديد على قطاع غزة بوجود دائم للقوات داخل خان يونس أو على مشارف الشاطئ وحي الرمال، فضلا عن استمرار التمسك بمحور فيلادلفيا وعدم الانسحاب منه، فإن تكلفة العبء على المقاتلين ستزداد على حساب التدريب المطلوب لجميع الساحات. سيكون هناك آلاف المقاتلين "الجدد" الذين سيتعين على الجيش الإسرائيلي الاحتفاظ بهم داخل قطاع غزة".
وفي لبنان، يشكل حزب الله تهديدًا دائمًا، خاصة بعد التصعيد الأخير على الحدود الشمالية. كما أن الجبهة السورية لا تزال تشكل مصدر قلق، حيث يتمركز الجيش الإسرائيلي في مرتفعات الجولان المحتلة.
ويشير التقرير إلى أن "الجيش قام بإنشاء نقاط عسكرية دائمة في المناطق الحدودية مع لبنان وسوريا، بالإضافة إلى تعزيز القوات حول قطاع غزة، مما أدى لتضاعف عدد القوات في هذه المناطق مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتسبب في زيادة الضغط على الجنود".
تشكيك بفعالية شن الحرب على غزةوجه التقرير انتقادات للقيادة السياسية في إسرائيل، متهمًا إياها بالتغاضي عن التحديات التي يواجهها الجيش. فبينما يواجه الجيش أزمة نقص في القوى البشرية وزيادة في المهام، فإن القيادة السياسية لم تتخذ الإجراءات الكافية لمعالجة هذه الأزمة.
ويشير التقرير إلى أن الجيش يحاول إقناع القيادة السياسية بضرورة زيادة الميزانيات وتعزيز القوات، ولكن حتى الآن لم يتم اتخاذ أي إجراءات جذرية.
ويضيف زيتون "لقد أثبت المستوى السياسي بالفعل أنه يقع في حب هذه الطريقة (الاحتلال الدائم) دون أن يأخذ في الاعتبار تكاليفها ومخاطرها، فهناك في الجيش الإسرائيلي من يشكك في فعالية ترك الكتائب النظامية في مخيمات لاجئين فارغة، مثل جنين خلال الشهرين الماضيين. وعلى الرغم من الحرية العملياتية الكاملة التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، تظهر علامات استفهام في الجيش، خاصة عندما يكون هناك قصور عددي في الجيش لتلبية الحاجة إلى المزيد من المقاتلين لغزة أو الحدود اللبنانية، وحتى للجنود المرهقين في الجولان السوري".
إعلانويخلص المحلل العسكري من ذلك للتشكيك بقدرة الجيش الإسرائيلي على شن حرب جديدة على قطاع غزة. ويقول "من ناحية، فإن العبء التشغيلي ونقص القوى البشرية يحدان من قدرة الجيش على التحرك بشكل حاسم، ومن ناحية أخرى، فإن التهديدات الأمنية المستمرة من غزة تدفع القيادة السياسية إلى النظر في خيارات عسكرية أخرى".
ويختم التقرير بالإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي يدرس خيارات مختلفة، بما في ذلك الاحتفاظ بأجزاء من قطاع غزة كمنطقة عازلة، أو شن عمليات عسكرية محدودة. ومع ذلك، فإنه يؤكد أن "أيا من هذه الخيارات سيتطلب تعبئة موارد بشرية ومادية كبيرة، مما سيزيد من الضغوط على الجنود وعائلاتهم".