محمد بن زايد يلتقي الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش ويتبادلان الأحاديث الودية
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
تكساس - وام
التقى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» في إطار زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية ــ جورج دبليو بوش الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية.
وتبادل سموه والرئيس الأمريكي السابق خلال اللقاء الأحاديث الودية مستذكرين زيارته التاريخية إلى دولة الإمارات خلال عام 2008 والتي عززت شراكة البلدين المرتكزة على القيم المشتركة والالتزام المتبادل بتعزيز التقدم والاستقرار.
كما أشار سموه في هذا السياق إلى الدور البارز لوالده الراحل جورج اتش دبليو بوش في توطيد علاقات الصداقة والشراكة بين البلدين.. وقال سموه:«إن والدكم كان صديقاً لدولة الإمارات وحليفاً لدول المنطقة في مواجهة أصعب التحديات».
وأكد سموه أن الالتزام المشترك بترسيخ الأمن والاستقرار والسلم سواء في منطقتنا أو على مستوى العالم كان محوراً رئيساً للتعاون بين دولة الإمارات والولايات المتحدة على مدى العقود الماضية وسيستمر هذا التعاون خلال المرحلة المقبلة.
حضر اللقاء خلدون المبارك رئيس جهاز الشؤون التنفيذية، و يوسف مانع العتيبة سفير الدولة لدى الولايات المتحدة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: تسجيل الدخول تسجيل الدخول فيديوهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان
إقرأ أيضاً:
أحمد شوقي يلتقي جورج أورويل
يحيا الشعر مرة بعد أخرى كلما ظن الناس أنه خبا ومات، بل إنه ينهض من تحت الأنقاض كما تنتفض العنقاء، فـيعرّي نظريات موت الشعر والأدب وتهمة ابتعاده عن حياة وواقع الناس. يمثل الشعر الجدار الذي نتكئ عليه بعد يوم مرهق، السند الذي نستند إليه عند حلول مصيبة، والثلج الذي يهب بنسائمه على صدورنا كلما ابتغينا أملا نهرب به من واقع الحياة القاسي إلى المزيد والمزيد من الحياة، كما يدفع مدرب السباحة تلميذه الذي يخشى الغرق إلى عمق الحوض ووسط البركة. كان الشعر فـي يوم من الأيام الشيء الذي نتحدث به، ونتمثل به فـي السراء والضراء، بل وفـي السخرية والتهكم أيضا؛ لكنه يختبئ أحيانا فـي شقوق الذاكرة، ثم يعود إلى الحياة من بعيد، يعود إلى الضوء من بعد غيابة النسيان.
يبدو التشاؤم الخيار الأسهل دائما، فمن الأسهل أن نتلفع بغطاء دافئ فـي الصباحات الشتوية بدلا من القيام والعمل. من الأسهل أن نستسلم للموت البطيء أو اليأس من المقاومة وتحمل المشقة. لكن متطلبات الحياة وواقعها، والمشاهد التي نشاهدها وتتجسد فـي أشخاص ليسوا أكثر بشرية منا ليفعلوا ما بدا أنه خيالي وأسطوري، إنما هم أكثر إيمانا وعملا بذلك الإيمان فـي أنفسهم وواقعهم من الآخرين الذين يستسلمون للدعة السامة مقابل المشقة التي تمنح الحرية والانعتاق. بدا أننا نسينا القصيدة الخالدة لأحمد شوقي فـي نكبة دمشق، التي قالها حين قصف الفرنسيون دمشق تلك المدينة المليئة بالناس والتاريخ والحضارة، ورغم أنه كان قصفا مدمرا؛ إلا أن الناس بذلوا فـي سبيل حريتهم وبقاء وطنهم الغالي والنفـيس، وهل هنالك أغلى من الروح والدم؟.
كتب شوقي قصيدته «نكبة دمشق» والشهيرة والمعروفة بمطلعها البديع البهي
سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ
وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ
لكن هذه القصيدة التي بدا أن غبار الأيام تراكم عليها وطواها، عادت إلى الحياة بقوة وعنفوان، وذلك لأن زعيم حركة المقاومة الإسلامية يحيى السنوار ظهرت له مؤخرا مقاطع مصورة ضمن برنامج «ما خفـي أعظم» وهو فـي ميدان المقاومة والقتال فـيما بدا وكأنه لقطة من فـيلم سينمائي بطولي، لا أنه حقيقة وواقع!، وهو يردد بيتا من القصيدة
وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ
بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ
جعلني هذا المقطع أتأمل المشهد وأتساءل بصدق، كيف يمكن لبيت من الشعر أن يجعل المرء يبتسم وسط المعركة والدمار المحيط به؟ كيف لبيت من الشعر أن يكون وقودا للإرادة فـي مواجهة الظلم والقهر والبطش والجنون!، كيف له أن يفعل ذلك؟. إن أيسر إجابة وأقربها كما أرى، أن الشعر الذي ينبع من الواقع بمساوئه قبل محاسنه، وآلامه قبل أفراحه؛ يتجسد فـي حياة الناس واقعًا ملموسًا. فهو ليس فذلكة لغوية تودع الكتب والمخازن، بل هي كلمات تعيش فـي قلوب المؤمنين بها، تحركهم وتبث فـيهم الأمل والحياة.
من مصادفات الأقدار أن الكتب والبشر تتقاطع مساراتهم فـي شيء من العجائبية التي يصعب تفسيرها؛ فرسالة الغفران للمعري، يقابلها جحيم دانتي. وبيت لشاعر عربي قديم، يطابق نظرية علمية اكتشفت حديثا، وهكذا تمضي الحياة. ومن المفارقات، أن يقرأ الإنسان كتابا عن أمة أو شعب عاش فـي حقبة ما، فـي بقعة ما من الوجود، ويجد نظيرا لها فـي بقعة وحقبة مختلفة عنها. ومن ذاك، رواية جورج أورويل 1984 التي أحدثت هزة عنيفة فـي أوروبا والعالم فـي القرن المنصرم، والتشابهات والإسقاطات التي بدت كما لو أنها مكتوبة فـي سبيل توصيف أسباب ونتائج ووقائع حرب الإبادة الصهيونية على غزة. «.. بعد ذلك سددت المروحية قنبلة زنتها عشرين كغم إلى الزورق مع وهج مروع فـيتحطم القارب تمامًا إلى شظايا خشبية صغيرة. ثم عرضت لقطة مدهشة ليد طفل وهي ترتفع إلى الأعلى بخط مستقيم فـي الهواء وطائرة المروحية مع كاميرا فـي مقدمتها تقتفـي أثرها. كان هناك الكثير من التصفـيق يصدر عن مقاعد الحفلة، لكن امرأة فـي الجزء المخصص للشغيلة من القاعة قفزت فجأة باهتياج وهي تصرخ «ما كان عليهم أن يعرضوا ذلك أمام الأطفال...)) حتى طردها البوليس». إنه مشهد اعتاد الناس مشاهدته فـي حرب الإبادة التي ستدخل أسبوعها الثالث من الهدنة، فقد كان الصحفـيون والمتظاهرون الهدف المفضل للشرطة فـي بلدان الديمقراطية الأوروبية والأمريكية، وهي مشاهد تكررت حتى فـي مداخلات الصحفـيين بعد كلمة المتحدث باسم البيت الأبيض أو كلمات بلينكن الكثيرة.
يتساءل أورويل فـي روايته «..كيف سيكون بإمكانك الاحتكام إلى المستقبل عندما لن يكون بالإمكان لأي أثر منك حتى ولو كان كلمة مبهمة خربشت على قطعة ورق، أن يبقى ماديا؟» ثم يتحدث عن المعلومات التي لا وجود مادي لها -أي التي لا توجد فـي الأوراق والكتب- وهو ما يتطابق تطابقا مذهلا مع القضية الفلسطينية والرواية الصهيونية التي تروج نفسها، حيث يقول: «..إنها فـي وعيه الخاص فقط، الوعي الذي ينبغي على أية حال أن يُلغى فـي الحال، فإذا ما تقبل الآخرون جميعا الأكذوبة التي فرضها الحزب -وإذا ما كانت كل السجلات تذكر نفس الحكاية- عندئذ ستدخل هذه الكذبة التاريخ لتصبح حقيقة واقعة»؛ لأنه وببساطة «..كيف تستطيع أن تثبت حتى أكثر الحقائق وضوحا عندما لا تكون هناك أية سجلات خارج ذاكرتك الخاصة؟». إن ما يفعله شوقي وأورويل وكل من له أثر فـي سرد الوقائع والأحداث وتوصيفها، هو اتحاد الجانب الخيِّر من البشرية فـي سبيل حفظ الماضي والحاضر؛ لأن «إعادة بناء الماضي» واحدة من أساليب الشر لتطويع وتطبيع ما لا يمكن قبوله بحال ولا يمس للحقيقة بصلة. ومن عجائب رواية أورويل، تلك الفقرة التي يتحدث فـيها عن وزارة السلام، وهي ما سيجد القارئ تجسيدا لها فـيما مضى من أحداث على غزة ولبنان واليمن وسوريا من قِبل الكيان الصهيوني «..قام بتصميم قنبلة يدوية تبنتها وزارة السلام وتسببت فـي مقتل واحد وثلاثين أسيرا أوراسيا فـي انفجار واحد». يلتقي أورويل بشوقي إذن، يلتقيان فـي الذاكرة والمآسي المتجددة التي يتعلم العالم أنها ستنتهي بالأيادي المضرجة، يلتقيان رغم القصف والبطش والقهر والإبادة. ولننظر بعين اليوم إلى قصيدة شوقي، ولنتأمل؛ أكانت قصيدته قديمة طواها الزمن؟ أم أنها واقع يتجدد اليوم؟
وَلِلمُستَعمِرينَ وَإِن أَلانوا
قُلوبٌ كَالحِجارَةِ لا تَرِقُّ
بِلادٌ ماتَ فِتيَتُها لِتَحيا
وَزالوا دونَ قَومِهِمُ لِيَبقوا
وَحُرِّرَتِ الشُعوبُ عَلى قَناها
فَكَيفَ عَلى قَناها تُستَرَقُّ
وَيَجمَعُنا إِذا اختَلَفَت بِلادٌ
بَيانٌ غَيرُ مُختَلِفٍ وَنُطقُ
وَلِلأَوطانِ فـي دَمِ كُلِّ حُرٍّ
يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ
فَفـي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ
وَفـي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ
وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ
بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ
علاء الدين الدغيشي كاتب وشاعر عماني