قاضي مصري يثبت بالأدلة تاريخ العلاقة المريبة بين المخابرات البريطانية والجماعة الإرهابية منذ 80 عامًا
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
يقول الدكتور محمد خفاجى، قاضي، في دراسة أجراها، إنه فى ظل النظام الملكي المصري الموالي لبريطانيا اَنذاك دعمت المخابرات البريطانية جماعة الإخوان الإرهابية تحديدًا عام 1940 تعزيزًا لمصالح بريطانيا، وأقنعت المخابرات البريطانية الملك فاروق أن جماعة الإخوان يعتبرون مقابل مفيد لسلطة الحزب السياسي الرئيسي في البلاد العلماني والقومي (حزب الوفد والشيوعيين)، وانتهى تقرير المخابرات البريطانية عام 1942 إلى أن القصر الملكي بدأ في إيجاد مكانة مفيدة لجماعة الإخوان فى ذلك الوقت بناء على رغبة بريطانيا.
ويضيف وصل الحد ببريطانيا أنها قامت بتمويل جماعة الإخوان الإرهابية من خلال اجتماع عقده مسئولو السفارة البريطانية في 18 مايو 1942 مع رئيس الوزراء المصري أمين عثمان باشا، تم خلاله الاتفاق على أن السفارة البريطانية سوف تقدم المساعدة المالية لهم بالإضافة إلى الإعانات التي يقدمها حزب الوفد لجماعة الإخوان المسلمين ستدفعها الحكومة بتكتم وسرية تامة.
ثانيًا: تواطؤ المخابرات البريطانية مع الإخوان الإرهابية لإسقاط الزعيم جمال عبد الناصر وانتصر عليهما (شهادة مارك كيرتس):
يقول الدكتور محمد خفاجى إن التاريخ السري يثبت تواطؤ المخابرات البريطانية مع الإخوان الإرهابية لإسقاط الزعيم جمال عبد الناصر يعضده الكاتب الصحفي البريطاني "مارك كيرتس" أورد فى كتاب له بعنوان "الشئون السرية - تواطؤ بريطانيا مع الإسلام الراديكالي" حكاية ما يسمى بـ "الحرب على الإرهاب" في الغرب، والتي يقول عنها كورتيس إنها نتاج للسياسات الخارجية للقوى الغربية المهيمنة، يشرح كورتيس التاريخ الطويل لتعاون بريطانيا مع الإخوان والجماعات الإسلامية وتورطها في أفغانستان وباكستان وكوسوفو ومصر، ويؤكد الكاتب البريطانى تواطؤ بريطانيا مع الإخوان المسلمين في مصر وهو إجراء تم اتخاذه في محاولة لوقف ثورة 23 يوليو 1952 وإسقاط نظام جمال عبد الناصر بعد فترة الرئيس محمد نجيب القصيرة.
ويشير محمد خفاجى أن المخابرات البريطانية عام 1955 كانت تراقب بعناية أنشطة جماعة الإخوان الإرهابية المناهضة لنظام الزعيم جمال عبد الناصر وأعطوا جرعة ثقة للجماعة الإرهابية بأنهم قادرون على تشكيل تحدٍ خطير ضد جمال عبد لناصر وتشير بعض الدوائر السرية أن هناك أدلة قاطعة على أن المخابرات البريطانية كانت لهم اتصالات مع تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية تحديدا في أواخر عام 1955، عندما زار بعض الإخوان الملك فاروق حينما كان في المنفى في إيطاليا، لاستكشاف التعاون ضد عبد الناصر، وفى خلال تلك الفترة قامت بعض البلاد العربية التى كانت تكره جمال عبد الناصر بتقديم مساعدات لوجستية لجماعة الإخوان الإرهابية حيث منح نظام الملك الحسين في الأردن قادة الإخوان جوازات سفر دبلوماسية لتسهيل تحركاتهم للتنظيم ضد الزعيم عبد الناصر، بينما قدمت السعودية تمويلا ماليًا ضخمًا للجماعة الإرهابية وكان كل ذلك بالتنسيق مع المخابرات البريطانية التى كانت تدعم جماعة الإخوان الإرهابية ضد عبد الناصر، وفقًا لشهادة روبرت باير ضابط وكالة المخابرات المركزية السابق. ورغم كل ذلك إلا أن عبد الناصر انتصر عليهم جميعًا ولم يسقط لأنه كان يدافع عن مصر والأمة العربية.وانتصر الزعيم ناصر عليهما المخابرات البريطانية وجماعة الإخوان الإرهابية.
ثالثًا: السلطات المصرية العظيمة كشفت عام 1956عن شبكة تجسس بريطانية في البلاد واعتقلت أربعة منهم،وطردت اثنين من الدبلوماسيين المشاركين:
يشير الدكتور محمد خفاجى لواقعة خطيرة تؤكد تفوق السلطات المصرية، ففى أغسطس عام 1956 كشفت السلطات المصرية النقاب عن شبكة تجسس بريطانية في البلاد واعتقلت أربعة بريطانيين، على رأسهم جيمس سوينبيرن مدير الأعمال في وكالة الأنباء العربية الجهة MI6 ومقرها القاهرة. كما طردت السلطات المصرية اثنين من الدبلوماسيين البريطانيين المشاركين في جمع المعلومات الاستخبارية وقد ذكر “ستيفن دوريل” أن المخابرات البريطانية حرضت عناصر طلابية إخوانية اتفقوا معهم على فكرة تشجيع أعمال الشغب والعنف للأصوليين التي يمكن أن توفر ذريعة للتدخل العسكري بحجة حماية حياة الأوروبيين.
رابعًا: فى العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 اتفقت المخابرات البريطانية مع الإخوان الإرهابية أنهم النظام البديل الجديد لناصر:
يكشف الدكتور محمد خفاجى عن حقائق تاريخية خطيرة ويقول فى العدوان الثلاثي 1956 على مصر فى الحرب التى شنتها بريطانيا وفرنسا وإسرائيل – وهى الحرب التى تعرف بحرب السويس عند الغرب والعملية قادش عند إسرائيل – قامت المخابرات البريطانية بتطوير الاتصالات مع جماعة الإخوان الإرهابية كجزء من خطط الإطاحة بالزعيم جمال عبد الناصر، واتفقت المخابرات البريطانية مع جماعة الإخوان الإرهابية أنهم النظام البديل الجديد الذى سوف يحكم مصر.
وبدأت الغارات الجوية على القاهرة ومنطقة القناة والإسكندرية وتم العدوان على بورسعيد التي ضربت بالطائرات والقوات البحرية تمهيدًا لعمليات الإنزال الجوي بالمظلات إلا أن المقاومة الشعبية ببورسعيد قاومت الاحتلال بكل شراسة ونضال دفاعا عن تراب الوطن ووجه الاتحاد السوفيتي إنذارًا إلى بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وأعلن عن تصميمه على محو العدوان، كما استهجنت أمريكا العدوان على مصر مما أدى إلى وقف اطلاق النار، وتم إنزال العلم البريطاني من فوق مبنى هيئة قناة السويس ببورسعيد، وانسحبت قوات العدوان واستردت مصر قناة السويس. وخرجت مصر منتصرة، وسحبت الحكومات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية قواتها في أواخر ذات عام 1956.
خامسًا: المخابرات البريطانية توظف الإخوان ضد مصر والمصالح العربية لدول الخليج لابتزاز نفطها:
يذكر الدكتور محمد خفاجى أن المخابرات البريطانية توظف الإخوان ضد مصر بحسبانها أكبر دولة فى المنطقة وقيادتهم لها تعنى تملك الأمة العربية كما أن المخابرات البريطانية توظف الجماعة الإرهابية أيضًا ضد المصالح العربية لدول الخليج وهذا ما أعلنه البريطاني سيمون بيرس عام 2015 فى صحيفة الجارديان أن دول الخليج لجأت إلى فكرة الضغط على انجلترا لإبعاد جماعة الإخوان الإرهابية عن دول الخليج في مقابل صفقات النفط والأسلحة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات والرأي عندي أن رغبة دول الخليج المشار إليها جعلت مصلحة المخابرات البريطانية توظيف جماعة الإخوان في دول الخليج لابتزاز نفطها فضلا عن أن المخابرات البريطانية عمدت أيضًا على اختراق إذاعة بي بي سي بعناصر متعاطفة مع جماعة الإخوان الإرهابية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: السفارة البريطانية جماعة الإخوان وقف اطلاق النار المخابرات البريطانية الإخوان الإرهابية جماعة الإخوان الإرهابیة السلطات المصریة مع الإخوان دول الخلیج
إقرأ أيضاً:
العلاقة بين الدولة والسلطة والمنظمة في فلسطين
د. عبدالله الأشعل **
يجرى الخلط في الخطاب السياسي الفلسطيني والعربي بين 3 مكونات فلسطينية هي منظمة التحرير الفلسطينية التي تأسست عام 1964 لتُعبر عن الشعب الفلسطيني الذي أنكرته إسرائيل.
وفي عام 1975 اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالمنظمة كمُمثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني حتى تتعاقد على السلام في فلسطين مع إسرائيل قبل أن تعلن إسرائيل عن خططها الحقيقية ونظرتها إلى فلسطين سكانا وأرضا وبدأ ذلك صراحة من جانب نتنياهو قولا وسلوكا خلال الفترة من 2021 حتى الآن، وتقدم خطوة أخرى عندما استصدر من الكنيست قانونين أحدهما 2017 وهو القاضي بإنشاء دولة يهودية خالصة في فلسطين والهدف الأساسي التمسح في اليهودية وطرد فلسطيني 1948 من داخل الدولة المحتلة قبل أن تتحول في المرحلة القادمة إلى إسرائيل الكبرى وتضم كل فلسطين وأجزاء من دول عربية مجاورة. والقانون الآخر صدر 2023 ويقضي بحظر إقامة دولة فلسطينية في فلسطين.
أما السلطة فهي حكم محلي انتقالي وإن تمت عن طريق الانتخاب وهي في كل الأحوال نتاج إعلان أوسلو ولو طبق الإعلان بحسن نية من قبل إسرائيل لكانت مفاوضات الوضع النهائي قد تمت ولم يتضمن الإعلان إنشاء دولة فلسطينية وإنما كان يراد له أن يكون حكما ذاتياً بعد أن يتم تركيز الاتفاق على خمس قضايا حجزت لمفاوضات الوضع النهائي للأراضي الفلسطينية.
وعموما اتفاق أوسلو انتهى عام 2000؛ لأنَّ أجله كان خمس سنوات من 1995 حتى 2000 والذي نقضه هو نتنياهو بعد أن كتب بيريز في مذكراته أن أوسلو كانت محطة في تنفيذ المشروع الصهيوني. وكان لأوسلو فوائد كثيرة بالنسبة لإسرائيل، بينما استمر معدل التراجع في القضية الفلسطينية ومن مزايا أوسلو لإسرائيل ثلاثة رغم أن النقد المزعوم لا يتوقف في إسرائيل.
الأولى: أنه هدأ الفلسطينيين والعالم وتفادت به إسرائيل الضغوط.
الثانية: أن إسرائيل حصلت دون تحفظ على اعتراف عرفات بما عرف خطأ وثيقة الاعتراف المُتبادل.
الثالثة: أنها صادرت حق المقاومة وجلبت عرفات إلى فلسطين من تونس بعد أن أبعدته إسرائيل من بيروت عام 1982 مما مكنها من السيطرة عليه واغتياله.
وكانت أوسلو محطة أساسية نحو تحقيق أهداف المشروع الصهيوني وشجعت الأردن على إبرام اتفاقية السلام في وادي عربة 1994. وكل ذلك ترتب على خطوات التقارب بين مصر وإسرائيل والسادات كامب دافيد والسلام. ولا عبرة بتهديد إسرائيل بإلغاء أوسلو فليست سارية، ولكن أي حقوق لفلسطين في أوسلو تظل سارية بموجب القانون الدولي وليس بموجب أوسلو.
وأما الدولة فقد حلت محل المنظمة والسلطة وكان محمود عباس قد ارتكب خطأ سياسيًا وقانونيًا عندما جمع بين رئاسة السلطة والمنظمة والدولة؛ فهو لم ينتخب لرئاسة الدولة. ومن العبث أن يجتمع الجميع في نطاق المنظمة كلما أرادت كل المشروعات الهادفة إلى المصالحة بين الفصائل المقاومة وبين السلطة. والسلطة حاليا هي حكومة الدولة، وأبو مازن رئيس واقعي للدولة الفلسطينية.
والدولة الفلسطينية لا تعتمد في قيامها على موافقة إسرائيل، ويمكن أن تكون أراضيها تلك المخصصة للفلسطينيين في قرار التقسيم ويكون الجزء 21.5% من مساحة فلسطين الإجمالية التي وافقت الدول العربية في مبادرة السلام العربية على إهدائها لإسرائيل تؤول إلى الدولة الفلسطينية. والوصف القانوني الصحيح للدولة الفلسطينية هي أنها اعلنتها الجمعية العامة 2012 وتحتلها إسرائيل وتقيد سيادتها. والأساس القانوني لاستقلال الدولة الفلسطينية عن إسرائيل هي: قرار التقسيم، الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية رأى الجدار العازل 2004 ورأى 2024 الذين حددا علاقة إسرائيل بأرض فلسطين خارج إسرائيل بأنها سلطة احتلال يجب أن تنتهي فورًا.
وأرجو أن يتعدل الموقف العربي بناء على هذا الإيضاح فتؤيد القمم العربية إزالة الاحتلال عن جسد الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس كلها استنادا إلى رفض قرار مجلس الأمن 478/1980 اعتبار القدس عاصمة إسرائيل وحظر نقل السفارات إلى القدس الشرقية وكذلك القرار 242 الذي أكد أن شرق القدس أراضي محتلة والدولة الفلسطينية التي يعترف بها الآن معظم أعضاء المجتمع الدولي عضو في الكثير من المنظمات الدولية وليست عضوا في الأمم المتحدة بسبب الفيتو الأمريكي والغربي. ولكنها عضو مراقب وبهذه الصفة عضو في محكمة العدل الدولية ورفعت أمامها دعوى ضد الولايات المتحدة لتلزم المحكمة واشنطن باحترام قرارات مجلس الأمن لأن واشنطن انتهكت هذه القرارات ونقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس الشرقية، خاصة وأن الكونجرس كان قد قرر عام 2002 قبيل غزو العراق الاعتراف بأن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية ورخص للرئيس في الوقت المناسب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ورغم أن الدعوى مرفوعة على الولايات المتحدة عام 2018 والقضية واضحة يكون قد مضى عليها سبع سنوات ويبدو أن واشنطن هددت قضاة المحكمة الدولية مثلما هدد الكونجرس بفرض عقوبات على الجنائية الدولية إذا أدانت إسرائيل وأمرت بالقبض على زعماء إسرائيل فلما تحدت الجنائية الدولية واشنطن قام الكونجرس بفرض عقوبات على المحكمة وقضائها. وهكذا تحولت الدولة العظمى إلى معول هدم للقانون والقضاء الدوليين بسبب انحيازها للظلم الصهيوني، وإفلات إسرائيل من العقاب.
المطلوب رفع دعاوى ضد أمريكا أمام قضائها والقضاء الأوروبي وحبذا لو رفعت دعوى ضد ترامب شخصيًا بسبب إسرائيل الكبرى والاستيلاء على غزة وإفراغ فلسطين من أهلها وسوف نقدم إلى المدعي العام للمحكمة مذكرة بهذا المعنى.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر