فهد الرباعي
لم يكن وجهُ اليمن بعد ثورة الـ26 من سبتمبر ١٩٦٢م يحمل شيئاً من ملامح الوجه الذي كان ينشُدُه الشعبُ يومَ قام بالثورة في ستينيات القرن الماضي؛ فبعد قرابة نصف قرن من الصبر والاحتساب اتضح بأن الثورةَ قد سُرقت، وقد غيَّر لصوصُ الأوطان مسارَها عن أهدافها المنشودة لبناء الدولة اليمنية الحديثة، فليس وراء النقاب إلّا وجهٌ شاحب تركت عليه الخيانة والوصاية الكثير من الندوب.
ولمّا حادت ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م عن الصراط، وتبخَّرت أهدافها في الهواء الطلق، وحين استبد بالسلطة جماعاتٌ خائنة لا تتقنُ شيئاً.. اتقانَها العمالة والخيانة؛ ولم تصلح شيئاً طيلة العقود الماضية عدا عن قوائم كراسيها المتهالكة؛ ولم تُحسِنْ شيئاً غيرَ تقاسم السلطة والنفوذ وذبح الوطن من وريد الثروة إلى وريد السيادة؛ وجعل اليمن حديقةً خلفيةً للسفير الأمريكي وملوكِ النفط الذين ما انفكوا يُشعِلون الفتنة بين أبنائه بُغيةَ إبقائهم في عنقِ الزجاجة غارقين في الثأرات والحروب.
كل هذه العوامل دفعت بالشعب نحو الخروج إلى الشارع يطلب خلاصَه بثورةٍ على الفاسدين أودعها خلاصة آلامه وتمزُّقِه؛ بعد أن أدمت سياطُ الوصاية ظهورَهم؛ وسفكت خناجرُ التكفيريين دماءَهم؛ وبعد أن استباحَهم الفقرُ والبؤس والتشظي؛ لم يجد الشعب بُدًّا من الخروج إلى طلب حريته وكرامته؛ والتفَّ حولَ السيد القائد الذي بتر أيدي الوَصاية على البلد؛ وكسَرَ شوكةَ الجماعات التكفيرية؛ وبدَّدَ أحلامَ الطامعين في هذا الوطن.
لقد ولدت ثورة الـ ٢١ من سبتمبر ٢٠١٤م من رحم واقعٍ يختزل المأساة كان اليمن قبلها خريطةً لا تعرف السكون؛ غارقاً في أتون الفوضى والدماء والصراعات الداخلية؛ فكشفت الثورة عن مناطق الوجع في جسد الوطن، ومضت لتضميد جراحاته النازفة منذ عقود لكنها لم تلبث أن تستقر حتى جاءها الأعراب بالحرب نيابةً عن أمريكا و”إسرائيل” اللتَين رأتا في 21 سبتمبر ثورةً لن تتوقف عند حدود اليمن وحسب؛ بل إن عنفوانها الثوري سيمتد إلى المنطقة بأكملها وستكون بُوصلتها فلسطين المحتلّة، حَيثُ القضية المركزية للعرب والمسلمين.
ولأن المخاوفَ من أن يستعيدَ اليمنُ مكانتَه الريادية في المنطقة كانت كبيرةً من قبل أمريكا و”إسرائيل”، فقد زجَّت بالممالك الزجاجية في حرب على اليمن لوأدِ الثورة في هذا البلد الذي تم تجريده سلفًا من كُـلِّ عوامل القوة والصمود؛ وهكذا وجدت الثورةُ نفسَها مجبولةً على المواجهة وتحويل التحديات إلى فرص فلم تزدْها الحربُ إلَّا صلابةً وعنفوانًا؛ ونجحت في تحويل اليمنِ من بلدٍ مُجَـرّدٍ من كُـلّ عوامل القوة والمنعة فلا تكادُ تراه على خارطة العالم؛ إلى بلدٍ بات يمتلكُ ترسانةً عسكريةً قويةً وتقنياتٍ متطورةً على مستوى الصواريخ البالستية والفرط صوتية جعلته قطباً لا تُخطئه العينُ في المسرح الدولي.
اليوم ها هي الثورة التي أراد لها الأعداء أن تُقتل في المهد؛ تدور دورتها العاشرة في مضمار الحرية والاستقلال؛ لا يزاحمها في فضاء المجد أحد؛ مُستمرّة بعنفوانها الثوري حتى تحقيق أهدافها كاملة؛ كونها تضع نهضةَ اليمن أرضاً وإنساناً أولويةً على جدولها الزمني؛ وكما حقّقت نجاحاً منقطعَ النظير في بناء المؤسّسة العسكرية كأولوية في مرحلة الحرب؛ تمضي اليوم بوتيرةٍ عالية لبناء كُـلّ مؤسّسات الدولة تباعاً، وصمودُها في وجه التحديات ما هو إلا صورةُ شعبٍ لا يستكينُ على طريقِ الحرية والكرامة؛ وقائد لا يستريحُ على قارعة الثورة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
ثورة في علاج مرض نادر يهدد حياة الأطفال
حقق العلماء اختراق علمي جديد وخطوا خطوة هامة نحو علاج مرض فقر الدم “دايموند بلاكفان”، الذي يهدد حياة الكثيرين حول العالم لا سيّما الأطفال.
وبحسب “ميديكال إكسبريس”، تمكن فريق من الباحثين، بقيادة علماء في كلية الطب بجامعة هارفارد، من تطوير علاج جيني عالمي لفقر الدم “دايموند بلاكفان” (DBA)، الذي يطلق عليه “فقر الدم الأسود الماسي”، وهو اضطراب نادر يهدد الحياة ويؤدي إلى عجز نخاع العظم عن إنتاج خلايا الدم الحمراء الناضجة”.
وأعلن فريق البحث أن “العلاج الجيني التجريبي أصبح جاهزا للاختبار في التجارب السريرية”.
وقال الدكتور فيجاي سانكاران، أستاذ طب الأطفال في مستشفى بوسطن للأطفال والمعد الرئيسي للدراسة: “هذه من أوائل الدراسات التي تمكننا فيها من تطوير علاج جيني يمكنه استهداف عشرات الطفرات باستخدام ناقل واحد فقط”.
وأوضح الباحثون أن “الأطفال المصابين بـ DBA يعانون من أزمة الخيارات العلاجية المحدودة، حيث يمكن لبعضهم تلقي زراعة نخاع العظم من متبرعين متطابقين، بينما يعتمد آخرون على الستيرويدات التي قد تسبب آثارا جانبية، أو على عمليات نقل الدم المنتظمة”.
وبقيادة الباحث ريتشارد فويت، تمكن الفريق من “ابتكار طريقة للتحكم في تعبير جين GATA1 بحيث يتم تفعيله فقط في الخلايا الجذعية التي تنتقل إلى نخاع العظم وتصبح خلايا دم حمراء”.
وأظهرت التجارب أن “هذا النظام نجح في زيادة إنتاج خلايا الدم الحمراء الناضجة دون التأثير على نشاط الخلايا الجذعية”.
وأظهرت التجارب أن “العلاج الجيني يحفز إنتاج خلايا الدم الحمراء بشكل أكبر من العلاجات الأخرى التي تم اختبارها. وعلى الرغم من هذه النتائج الواعدة، تظل التجارب السريرية هي المعيار النهائي لمعرفة مدى فعالية هذا العلاج في المرضى”.
وتوقع الفريق أن “هذا العلاج الجيني قد يساهم في تقليل الفوارق الصحية العرقية والإثنية، لا سيما فيما يتعلق بنقص المتبرعين المتطابقين لزراعة نخاع العظم لدى مرضى “DBA”.
يذكر أن “فقر الدم دايموند-بلاكفان (DBA)، هو اضطراب وراثي نادر في الدم يتميز بعدم قدرة نخاع العظم على إنتاج خلايا الدم الحمراء الكافية، ويؤدي هذا النقص في الإنتاج إلى فقر الدم، والذي يمكن أن يسبب مجموعة من الأعراض والمضاعفات، ويؤثر DBA بشكل أساسي على الرضع والأطفال الصغار، وغالبًا ما تظهر الأعراض خلال العام الأول من العمر، باعتباره خلل تنسج الكريات الحمراء الخلقي، كما يؤدي DBA إلى فشل في إنتاج خلايا الدم الحمراء، والتي تعد ضرورية لنقل الأكسجين في جميع أنحاء الجسم”.