الرئيس الإيرانى الجديد يواجه اختبارًا للواقع فى نيويورك.. وتصاعد الشكوك العالمية فى قدرة القيادة الإيرانية على تغيير رؤيتها للقضايا الحالية
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يمثل الظهور الأخير للرئيس الإيرانى مسعود بيزشكيان فى الجمعية العامة للأمم المتحدة لحظة مهمة لطموحات السياسة الخارجية الإيرانية. بعد انتخابه على أساس وعود بتجديد اقتصاد البلاد المتعثر من خلال تحسين العلاقات مع الغرب، يواجه بيزشكيان الآن حقيقة صارخة: من غير المرجح إجراء مفاوضات جادة بشأن تخفيف العقوبات قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
الفرص الدبلوماسية المحدودة
يتمثل الهدف الأساسى لبيزشكيان خلال زيارته لنيويورك فى إعادة تأسيس الحوار مع القوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة. ومع ذلك، يبدو أن الاختراقات الدبلوماسية غير محتملة. يؤكد الدبلوماسيون الغربيون أن المناقشات المهمة المتعلقة بالعقوبات ستظل متوقفة حتى بعد الانتخابات الأمريكية، مما يحد من فرص بيزشكيان فى الانخراط بشكل هادف مع كبار القادة الأوروبيين أو الرئيس بايدن.
وتصف نيكول جرايفسكي، زميلة مؤسسة كارنيغى للسلام الدولي، رحلة بيزشكيان بأنها "فرصة ضخمة للعلاقات العامة لإيران"، لكنها تؤكد أنها من غير المرجح أن تسفر عن نتائج فورية. ويعكس هذا الشعور تشككا أوسع نطاقا فى قدرة القيادة الإيرانية الحالية على التحول بعيدا عن المواقف الراسخة بشأن قضايا مثل التنمية النووية والأمن الإقليمي.
السياسة الخارجية
تتكون إدارة بيزشكيان من دبلوماسيين من ذوى الخبرة، لعب العديد منهم أدوارا محورية فى الاتفاق النووى لعام ٢٠١٥. ويتلخص هدفهم الجماعى فى تقديم الحكومة الجديدة كشريك تفاوضى شرعى قادر على استعادة العلاقات الدبلوماسية المتوترة بسبب سنوات من العقوبات والعداء. وفى تصريحاته، أوضح بيزشكيان أنه فى حين أن إيران منفتحة على المناقشات بشأن برنامجها النووي، فإنها لن تتنازل عن جوانب أساسية من سياساتها الإقليمية.
فى مؤتمره الصحفى الأول، قال: "نحن لا نحب الخلافات مع الآخرين، لكننا أيضًا لا نحب أن يجبرنا أحد ونخضع للضغوط". يوضح هذا الموقف إحجام إيران الدائم عن التنازل عن أهدافها الأمنية والسياسية الخارجية، على الرغم من الحاجة الملحة إلى الإغاثة الاقتصادية.
التحديات والديناميكيات الداخلية
يلاحظ المحللون أن بيزشكيان قد يتمتع ببعض الحرية من المرشد الأعلى الإيراني، آية الله على خامنئي، لمتابعة المزيد من التواصل الدبلوماسي. يزعم عدنان طباطبائي، الرئيس التنفيذى لمؤسسة كاربو للأبحاث، أن المرشد الأعلى يدرك أن تصاعد التوترات مع الغرب يعيق التقدم الاقتصادى الداخلي. ستكون قدرة بيزشكيان على التنقل عبر هذا المشهد السياسى المعقد حاسمة لأى تحولات محتملة فى نهج إيران.
يسلط على فايز، مدير مشروع إيران فى مجموعة الأزمات الدولية، الضوء على أهمية قياس الاحتمالات الدبلوماسية اعتمادًا على نتيجة الانتخابات الأمريكية. ويقترح أنه إذا احتفظ الديمقراطيون بالسيطرة، فقد تكون هناك فرص لاتفاقيات محدودة يمكن أن توفر فوائد اقتصادية لتنازلات محددة من إيران فيما يتعلق بأنشطتها النووية.
الطموحات النووية
بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى فى عام ٢٠١٨، تقدمت إيران بشكل كبير فى برنامجها النووي، حيث ورد أنها أنتجت ما يقرب من أربعة أسلحة نووية من المواد التى تقترب من درجة الأسلحة. ويؤدى هذا التصعيد إلى تعقيد الجهود الدبلوماسية ويثير المخاوف بين القوى الغربية. ويؤكد مايكل سينغ، المدير الأول السابق لشئون الشرق الأوسط فى مجلس الأمن القومى الأمريكي، أن تقدم طهران ضيق خيارات واشنطن لمعالجة القضية النووية.
وأدت الاضطرابات الإقليمية المستمرة، وخاصة فى أعقاب هجمات حماس على إسرائيل، إلى تعزيز وضع إيران كلاعب رئيسى فى الجغرافيا السياسية فى الشرق الأوسط. وقد استفادت البلاد من نفوذها من خلال دعم الجماعات المسلحة وزيادة التعاون مع روسيا والصين. وعلى الرغم من بعض الخطوات الدبلوماسية، فإن عبء العقوبات الأمريكية لا يزال يفرض ضغوطاً على الاقتصاد الإيراني، الذى يعانى من ارتفاع التضخم ومحدودية الوصول إلى العملات الأجنبية.
الآفاق المستقبلية
بينما يتنقل بيزشكيان على المسرح الدولي، تلوح فى الأفق حالة من عدم اليقين بشأن الديناميكيات السياسية الأمريكية. وفى حين يتكهن بعض المسئولين الأمريكيين بأن ولاية ثانية محتملة لنائبة الرئيس كامالا هاريس قد تؤدى إلى تجدد المفاوضات مع إيران، يحذر آخرون من أن عودة دونالد ترامب من المرجح أن تعنى عودة سياسات الضغط الأقصى.
وعلاوة على ذلك، تشير التقارير الأخيرة عن قيام إيران بتزويد روسيا بالصواريخ الباليستية إلى أن القيادة الإيرانية تعطى الأولوية لمصالحها الاستراتيجية على طموحات بيزشكيان الدبلوماسية. ويؤكد هذا الوضع على رواية أوسع نطاقا: فبينما قد يمثل بيزشكيان وجها جديدا للدبلوماسية الإيرانية، فإنه يعمل ضمن نظام حيث تقع سلطة اتخاذ القرار النهائى فى يد المرشد الأعلى وفصيل متشدد.
تجسد سوزان مالونى من مؤسسة بروكينجز هذا الشعور، مؤكدة أن "بيزشكيان غير ذى صلة فعليا بأى من هذه القرارات". ويؤكد هذا المنظور على التحديات التى يواجهها بيزشكيان فى محاولة تغيير المسار الدبلوماسى الإيرانى وسط هياكل السلطة الراسخة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الرئيس الايراني الجمعية العامة للأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
NYT: ما هي فرص عودة الملاحة البحرية العالمية للبحر الاحمر بعد الغارات الأمريكية؟
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعده بيتر إيفيس قال فيه إن شركات الشحن البحري الكبرى لا تخطط للعودة إلى البحر الأحمر بسبب عودة الحرب وستواصل الدوران حول أفريقيا.
وقالت إن الرئيس دونالد ترامب عندما أمر بضرب الحوثيين في اليمن نهاية الأسبوع الماضي، برره ذلك بهجمات الحركة المستمرة على الشحن البحري في البحري الأحمر التي قال أنها أضرت بالتجارة العالمية.
وفي منشور على منصته "تروث سوشيال" قال: "هذه الهجمات المستمرة كلفت الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي مليارات الدولارات، وعرضت في نفس الوقت حياة الأبرياء للخطر".
وتعلق الصحيفة إن إعادة شركات الشحن إلى البحر الأحمر وقناة السويس قد تستغرق عدة أشهر، ومن المرجح أن تتطلب أكثر من مجرد غارات جوية ضد الحوثيين.
فقد تجنبت شركات النقل البحري ولأكثر من عام البحر الأحمر وبشكل كبير وأجبرت على إرسال سفنها حول الطرف الجنوبي لأفريقيا للوصول من آسيا إلى أوروبا، وهي رحلة تمتد لحوالي 3,500 ميلا بحريا وتستغرق 10 أيام أطول.
وتقول الصحيفة إن قطاع الشحن البحري تكيف إلى حد كبير مع هذا التعطيل، بل واستفاد من ارتفاع أسعار الشحن بعد أن بدأ الحوثيون بمهاجمة السفن التجارية أواخر عام 2023 دعما للفلسطينيين في غزة بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع في أعقاب هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ويقول مسؤولو الشحن البحري إنهم لا يخططون للعودة إلى البحر الأحمر حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط يشمل الحوثيين أو هزيمة حاسمة للحركة التي تدعمها إيران.
وقال فينسنت كليرك، المدير التنفيذي لشركة ميرسك، وهي شركة شحن مقرها كوبنهاغن، في شباط/ فبراير أنه سيعود حالة حصل: "إضعاف كامل لقدراتهم أو وجد نوع من الاتفاق".
وبعد الضربات الأمريكية هذا الأسبوع، قالت ميرسك إنها لا تزال غير مستعدة للعودة. وقال متحدث باسمها: "مع إعطاء الأولوية لسلامة الطاقم وضمان سلسلة التوريد وقابليتها للتنبؤ، سنواصل الإبحار حول إفريقيا حتى يعتبر المرور الآمن عبر المنطقة أكثر ديمومة".
وقالت شركة أم أس سي وهي شركة شحن بحري كبرى أخرى: "لضمان سلامة بحارتنا واتساق الخدمة وقابليتها للتنبؤ لعملائنا"، فإنها أيضا ستواصل إرسال السفن حول إفريقيا.
ويظل السؤال حول قدرة الأمريكيين على قمع الحركة الحوثية وبشكل حاسم وما يحتاجونه من وقت لإعادة الهدوء إلى مياه البحر الأحمر.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال أليكسوس جي. غرينكويش، مدير العمليات في هيئة الأركان المشتركة، إن الهجمات الأخيرة كانت " أوسع بكثير" من الضربات التي شنت خلال إدارة بايدن، كما شكك في قدرات الحوثيين العسكرية.
لكن خبراء الشرق الأوسط قالوا إن الحوثيين أظهروا قدرتهم على مقاومة قوات أكبر بكثير والتصرف بشكل مستقل عن رعاتهم الإيرانيين.
ونقلت الصحيفة عن جاك كيندي، رئيس مؤسسة المخاطر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا " أس أند بي غلوبال ماركيت إنتليجنس" إنه من غير المرجح أن يكون الحل العسكري وحده، وتحديدا الحل الذي يركز على الضربات الجوية كافيا لهزيمة الحوثيين ووقف نشاطهم للأبد".
وأعلن الحوثيون أنهم خفضوا من هجماتهم على السفن التجارية بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في كانون الثاني/يناير، ولم تشن الحركة أي هجمات على السفن التجارية منذ كانون الأول/ديسمبر حسب مركز بيانات من مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة، وهي منظمة لرصد الأزمات.
ومع ذلك، لم تعد شركات الشحن البحري إلى البحر الأحمر وبأعداد كبيرة.
وعبرت في شباط/فبراير ما يقرب من 200 سفينة حاويات عبر مضيق باب المندب، وهو المنفذ الواقع جنوب البحر الأحمر حيث ركز الحوثيون هجماتهم. وكان هذا العدد أعلى من 144 سفينة في شباط/فبراير 2024، ولكنه أقل بكثير من أكثر من 500 سفينة قبل بدء هجمات الحوثيين، حسب بيانات من شركة" لويدز ليست إنتليجنس" وهي شركة تحليل للشحن البحري.
وقد تجنبت الشركات الكبرى البحر الأحمر، باستثناء الشركة الفرنسية سي أم إي سي جي أم، مع أن حضورها كان محدودا. ولم تسرع السفن في العودة لأن المسؤولين التنفيذيين يخشون من اضطرارهم لإجراء تغييرات باهظة الثمن وفجائية على عملياتهم إذا أصبح البحر الأحمر خطيرا مرة أخرى.
وقد عزز الالتفاف حول أفريقيا، على الرغم من كل ما ينطوي عليه من إزعاج وتكاليف إضافية، أرباح شركات الشحن. وكانت الشركات قد طلبت مئات السفن الجديدة عندما كانت تتمتع بوفرة من السيولة النقدية نتيجة ازدهار التجارة العالمية خلال وباء كورونا. وعادة ما يؤدي وفرة السفن إلى خفض أسعار الشحن. لكن هذا لم يحدث هذه المرة لأن السفن اضطرت إلى استخدام طريق أفريقيا، مما زاد من الحاجة إلى السفن ورفع الأسعار على جميع طرق الشحن العالمية الكبرى.
وفي الشهر الماضي، توقعت شركة ميرسك أن أرباحها ستكون أعلى على الأرجح إذا فتح البحر الأحمر في نهاية هذا العام بدلا من منتصفه. مع ذلك، انخفضت أسعار الشحن من آسيا إلى شمال أوروبا مؤخرا إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2023، وفقا لبيانات "فريتوس" وهي شركة شحن رقمية.
وقال ريكو لومان كبير الإقتصاديين للنقل والخدمات اللوجيستية والسيارات في "أي أن جي ريسريتش" ، بأن الأسعار انخفضت نظرا لانخفاض شحنات البضائع في بداية العام. وأضاف أن موجة الواردات المفاجئة إلى الولايات المتحدة قبيل فرض رسوم ترامب الجمركية تبدو على وشك الانتهاء. وقد لا تطلب الشركات كميات كبيرة من السلع لأنها تتوقع تراجع طلب المستهلكين في الأشهر المقبلة.