بوابة الوفد:
2025-04-07@06:17:47 GMT

الصومال أمن القومى

تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT

مصر لها تاريخ طويل وعظيم فى توثيق وترابط العلاقات مع الصومال، وكان لها دورًا مهمًا فى دعم وحدته واستقراره على مر العقود، سواء على المستوى السياسى أو الدبلوماسى أو التنموى، هذا الدور ينبع من أهمية الصومال الجيوسياسية بالنسبة لمصر، خاصة فى سياق أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وكذلك مصالح مصر فى الحفاظ على وحدة الدول الإفريقية ودورها فى منطقة القرن الإفريقي.

فيما يلى عرض لدور مصر فى دعم وحدة الصومال:

مصر دائمًا كانت الداعم المؤثر والرئيسى لوحدة الصومال وسلامة أراضيه فى المحافل الإقليمية والدولية.

أرض الصومال أو «صوماليلاند» هى المنطقة التى تقع فى القرن الإفريقى وتُعتبر جمهورية معلنة من طرف واحد، أعلنت استقلالها عن الصومال فى عام 1991 بعد انهيار الحكومة المركزية الصومالية، ولكنها لم تحظَ باعتراف دولى كدولة مستقلة، وتعتبر نفسها دولة ذات سيادة ولها حكومة مستقلة عن دولة الصومال المركزية، ونظام أرض الصومال يتمتع باستقرار  سياسى نسبيًا مقارنة ببقية أجزاء الأخرى منها.

أرض الصومال احتلتها بريطانيا حتى أصبحت مستعمرة بريطانية تُعرف بـ«الصومال البريطاني»، بينما كان الجزء الآخر منها كان تحت الاستعمار الإيطالى.

فى عام 1960، حصلت أرض الصومال على استقلالها من بريطانيا لعدة أيام، لتندمج مع بقية المناطق لتكوين جمهورية الصومال الكبرى، وبعد الحرب الأهلية الصومالية فى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، وبعدما انهارت الحكومة المركزية، أعلنت أرض الصومال استقلالها من جديد فى عام 1991.

تمتلك أرض الصومال مؤسسات حكومية مثل البرلمان والرئاسة، بالإضافة إلى قوات أمنية خاصة بها، واستقرار داخلى ونظام حكم ديمقراطى نسبيًا مقارنة ببقية أجزاء الصومال، إلا أنها لم تحظَ باعتراف رسمى من أى دولة أو منظمة دولية كدولة مستقلة.

وهناك رغبة لدى سكان أرض الصومال فى الحفاظ على هويتهم الخاصة وتاريخهم، ويعتمد اقتصاد أرض الصومال بشكل كبير على الثروة الحيوانية وتحويلات المغتربين من الخارج، بالإضافة إلى ميناء «بربرة» الذى يعد أحد النقاط الرئيسية للتجارة فى المنطقة.

ويذكر التاريخ أن خلال الحروب الأهلية والانقسامات الداخلية التى شهدها الصومال منذ التسعينيات، مصر كانت الداعم الأقوى بل الأوحد التى نادت بضرورة الحفاظ على وحدة الأراضى الصومالية وعدم الاعتراف بأى محاولات انفصالية، ولعبت دورا هاما فى الوساطات الدبلوماسية بين الفصائل الصومالية المختلفة، وساهمت فى محاولات تقريب وجهات النظر بين القادة الصوماليين من أجل التوصل إلى حل سياسى يحفظ وحدة البلاد.

ولن تتوانى مصر يوما فى دعم الحكومة الفيدرالية الصومالية المعترف بها دوليًا، وتعتبرها الممثل الشرعى الوحيد للصومال، ولم يتوقف دعم مصر على دعمها دبلوماسياً، بل قدمت دعمًا تدريبيًا وأمنيًا للقوات المسلحة الصومالية، لتعزيز الاستقرار الأمنى الصومالى ومساعدة الحكومة المركزية فى بسط سيطرتها على الأراضى التى تقع تحت سيطرة الجماعات المسلحة مثل حركة الشباب.

فضلا عن دعم مصر لمبادرات الاتحاد الإفريقى المتعلقة بإرسال قوات حفظ السلام إلى الصومال (أميصوم) لمساعدة الحكومة المركزية فى استعادة السيطرة على المناطق المضطربة.

على مدى عقود، قدمت مصر منحًا دراسية للطلاب الصوماليين للدراسة فى الجامعات المصرية، وخاصة فى جامعة الأزهر، وذلك كجزء من تعزيز العلاقات الثقافية والدينية بين البلدين.

كما أسهم التعليم المصرى فى بناء قدرات الكوادر الصومالية التى ساعدت فى إدارة مؤسسات الدولة، وبالتالى دعم استقرار ووحدة البلاد من خلال بناء القدرات البشرية.

بين مصر والصومال علاقات تاريخية وروابط ثقافية ودينية قوية بين البلدين، هذا التواصل الثقافى عزز دور مصر كداعم لوحدة الصومال، حيث كانت القاهرة دائمًا حريصة على وحدة الدول الإفريقية، وتحديدًا الدول التى تشاركها فى الانتماء الحضاري.

استخدمت مصر نفوذها فى الاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية لتأكيد موقفها الداعم لوحدة الصومال، ومصر من أبرز الداعمين لاستمرار الصومال كدولة موحدة ذات سيادة ضمن منظومة الدول الإفريقية والعربية.

الاستقرار فى القرن الإفريقى ومصالح مصر الاستراتيجية يرتبطان ارتباطا كلى بعلاقتها بالصومال، فموقعه فى منطقة القرن الإفريقى ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى بالنسبة لمصر، نظرًا لقربه من البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو ممر حيوى للتجارة الدولية وقناة السويس.

استقرار ووحدة الصومال جزء من استقرار المنطقة، ولهذا تسعى دائمًا لدعم أى جهود تعزز استقرار الصومال وتمنع تفككه، لأن أى حالة من الفوضى أو الانقسام يمكن أن تؤثر سلبًا على أمن البحر الأحمر.

كما شاركت مصر فى جهود إعادة الإعمار، سواء من خلال الدعم الفنى أو المشروعات التنموية، مصر تنظر إلى استقرار الصومال على أنه جزء من استقرار القرن الإفريقى والمنطقة ككل، كما لعبت دورًا محوريًا فى دعم وحدة الصومال عبر مجموعة متنوعة من الوسائل السياسية، الدبلوماسية، التنموية، والثقافية، وتنظر القاهرة إلى وحدة الصومال كعنصر مهم فى استقرار المنطقة، وحرصت دائمًا على دعم الحكومة الفيدرالية الصومالية فى سعيها لإعادة بسط السيطرة على كامل الأراضى الصومالية.

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رادار تاريخ طويل الجيوسياسية وحدة الصومال الدبلوماسي المحافل الإقليمية والدولية الحکومة المرکزیة القرن الإفریقى وحدة الصومال أرض الصومال فى دعم دائم ا

إقرأ أيضاً:

تامر أفندي يكتب: أنا اليتيم أكتب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أمات أبوك؟

ضلال أن لا يموت أبي.. 

ففى البيت منه روائح ربٍ.. وذكرى نبي..

أكتب الآن كيتيم لم يبك منذ ١٥ عامًا، ولا يعرف ما الذى دفعه للبكاء اليوم، أهى الدعوة المفاجئة للكتابة عن يوم اليتيم!.. ربما.. وربما موت أصدقاء وتركهم يتامى استدعى شجون لحظة الفراق.. آه من الفراق.

عن أبى أولًا أحكى لكم.. كنا نتهاتف إذ أنه قبل سنوات كنت أبحث عن عمل وبالكاد وجدت فرصة، فأحببت أن أرفع عن كاهله همى واتصلت به أخبره، كان صوته مُتعبًا بعض الشىء لكن ضحكته كانت كما هي، أغلقت معه الهاتف وبعد ١٠ دقائق ظهر لى اسمه ورقمه.. "أيوا يا أبا".. البقاء لله والدك توفى..! كيف وكيف وألف ألف كيف.. هذا قدر الله.. هكذا يا أبى فجأة دون وداع يليق بما كان بيننا من صداقة!.. هكذا دون أن أضع فى يدك بعض الأحلام التى تمنيت تحقيقها!.. هكذا دون أن تخبرنى ماذا على أن أفعل بعدك!.

بعد الذهول شعرت برتبة من الله على قلبي.. توضأت وصليت ركعتين وكان الجميع انفض من حولى مسرعين إلى المستشفى لإلقاء نظرة الوداع الأخير على والدي، ووقفت أنا وحيدًا.. من الآن صرت هكذا.. فالعالم كان أبي.. كان عائلتى وأصدقائي.. فهمت فى تلك اللحظة لماذا سقط أبى حينما توفيت جدتي.. كنت صغيرًا أمسكت بيده لينهض، لكنه كان يجهش بالبكاء ويقول: "ضِعت يا أمى"، حينها خلت أبى أقوى من ذلك وتعجبت كيف لمن أراه طودًا عظيمًا أن يسقطه شىء حتى ولو كان وفاة أمه، والآن أدركت لماذا سقط أبى ولم يستطع أن ينهض، لكن لا ينبغى على السقوط الآن رغم قسوة الفاجعة فليس هناك من أحد حولى سيمد يده لى لأنهض.. الجدار التى كنت أستند عليه هدمه ملك الموت.

جيرانى كرروا علىَّ السؤال بدهشة وتعجب: أمات أبوك؟.. الدهشة كانت لأن أبى لم يمرض ولم يفقد عنفوان صحته، كانت قبضة يده بقوتها لكن قبضة الموت كانت أبقى.. لم أنبس ببن شفاه.. لم أجب أحدًا ولكنى ابتلعت ما حفظته من أبيات داخلي:

أمات أبوك؟

ضلالٌ! أنا لا يموت أبي

ففى البيت منه

روائح ربٍ وذكرى نبي

هنا ركنه تلك أشياؤه

تفتق عن ألف غصنٍ صبي

جريدته تبغه متكاه

كأن أبى بعد لم يذهب

وصحن الرماد وفنجانه

على حاله بعد لم يشرب

ونظارتاه أيسلو الزجاج

عيونًا أشف من المغرب

رتب الله لى ما يليق بوداع أبي.. جهزت قبره وعطرت كفنه وذهبت لإلقاء نظرة وداع عليه فى المستشفى، وصعدت مرغمًا إلى قمة الحزن أو إن صح التعبير سقطت فى جحيمه، أنا الذى ما تخيلت يومًا وداعه، أفتح باب "ثلاجة الموتى" لأقبل جبينه دون أن يحدثنى كعادته، لكنه رأفة بى ودعنى بابتسامته التى بعد لم تفارقني.. عشت اليتم وعرفت أنه لا أحد بعد الأب.. لا جدار تستند عليه.. لا جبل تأوى إليه.. لا مجازفة ولا مغامرة ولا طمأنينة.. لذا أشفقت على إخوتى مما أشعر به فاتخذت قرارى بأن أكون لهم أبًا.

فى شارعنا ثمة صراخات علت ودوت ونبأ حسبته زيفًا لكنه كان حقيقة.. مات صديقى وأخى وجارى وتيتم أبناؤه.. مات هو الآخر دون مقدمات.. خرج من المباراة دون سبب.

كنا صغارًا نتكئ عليه، وكان هو من ذوى الهمم يتكئ على عصاه، نلعب الكرة فى تحدٍ بين الشوارع والحارات، فيؤرجها بين قدمه وعصاه فلا يستطيع أحد نزعها منه حتى يحرز بها هدفًا، فنصيح ابتهاجًا به «العب يا الورد».. كان بطلنا وكنا ظله أينما ذهب، يرفع عصاه فيلمس القمر، ويغرسها فى الأرض فتنبت شجرًا.. وها هو نجمنا يغادر ملعب الحياة ويجعل المباراة بعده بلا معنى، رحل هداف البطولة من غير وداع أخير لجماهيره.

جرح اليُتم فى زمن مواقع التواصل الاجتماعى لا يندمل ولا يهدأ فكلما حاولنا أن ننسى، جدده أبناؤه بفيديو وهو يتكلم.. يبتسم.. يحلم.. أهذا الذى يتكلم فى الواقع الافتراضى لا يمكنه الترجل إلينا هنا.. حسنًا فعل "مارك" بإجراء حذف الفيديوهات القديمة، فكلما تم عرضها تجددت فواجع الفراق.

تستطيع إذا ما دخلت قريتنا أن ترى اليُتم على جبينها، فحوادث موت الآباء الشباب كثيرة، والحزن يا سيدى وشم لا يُمحى لا تُزيله ضحكات ولا انتصارات فى الحياة.. هب أنك حققت كل النجاحات ولم يعد أباك هنا.. ولم تعد أمك هنا.. كيف سترى انعكاس نجاحك وعيناهما كانت المرآة؟!

كيف لأطفال غزة أن يكونوا بكل هذه القوة وهم يتامى؟!.. من أين لهم كل هذا الكبرياء بعد الفقد؟!.. لا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا كانوا ولدوا أباء.. رجالًا.. جبالًا.. فعجبًا أن تنضح مدينة اليُتم بالحياة.

هل كان الجرح يؤلم؟

أبى جَفَّ فجأة..

تيبَّس كالشجر المهجور..

أبى مات هناك..

أبى دُفن هناك 

فى التل المطلِّ على مشهد حياته المنهار

فأين أموت يا أبي؟

وأنا أتحدث مع الموت سخر مني، فلم يٌعد هناك دار فى شارعنا إلا وزرع فيها شجر اليُتم.. شارعنا كان عنوانًا للفرح.. كنا كفرقة شعبية تٌجيد كل أنواع الفنون.. رجال ونساء يرقصون على وقع أنغام السعادة.. نعسنا واستيقظنا وقد احتل الحزن الشارع، لم نفطن ونحن صغار أن الذى يموت لن يعود.. ظللنا ننتظر لسنوات ونحن نستعيد الذكريات.. كانوا يقولوا لنا أن من مات ذهب إلى ربنا.. وكنا نذهب إلى الله نصلى فى المسجد ونعود فظننا أنهم حينما يفرغون من لقاء الله سيعودون لكن ذلك لم يحدث.

أتحاشى السؤال عن أحمد وبدر أبناء الدكتور مسعد!.. لأننى أعرف أن قناديل الفرحة لن تُضئ وإن بدت مشتعلة.. عرفت مسعد يتيمًا لم أر أباه.. ثم مات شقيقه الأكبر شهيدًا فخلد ذكراه باحتفالية سنوية فى القرية، ومنذ تلك اللحظة تحامل مسعد على نفسه وحمل جثمان أخيه على ظهره طيلة حياته حتى ودعنا هو الآخر شابًا أثناء ركضه فى ملعب الحياة.. تاريخ وفاته كان قد سبق صعود روحه بشهور حينما ماتت أمه.. فكيف لغصن أن يعيش وقد اجتث جذر شجرته وساقها؟!.. لست أعرف من هم الموتى.. من فُقدوا أم من فقدوا أحباءهم؟.. لعلنا نموت ببطء كلما فقدنا حبيبًا ولحظة الموت ما هى إلا إعلان رسمى عن الرحيل.

بموت أمي.. 

يسقط آخر قميص صوف

أغطى به جسدى 

آخر قميص حنان 

آخر مظلة مطر 

وفى الشتاء القادم 

ستجدوننى أتجول فى الشوارع عاريًا..

كُثر من ماتوا ومن تيتموا.. محمد عواد وفايز شاكر ومحمد حسن.. وأدرك أن شعور اليُتم ليس فقط من يشعر به هم الأبناء بل إن الآباء والأمهات أكثر يُتما إذا فقدوا قرات أعينهم.. 

مهما كنت كبيرًا وماتت أمك.. ومات أبوك.. ستصيرا يتيمًا.. كتب صديق لى مرثية لأمه جاء بها: «فى لحظات القنوط.. الهبوط.. السقوط.. الفراغ.. الخواء، وفى لحظات انتحار الأمانى وموت الرجاء وفى لحظات التناقض حين تصير الذكريات والحب ضدى وتصبح فيها القصائد ضدى وتصبح حتى الحروف ضدى وفى اللحظات التى أتسكع فيها على طرق الحزن وحدى أفكر فيك لبضع ثوانى فتغدو حياتى حديقة ورد».

مُرة هذه المقطوعة إلى الدرجة التى توصف مرارتها بالحلوة.. كنت أود أن أسأل صديقى كيف يرى المرء نفسه إذا ما سحبت الأقدار منه مرآته.. فخشيت على نفسى من الإجابة.

حرفان هما معنى الحياة

ثمة إلاه خلقه الله لك 

بين كفيه قبس مما فى يد الله

ستتأمل الحرفين مليًا فى لحظة ما لتُدرك ما بهما من نعم ومعان ومواقف.. وستتمنى أن تعاود سنوات عمرك مرات لأداء فرائض الإيمان تحت أقدام هذا الإله الذى وضعه الله فى حياتك.. ستدرك أن أعظم ابتلاء فى الحياة هى لحظة فقد هذا الإله، وأن التحذير الربانى لنبيه ما جاء بهذا الشكل في: «فأما اليتيم فلا تقهر» إلا لعظمة الفقد وشدة الكسر، وستعى أن أم موسى ما كان لها أن تطمئن لتلقى بابنها فى اليم إلا بأمر مباشر من الله سمعته بقلبها وأٌذنيها، ستدرك صعوبة اختبار «هاجر» وفجعتها وركضها بين «الصفا والمروة» من فرط بكاء ابنها، وأن «دبدبة إسماعيل وزمزم ما كانت إلا شفقة على أمه»، وستتعلم على مهل ما حملته البتول من معُجزة وعظمة أن يُنسب عيسى لأمه وتباهيه بين قومه ببره: «وبرًا بوالدتي».

الأم.. هبة وعطية ربانية البعض منا يدرك عظمتها فيتفانى فى لثم قدميها، والبعض يأتيه الإيمان بها فى لحظة ما أو فى محنة ما، والبعض يركض فى الحياة ولا يُدرك ما فاته إلا حين تصطدم رأسه بمقولة السماء: «ماتت التى كٌنا نكرمك من أجلها».

لكل أم ملحمة وكتاب مقدس ولكل ابن حرف وفرح ودمعة مختلفة.. لى صديق أصبح يُشار إليه بالبنان كان مشروع أمه، التى أفنت فيه عمرها، يقول لى أحد أقاربه، أنه حينما بدأ صديقى هذا يظهر على شاشات التلفاز منذ سنوات، كانت أمه تٌخرج "تلفزيون صغير" على "تربيزة خشبية" أمام دارها فى قريتها وتدعو الجميع إلى مشاهدة ابنها بقول: "الأستاذ هيطلع دلوقتى فى التلفزيون".. سأترك لكم هذا المشهد لتستكملوه كل منكم بخياله..!

لى صديق آخر ودع أمه وهى تبتسم قبل أن يأتيها ملك الموت وخرج مسرعًا من المستشفى ولم يعد من لحظتها إلى الحياة.. ومازال ملك الموت يبحث عنه ليعتذر له عن عدم قبض روحه مع روح أمه..!

أعرف الكثير من الأمهات اللاتى يغضبن إذا نودين بأسمائهن دون أن يقول المنادى «الست أم فلان».. ولا عجب أن تٌضحى بتعريفها واسمها من ضحت بحياتها من أجل صناعة هذا الابن.

يقول لى صديق وقد أخذ ثمار حرفه من غصون بعض الفلاسفة فى التعبير عن حبه لأمه: «كل البيوت مظلمة يا صاح حتى تستيقظ الأم، فهى كل شيء فى هذه الحياة؛ هى التعزية فى الحزن، والرجاء فى اليأس، والقوة فى الضعف».

وأسكت أنا لأن أمى أعظم من الحرف.. فما أكتبه ويٌعجب البعض أراه لا يرقى لأن يٌشكل كلمة حب أضعها فى كف أمي، حتى درويش حينما كتب ترنيمته الخالدة على "علبة كبرت" لم يصعد سوى درجة واحدة فى المحبة ولكم من درجات لا تُحصى

«إن أمى لا يمكن أن تكون كبقية الأمهات».. هكذا قال لى إحسان عبد القدوس وأنا أطالعه ليلة أمس، ثم بدأت أسمع صداها فى كل الشوارع وأراها مرسومة على كل شفاه المارة.. لم أبُد تعجبًا مما قاله «إحسان».. فهزنى بعنف قائلًا: «أمى صنعتنى بيديها كما صنعت مجدها بيديها.. لا تحمل شهادة مدرسية أو تأهيلًا علميًا ورغم هذا أخرجت جيلًا كاملًا من الكتّاب السياسيين والصحافيين.. هى التى أرشدت أقلامهم».

تساقط الدمع من عينيه وهو يتحدث عن أصعب لحظة فى الحياة: «سمعت صوتًا يقول البقية فى حياتك.. أحسستُ كأن شفتى قد انفرجتا وانطلقت منهما صرخة: البقية فى حياتك؟ هذا التعبير لا يقال لي..! إنه ليس لى حياة إلا مع أمي».

أترك درويش وإحسان ووالدة صديقى التى مازالت تتابع ظهوره فى التلفاز حتى بعدما فارق جسدها الحياة وأهرب من عبارات النعى ومرض الأمهات.. وأدندن مع نزار:

أيا أمي

أيا أمي

أنا الولدُ الذى أبحر

ولا زالت بخاطرهِ

تعيشُ عروسةُ السكّر

عزائى لمن فقد إلهه: عسى لقاء.

مقالات مشابهة

  • الصومال.. مقتل 80 إرهابياً خلال حملات أمنية
  • استقرار نسبي في أسعار الخضر والفواكه عبر الأسواق الجزائرية
  • استقرار أسعار الذهب في بغداد واربيل
  • أنباء عن سقوط عدة قذائف قرب القصر الرئاسي في العاصمة الصومالية… صور
  • رئيسا الصومال وأوغندا يؤكدان ضرورة الحفاظ على الاستقرار في "القرن الإفريقي"
  • الصومال: مقتل 80 إرهابيا بينهم قيادات خلال الأسبوع الماضي
  • يديعوت أحرونوت الحوثيون يجرون تنسيقا وتعاونا مع تنظيم القاعدة وداعش في الصومال ويقدمون السلاح والتدريب لهم
  • سقوط عدة قذائف قرب القصر الرئاسي في العاصمة الصومالية
  • تامر أفندي يكتب: أنا اليتيم أكتب
  • الفاو تؤكد استقرار أسعار الغذاء عالمياً في آذار الماضي