مصر لها تاريخ طويل وعظيم فى توثيق وترابط العلاقات مع الصومال، وكان لها دورًا مهمًا فى دعم وحدته واستقراره على مر العقود، سواء على المستوى السياسى أو الدبلوماسى أو التنموى، هذا الدور ينبع من أهمية الصومال الجيوسياسية بالنسبة لمصر، خاصة فى سياق أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وكذلك مصالح مصر فى الحفاظ على وحدة الدول الإفريقية ودورها فى منطقة القرن الإفريقي.
مصر دائمًا كانت الداعم المؤثر والرئيسى لوحدة الصومال وسلامة أراضيه فى المحافل الإقليمية والدولية.
أرض الصومال أو «صوماليلاند» هى المنطقة التى تقع فى القرن الإفريقى وتُعتبر جمهورية معلنة من طرف واحد، أعلنت استقلالها عن الصومال فى عام 1991 بعد انهيار الحكومة المركزية الصومالية، ولكنها لم تحظَ باعتراف دولى كدولة مستقلة، وتعتبر نفسها دولة ذات سيادة ولها حكومة مستقلة عن دولة الصومال المركزية، ونظام أرض الصومال يتمتع باستقرار سياسى نسبيًا مقارنة ببقية أجزاء الأخرى منها.
أرض الصومال احتلتها بريطانيا حتى أصبحت مستعمرة بريطانية تُعرف بـ«الصومال البريطاني»، بينما كان الجزء الآخر منها كان تحت الاستعمار الإيطالى.
فى عام 1960، حصلت أرض الصومال على استقلالها من بريطانيا لعدة أيام، لتندمج مع بقية المناطق لتكوين جمهورية الصومال الكبرى، وبعد الحرب الأهلية الصومالية فى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، وبعدما انهارت الحكومة المركزية، أعلنت أرض الصومال استقلالها من جديد فى عام 1991.
تمتلك أرض الصومال مؤسسات حكومية مثل البرلمان والرئاسة، بالإضافة إلى قوات أمنية خاصة بها، واستقرار داخلى ونظام حكم ديمقراطى نسبيًا مقارنة ببقية أجزاء الصومال، إلا أنها لم تحظَ باعتراف رسمى من أى دولة أو منظمة دولية كدولة مستقلة.
وهناك رغبة لدى سكان أرض الصومال فى الحفاظ على هويتهم الخاصة وتاريخهم، ويعتمد اقتصاد أرض الصومال بشكل كبير على الثروة الحيوانية وتحويلات المغتربين من الخارج، بالإضافة إلى ميناء «بربرة» الذى يعد أحد النقاط الرئيسية للتجارة فى المنطقة.
ويذكر التاريخ أن خلال الحروب الأهلية والانقسامات الداخلية التى شهدها الصومال منذ التسعينيات، مصر كانت الداعم الأقوى بل الأوحد التى نادت بضرورة الحفاظ على وحدة الأراضى الصومالية وعدم الاعتراف بأى محاولات انفصالية، ولعبت دورا هاما فى الوساطات الدبلوماسية بين الفصائل الصومالية المختلفة، وساهمت فى محاولات تقريب وجهات النظر بين القادة الصوماليين من أجل التوصل إلى حل سياسى يحفظ وحدة البلاد.
ولن تتوانى مصر يوما فى دعم الحكومة الفيدرالية الصومالية المعترف بها دوليًا، وتعتبرها الممثل الشرعى الوحيد للصومال، ولم يتوقف دعم مصر على دعمها دبلوماسياً، بل قدمت دعمًا تدريبيًا وأمنيًا للقوات المسلحة الصومالية، لتعزيز الاستقرار الأمنى الصومالى ومساعدة الحكومة المركزية فى بسط سيطرتها على الأراضى التى تقع تحت سيطرة الجماعات المسلحة مثل حركة الشباب.
فضلا عن دعم مصر لمبادرات الاتحاد الإفريقى المتعلقة بإرسال قوات حفظ السلام إلى الصومال (أميصوم) لمساعدة الحكومة المركزية فى استعادة السيطرة على المناطق المضطربة.
على مدى عقود، قدمت مصر منحًا دراسية للطلاب الصوماليين للدراسة فى الجامعات المصرية، وخاصة فى جامعة الأزهر، وذلك كجزء من تعزيز العلاقات الثقافية والدينية بين البلدين.
كما أسهم التعليم المصرى فى بناء قدرات الكوادر الصومالية التى ساعدت فى إدارة مؤسسات الدولة، وبالتالى دعم استقرار ووحدة البلاد من خلال بناء القدرات البشرية.
بين مصر والصومال علاقات تاريخية وروابط ثقافية ودينية قوية بين البلدين، هذا التواصل الثقافى عزز دور مصر كداعم لوحدة الصومال، حيث كانت القاهرة دائمًا حريصة على وحدة الدول الإفريقية، وتحديدًا الدول التى تشاركها فى الانتماء الحضاري.
استخدمت مصر نفوذها فى الاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية لتأكيد موقفها الداعم لوحدة الصومال، ومصر من أبرز الداعمين لاستمرار الصومال كدولة موحدة ذات سيادة ضمن منظومة الدول الإفريقية والعربية.
الاستقرار فى القرن الإفريقى ومصالح مصر الاستراتيجية يرتبطان ارتباطا كلى بعلاقتها بالصومال، فموقعه فى منطقة القرن الإفريقى ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى بالنسبة لمصر، نظرًا لقربه من البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو ممر حيوى للتجارة الدولية وقناة السويس.
استقرار ووحدة الصومال جزء من استقرار المنطقة، ولهذا تسعى دائمًا لدعم أى جهود تعزز استقرار الصومال وتمنع تفككه، لأن أى حالة من الفوضى أو الانقسام يمكن أن تؤثر سلبًا على أمن البحر الأحمر.
كما شاركت مصر فى جهود إعادة الإعمار، سواء من خلال الدعم الفنى أو المشروعات التنموية، مصر تنظر إلى استقرار الصومال على أنه جزء من استقرار القرن الإفريقى والمنطقة ككل، كما لعبت دورًا محوريًا فى دعم وحدة الصومال عبر مجموعة متنوعة من الوسائل السياسية، الدبلوماسية، التنموية، والثقافية، وتنظر القاهرة إلى وحدة الصومال كعنصر مهم فى استقرار المنطقة، وحرصت دائمًا على دعم الحكومة الفيدرالية الصومالية فى سعيها لإعادة بسط السيطرة على كامل الأراضى الصومالية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رادار تاريخ طويل الجيوسياسية وحدة الصومال الدبلوماسي المحافل الإقليمية والدولية الحکومة المرکزیة القرن الإفریقى وحدة الصومال أرض الصومال فى دعم دائم ا
إقرأ أيضاً:
أرض الصومال تصوت وسط توترات في القرن الأفريقي
مقديشو- من المقرر أن تعقد أرض الصومال، المنطقة المنشقة عن الصومال والتي تواجه عاصفة دبلوماسية، انتخابات رئاسية يوم الأربعاء المقبل في وقت متوتر في منطقة القرن الأفريقي.
أعلنت المنطقة الواقعة في شمال غرب الصومال استقلالها من جانب واحد في عام 1991، وكانت أكثر استقرارا وسلاما من بقية أنحاء البلاد منذ ذلك الحين.
الجمهورية المعلنة من جانب واحد لها أموالها وجوازات سفرها وجيشها الخاص، ولكن لم تعترف بها أي دولة في العالم.
والآن أصبحت محور نزاع كبير بين الصومال وإثيوبيا، يخشى المراقبون الدوليون أن يشعل فتيل الصراع في المنطقة المضطربة.
وفي يناير/كانون الثاني، وقع رئيس أرض الصومال موسى بيحي اتفاقا مع إثيوبيا يعرض بموجبه عقد إيجار 20 كيلومترا (12 ميلا) من ساحلها على البحر الأحمر لجارتها غير الساحلية.
ويقول إن إثيوبيا ستعترف بأرض الصومال في المقابل، على الرغم من أن أديس أبابا لم تؤكد ذلك مطلقًا ولم يتم الكشف عن التفاصيل الكاملة للاتفاق مطلقًا.
وأثارت مذكرة التفاهم غضبا شديدا في الصومال، ما أدى إلى تصعيد كلامي وعسكري مع إثيوبيا، ما أثار قلق المجتمع الدولي.
- "الأجندة الرئيسية" -
ولم ينتقد منافسا بيهي في الرئاسة، عبد الرحمن محمد عبد الله وفيصل علي واراب، الاتفاق.
وتعهد بيهي، البالغ من العمر 76 عاما، والذي يتولى السلطة منذ عام 2017، من حزب كولميه، بإحراز تقدم بشأن الاتفاق إذا أعيد انتخابه.
وقال المحامي والمحلل السياسي المحلي جوليد أحمد جامع: "هذه هي حجته الرئيسية وأجندته الرئيسية في الانتخابات".
لكن جاما قال إن الاقتصاد والاستقرار السلمي أكثر أهمية بالنسبة للناخبين البالغ عددهم 1.2 مليون ناخب في هذه المنطقة الفقيرة.
ورغم أن المظاهرات التي سبقت الانتخابات كانت بمثابة شغب حيوي متعدد الألوان، فإن الحملة كانت ساخنة في كثير من الأحيان، حيث اتهمت المعارضة بيهي على سبيل المثال بتقسيم أرض الصومال.
وقال أحد أنصار المعارضة ويدعى هود عبدالله آدن لوكالة فرانس برس إن المنطقة "تراجعت" خلال السنوات السبع التي قضاها بيهي في السلطة، مشيرا إلى "الصراع والتضخم والجوع" من بين مشاكلها.
ويتهم المنتقدون بيهي، الجندي السابق الذي قاد النضال من أجل الاستقلال، بالحكم الاستبدادي الذي خلق انقسامات قبلية وأدى إلى خسارة منطقة سول في عام 2023 بعد أشهر من الاشتباكات مع القوات الموالية لمقديشو.
واندلعت أيضًا احتجاجات - قمعتها الحكومة بعنف - بعد أن أرجأ بيهي الانتخابات لمدة عامين في عام 2022 "لأسباب فنية ومالية".
والمنافس الرئيسي لبيهي هو عبد الرحمن محمد عبد الله المعروف باسم "إرو" وهو من حزب وداني.
كان أحمد قاسم يوسف سفيرًا سابقًا للصومال لدى الاتحاد السوفييتي آنذاك وفنلندا، ومتحدثًا باسم برلمان أرض الصومال لفترة طويلة. ولم يقدم الرجل البالغ من العمر 68 عامًا سوى القليل من التغييرات السياسية الملموسة ولكنه يقول إنه سيكون شخصية أكثر توحيدًا.
وقال جاما "لا يوجد فرق واضح بين الحزبين السياسيين الرئيسيين من الناحية الإيديولوجية. ولكن هناك اختلافات بين شخصيات المتنافسين. وهذا مهم للغاية هنا في أرض الصومال".
Your browser does not support the video tag.