لجريدة عمان:
2025-02-17@09:59:26 GMT

الإعلام العماني ومعركة بناء الوعي وترسيخ القيم

تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT

الإعلام العماني ومعركة بناء الوعي وترسيخ القيم

أهم سلاح وأمضى يمكن أن تمتلكه الدول اليوم هو الإعلام، وكل الأسلحة الأخرى على أهميتها تأتي من بعده تماما. وما يجعل سلاح الإعلام بهذه القوة هو نوعية المعارك التي يخوضها العالم اليوم والتي لا يمكن أن يحقق أحد فيها نصرا باستخدام الأسلحة العسكرية؛ حيث إن أخطر المعارك التي تخوضها الإنسانية هي معركة الوعي، سواء كان وعيا معرفيا أم وعيا أخلاقيا أم وعيا إنسانيا.

أزمة الوعي هي الأزمة الحقيقية التي تعيشها الإنسانية، وهي المعول عليها للانتصار في الأزمات الكثيرة الأخرى والتي تصنع «بوعي» تام من أجل إضعاف البشرية أو إضعاف بعض حضاراتها على أقل تقدير.

ولا شك أن الإعلام العماني استطاع خلال مسيرته الماضية أن يقوم بدور كبير جدا في معركة بناء الوعي المجتمعي وترسيخ القيم الوطنية المستمدة من القيم الإنسانية الأصيلة المتوافقة مع الفطرة السوية.

وعمل بحرفية كبيرة في ترسيخ الوحدة الوطنية العمانية وفي نقل صورة عُمان الحقيقية إلى الداخل والخارج، وتمثيل السياسات العمانية بحرفية واتزان، ما ساهم في بناء مجتمع واعٍ ومتماسك، وفي الوقت نفسه، تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية مع مختلف دول العالم.

لا يمكن تجاوز دور الإعلام العماني في بناء الصورة الذهنية في الداخل والخارج حول اتزان السياسة العمانية ومصداقيتها وانطلاقها من فهم تاريخ المنطقة ومسارات المستقبل.

وهذا بدوره ساهم في تمثيل كل العمانيين لسياسة بلدهم حتى كأن كل واحد فيهم هو وزير خارجية مسؤول مسؤولية كاملة عن خطاب بلده السياسي، وعن دوره في البناء الداخلي.. وأدى الإعلام العماني دورا بارزا في ترسيخ هذا الفهم وتعزيز الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.

كما ساهم الخطاب الإعلامي العماني في ترسيخ القيم الوطنية وتعزيز تماسك المجتمع عبر نشر مبادئ التسامح والتعاون والاحترام المتبادل وقبول الآخر. هذه القيم، التي تشكل أساس الهوية العمانية، كانت دائمًا جزءًا لا يتجزأ من الرسالة الإعلامية، ما ساعد على بناء جيل واعٍ ومتفاعل مع التحديات المعاصرة.

ورغم هذا الدور الذي قام به الإعلام العماني إلا أن المجتمع، في عُمان كما في كل مجتمعات العالم، يمر بتحولات كبرى فرضتها عليه التحولات العالمية سياسيا وثقافيا واقتصاديا. لقد أصبح العالم في كل مكان يعيش أزمة وعي ما يضاعف المهام الملقاة على الإعلام في كل مكان نظرا لقدرته في الوصول للجميع ولكن عبر تطوير أدواته ومواءمتها مع كل التحولات التي يشهدها العالم.

وبدون بناء هذا الوعي عبر الإعلام في المقام الأول فإن المجتمعات في كل مكان ذاهبة نحو المزيد من الهشاشة والضعف والمزيد من الصراعات.

لذلك ليس جديدا الحديث عن أهمية تمكين الإعلام الرصين والمتزن والملتزم ودعمه ليمارس دوره الريادي في بناء الوعي في لحظة تاريخيّة فارقة تمر بها البشرية، وعلى كل إعلامي أن يتمثل هذه المسؤولية وهذا الدور وهو يمارس عمله كل يوم.. وليكن الدور الأول والأساسي للإعلام بناء الوعي حتى قبل أن يكون دوره الإخبار، رغم أن الإخبار بالحقيقة هو جزء أساسي من معركة بناء الوعي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإعلام العمانی بناء الوعی

إقرأ أيضاً:

الهوية الثقافية ومعركة البقاء والتجديد

يرى البعض أن العولمة الاقتصادية دخلت في مرحلة التآكل، أو أنها تعيش أزمة وجودية، إلا أن تأثير العولمة الثقافية ما زال كبيرا ويشكل خطرا على الهويات الوطنية الشرقية بشكل خاص التي تتقاطع في مناطق كثيرة مع الهويات الغربية التي تتبنى مسارات لا تنتمي للرؤية الأخلاقية في الحضارة الإسلامية والكثير من الحضارات الشرقية.

وساهم الانفتاح الاقتصادي والتدفق المعلوماتي في تعظيم الخطر على الثقافات الوطنية في دول العالم الإسلامي، هذا الأمر جعل سؤال الهوية الثقافية أكثر حضورا وإلحاحا مما كان عليه قبل عقود ماضية.

وتمثل الهوية الثقافية العمود الفقري لكل أمة، فهي مجموعة القيم والعادات والتقاليد واللغة والدين التي تمنح الشعوب طابعها المميز وتحدد مساراتها الحضارية، وإذا غابت هذه المفردات تفقد المجتمعات استقلالها المعنوي، وتذوب في ثقافات أخرى لا تعكس تاريخها ولا تعبر عن وجدانها الجمعي ولا منظومتها الأخلاقية. ويتحقق هذا الخطر في ظل غياب الوعي بأهمية الحفاظ على الهوية الوطنية وصيانتها وتعزيزها منذ وقت مبكر من عمر الأجيال الجديدة التي تبدو أكثر عرضة لفقد الانتماء الثقافي الوطني.. وهذا لا يعني أن علينا بناء جدران كبيرة بيننا وبين العالم.

والعولمة ليست ظاهرة أحادية الوجه؛ فقد فتحت آفاقا واسعة للتبادل الثقافي والتقارب بين الشعوب، لكنها في الوقت نفسه فرضت نمطا ثقافيا عالميا يميل إلى طمس الخصوصيات المحلية لصالح ثقافة مهيمنة.. وفي هذه المساحة يمكن رصد التحدي الحقيقي والذي يمكن التعبير عنه عبر طرح السؤال الآتي: كيف يمكننا أن نستفيد من العولمة دون أن نفقد أصالتنا؟ إن التأثير الثقافي الغربي، الذي تغذيه وسائل الإعلام وشركات التكنولوجيا العملاقة، يفرض أنماطا فكرية وسلوكية جديدة تزعزع كثيرا من الثوابت الثقافية المحلية. فتوحيد القيم الثقافية عالميا، وفقا للرؤية الرأسمالية، يضرب التنوع الثقافي ويؤدي إلى ضرب المنظومات الأخلاقية والقيمية والمبادئ والعادات والتقاليد والفنون، بل إن بعض اللغات مهددة بالضياع والانحسار.

على أن مواجهة خطر العولمة الثقافية لا يعني الانغلاق أو رفض الانفتاح! إننا بحاجة ماسة إلى وجود استراتيجية عربية واعية تعزز مناعة الهوية الثقافية، وتجعلها قادرة على التكيف دون الذوبان. إننا في حاجة ماسة للاحتفاء بمفرداتنا الثقافية وبلغتنا العربية ولهجاتها وبمنظوماتنا القيمية والأخلاقية وببناء الأسرة وتقويتها وتقوية كل أركان مجتمعاتنا وتطوير المحتوى الثقافي والإعلامي لمواجهة كل الهيمنات الغربية. لا بد من إنتاج محتوى ثقافي يعكس الهوية الوطنية، ويعزز الانتماء دون الانغلاق، مع تشجيع الفنون والآداب الوطنية التي تعكس روح الدولة الوطنية، وتجعلها درعا يحميها من الانصهار الثقافي.

هذا الأمر يحتاج إلى بناء توازن بين المحافظة على القيم الثقافية واستيعاب المستجدات المعرفية والتكنولوجية. الوعي النقدي هو السلاح الأهم في هذه المعركة، فالمجتمع الذي يمتلك قدرة تحليلية تجاه ما يُعرض عليه من أفكار وقيم يكون أكثر قدرة على انتقاء ما يتناسب مع ثقافته، وأقل عرضة للتأثر السلبي بتدفقات العولمة.

لم تكن العولمة في يوم من الأيام هي نهاية التاريخ لكنها -وهذا ما علينا الإيمان به- مرحلة من مراحل تطوره، وكما واجهت الأمم السابقة تحديات حضارية كبرى واستطاعت أن تحافظ على هوياتها، فإن القدرة على التكيف مع التحولات دون فقدان الأصالة تبقى السبيل الأمثل لمواجهة التحديات الراهنة.

إننا بحاجة أن ننظر إلى مطلب الحفاظ على الهوية الثقافية باعتباره مشروع تجديد مستمر، والتحدي الحقيقي لا يكمن في منع التغير، بل في توجيهه لخدمة الأمة، بحيث يكون التفاعل مع العولمة عامل إثراء لا أداة إلغاء، وامتلاك هُوية قوية لا يعني رفض العالم، بل يعني المشاركة فيه بوعي ورؤية تحفظ للأمم تميزها وخصوصيتها.

مقالات مشابهة

  • فد الهيئة الوطنية للانتخابات يزور الدقهلية لتعزيز الوعي بالديمقراطية والمشاركة الإيجابية
  • الإعلام الحكومي بغزة: عدد الشاحنات التي تدخل القطاع يسجل تراجعا ملحوظا
  • محافظ الدقهلية يبحث مع وفد «الوطنية للانتخابات» تعزيز الوعي بمعنى الديمقراطية
  • وسائل الإعلام في مجتمعات ما بعد النزاع: بين الهيمنة والتحرر
  • دراسة: التخطيط الجيد لتنظيم المونديال سيشكل إقلاعاً حقيقاً للنمو الإقتصادي في المغرب وترسيخ مكانته الدولية
  • الإعيسر يؤكد حرص وزارة الإعلام على مشاركة الإعلاميين هموهم والتعاون معهم خدمة لمصالح الوطن
  • الهوية الثقافية ومعركة البقاء والتجديد
  • بدلا من خطة ترامب لغزة.. هذا ما يجب أن يحدث
  • أكثر من 9 آلاف صحافي عبر العالم يشوّهون صورة الجزائر!
  • غياب الوعي يفاقم من أخطارها ونتائجها الكارثية:الابتزاز الإلكتروني.. جرائم أخلاقية عابرة للحدود