الإعلام العماني ومعركة بناء الوعي وترسيخ القيم
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
أهم سلاح وأمضى يمكن أن تمتلكه الدول اليوم هو الإعلام، وكل الأسلحة الأخرى على أهميتها تأتي من بعده تماما. وما يجعل سلاح الإعلام بهذه القوة هو نوعية المعارك التي يخوضها العالم اليوم والتي لا يمكن أن يحقق أحد فيها نصرا باستخدام الأسلحة العسكرية؛ حيث إن أخطر المعارك التي تخوضها الإنسانية هي معركة الوعي، سواء كان وعيا معرفيا أم وعيا أخلاقيا أم وعيا إنسانيا.
أزمة الوعي هي الأزمة الحقيقية التي تعيشها الإنسانية، وهي المعول عليها للانتصار في الأزمات الكثيرة الأخرى والتي تصنع «بوعي» تام من أجل إضعاف البشرية أو إضعاف بعض حضاراتها على أقل تقدير.
ولا شك أن الإعلام العماني استطاع خلال مسيرته الماضية أن يقوم بدور كبير جدا في معركة بناء الوعي المجتمعي وترسيخ القيم الوطنية المستمدة من القيم الإنسانية الأصيلة المتوافقة مع الفطرة السوية.
وعمل بحرفية كبيرة في ترسيخ الوحدة الوطنية العمانية وفي نقل صورة عُمان الحقيقية إلى الداخل والخارج، وتمثيل السياسات العمانية بحرفية واتزان، ما ساهم في بناء مجتمع واعٍ ومتماسك، وفي الوقت نفسه، تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية مع مختلف دول العالم.
لا يمكن تجاوز دور الإعلام العماني في بناء الصورة الذهنية في الداخل والخارج حول اتزان السياسة العمانية ومصداقيتها وانطلاقها من فهم تاريخ المنطقة ومسارات المستقبل.
وهذا بدوره ساهم في تمثيل كل العمانيين لسياسة بلدهم حتى كأن كل واحد فيهم هو وزير خارجية مسؤول مسؤولية كاملة عن خطاب بلده السياسي، وعن دوره في البناء الداخلي.. وأدى الإعلام العماني دورا بارزا في ترسيخ هذا الفهم وتعزيز الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.
كما ساهم الخطاب الإعلامي العماني في ترسيخ القيم الوطنية وتعزيز تماسك المجتمع عبر نشر مبادئ التسامح والتعاون والاحترام المتبادل وقبول الآخر. هذه القيم، التي تشكل أساس الهوية العمانية، كانت دائمًا جزءًا لا يتجزأ من الرسالة الإعلامية، ما ساعد على بناء جيل واعٍ ومتفاعل مع التحديات المعاصرة.
ورغم هذا الدور الذي قام به الإعلام العماني إلا أن المجتمع، في عُمان كما في كل مجتمعات العالم، يمر بتحولات كبرى فرضتها عليه التحولات العالمية سياسيا وثقافيا واقتصاديا. لقد أصبح العالم في كل مكان يعيش أزمة وعي ما يضاعف المهام الملقاة على الإعلام في كل مكان نظرا لقدرته في الوصول للجميع ولكن عبر تطوير أدواته ومواءمتها مع كل التحولات التي يشهدها العالم.
وبدون بناء هذا الوعي عبر الإعلام في المقام الأول فإن المجتمعات في كل مكان ذاهبة نحو المزيد من الهشاشة والضعف والمزيد من الصراعات.
لذلك ليس جديدا الحديث عن أهمية تمكين الإعلام الرصين والمتزن والملتزم ودعمه ليمارس دوره الريادي في بناء الوعي في لحظة تاريخيّة فارقة تمر بها البشرية، وعلى كل إعلامي أن يتمثل هذه المسؤولية وهذا الدور وهو يمارس عمله كل يوم.. وليكن الدور الأول والأساسي للإعلام بناء الوعي حتى قبل أن يكون دوره الإخبار، رغم أن الإخبار بالحقيقة هو جزء أساسي من معركة بناء الوعي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الإعلام العمانی بناء الوعی
إقرأ أيضاً:
القيادة الإماراتية وترسيخ قيم عام المجتمع
مع إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، عام 2025 "عام المجتمع" تحت شعار "يداً بيد" تبرهن دولة الإمارات مجدداً أن نهجها في التنمية لا يقوم على الشعارات فحسب، بل على العمل الفعلي الذي يُرسخ القيم الإنسانية والتكافل الاجتماعي. إنه إعلان يعكس رؤية قيادة حكيمة تدرك أن قوة أي مجتمع لا تكمن فقط في تقدمه المادي، بل في تماسك أفراده وترابطهم، وهو ما تجسده الإمارات بأسلوبها الفريد.
نشهد خلال شهر رمضان المبارك أروع صور التلاحم المجتمعي التي تؤكد أن "عام المجتمع" ليس مجرد عنوان، بل نهج متأصل في وجدان القيادة والشعب. فمنذ بداية الشهر الفضيل، نشهد يومياً مشاهد تعكس هذا الترابط، بدءاً من استقبال حكام الإمارات للمهنئين، مروراً بزياراتهم للمواطنين في منازلهم، وصولاً إلى مشاركتهم وجبات الإفطار مع مختلف فئات المجتمع.
في هذا السياق، نرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، يستقبل جموع المهنئين من المواطنين والمقيمين، في لقاءات تعكس روح الأسرة الواحدة التي تميز المجتمع الإماراتي. إنه ليس لقاءً بروتوكولياً، بل مشهد يحمل بين طياته معاني الألفة والاحترام والتقارب بين القيادة والشعب. كما يحرص سموه على تقديم واجب العزاء للأسر التي فقدت أحباءها، في تجسيد عملي لمفهوم التضامن الإنساني الذي يُعد ركيزة أساسية لأي مجتمع متماسك. كما تشمل هذه الرؤية السامية زيارة المرضى في المستشفيات، حيث يحرص حكام الإمارات على تفقد أحوال المرضى، والاطمئنان على صحتهم، ومواساتهم في أوقاتهم الصعبة، مما يعكس قيم العناية والرعاية التي تنبع من تعاليم الإسلام ومن المبادئ الإنسانية الرفيعة.
أما صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، فهو مثال آخر على تطبيق هذه القيم على أرض الواقع. فطوال الشهر الفضيل، لا يتوقف سموه عن اللقاء بالمواطنين، ومتابعة أحوالهم، وتقديم الدعم لمختلف شرائح المجتمع. مبادراته الإنسانية المستمرة، سواء عبر دعم المحتاجين أو تعزيز المشاريع المجتمعية، تؤكد أن رؤية "عام المجتمع" ليست جديدة، بل هي امتداد لمسيرة طويلة من العطاء والتواصل.
وليس هذا بغريب على قائد يؤمن بأن المجتمع هو أساس النجاح، وأن القائد الحقيقي هو من يكون قريباً من شعبه، يشعر بآمالهم، ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم. وفي هذا الإطار، تتجلى مظاهر "عام المجتمع" في المبادرات الرمضانية الكثيرة التي يطلقها سموه، والتي تهدف إلى تعزيز ثقافة العطاء وترسيخ قيم التكافل الاجتماعي.
ولا يقتصر هذا النهج على رئيس الدولة ونائبه فحسب، بل يمتد إلى جميع حكام الإمارات الذين يُجسدون معاني "عام المجتمع" في كل خطوة يقومون بها. فمن مشاهد استقبال المهنئين إلى الزيارات الميدانية، ومن حضور المجالس الرمضانية إلى مشاركتهم وجبات الإفطار مع المواطنين، يظهر جلياً أن حكام الإمارات يحرصون على ترسيخ نهج التواصل المباشر مع شعبهم، معتبرين ذلك جزءاً من مسؤوليتهم القيادية. كما أن حرصهم على زيارة المرضى، والاطمئنان على صحتهم، يعكس مدى اهتمام القيادة بكل فرد في المجتمع، فالمريض الذي يلقى زيارة من قادته يشعر بأنه ليس مجرد رقم، بل هو فرد له مكانته وقيمته، ويحظى بالرعاية والاهتمام.
وإذا تأملنا هذه اللقاءات، نجد أنها ليست مجرد مناسبات اجتماعية، بل هي منصات للحوار وتبادل الأفكار، حيث يستمع القادة إلى المواطنين، ويتابعون أحوالهم عن قرب. إنها لقاءات تعزز الإحساس بالانتماء، وتجعل من الإمارات نموذجاً يحتذى به في العلاقة المتينة بين القيادة والشعب.
عندما نرى هذا التلاحم الفريد في الإمارات، ندرك أن "عام المجتمع" ليس شعاراً عابراً، بل هو امتداد لنهج أصيل تقوم عليه الدولة منذ تأسيسها. فالقيادة الحكيمة لا تكتفي بإصدار المبادرات، بل تطبقها فعلياً في حياتها اليومية، لتكون قدوة للجميع.
وها نحن، في "عام المجتمع" نمضي يداً بيد نحو مستقبل أكثر إشراقاً، حيث يبقى الإنسان هو الغاية والوسيلة، ويبقى المجتمع هو الأساس الذي تُبنى عليه الإنجازات العظيمة.