لجريدة عمان:
2025-01-30@17:22:43 GMT

المقاومة بالتمادي في التفكير

تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT

ذهب بلا عودة الموقف المتساهل الذي يقول إننا ضحايا للسلطة الشرسة، والنظام الاستهلاكي الماكر الذي يختلق لنا -بلا توقف- حاجات، ويشغلنا بمطاردتها. يُجرد أشياءنا اليومية حتى يُفرغها من المعنى، بحيث يُصبح مستحيلاً أن ترى التبعات الحقيقية للفعل. لا تلتبس عليكم الأمور، إنه يفعل ذلك بلا هوادة، وبكل ما أوتي من حيل الإغراء، والتحايل، وقوة الإخضاع والإكراه.

الفرق الوحيد هو أن التساهل، والتسليك، والتغاضي ليس بأي حال من الأحوال مقبولاً بعد.

ما أصعب أن نُترجم ضغطة الشراء من أمازون إلى ما تعنيه حقاً: المساهمة في استدامة ظروف العمل القاهرة، والتغاضي عن الانتهاكات بحق العاملين فيها. ثم مواصلة التفكير في المنتج نفسه الذي حتى وإن سلِم من شرطنا الأول، أعني وإن لم يكن مساهماً في تمويل الحروب والإبادات، فهو على الأغلب متورط في تجاوزات أخلاقية من قبيل استغلال العمال الأطفال خصوصا، أو إساءة استعمال موارد الأرض.

بالانتقال من نمط الاستهلاك إلى طبيعة العمل في هذا العصر، فغالباً ما يتجاوز دورنا مجرد المساهمة السلبية، ويرقى ليكون دورا فاعلا في توطين الشر. دور يصعب علينا ملاحظته وتحديده نتيجة تقسيم العمل، تجزئة الوظائف، وتشعيب الإدارة وفق هيكلية معقدة يصعب معها تقفي الأثر وتحميل المسؤولية.

ولأن العالم لم يشتعل ككتلة نار، والأرض لم تقف على رجل واحدة، لا مع إبادة غزة، ولا مع الحرب على لبنان، ولأن كل شيء يسير مضبوطاً، عدا الإرباك المحدود والجبار في الوقت نفسه، لمشاغبات اليمنيين؛ ولأنه اتضح لنا بأصعب الطرق أن فلسطين قضية الفلسطينيين وحدهم (إلى أن يحين الدور على البقية)، فلنسائل على الأقل النظام الاقتصادي القاهر والمنحاز الذي أوصلنا إلى هنا، ونواجهه سواء بالمقاطعة السياسية الموجهة، أو الأخلاقية بالعموم.

ما أحاول قوله لنفسي وللآخرين هو أن إطالة التفكير، التردد، في كل شيء، واجب. لا أتحدث عن سلوكنا الاستهلاكي وحده (رغم أنه الأهم حالياً)، لكن عن الطريقة التي نُسير بها حياتنا، حتى في الأمور التي لا يبدو أن لها علاقة كعلاقاتنا الإنسانية، العلاقات التي تحتاج منا إلى إعادة تفكير، ونزع الغربنة عنها.

المقاومة (بالاوڤر-ثينكينج) في عالم لا تسمح سرعته بأن تقف لتتأمل، تبقى ممكنة متى ما طُورت حركات وتنظيمات تختصر علينا العمل، كل الفكرة في الانتظام، بغير هذا لا يكون بين أيدينا سوى جهود مهدرة، واستدامة لشعور العجز والخذلان.

ثمة أمر آخر يجول في خاطري كثيرا هذه الأيام، وأنا أشهد على الفصل في المقاهي والمطاعم البرلينية، وإعلان العربي (أو الشرق أوسطي) منها أماكن خالية من الصهاينة. لطالما استخدم «الاندماج» كأداة عنف، وتمييز، فالمهاجر المندمج (أيا يكن ما يعنيه ذلك) أرفع شأنا من المهاجر غير المندمج. ولابد أن نتفق أننا لا نعلم عما نتحدث حين نتحدث عن الاندماج. التصور في بالي أن صناع السياسات في البلدان الجاذبة للمهاجرين، يرغبون -في أحسن حال- بتفكيك هويات المهاجرين والاحتفاظ بالجوانب الحلوة من «ثقافتهم» أي الطبيخ والبهارات ، وآلات العزف الاكزوتيكية، ورفض ما عداه. لا يخطر في بال صناع السياسات أن للمهاجر حقا أن يُغير، لا أن يتغير فحسب.

وعند الحديث عن الاندماج، نادرا ما يتم تناوله بمعنى إجادة اللغة، أو كسب المعرفة المؤهلة للتعامل مع مؤسسات الدولة، فهذه واجبات بديهية من نظرهم. إنه يكرز على القيم، والثقافة، ونمط الحياة.

بالمثل، ينظر إلى الزواج المتعدد الأعراق كإشارة إيجابية، دون إعادة تفكير. إنه يعكس -هكذا يُقال- التسامح، وهو طريقنا إلى مجتمع غير منحاز. دون التفكير في أن الارتباط بشخص من غير عرقك قد يعني نقصان تجربة المشاركة، قد يضاعف فرصة ألا تصطفا في فريق واحد في قضايا جوهرية، وهو يخلق ديناميكية تسطيح تعلي من شأن المشتركات، وتحط من الاختلافات، مهما تكن هذه الاختلافات جوهرية لهوية المرء.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الصين تبني منشأة ضخمة لأبحاث الاندماج النووي.. هذا ما كشفته صور الأقمار الصناعية

كشفت صور أقمار صناعية حديثة عن بناء الصين منشأة ضخمة لأبحاث الاندماج النووي باستخدام الليزر في مدينة ميانيانغ جنوب غرب البلاد. وبحسب رويترز تُظهر هذه المنشأة إمكانيات متطورة قد تُسهم في تطوير أسلحة نووية وتصميم مصادر طاقة نظيفة في المستقبل.

اعلان

وتتضمن هذه المنشأة الجديدة، التي يصفها الخبراء بأنها خطوة كبيرة في مجال أبحاث الاندماج النووي، أذرعًا جانبية تحتوي على وحدات ليزر، بالإضافة إلى قاعة تجارب مركزية تحتوي على غرفة هدف تُستخدم لدمج نظائر الهيدروجين باستخدام الليزر القوي. وفقًا لديكر إيفيليث، الباحث في مؤسسة سي ان أيه الأمريكية، فإن قاعة التجارب في المنشأة الصينية أكبر بنسبة 50% من نظيرتها في منشأة الاشتعال الوطنية الأمريكية (NIF) التي تُعد الأكبر في العالم حاليًا.

وتشبه المنشأة الصينية من حيث التصميم المنشأة الأمريكية في شمال كاليفورنيا، التي حققت إنجازًا علميًا عام 2022 عندما ولّدت طاقة تفوق تلك المستخدمة لإشعال تفاعل الاندماج النووي، وهو ما يُعرف بـ"التوازن العلمي". هذا الإنجاز جعل الخبراء يتوقعون أن الصين تستهدف تحقيق إنجازات مماثلة أو حتى التفوق عليها.

من شأن هذه التطورات أن تمكّن الصين من تحسين تصميم الأسلحة النووية دون الحاجة إلى إجراء اختبارات تفجيرية، وهو ما يُعتبر نقطة محورية بالنسبة للدول الموقعة على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، التي تحظر التجارب التفجيرية لكنها تسمح بتجارب أقل تأثيرًا، مثل تلك التي تعتمد على الاندماج باستخدام الليزر.

الرئيس الصيني يلتقي نظيره الأميركي عام 2017Alex Brandon

في الوقت الذي لم تعلق فيه وزارة الخارجية الصينية أو وزارة العلوم والتكنولوجيا على هذه التقارير، أظهرت وثائق بناء شاركها إيفيليث أن المنشأة تحمل اسم "مختبر الأجهزة الكبرى للاندماج بالليزر"، وتقع في نفس الموقع الذي أشارت إليه صور الأقمار الصناعية السابقة في عام 2020، مما يعزز صحة التقارير.

يسمح الاندماج باستخدام الليزر للعلماء بدراسة آليات التفاعل النووي بهدف إنتاج طاقة نظيفة باستخدام أكثر الموارد وفرة في الكون: الهيدروجين. لكنه أيضًا يُمكّنهم من فهم آليات التفجير النووي بشكل أعمق دون الحاجة إلى اختبارات فعلية.

Related"إنفيجن إنيرجي" تحصل على أكبر طلب تخزين طاقة في جنوب أفريقياهجوم روسي ضخم بالصواريخ الباليستية على قطاع الطاقة في خاركيف وإحباط محاولة اغتيال في روسيااستولت الحكومة على "أرباحهم الزائدة".. ولم تنصفهم المحكمة.. ما قصة منتجي الطاقة المتجددة في ألمانيا؟

ورغم قلة التجارب النووية التي أجرتها الصين مقارنة بالولايات المتحدة (45 تجربة مقابل 1,054)، يرى بعض الخبراء، مثل سيغفريد هيكر، أن تأثير هذه المنشأة على التفوق النووي الأمريكي محدود، نظرًا لعدم امتلاك الصين لقاعدة بيانات ضخمة من التجارب السابقة.

إلى جانب الولايات المتحدة والصين، تمتلك دول أخرى مثل فرنسا والمملكة المتحدة وروسيا منشآت مشابهة لأبحاث الاندماج النووي بالليزر. ومع ذلك، فإن حجم المنشآت يعكس تقديرات المصممين بشأن كمية الطاقة المطلوبة لتحقيق الاشتعال.

على الرغم من القلق بشأن الاستخدامات العسكرية المحتملة لهذه الأبحاث، يؤكد خبراء أن التقدم العلمي في هذا المجال يصعب إيقافه، وأنه يمكن استخدامه لأغراض متنوعة، بعضها قد يخدم البشرية في المستقبل.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية مجلس الأمن الروسي: الخطر من تصادم مسلح بين القوى النووية يتصاعد وبيلاروس تحت "مظلتنا" ماذا تحمل عودة ترامب إلى البيت الأبيض لإيران وبرنامجها النووي؟ إيران تختبر جاهزيتها العسكرية عبر مناورات "اقتدار" في محيط منشآتها النووية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النوويةالولايات المتحدة الأمريكيةالمركز الأوروبي للأبحاث النووية سرنتحولات الطاقةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNextعاجل. قوافل العائدين للشمال متواصلة ومقتل جندي "بالخطأ" قرب محور نتساريم وإصابات في قرية يارون بجنوب لبنان يعرض الآنNext "غوغل" تغير اسم خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا"على خريطتها امتثالًا لترامب يعرض الآنNext في أول زيارة منذ الإطاحة بالأسد.. وفد روسي رفيع المستوى يصل دمشق يعرض الآنNext إيطاليا أمام عدو مفاجئ.. طيور أبو منجل المقدس تغزو البلاد وتهدد التنوع البيئي يعرض الآنNext بعد أشهر من الاحتجاجات.. استقالة رئيس وزراء صربيا ميلوس فوتشيفيتش اعلانالاكثر قراءة نحو 300 ألف نازح عادوا لشمال قطاع غزة وإسرائيل توسع عملياتها بالضفة وحزب الله يرفض أي تمديد للهدنة لصوص يستخدمون المتفجرات لسرقة قطع أثرية من متحف في هولندا الاتحاد الأوروبي نحو "تعليق" العقوبات عن سوريا.. وكايا تؤكد: "خطوة تتبعها خطوة" واشنطن تمدد الهدنة في لبنان لثلاثة أسابيع وقوافل الجنوبيين تستعد للدخول إلى القرى الحدودية عنوة إليكم الدولة الأكثر اكتئابًا في أوروبا.. هل بلدكم ضمن القائمة؟ اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبإسرائيلغزةروسياسياسةأوروبامهرجانرجل إطفاءقطاع غزةتقاليدحركة حماسضحاياالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • بـ450 مليون دولار.. أول محطة طاقة اندماجية في العالم لتشغيل مايكروسوفت
  • شمس أخرى على الأرض.. العالم على موعد مع إنجاز جديد| ما القصة؟
  • تعليم قنا تختتم فعاليات دورةأساليب التفكير وصناعة القراربمعلمين نجع حمادى
  • Helion الناشئة تسابق الزمن لتشغيل أول مفاعل نووي اندماجي
  • وكيل تعليم قنا يشهد ختام دورة أساليب التفكير بنجع حمادي
  • مكتبة مصر العامة باسيوط تنظم فعاليات جلسات أنماط التفكير
  • مكتبة مصر العامة بأسيوط تواصل تنظيم فعاليات جلسات أنماط التفكير الإبداعي
  • الصين تبني منشأة ضخمة لأبحاث الاندماج النووي.. هذا ما كشفته صور الأقمار الصناعية
  • لأوّل مرة…نتائج مذهلة لتقليد «الشمس» على الأرض
  • جبهة العمل الإسلامي: عدم تحقيق العدو أهدافه هو انتصار