لجريدة عمان:
2025-04-29@13:45:01 GMT

المقاومة بالتمادي في التفكير

تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT

ذهب بلا عودة الموقف المتساهل الذي يقول إننا ضحايا للسلطة الشرسة، والنظام الاستهلاكي الماكر الذي يختلق لنا -بلا توقف- حاجات، ويشغلنا بمطاردتها. يُجرد أشياءنا اليومية حتى يُفرغها من المعنى، بحيث يُصبح مستحيلاً أن ترى التبعات الحقيقية للفعل. لا تلتبس عليكم الأمور، إنه يفعل ذلك بلا هوادة، وبكل ما أوتي من حيل الإغراء، والتحايل، وقوة الإخضاع والإكراه.

الفرق الوحيد هو أن التساهل، والتسليك، والتغاضي ليس بأي حال من الأحوال مقبولاً بعد.

ما أصعب أن نُترجم ضغطة الشراء من أمازون إلى ما تعنيه حقاً: المساهمة في استدامة ظروف العمل القاهرة، والتغاضي عن الانتهاكات بحق العاملين فيها. ثم مواصلة التفكير في المنتج نفسه الذي حتى وإن سلِم من شرطنا الأول، أعني وإن لم يكن مساهماً في تمويل الحروب والإبادات، فهو على الأغلب متورط في تجاوزات أخلاقية من قبيل استغلال العمال الأطفال خصوصا، أو إساءة استعمال موارد الأرض.

بالانتقال من نمط الاستهلاك إلى طبيعة العمل في هذا العصر، فغالباً ما يتجاوز دورنا مجرد المساهمة السلبية، ويرقى ليكون دورا فاعلا في توطين الشر. دور يصعب علينا ملاحظته وتحديده نتيجة تقسيم العمل، تجزئة الوظائف، وتشعيب الإدارة وفق هيكلية معقدة يصعب معها تقفي الأثر وتحميل المسؤولية.

ولأن العالم لم يشتعل ككتلة نار، والأرض لم تقف على رجل واحدة، لا مع إبادة غزة، ولا مع الحرب على لبنان، ولأن كل شيء يسير مضبوطاً، عدا الإرباك المحدود والجبار في الوقت نفسه، لمشاغبات اليمنيين؛ ولأنه اتضح لنا بأصعب الطرق أن فلسطين قضية الفلسطينيين وحدهم (إلى أن يحين الدور على البقية)، فلنسائل على الأقل النظام الاقتصادي القاهر والمنحاز الذي أوصلنا إلى هنا، ونواجهه سواء بالمقاطعة السياسية الموجهة، أو الأخلاقية بالعموم.

ما أحاول قوله لنفسي وللآخرين هو أن إطالة التفكير، التردد، في كل شيء، واجب. لا أتحدث عن سلوكنا الاستهلاكي وحده (رغم أنه الأهم حالياً)، لكن عن الطريقة التي نُسير بها حياتنا، حتى في الأمور التي لا يبدو أن لها علاقة كعلاقاتنا الإنسانية، العلاقات التي تحتاج منا إلى إعادة تفكير، ونزع الغربنة عنها.

المقاومة (بالاوڤر-ثينكينج) في عالم لا تسمح سرعته بأن تقف لتتأمل، تبقى ممكنة متى ما طُورت حركات وتنظيمات تختصر علينا العمل، كل الفكرة في الانتظام، بغير هذا لا يكون بين أيدينا سوى جهود مهدرة، واستدامة لشعور العجز والخذلان.

ثمة أمر آخر يجول في خاطري كثيرا هذه الأيام، وأنا أشهد على الفصل في المقاهي والمطاعم البرلينية، وإعلان العربي (أو الشرق أوسطي) منها أماكن خالية من الصهاينة. لطالما استخدم «الاندماج» كأداة عنف، وتمييز، فالمهاجر المندمج (أيا يكن ما يعنيه ذلك) أرفع شأنا من المهاجر غير المندمج. ولابد أن نتفق أننا لا نعلم عما نتحدث حين نتحدث عن الاندماج. التصور في بالي أن صناع السياسات في البلدان الجاذبة للمهاجرين، يرغبون -في أحسن حال- بتفكيك هويات المهاجرين والاحتفاظ بالجوانب الحلوة من «ثقافتهم» أي الطبيخ والبهارات ، وآلات العزف الاكزوتيكية، ورفض ما عداه. لا يخطر في بال صناع السياسات أن للمهاجر حقا أن يُغير، لا أن يتغير فحسب.

وعند الحديث عن الاندماج، نادرا ما يتم تناوله بمعنى إجادة اللغة، أو كسب المعرفة المؤهلة للتعامل مع مؤسسات الدولة، فهذه واجبات بديهية من نظرهم. إنه يكرز على القيم، والثقافة، ونمط الحياة.

بالمثل، ينظر إلى الزواج المتعدد الأعراق كإشارة إيجابية، دون إعادة تفكير. إنه يعكس -هكذا يُقال- التسامح، وهو طريقنا إلى مجتمع غير منحاز. دون التفكير في أن الارتباط بشخص من غير عرقك قد يعني نقصان تجربة المشاركة، قد يضاعف فرصة ألا تصطفا في فريق واحد في قضايا جوهرية، وهو يخلق ديناميكية تسطيح تعلي من شأن المشتركات، وتحط من الاختلافات، مهما تكن هذه الاختلافات جوهرية لهوية المرء.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ما هو صاروخ “بار” الذي استخدمه الاحتلال لأول مرة في غزة؟

#سواليف

أعلن #جيش_الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، استخدام #قذيفة_صاروخية جديدة من طراز ” #بار ” لأول مرة خلال العدوان المستمر على قطاع #غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ونشر جيش الاحتلال مقطع فيديو يوثق عملية الإطلاق، مشيرًا إلى أن صاروخ “بار” أطلق نحو أهداف داخل قطاع غزة، ويعمل وفق نظام توجيه ملائم لساحات القتال المعقدة، وقادر على إصابة الأهداف خلال وقت وجيز للغاية، بحسب ما أفادت به مصادر صحفية.

ويُعد “بار” من الصواريخ قصيرة المدى، وهو نسخة مطورة وأكثر دقة من صاروخ “روماخ”، ويزيد مداه الأقصى عن 35 كيلومترًا، وفق ما عرضته الصحفية سلام خضر في خريطة تفاعلية بثتها قناة الجزيرة.

مقالات ذات صلة “حسام شبات” الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد 2025/04/29

ويُطلق هذا الصاروخ الإسرائيلي من قاذفة إسرائيلية الصنع قادرة على حمل نحو 16 صاروخًا تُطلق بشكل متتالٍ.

ووفقًا لجيش الاحتلال، فإن إدخال صاروخ “بار” إلى الخدمة يهدف إلى تحقيق إصابة دقيقة للأهداف خلال فترة زمنية محدودة جدًا بين رصد الهدف واستهدافه. ولم يكشف جيش الاحتلال عن كامل المواصفات العسكرية والميدانية للصاروخ الجديد حتى الآن.

ومن المقرر أن تحل صواريخ “بار” محل صواريخ “روماخ” القديمة التي كانت تُطلق من راجمات الصواريخ المتعددة “إم 270″، وفق المصادر ذاتها.

ويأتي هذا الإعلان بالتزامن مع مواصلة الاحتلال لجرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة، حيث استأنفت قواته منذ 18 مارس/آذار الماضي تنفيذ غارات عنيفة استهدفت بشكل رئيسي مدنيين ومنازل وبنايات سكنية وخيام تؤوي نازحين.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن الاحتلال، بدعم أميركي مطلق على المستويين السياسي والعسكري، حربًا غير مسبوقة بحق الفلسطينيين في غزة، مترافقة مع حصار خانق أدخل القطاع في ظروف إنسانية كارثية وغير مسبوقة، وفق ما أفادت به تقارير حقوقية وصحفية.

مقالات مشابهة

  • المشهد اليمني الذي يشبهُ غزة
  • ما هو صاروخ “بار” الذي استخدمه الاحتلال لأول مرة في غزة؟
  • مصادر مصرية: سلاح المقاومة نقطة شائكة في المفاوضات
  • صمت حزب الله… بين الردع المتراكم والصبر الاستراتيجي
  • «الشارقة القرائي للطفل» يستعرض التفكير النقدي وأدب الطفل والرويات المصورة
  • فضل الله: المقاومة ستستمر رغم التحديات
  • ياويل عبدالرحيم دقلو الذي لن يجد جحراً يلوذ به
  • من أشعل الحرب في السودان؟ ما الذي حدث قبل 15 أبريل؟
  • الاستسلام للمهزوم
  • ما الذي ستكشف عنه قوات صنعاء في بيانها بعد اقل من ساعة..!