حزن ورعب مع اندلاع الحرب في لبنان
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
ترجمة: بدر بن خميس الظفري
عندما تبدأ أي حرب فـي الشرق الأوسط، يقول الكثير: «لقد شاهدنا هذا الفـيلم من قبل». لكن الأمر ليس بهذه السطحية، فكل حرب هي كارثة فريدة من نوعها، ولها مزيج خاص من الأسباب والنتائج المروعة. كل طفل بريء يموت فـي هذه الحرب هو روح إنسانية لن يتم استبدالها أبدًا.
لقد قمت بتغطية الشرق الأوسط لمدة 45 عامًا تقريبًا، وقد أصبحت أكره هذه الحروب والمعاناة الهائلة التي تجلبها لكل من الإسرائيليين والعرب.
ربما بدا امتداد حرب غزة إلى لبنان هذا الشهر أمرًا لا مفر منه، لكنه لم يكن كذلك. كانت هذه حربًا يأمل الجانبان تفاديها. كانت إدارة بايدن، التي تدرك التكلفة الفادحة، تحاول إيجاد مخرج لمدة 11 شهرًا. لكن المنطق القاسيَ للحرب أثبت أنه أقوى من المنطق الناعم للسلام. لن يتوقف حزب الله عن إطلاق الصواريخ؛ ولن تتوقف إسرائيل عن الانتقام. صعد الجانبان السلم، ولم تتمكن الولايات المتحدة من إيقافهما.
إن العديد من الناس يشعرون بالتزام أخلاقي باختيار أحد الجانبين فـي هذه الحروب. أنا صحفـي، ومن واجبي أن أتحدث إلى كل المتحاربين، إذا استطعت. ولكن هذا لا يعني أنني لا أملك آراء. فأنا أعتقد أن حكم حماس كان مأساة للفلسطينيين فـي غزة وتهديدًا لإسرائيل. وأعتقد أن حزب الله اختطف لبنان وتلطخت أيديه بدماء مئات الأمريكيين.
ولكنني رأيت إسرائيل ترتكب بعض الأخطاء المتكررة أيضًا. ومن المؤلم أن نراها، إذا كنت مثلي تعدّ إسرائيل بمثابة قاعدة متقدمة للديمقراطية فـي الشرق الأوسط.
إن ما أشاهده الآن فـي لبنان يشبه إلى حد كبير ما رأيته فـي عام 1982 عندما كنت مراسلًا شابًا فـي بيروت أغطي الغزو الإسرائيلي فـي ذلك العام. كانت المشكلة، آنذاك كما هي الآن، هي المبالغة فـي الطموح. كانت إسرائيل تريد أن تصل إلى جذور المشكلة، وأن تسحق عدوها الرئيسي فـي ذلك الوقت، منظمة التحرير الفلسطينية. لم يعد هناك أي حل وسط، بل يجب استخدام كل الأسلحة المتاحة.
كانت إسرائيل تتمتع آنذاك بهيمنة عسكرية واستخباراتية مبهرة، تمامًا كما هي الحال الآن. فقد وصلت قواتها إلى ضواحي بيروت فـي غضون أيام. ولكن ماذا بعد ذلك؟ لقد كانت القوة الساحقة التي امتلكتها إسرائيل تخفـي وراءها ضعفًا استراتيجيًا: فلم يكن لدى قادتها إجابة جيدة على السؤال: «أخبرني كيف ينتهي هذا الأمر». واستمر حصار بيروت حتى تمكن الوسيط الأمريكي أخيرًا من التفاوض على خروج زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ومقاتليه. وهكذا وقعت إسرائيل فـي مكان تبين لاحقا أنه كان مستنقعا.
لقد كان من حسن حظي فـي ذلك الوقت أن أتمكن من التحدث مع زعماء إسرائيليين، مثل رئيس الوزراء مناحيم بيجين، فضلًا عن مسؤولين فلسطينيين. وكانت آخر مرة زرت فـيها بيجين فـي أغسطس 1983، بعد أن تفاقمت الحرب فـي لبنان. وقد وصفت الزعيم الإسرائيلي بأنه «الأسد فـي الشتاء»، وفكرت فـي الخسائر فـي لبنان والصدمة التي أحدثتها الحرب لشعبه.
قال يحييل كاديشاي، السكرتير الشخصي لبيجن وزميله منذ أيام منظمة إرجون السرية واصفا بيجَن، «الحقيقة أنه حزين. إنه شخص لا يستطيع أن يظهر وجهه الضاحك عندما يكون الحزن فـي قلبه».
أوضح مساعدوه أن بيجن كان يطلب أن يتم إطلاعه كل يوم على أحدث أرقام الضحايا فـي لبنان وأسر كل جندي إسرائيلي لقي حتفه. كان يعتز بإسرائيل، لكن الأصدقاء أخبروني أنه فـي حالة الاكتئاب التي انتابته كان يخشى أن يكون قد ترك إسرائيل وهي أضعف مما كانت عليه.
إن صعود حزب الله له معنى خاص بالنسبة لي أيضًا. لقد زرت السفارة الأمريكية فـي بيروت 18 أبريل 1983، وغادرت قبل نصف ساعة تقريبًا من هدم المبنى بسيارة مفخخة. وفـي معظم السنوات منذ ذلك الحين، أتبادل الرسائل مع مسؤولة السفارة التي رافقتني إلى المصعد فـي ذلك اليوم. لقد أرسلت لي رسالة بالبريد الإلكتروني الأسبوع الماضي، بعد أن قتلت غارة جوية إسرائيلية إبراهيم عقيل، أحد الذين خططوا لتفجير السفارة فـي ذلك اليوم. يكفـي أن أقول إنها غير حزينة على فقدان عقيل.
إننا نتحدث كثيرًا عن العواقب غير المقصودة للحرب. والحقيقة المروعة هي أن حزب الله ذاته كان فـي بعض النواحي نتيجة للغزو الإسرائيلي فـي عام 1982. فمن خلال طرد منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، أزالت إسرائيل القيد الرئيسي ضد قوة الميليشيات. وبدأت كوادر ما أصبح حزب الله تتجمع على الفور تقريبًا بدعم سري من إيران. وعلى مدى السنوات الأربعين التالية، أرغم حزب الله لبنان على الخضوع.
كان حسن نصر الله، زعيم حزب الله، من بين الشخصيات غير المتوقعة التي أجريت معها مقابلات على مدى عقود من الزمان. لم يكن ذلك الرجل الشرير. ففـي إجابته على أسئلتي، كان ذكيًا وسريع البديهة. وبدا وكأنه مفتون بفكرة التحدث مع أمريكي، وكأنها فكرة جديدة.
ولكن ما أتذكره أكثر من أي شيء آخر هو التفتيش الأمني المكثف الذي سبق المقابلة. فقد قام حراسه الشخصيون بتفكيك أقلامي ودفاتري ومحتويات محفظتي بحثًا عن قنبلة إسرائيلية مخفـية أو جهاز مراقبة. والحمد لله أن هذا كان فـي أيام ما قبل أجهزة النداء. فقد تعرضت المنطقة التي التقيت فـيها بنصر الله فـي الضاحية الجنوبية لبيروت لقصف جوي إسرائيلي فـي الأسبوع الماضي.
من المفترض أن تكون الذاكرة واضحة، ولكنها قد تكون أيضًا ضبابية. قد تعتقد أنك تعرف إلى أين أنت ذاهب، ولكن عندما تحدث أحداث مفاجئة، فإنها تمحو الماضي وكل ما تراه هو الحاضر، والحاجة إلى التصرف. ثم تجد نفسك فـي مكان لم يكن من المفترض أن تكون فـيه أبدًا.
أرجو أن أملك إجابات على الأسئلة التي تطاردنا جميعًا ونحن نشاهد الشرق الأوسط وقد تمزقه حرب متصاعدة الاتساع. والأمر الوحيد الواضح بالنسبة لي هو أن النصر الكامل ليس سوى وهم فـي هذا الصراع، وأن الأمن يشكل ضرورة أساسية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشرق الأوسط فـی لبنان حزب الله فـی ذلک لم یکن
إقرأ أيضاً:
هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها
قالت صحيفة "الغارديان" تقريرا إن أنظار العالم ظلت متركزة على الشرق الأوسط وأوكرانيا، لكن وحشية الحرب تنتشر في أماكن أخرى من العالم.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها ترجمته "عربي21" أن الشعور المنتشر هذه الأيام هو أن العالم أصبح مكانا خطيرا، لكن هل هذا صحيح؟ لا تساعد المقارنات التاريخية للإجابة على هذا السؤال، بحسب التقرير.
يشير التقرير إلى أن القراءة الأخيرة لـ"ساعة القيامة"، والتي تقدم إجراءات رمزية لاقتراب الكوارث الدولية وفق مجموعة من علماء الذرة الدوليين، أن الساعة الآن هي عند 89 ثانية قبل منتصف الليل، مشيرة إلى التهديدات الناجمة عن تغير المناخ والأسلحة النووية والذكاء الاصطناعي. حيث تقدمت ساعة القيامة مرة أخرى أقرب إلى منتصف الليل وسط تلك التهديدات.
وكانت الساعة تشير إلى 90 ثانية قبل منتصف الليل خلال العامين الماضيين.
وقال دانييل هولز، رئيس مجلس العلوم والأمن في "مجموعة القيامة" التي أسسها ألبرت أينشتاين ويوليوس روبرت أوبنهايمر وعلماء مشروع مانهاتن في شيكاغو عام 1947: "عندما تكون على هذه الهاوية، فإن الشيء الوحيد الذي لا تريد القيام به هو اتخاذ خطوة إلى الأمام".
والمهم من تحذيرات العلماء هي أن التهديدات هذه لم تعد تدار بطريقة جيدة. وعززت الكوارث الطبيعية والصحية، مثل حرائق لوس أنجلوس، والجفاف بمنطقة الساحل، واندلاع مرض إيبولا، من مفاهيم أن العالم يخرج عن السيطرة.
ويقول تيسدال إن التصرفات التخريبية للدول والحكومات هي عامل مهم في زعزعة استقرار العالم، من خلال ميلها المتزايد إلى انتهاك ميثاق الأمم المتحدة والحدود الدولية وحقوق الإنسان الأساسية والمحكمة الجنائية الدولية.
فعندما يهدد الرئيس الأمريكي الذي يعد تقليديا الحارس الرئيسي للنظام القائم على القواعد والذي أنشئ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945، بمهاجمة حليف في أوروبا الغربية عسكريا للاستيلاء على أراضيها ذات السيادة، فلا عجب أن يشعر الجميع بمزيد من غياب الأمن. ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما يفعله دونالد ترمب في محاولته ترهيب الدنمارك لتسليم غرينلاند.
ويواجه جيران ترمب في بنما والمكسيك وكولومبيا وكندا ترهيبا مماثلا.
وقامت المنظمة غير الربحية "أماكن النزاعات المسلحة وبيانات الأحداث" المعروفة باسها المختصر "أكليد" بإعداد معلومات وتحليلات للمساعدة في تتبع العنف والتخفيف منه.
وتشير التقديرات إلى أن الصراعات العالمية تضاعفت على مدى السنوات الخمس الماضية، وأن حوادث العنف السياسي في عام 2024 زادت بنسبة 25% عن عام 2023، وأن واحداً من كل ثمانية أشخاص في جميع أنحاء العالم عانى من الحرب.
وبهذه المقاييس، فإن الاعتقاد بأن العالم أصبح أكثر خطورة مبرر تماماً.
وفي حين تحظى بعض الحروب، مثل الحرب على غزة والحرب الروسية الأوكرانية، باهتمام إعلامي ضخم، فإنها تشكل استثناءات.
فمعظم الصراعات الحالية، سواء كانت تنطوي على حروب وغزوات في السودان والكونغو، أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في أفغانستان والتيبت، أو حرب العصابات في هاييتي وكولومبيا، أو المجاعة الجماعية في اليمن والصومال، أو القمع السياسي في نيكاراغوا وبيلاروسيا وصربيا، لا تحظى بالتغطية الكافية أو يتم نسيانها أو تجاهلها.
وتحتاج الحروب المتطورة كتلك بين الصين وتايوان، والولايات المتحدة- إسرائيل وإيران إلى اهتمام قريب. وكل هذه النزاعات تقدم صورة رهيبة عن عالم أصبح مدمنا على الحرب.
الكونغو- رواندا
ولو ألقينا نظرة خاطفة على حالة العالم الحالية والحروب المندلعة فيه فإننا نرى أن الحرب قد اندلعت وتطورت بشكل كبير بين رواندا والكونغو.
فالحرب المستمرة على الحدود بين البلدين أصبحت في مركز الأخبار عندما دخلت القوات الرواندية ومجموعات المتمردين المعروفة باسم "أم23" مدينة غوما في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث اتهمت الأمم المتحدة الرئيس الرواندي بول كاغامي بتوجيه ودعم "أم 23" وإرسال قواته إلى داخل الأراضي الكونغولية.
وفي قلب النزاع صراع على المصادر الطبيعية في منطقة فقيرة من الكونغو، فهي غنية بخام كولتان المطلوب بشدة في الغرب.
ففي الوقت الذي أدى الهجوم الأخير إلى جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي، شجبت فيها فرنسا وبريطانيا رواندا ودعمت الولايات المتحدة سيادة الكونغو على أراضيها، وأعلنت ألمانيا دعمها لرواندا، إلا أن الخطوات هذه متأخرة، وبخاصة أن الاتحاد الأوروبي وقع اتفاقية استراتيجية للمعادن مع نظام كيغالي. كما يأتي شجب بريطانيا فارغا، فقد اعتبرت الحكومة السابقة في لندن نظام كاغامي بأنه نموذج يمكن نقل طالبي اللجوء السياسي في بريطانيا إليه. وأكثر من هذا فالنزاع في الكونغو مستمر منذ عقود.
ميانمار
وهناك النزاع في ميانمار، فقد شهد العام الماضي مقاومة مسلحة للمجلس العسكري الذي أطاح بحكومة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، أونغ سان سوكي عام 2021.
ورد الجنرالات بما أسمته منظمة هيومان رايتس ووتش بأساليب "الأرض المحروقة". وتشمل هذه الضربات الجوية العشوائية ضد المدنيين والقتل والاغتصاب والتعذيب والحرق العمد "التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وتقول الأمم المتحدة إن ميانمار في" سقوط مستمر" حيث سيحتاج 20 مليون شخص إلى المساعدة في عام 2025.
وتم فرض التجنيد الإجباري على الشباب والأطفال باستخدام عمليات الاختطاف والاحتجاز.
ولا تزال أونغ سان سوكي قيد الاعتقال، وهي واحدة من 21 ألف سجين سياسي. ولا يزال المدنيون من أقلية الروهينغا المسلمة مستهدفين في ولاية راكين.
ويظل السياق الأوسع للنزاع في ميانمار هو فشل مجموعة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" للرد على هذا الكابوس وتسامح الصين مع النظام العسكري، فيما تورد روسيا السلاح للنظام العسكري.
هاييتي
وفي هاييتي، التي توصف بأنها أفقر دولة في الجزء الغربي من الكرة الأرضية، ولديها سمعة بأنها غير محكومة، حيث فشلت سلسلة من التدخلات الخارجية قادتها أمريكا بتحقيق الاستقرار.
واحتلت امريكا البلد فعليا ما بين 1915 و 1934. وفي آخر تدخل أمريكي أرسل بيل كلينتون في عام 1994 20 ألف جندي لفرض النظام، ولم يستمر ذلك إلا لفترة مؤقتة، وجاءت قوات الأمم المتحدة وخرجت.
ودخلت هاييتي في الفوضى بعد مقتل الرئيس جوفينل مويس عام 2021 وسيطرت العصابات المسلحة على البلد. وآخر مساعدة خارجية جاءت من كينيا. وقتل في الفوضى الحالية أكثر من 5,300 شخص وشرد 700 ألف شخص.
إثيوبيا- الصومال
أما النزاع الصومالي- الإثيوبي، فقد تعرضت صورة إثيوبيا كنموذج للمساعدات الدولية وجهود التنمية لإعادة مراجعة كبيرة في السنوات الأخيرة، وتزامنا مع صعود رئيس وزرائها، آبي أحمد، إلى السلطة في عام 2018.
ولم يتم حتى الآن تقديم محاسبة كاملة وعلنية للحملة العسكرية المدمرة التي شنها آبي أحمد في إقليم تيغراي الشمالي والتي انتهت بهدنة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
وقد ساءت سمعة إثيوبيا والقوات الإريترية المتحالفة مع متمردي التيغراي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة.
وتتواصل هذه في ظل آبي أحمد إلى جانب تراجع الديمقراطية وقمع حرية التعبير ومنع الإنترنت إلى جانب النزاع مع الصومال بشأن الوصول إلى مياه البحر.
كما يزداد القلق بشأن منطقة أمهرة الإثيوبية، حيث تتصاعد أعمال القمع والاعتقالات واسعة النطاق لمعارضي الحكومة وسط صراع مستمر مع الجماعات المسلحة.
إيران
في إيران فإن نظام الحكم عانى من ضربات موجعة في عام 2024، وخسر عددا من حلفائه في لبنان وسوريا. ويواجه النظام عددا من التحديات المحلية، وليس أقلها السكان وغالبيتهم من الشباب الغاضبين بشكل متزايد على الفساد والعنف والقمع ومن العجز الحكومي. وشهدت إيران خلال الـ 15 عاما الماضية ثلاث انتفاضات واسعة، عام 2009 و2019 و 2022.
تركيا- سوريا
وعلى الحدود التركية- السورية هناك تغيرات كبيرة، فقد استطاعت هيئة تحرير الشام، بقيادة أحمد الشرع الإطاحة بالرئيس بشار الاسد، حليف إيران وسوريا. ورغم ترحيب الغرب ودول الخليج بالتغيير إلا أن الخطوات تجاه إعادة تأهيل النظام الجديد بطيئة. ولكن الوضع الأمني لا يزال هشا في البلد وبخاصة المواجهات بين جماعات الأكراد المدعومة من أمريكا وتلك التي تدعمها تركيا.
السودان
وفي السودان، عادة ما يشير المعلقون الصحفيون إلى الوضع الأمني والكارثة الإنسانية هناك بأنه "النزاع المنسي"، والحقيقة هو أنه أسوأ، فهو ليس منسيا لكن تم تجاهله منذ الفوضى في عام 2023.
نزح الملايين من مدنهم ومجتمعاتهم وانتشرت المجاعة نتيجة للنزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، حيث تتهم الأخيرة بارتكاب إبادة جماعية بدارفور واستخدام العنف الجنسي كوسيلة حرب هناك.
وربما انتهى التجاهل الدولي للسودان في عام 2025، ويقول مدعى الجنائية الدولية، كريم خان إنه سيسعى إلى اعتقال المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب وفظائع أخرى في دارفور على افتراض أنه يمكن القبض عليهم.
وبمعنى ما، يعيد التاريخ نفسه. في عام 2003، أصبحت دارفور مرادفة للإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ارتكبتها ميليشيا الجنجويد، سلف قوات الدعم السريع. مع أن وقف الحرب الأوسع في جميع أنحاء السودان أكثر تحديا.
باكستان- أفغانستان
وعلى جبهة باكستان وأفغانستان، فقد كان تخلي المجتمع الدولي عن أفغانستان لصالح طالبان في عام 2021 مخزيا ومكلفا سياسيا. وخسرت النساء والفتيات الأفغانيات، اللائي تعرضن مرة أخرى لمنعهن مرة من الحريات الشخصية والحق في التعليم وتولي الوظائف.
وفي الأسبوع الماضي، اتخذت المحكمة الجنائية الدولية خطوات لمعالجة هذه الانتهاكات، حيث أعلنت أنها ستسعى إلى اعتقال كبار قادة طالبان مثل هيبة الله أخوندزاده وعبد الحكيم حقاني بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الاضطهاد على أساس الجنس، وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم.
ويظل منظور الاستقرار في أفغانستان عام 2025 موضع شك، حيث تعاني الدولة من الفقر.
كما تبدو باكستان المجاورة غير مستقرة إلى حد كبير بعد عام من الاضطرابات السياسية التي تركت رئيس الوزراء السابق الشعبي عمران خان في السجن وسياسي مدعوم من الجيش، شهباز شريف، في السلطة.
اليمن
في اليمن، وصف البلد بأنه أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم، وربما لا يزال كذلك، على الرغم من الأهوال المتزايدة في السودان.
ولكن منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تحول الاهتمام العالمي بعيدا عن الأزمة المحلية في اليمن إلى الحوثيين. لقد أثارت هجماتهم الصاروخية على السفن الغربية في البحر الأحمر، وعلى "إسرائيل"، دعما لشعب غزة، أعمالا انتقامية من الولايات المتحدة وبريطانيا وآخرين. وبعد وقف إطلاق النار في غزة، توقفت هجمات الحوثيين ضد السفن، لكن الحرب الأهلية الأوسع مستمرة.
الولايات المتحدة- المكسيك
وأخيرا هناك النزاع الأمريكي- المكسيكي، وكأن المكسيك بحاجة للمزيد من المشاكل فوق ما تعاني. فعسكرة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك ومطالبه الصبيانية بإعادة تسمية خليج المكسيك بخليج أمريكا، من المؤكد أنها ستجعل الأمور أسوأ.
وقد حذر مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي الأسبوع الماضي من أن "استخدام ترامب الأساليب العقابية للهجرة سيثقل كاهل دولة المكسيك بمزيد من الأعباء ويعرقل النمو الاقتصادي الإقليمي ويثري العصابات الإجرامية"، مما يجعل البلدين أقل أمانا وأقل ثراء. كما أن سياسة ترامب القائمة على "البقاء في المكسيك" للمهاجرين قد تزعزع استقرار البلد في وقت تعهدت فيه الرئيسة الجديدة كلوديا شينباوم ببداية جديدة.