جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-16@08:24:59 GMT

ولا تَهِنوا.. وأنتم الأعلَوْن

تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT

ولا تَهِنوا.. وأنتم الأعلَوْن

 

مصطفى محسن اللواتي

كانت ليلة من ليالي العمر، ليلة من ليالي السماء؛ حيث البشائر كانت تتنزل وكأنها ليلة القدر..

في حدود الساعة الثالثة فجرًا اكتشفت ان الله استجاب دعائي..

قبلها بليلة كنت كئيبًا، حزينًا، لا أعرف الهدوء، ولا يستقر لي حال.. لم أعرف كيف أنام، ولم أعرف لماذا أنا صاحٍ!! كنت أعيش حالة القلق، الضيق، الانقباض، وغيرها مزيج.

.

ورغم أني إنسان متفائل جدا جدا، وأعيش الابتسامة، وكل وقت أردد مقولة أبي عبدالله الحسين: "هوّن ما نزل بي إنه بعين الله"، إلا أن كل هذا لم يشفع لي، وسنظل بشرا.

الخبر في تلك الليلة، ليلة ولادة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم كان صاعقًا، مؤذيًا، وسبقته اخبار يومين قبلهما، كانت المقاومة فيها تتلقى ضربة وراء ضربة.

في تلك الليلة شمرّت عن كل روحيتي، ورفعت الى الله كل مشاعري، وتوسلت عنده بنبي الأمة محمد أن يكشف هذا البلاء.

وكانت الإجابة، في الليلة التالية، كنت أشاهد فیها ألعابا نارية بهيجة، تعيد روحا غابت، وتبرد قلبا أنهكته الأخبار الكالحة، وتُرجع للوجه ابتسامته الحقيقية..

نعم كنت ليلة رائعة أعدت فيها احتفالي بولادة النبي الأكرم، وقرأت فيها بيني وبين نفسي عدة قصائد في مدحه ومدح أهل بيته الأطهار.

ما أجمله من منظر وأنت تشاهد أعداء الله، وأعداء الإنسانية، تشاهد المحتلين الغاصبين يولولون خوفًا ورعبًا، وهم يختبئون كالفئران في جحور ضيقة، وينامون فوق بعضهم..

ما أجملها من صورة وأنت تتخيل "النتن" ومن لفَّ لفّه من النواتن والأناتن والنتنيّين وآثار الخيبة ومظاهر الانكسار تكسو قسمات وجوههم.

هذا الاطمئنان، وهذه الراحة، وتلك السعادة، كانت كافية لتزويد الروح والقلب والعقل بكل ما يلزم من بنزين يعيد لها حيويتها وإشراقتها، ويجهزها لتحمل كل الضربات المسعورة التي ستأتي لاحقا، فالمقاومة قالت كلمتها إنها موجودة، وهذا يكفي، فنحن نثق بها، وبمصداقيّتها، وبحكمتها وشجاعتها وتقديراتها.

والرد الصهيوني الجنوني لاحقا كان متوقعًا؛ فالصهاينة لأنهم جبناء، فمنهجهم القتل، وعقيدتهم البطش، وهم أحفاد من عاشروا فرعون، فتعلموا منه منطق: "وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ".

فتأتي ردودهم على المدنيين فقط، يضربون يمينا ويسارا، لا هدف لهم إلا تفريغ الغلّ والحقد، تحكمهم السادية والعُقَد، مع اعتقاد غبي أن هذا سيخلخل تماسك حاضنة المقاومة، وغباؤهم هذا يمنعهم من قراءة التجارب السابقة والتي أثبتت أن المقاومة عند معتنقيها عقيدة، ودين، وبين هذا وذاك هي الحُسين، ذلك البطل الذي رسم التاريخ بدمه، وخطّ هذا الطريق، فصار قدوة لكل حرّ أبيّ لا يتنازل عن كرامته.

ما يُفرح القلب في كل هذا المشهد وبعد رد حزب الله المدوي هو موقف "اشباه الرجال" ولا رجال.. أولئك الذين تراكضوا معا في لعق احذية العم سام، وتكالبوا على عزة أمة نبينا الكريم، تجمعوا ولا جامع بينهم إلا بغض الخير والحرية، يذكرني اجتماعهم بما قاله الفنان عادل إمام في إحدى مسرحياته: "اتلم تنْتون على تَنْتنْ.. واحد نِتنٍ والتاني أنتَنْ".

أولئك الذين كست وجوههم غبرة الألم، وعجاج الحيرة، وقتام الإكتئاب، بعضهم اخذ يقلّم أظفاره بأسنانه في حركات لا يقوم بها إلا الممسوس، وبعضهم يذرع الممرات جيئة وذهابا وكأن زوجته تضع مولودا في المستشفى، وآخر لا يترك هاتفه، متنقلا بين هذا وذاك لعل احدا يخفف عليه هستيريته.

بالأمس القريب كانوا منشغلين بالتفتيش في قاموس الألفاظ الفاحشة والدنيئة ليستخدموها ضد أطهر الناس وأشرفهم، في كل شاردة وواردة، وفي كل موقع تصل فيه نجاستهم ونحاستهم ونخاستهم، "فَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ، مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ، عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ".

بالأمس كانوا يراهنون في تحدٍ أن المقاومة لن تفعل شيئا، وشاهت وجوههم حينما قدّم المحور كله اروع امثلة الشجاعة والإقدام وبأفضل التكتيكات.

لم تغب الشماتة عن منهجهم المنحط، فكلما سقط شهيد، أو ضرب الصهاينة موقعا، كانت السعادة لا تسعهم، لتخرج من قلوبهم كل مرادفات كلمة "الحقد"، وتبرز السموم الطائفية التي يقتاتون منها وعليها.

أما قنوات العهر التي ينتمون اليها فلا زالت تبث السم في العسل، فلم تترك صهيونيا الا ودعته ليعبّر عما يدور في خلده من مؤمرات لغسيل الادمغة.

ولكي تكمل -هذه القنوات- رسالة الطائفية البغيضة، وتواصل ما يمكن ان يشفي غليل الصهاينة، اخذت تسمي شهداء لبنان بالقتلى، وكأن الله فوّض لها توزيع المراكز والدرجات، وربما لو فتح لها المجال لسمّت كل صهيوني بالشهيد الحي السعيد، والضحية المظلومة، كما فعلت مع الارهابيين الدواعش في بدايات ظهورهم وقبل ان تصنّفهم سيدتهم امريكا انهم ارهابيون.

ستكون هذه الايام قاسية، وستتكالب قوى الشر مع دُويبة الفصل العنصري، وسنجد لها في اوساطنا دولا وجماعات وافرادا يعملون لدعمها، ولايجاد كل المبررات لها، وتخويف كل من يقف مع المقاومة، بل ومن يقف على الحياد، بنشر الاخبار الكاذبة، وتزييف الصادق منها، وإخفاء كل منجز للمقاومين، واختراع الإشاعات، وتضخيم امكانات العدو، وغيرها كثير.

في ظل هذا الوضع يجدر بكل محبٍّ للمقاومة بكامل محورها، وكل مساند لها، وكل من في قلبه حبٌّ للأقصى الشريف، ولحرمات الله، وكل من في قلبه حب الإنسانية.

يجدر به في ظل هذه الاوضاع:

- الامتناع عن كل حديث طائفي يشتت الساحة، ويشغل الناس عن الدعم المستمر لمحور المقاومة.

- عدم تداول أخبار قنوات ومحطات الكيان الغاصب، بل وكل محطات العهر السياسي والطائفي والتي كل همها تمزيق صفوف المقاومة بتفريق من يحبها ويدعمها "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ".

- التركيز على إنجازات المقاومة، ونشر أخبارها في أوسع نطاق ممكن، لخلق الالتفاف حولها.

- خلق حالة التفاؤل، وإيجاد روح الحماس، وبث هدير الثقة في هذا المحور النبيل الذي يدافع عن كرامة الأمة كلها.

- ترك التحليلات، والنقاشات، والحوارات التي يمكن أن تخلق حالة من عدم الاطمئنان، وتسبب الضيق والاكتئاب، فهذا ليس وقتها إطلاقا، وترتيب الأولويات مسألة عقلية منطقية، فالمقاومة بأمس الحاجة لروح الجهاد والنضال والإيجابية.

- ويظل الدعاء أقوى الأسلحة التي يمكننا بها أن نقهر العدو الغاصب، فالارتباط بالله، واللجوء إليه، وطلب النصر منه، له أثر عجيب، ومفعول غريب، وما كان الله ليخيب عبدًا توسل إليه بإخلاص، وتوجه إليه بإيمان، وربنا هو القائل في كتابه: "أليس الله بكافٍ عبده".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دار الإفتاء توضح أجر المرأة التي تعمل لأجل الإنفاق على ذاتها أو أسرتها عند الله

قالت دار الإفتاء المصرية خلال منشور عبر صفحتها الرسمية، إن المرأة التي تعمل لأجل الإنفاق على ذاتها أو صغارها وأسرتها، فقد نالت بابًا عظيمًا من أبواب الأجر والثواب، خصوصًا إذا كانت هي التي تعيل الأسرة ويعتمد عليها بشكل كلي لسد احتياجات الأسرة.

واستشهدت دار الإفتاء بآية من القرآن الكريم في قصة موسى عليه السلام، حيث عملت الفتاتان على رعي الغنم لأبيهما «قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير» (القصص: 23)، لتؤكد أن دور المرأة العاملة في الإنفاق على بيتها وأبنائها له أصل في الإسلام.

ولفتت دار الإفتاء أيضًا إلى أنه كان هناك نماذج من النساء في عهد الصحابة والتابعين كن يعملن في مهن متنوعة مثل الرعي والزراعة لمساندة أزواجهن أو للإنفاق على أسرهن، مما يعكس أن الإسلام يدعم المرأة التي تعمل بآداب الشرع الإسلامي وبدون تقصير في مسؤولياتها تجاه زوجها وأبنائها.

وشددت دار الإفتاء على أهمية دعم هؤلاء النساء، وتجنب الحكم عليهن بنظرات سلبية تزيد من متاعبهن، فدعم المرأة التي تسعى لكسب رزقها بالحلال يُعتبر واجبًا شرعيًا واجتماعيًا.

اقرأ أيضاًحكم سماع الموسيقى والأغاني.. دار الإفتاء توضح الرأي الشرعي

دار الإفتاء: يجوز تكرار صلاة الاستخارة بما يزيد عن 7 مرات لهذا السبب

الأزهر يطلق قافلة دعوية بشمال سيناء بالتعاون مع الأوقاف ودار الإفتاء المصرية

مقالات مشابهة

  • طيارون أمريكيون شاركوا بصد الهجوم الإيراني على إسرائيل: كانت ليلة مرهقة وأول اختبار حقيقي لقواتنا
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. إن كانت للجدران آذان فإن للملائكة أقلامًا
  • مآسي من لا علاقة لهم بعمليات حماس وحزب الله
  • دار الإفتاء توضح أجر المرأة التي تعمل لأجل الإنفاق على ذاتها أو أسرتها عند الله
  • حزب الله بأبرز مفاجآت أولي البأس: قصف الكرياه
  • علي جمعة: ولي الله إختفى فى الناس كاختفاء ليلة القدر فى العشر الأواخر من رمضان
  • الصهاينة الوظيفيون
  • شاهد- حزب الله يدك قاعدة (تل نوف) الصهيونية في يافا
  • فضل الله: لا خيار لشعبنا سوى مواصلة المقاومة
  • برلماني فرنسي لماكرون: لا تنسوا وأنتم تصفقون لفريق يمثّل دولة ترتكب إبادة جماعية أنه لم يعد هناك ملعب في غزة