الولايات المتحدة تعلن مساعدة إنسانية جديدة للسودان بقيمة 424 مليون دولار
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، مساعدة جديدة بقيمة 424 مليون دولار إلى النازحين السودانيين خلال اجتماع رفيع المستوى في الأمم المتحدة بشأن الحرب الدامية المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقالت البعثة الأميركية إلى الأمم المتحدة إن المساعدات تشمل 175 مليون دولار ستشتري بها واشنطن فوائض غذاء من مزارعيها لصالح النازحين في السودان ودول الجوار، بعدما حذّر تقييم مدعوم من الأمم المتحدة من خطر مجاعة واسعة النطاق.
وحذّر المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، الأحد، من أنّ الوضع في السودان "يائس" والمجتمع الدولي "لا يلاحظ ذلك"، مشيرا بالخصوص إلى أوضاع النازحين الذين يحاولون الفرار من البلد الغارق في الحرب.
وقال غراندي إنّ "هذه الأزمة الخطيرة للغاية - أزمة حقوق الإنسان وأزمة الاحتياجات الإنسانية - تمرّ دون أن يلاحظها أحد تقريبا في مجتمعنا الدولي" المنشغل بأزمات أخرى، من أوكرانيا إلى غزة.
وأوضح أنّه منذ بدء الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023 "نزح أكثر من 10 ملايين شخص من ديارهم"، بينهم أكثر من مليوني سوداني لجأوا إلى دول أخرى.
لكنّ "ما يثير القلق" بالنسبة للمسؤول الأممي هو أنّ "الناس بدؤوا ينتقلون إلى ما هو أبعد من الجوار المباشر في محاولة منهم للعثور على المساعدة في مكان أبعد".
وأضاف "على سبيل المثال، شهدنا زيادة كبيرة في عدد اللاجئين الذين يصلون إلى أوغندا"، مشيرا إلى أنّ 40 ألف شخص وصلوا إلى هذه الدولة التي لا تربطها حدود مشتركة مع السودان.
وتقع أوغندا جنوبي دولة جنوب السودان الغارقة بدورها في أزمة متعددة الأبعاد.
وأعرب غراندي عن خشيته من إمكانية أن يذهب هؤلاء اللاجئون "أبعد حتى" من هذا البلد.
وأوضح أنّ "أكثر من 100 ألف سوداني" وصلوا أيضا إلى ليبيا، "ولسوء الحظ، بسبب وجود شبكات تهريب والقرب من أوروبا، يحاول كثيرون منهم ركوب قوارب للذهاب إلى إيطاليا أو دول أوروبية أخرى".
وتابع "لقد حذّرنا الأوروبيين"، مشدّدا على أنّه إذا ظلّت المساعدات الإنسانية للسودان غير كافية فإنّ السودانيين "سيواصلون المضي قدما" على طريق الهجرة.
وحذّر المفوّض السامي من أنّه "للأسف، بدأت هذه الأزمة تؤثّر على المنطقة بأكملها بطريقة خطرة للغاية".
وتستقبل كلّ من تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى عشرات آلاف اللاجئين السودانيين، وكذلك تفعل مصر الحدودية مع السودان.
ولفت غراندي إلى أنّ "وصول أعداد كبيرة من اللاجئين من بلد غير مستقرّ مثل السودان أخاف الحكومة المصرية" التي فرضت قيوداً على وصولهم، مشيراً إلى أنّ القاهرة أبقت على قسم كبير من هذه القيود على الرغم من الدعوات التي وجّهت إليها لتخفيفها.
ومنذ أبريل 2023، تدور حرب طاحنة بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق الفريق محمد حمدان دقلو.
وخلّفت هذه الحرب عشرات آلاف القتلى، في حين يواجه حوالي 26 مليون سوداني انعداما حادا في الأمن الغذائي.
وأُعلنت حالة المجاعة في مخيّم زمزم الواقع في إقليم دارفور قرب مدينة الفاشر حيث شنّت قوات الدعم السريع في نهاية الأسبوع الماضي هجوما "واسع النطاق" بعد حصار استمرّ أشهرا عدّة.
وقال غراندي "ليست لدينا سوى معلومات متناثرة حول ما يحدث داخل" الفاشر.
وبحسب خبراء أمميين فإنّ هجمات قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها تسبّبت في 2023 بمقتل ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص في مدينة الجنينة وحدها، عاصمة ولاية غرب دارفور.
وأعرب المفوّض السامي عن أسفه لأنّ المجتمع الدولي لم يعر الأزمة في السودان الاهتمام الكافي، حتى قبل اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر.
وقال إنّ الحرب في السودان كانت "مهمّشة إلى حدّ بعيد" رغم آثارها الهائلة، معربا عن أسفه "لحالة نقص الاهتمام المخيفة والصادمة" بالأزمات التي تعصف بأفريقيا، من منطقة الساحل إلى جمهورية الكونغو الديموقراطية.
وتساءل غراندي "ما هو مستقبل بلد مثل السودان الذي دمّرته الحرب حتى لو حلّ السلام فيه؟"، مشيرا إلى أنّ الطبقة المتوسطة التي أبقت هذا البلد "صامدا" طيلة عقود من الاضطرابات والحروب "تمّ تدميرها" الآن.
وقال "هم يعلمون أنّ الأمر انتهى: لقد فقدوا أعمالهم، ودُمرت منازلهم، وقُتل العديد من أحبائهم. إنّه أمر فظيع"، وبالتالي "ما هو مستقبل الشعب السوداني؟".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
عام آخر والناس في متاهة الحرب أين الطريق ؟
خالد فضل
يلملم العام 2024م أيامه الأخيرة ليطوي من روزنامة الأعوام صفحاته الإثني عشر . بما مضى وليس فيه تجديد . ذات المتاهة التي خبرها الناس في السودان عام إثر عام منذ أنْ رفرف لهم فوق السارية (عنوان) لو دقق الناس في تفاصيل سنواتهم الطويلة 69سنة بالضبط , لألفوا أنّ أحد عشر عاما فقط (مارس72_مايو1983م) هي الفترة الوحيدة تقريبا التي لم تُشرع فيها بنادق الحكومة ضد بنادق بعض ابناء الوطن على نطاق واسع , في شكل حرب مستمرة ضد ما يُسمى (التمرّد). وحتى سنوات السلام تلك تخللتها معارك لثلاثة أيام في الخرطوم بين قوات الجيش وقوات الجبهة الوطنية المعارضة (الإخوان المسلمون, حزب الأمّة , الحزب الإتحادي الديمقراطي) في يوليو 1976م وبطبيعة حال الأنظمة العسكرية الديكتاتورية التي سيطرت على سبع وخمسين سنة من سنوات الإستقلال , ظلّت الدعاية المستمرة ضد المعارضين بوصفهم خونة وعملاء ومرتزقة ومخربين , لم يوصفوا أبدا بأنهم معارضون لنظام الحكم . وقد ظلّت المفارقة كذلك حاضرة طيلة هذه العهود المظلمة من تاريخ القمع والإستبداد والحكم العسكري ؛ تتمثّل في أنّ ما من معارض أطلقت عليه صفات الذم كلها في مرحلة إلا وعادت ذات الجهات الحكومية تنعته بصفات المواطنة الصالحة , والوطنية القُحة , بل وتأهيله لتولي المناصب الرفيعة والمسؤوليات العظيمة في نفس دولاب الحكم . حدث هذا من أيام جوزيف لاقو وأنانيا الأولى في عهد ديكتاتورية المشير النميري وإلى وقت أبوعاقلة كيكل الآن في ظل ديكتاتورية (البرهان/كرتي) ! لقد فقدت صفات القدح والمدح معناها , وباتت مثل القميص يُلبس ويُخلع حسب المزاج . أتصوّر لو أنّ صفة (معارض) فقط قد أُستخدمت في وصف المخالفين لتوجه السلطة , لكان في ذلك تمرين جيّد للشعب وتربية حسنة للأجيال المتلاحقة , وتدريب ديمقراطي بحيث يقرُّ في أذهان الناس معنى الحكم والمعارضة , وهذا يجنّب البلاد شرور الإنزلاق المستمرنحو الهاوية بفضل خطاب الكراهية وتجريد الآخر من كل فضيلة , ومن ثمّ رفعه بدون مقدمات إلى مراقي التبجيل , حتى ليخال للناس أنّ صفات القدح تستخدم رافعة نيل المدح.
ها هو العام 2025م يطلّ , والحرب تدخل عاما ثالثا بتوالي السنوات , وشهرها الحادي والعشرين بحساب الايام , وقد توقفت تقريبا مساعي وجهود وقفها , وصارت الدعوات خفيضة متناثرة هنا وهناك .لقد سئم العالم من بلد شيمة حكامه العسكريين الرفض لكل مسعى للسلام , بلد يقوده من هم أقصر قامة عن بلوغ مراقي الحكم , وسيلتهم العنف وطريقهم الإنقلاب العسكري عن طريق المؤسسة المتخصصة في الإنقلابات وتفريخ المليشيات وممارسة أفظع الإنتهاكات . تلك هي الحقيقة المجرّدة لمن يروم طلبها .
تلوح في الأفق دعوات تكوين سلطة موازية , دعنا نمضي مباشرة للقول ؛ في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع . وتحت حمايتها , فهل ستكون أقلّ وطنية من حكومة وزيرها ذاك , ومليشياتها تتدرّب وتخرّج عناصرها في دولة مجاورة !! ما الحق الذي يستند إليه البرهان ,هل هو الإنقلاب ؟ وهل الإنقلاب فعل سلمي راشد منتخب لتصحيح مسار الثورة ؟ أم هو مثل الحرب استحواز بالقوة على حقوق الآخرين , سلطة بفوهة البادق . بل الأدهى وأمر مباشرة شؤون الحكم بطريقة استفزازية , بقصر الخدمات الروتينية للدولة في نطاق هيمنة قوات مسلحة متعددة المليشيات وحرمان من هم خارج نطاق سيطرتها من تلك الخدمات النقدية والتعليمية والوثائق الثبوتية وتوصيل المعونات الإنسانية .هل مطلوب من المواطنين المصنفين أعداء أنْ يهللوا ويكبروا لكل براميل مفخخة تهبط على رؤوسهم جزاءا وفاقا , وأنْ يمتدحوا إتهامهم بموجب قانون الوجوه الغريبة أو يصفقوا طربا لمنشورات النائب العام وكروته السياسية ضد المعارضين للحرب الساعين للسلام ! سجل الدعم السريع موغل في الهمجية والانتهاكات , هذا صحيح لكنه مع ذلك يساوي في ظلمه وانتهاكه بدون فرز وقد قيل المساواة في الظلم عدالة . . هل هو الخوف من تقسيم السودان ؟ وهل كان السودان موحدا حتى يُخشى تقسيمه ؟ أم هي وحدة القمع والقهر والحروب المستمرة ؟ في الحقيقة الآن وقبل تشكيل حكومة الدعم السريع المزمعة توجد سلطات مدنية تدير شؤون الناس في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق, وبعض مناطق جبل مرّة , فما هو التقسيم إذا كانت تلك هي الوحدة ؟ أنّ سلطة يقودها حميدتي و التعايشي و الهادي إدريس والطاهر حجر تعادل سلطة البرهان والكباشي والعطا وجابر وعقار ؛ إذ جميعهم كانوا أعضاء مجلس السيادة الإنتقالي , فلا شرعية لمجموعة منهم تزايد بهاعلى الآخرين .إن أردنا الحق , صاحب الشرعية الوحيد من كل هؤلاء هو (التعايشي) , فهو من جاءت به الوثيقة الدستورية الأصل , وانقلب عليها الأخيرون في أكتوبر2021م. ولعل تجميد عضوية السودان في الإتحاد الإفريقي بموجب دستوره ؛ تقدّم أسطع دليل على عدم دستورية مجلس السيادة عقب الإنقلاب بمن فيهم حميدتي و الهادي وحجر . يبقى موضوع الشرعية غير ذي جدوى في هذه الحال . ولكن يمكن السؤال ماذا يمكن أن تفعل ؟
فهل يمكن أن تعلن مباشرة استعدادها لإبرام إتفاق شامل , و وقف لإطلاق النار من جانب واحد _إلا في حالة الدفاع عن النفس_ لفترة محددة . فتح جميع الممرات لتوصيل المساعدات الإنسانية بوساطة المنظمات وتحت حمايتها , العمل مع الأمم المتحدة وكل وكالاتها وهيئاتها المعنية بما في ذلك برنامج تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل .دعوة لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان والتعامل معها . التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية . منح الأوراق الثبوتية لجميع السودانيين دون تمييز . تأسيس نظام قضائي ونيابي بالتعاون مع الأمم المتحدة حتى يلبي مواصفات العدالة كما أقرتها مواثيق حقوق الإنسان .عقد تفاهمات مشهودة مع حركة جيش تحرير السودان /عبدالواحد , والحركة الشعبية شمال/الحلو يضمن على الأقل معاهدة عدم إعتداء والتعاون في المسائل المشتركة بما يمكن من تطويره لإتفاق شامل يمكن أن تنضم إليه بقية اقاليم السودان . عقد مؤتمر أهلي شامل لجميع مكونات أقاليم سيطرتها لا يستثني أحدا للخروج بعقد إجتماعي للعيش المشترك ويوقف خطاب الكراهية و الحزازات الإثنية والقبلية والعنصرية والجهوية ويجرّمها. تأسيس جهاز شرطة مدنية وجهاز أمن ومخابرات مهني إحترافي تحت سيطرة السلطة المدنية . العمل على تنظيم وهيكلة وإصلاح قوات الدعم السريع ودمج كل الفصائل لتكون جيش مهني موحد بالإستعانة بالخبرة الدولية في هذا المجال ودعوة الأمم المتحدة للإشراف على تلك الخطوات .فتح الابواب أمام التعاون الإقليمي والدولي في مجالات الإستثمار وتنمية وتطوير البنى التحتية والثروات المهولة في تلك الأقاليم . توفير الخدمات الأساسية من تعليم وصحة مجانا . حرية التعبير والتنظيم السلمي وتكوين المنظمات السلمية وفقا لقوانين ديمقراطية ودعوة كل التنظيمات السياسية لعقد مؤتمر قومي تمهيدا للمؤتمر الدستوري . كفالة حرية السفر والتنقل دون عوائق في داخل الإقاليم . إنشاء سلة عملات مختلفة للتعامل الإقتصادي والتجاري . وغير ذلك من مهام يمكن أن تؤديها . فهل يمكن أن يكون ذلك طريق للجم تهوّر ومكائد الفاسدين من سدنة النظام المباد الذين أشعلوا الحرب , ويقودونها لحرق كل البلاد إنتقاما من الشعب الذي أعلن جهرا رفضه لحكمهم البغيض , أم على أسوأ الفروض تصبح كما قال القدال عليه الرحمة مقتبسا الحكمة الشعبية (الممطورة ما بتبالي من الرش ) , تساؤلات مطروحة للنقاش , وسيد الرايحة يفتح خشم البقرة كما في مثل سائد عند أهلي في الجزيرة .
الوسومخالد فضل