حدث إغلاق مكتب قناة الجزيرة في رام الله وسط الضفة المحتلة بأمر مما يسمى "القائد العسكري" الإسرائيلي، والذي تلاه مدير مكتب القناة في فلسطين وليد العمري أثناء الاقتحام، كشف عبر الهواء مباشرة عن هوية الحاكم الحقيقي هناك.
كل الأجسام والهياكل السلطوية والمسميات الوظيفية للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير والأدوار وأفلام السيطرة يتم هدمها بورقة يحملها مجند صهيوني؛ فحواها أنك جزء تابع لنظام احتلال قائم يعلق لافتة ورخصة سياسية معلنة.
هذه هي حقيقة التمثيل الرسمي لدينا، والذي سقفه ضابط صهيوني يفتح ويغلق، ويمنح الإذن ويمنعه عن الرئيس وكل سطلته. هذه أكبر خدعة انطلت علينا كفلسطينيين، فالكيان لم يمنح من قدموا له أفضل خدمة أمنية وأثمن تنازلات في تاريخ القضية الفلسطينية؛ سيادة ولو شكلية ليقدموا بالحد الأقل إجابات مطاطة كاذبة عن ثمار مسار عمره عقود من هدايا السلام والدبلوماسية الوضيعة،كل الأجسام والهياكل السلطوية والمسميات الوظيفية للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير والأدوار وأفلام السيطرة يتم هدمها بورقة يحملها مجند صهيوني؛ فحواها أنك جزء تابع لنظام احتلال قائم يعلق لافتة ورخصة سياسية معلنة بل تركوا لنا إرثا من التاريخ يحاكمنا على هذه الفترة، أنتج لنا نظام فصل عنصري وضابطا ينشر أوامره في جريدة وقائع خاصة به يمكن أن نسميها "جريدة أوسلو".
ما رأيته وسمعته عند مدخل مكتب الجزيرة كان صوت الحاكم وصورته، يفجر ويقتحم ويطرد ويصادر ويمزق. هذا هو صوت القوة هناك، الذي نبت من غصن الزيتون الذي حملناه قبل 31 سنة.
الجزيرة التي نقلت أوسلو تدفع اليوم ثمنها أيضا، كما دفعنا ودفع الآخرون، فأوسلو هي التي أعطت الحقّ للاحتلال لاقتحام ومطاردة من تشاء في الأراضي الفلسطينية تحت بند ما تسمى "المطاردة الساخنة"، التي تعني حق الكيان في ملاحقة من يعرّض أمنه ومستوطناته للخطر.
كل المواقف الغربية أدانت إغلاق مكتب الجزيرة، لكن أحدا لم ير ما خلف الشاشة، وتجاوز الجميع عن الوضع الذي أنتج هذه الحالة، ولم تُحسن السلطة التي ارتخى فكها السفلي إلى الأسفل أكثر؛ استثمار الموقف ولو تلميحا أو على سبيل التصعيد الإعلامي؛ لأن جوهر الحقيقة هو أن السلطة كانت سببا كبيرا لكل هذه المآسي وغطاء لها.
ولا أستبعد أن السلطة التي أعطت الترخيص للجزيرة، نسقت لوصول الجيش إلى إغلاقها، أي أنها قدمت الترخيص بيد وسحبته بالأخرى، في ظل ما نعرفه عن مواقف مسؤوليها تجاه القناة أولا، ثم في توقيت تشهد فيه مدن الضفة ومخيماتها مقاومة صاعدة ضد عدوان الاحتلال، أو ضد ما تعرف بأنها أكبر عملية عسكرية إسرائيلية بالضفة منذ عام 2002، في وقت تقتضي فيه الأبعاد المصلحية للسلطة حجب الحقيقة عما يجري، وعن سلوكها تجاه ما يجري، ومنع ما تصفه بـ"التحريض" هناك.
منع الجزيرة في الضفة المحتلة يحمل مخاطر كبيرة في ظل المرحلة الحالية المفصلية والانتقالية في تاريخ شعبنا وقضيته، وهي مرحلة ممهورة بسيل من الدماء، وربما يكون إنذارا أو مقدمة لشيء يتم التحضير له إسرائيليا في الضفة، وهو المؤكد.
الجزيرة ليست أي وسيلة إعلامية عربية، أي أن تبعات إغلاقها لن تكون اعتيادية وقد تكون محاولات حجبها مؤثرة، وهي عمليا تتعرض لملاحقة ومطاردة سياسية من حكومة نتنياهو في كل فلسطين المحتلة؛ لأنها سبب أساسي في خسارة الاحتلال لصورته أمام الرأي العام الدولي وفضحه، لكن بالتأكيد سيجد زملاء شيرين أبو عاقلة ألف طريقة للانتصار في معركتهم مع الكيان ونتنياهو والأمر العسكري والتنسيق الأمني وحملة التحريض، ورميهم جميعا بالحقيقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجزيرة الاحتلال السلطة الفلسطينية الجزيرة الضفة الغربية الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
حولتها إلى سجن كبير..الخارجية الفلسطينية: إسرائيل تنكل بالمواطنين في الضفة لتهجيرهم إلى الخارج
قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية اليوم الثلاثاء، إن إسرائيل تقيد حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية عبر قرابة 900 حاجز وبوابة حديدية.
وقالت الوزارة في بيان إن نشر السلطات الإسرائيلية ما يقارب 900 حاجز وبوابة حديدية تقيد حياة الفلسطينيين وتتحكم في حركتهم داخل البلدات والقرى والمخيمات، ما يؤدي إلى تمزيق أوصال الضفة الغربية، وتحويلها إلى سجن كبير يضم مئات السجون الفرعية المغلقة. واعتبرت الوزارة أن الحواجز العسكرية الإسرائيلية تعد "أبشع أشكال العقوبات الجماعية المفروضة على المواطنين، والأسر الفلسطينية خاصة في شهر رمضان، حيث تجبرهم قوات الاحتلال على تناول إفطارهم عند هذه الحواجز في مشهد يذكر بأسوأ أنظمة الفصل العنصري في التاريخ".وأوضحت الوزارة أنها تنظر "ببالغ الخطورة إلى سياسة الاحتلال وإجراءاته" في الضفة الغربية، مؤكدة أن هذه الحواجز "لا تخدم أي أهداف أمنية بل تهدف إلى التنكيل بالمواطنين الفلسطينيين، وتقويض صمودهم، لدفعهم قسراً إلى البحث عن حياة أفضل خارج وطنهم".
وقالت الوزارة إن الحواجز "ليست سوى أداة ممنهجة لتأجيج العنف وإشعال الصراع، في تناقض صارخ مع الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق التهدئة ووقف إطلاق النار".
وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك العاجل "لإلزام الاحتلال برفع جميع حواجزه وتسهيل حركة الفلسطينيين، وضمان وصولهم بحرية إلى بيوتهم ودور العبادة خلال الشهر الفضيل".
ولم يصدر أي تعليق إسرائيلي رسمي على نشر الحواجز والبوابات، إلا أن صحيفة "هآرتس" قالت منذ أيام إن التغيير الكبير جاء الشهر الماضي بعد أن أمر المستوى السياسي في إسرائيل الجيش بإضافة عشرات الحواجز التي يوجد فيها جنود على الشوارع المؤدية إلى المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، إضافة إلى الحواجز التي وضعت عند اندلاع الحرب مع قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وقالت الصحيفة إن الأمر أعطي عقب طلب من المجلس الأمني السياسي المصغر الإسرائيلي، بذريعة أن الأمر وسيلة لمنع الاشتعال بسبب إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، في إطار صفقة التبادل مع حماس.