اقتصادي: التسعيرة الجبرية أنسب طريقة لمواجهة ارتفاع الأسعار
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
قال الدكتور محمد حمزة الحسيني، الخبير الاقتصادي، إن المجتمع المصري يُصارع منذ أكثر من عامين في مواجهة طوفان الأسعار، ومنذ أن اتجهت مصر في ثمانينات القرن الماضي إلى تحرر الأسعار والتوجه إلى الرأسمالية جعلت المواطن تحت رحمة التاجر.
وأضاف “الحسيني”، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “من القاهرة”، المذاع على قناة “النيل للأخبار”، أن التسعيرة الجبرية هي إحدى آليات الرقابة على الأسواق المرتبطة بالأنظمة الاشتراكية، والمعتمد على وضع تسعير جبري لكل سلعة تلتزم به الأسواق، ويتم تجريم عمليات البيع بما يُخالف ذلك، إلى أن هذه الآلية تم استخدامها في مصر عقب الكساد العظيم في نهاية العقد الثالث من القرن العشرين، وما نجم عنه من آثار تطلبت إعادة النظر في السياسة الاقتصادية التي كانت سائدة آنذاك، فتدخلت الحكومة لتثبيت أسعار الحاصلات الزراعية بعد أن ثبت لها أن رجال الأعمال لا يهتمون إلا بزيادة أرباحهم الاحتكارية على حساب المستهلك، فصدر المرسوم بقانون رقم 101 لسنة 1939 والذي وضع حدًا أقصى لأسعار المواد الغذائية والأولية وأنشأ لجنة مركزية لتحديد الأسعار يرأسها وزير التجارة والصناعة، وتم إيقاف العمل به عام 1945، حيث أُنشئت وزارة التموين والتي أنيط بها هذه المسألة، وتم العمل بالمرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 بشأن التسعير الجبري.
وأوضح أنه تم تطبيق التسويق التعاوني لبعض الحاصلات الزراعية وتحديد أسعار بيع المدخلات اللازمة للإنتاج الزراعي والمخرجات التي يقوم بإنتاجها وهي العملية التي أوقفت بعد الانفتاح الاقتصادي والأخذ بآلية السوق بالكامل، مشيرًا إلى أنه مع تسليمنا الكامل بأهمية آلية السوق فإننا نرى وكما ذكرت أحد تقارير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وقد انتشر هذا النموذج في مصر خلال فترة الخمسينات وستينات القرن الماضي، غير أنه مع تحول مصر التدريجي نحو السوق الحرة تراجعت الحكومة بشكل تدريجي عن استخدامها بنهاية الثمانينات مع إعطاء مجال أوسع لآليات السوق الرأسمالية، والتي تعتمد في تسعير السلع والخدمات على قوى العرض والطلب.
وأشار إلى أن كافة القوانين والتشريعات المصرية وحتى الدستور المصري أكد تبني الدولة المصرية فكر النظام الرأسمالي، والذي يؤمن بالحريات الاقتصادية وتفعيل قوى العرض والطلب في ضبط الأسواق وحماية المستثمرين والقطاع الخاص من تدخل الدولة في الاقتصاد بعيدًا عن دورها الرئيسي في تنظيم السوق والرقابة عليه، ووفقًا للمادة 10 من قانون جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية يجوز بقرار من مجلس الوزراء تحديد سعر البيع لمنتج أساسي لفترة زمنية محددة، وذلك بعد استطلاع رأي الجهاز، ولا يُعتبر نشاطًا ضارًا بالمنافسة أي اتفاق تبرمه الحكومة بقصد تطبيق الأسعار التي تم تحديدها.
وعن إمكانية نجاح التسعيرة الجبرية في ضبط السوق، لفت إلى أن الحكومة تحتاج إلى أدوات مطلوبة للتطبيق، وهناك العديد من الآليات التي يمكن اتباعها لضبط الأسواق كمطلب دستوري أشارت إليه المادة 37 منه، ولن ينجح ذلك إلا من خلال وجود رقابة فعالة على الأسواق لمواجهة الأفعال والتصرفات الضارة بالسوق، وكذلك لمواجهة الآثار السلبية الناشئة عن أفعال تهدف إلى الإضرار بالمستهلك.
ونوه بأنه يجب العمل على إصلاح قانوني جهازي حماية المستهلك وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بغية إعطائهما المزيد من الصلاحيات وإعادة النظر في الوضع الحالي لمجالس إدارتهما؛ كما يُمكن التفكير في إعادة إنشاء جهاز تخطيط الأسعار الذي كان معمولًا به داخل وزارة التخطيط، وفقًا للقرار الجمهوري رقم 2017 لسنة 1971 والذي استمر العمل به حتى عام 1977 حيث كان يقترح أسس السياسة السعرية وتحديد أسعار السلع والخدمات التي تتطلب حماية اجتماعية من جانب الدولة وتحديد المعايير الاسترشادية للتسعير وفقًا للتكاليف الإنتاجية وكفاءة تشغيل المنشآت، مع تحليل هيكل الأسعار القائم ودراسة مكوناته ومقارنته بالأسعار الدولية والبديلة، وكذلك العمل على إصلاح وتطوير المصانع المتعثرة والأصول غير المستغلة وتحولها إلى أصول كفء عن طريق زيادة معدلات الكفاءة والإنتاجية لهذه الأصول.
وأكد أن الأمر يتطلب سياسة متكاملة للإصلاح تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع والمتغيرات المحلية والإقليمية وإجراءات مساندة للفئات الهامشية ومحدودي الدخل، وذلك انطلاقًا من كون السياسة الاقتصادية يجب أن تظل في خدمة الأفراد والمجتمع؛ إذ يجب أن يكون النمو مواليًا للفقراء وموسعًا لقدرتهم وفرصهم وخيارات حياتهم، وذلك في إطار يهدف إلى توفير السلع الأساسية والضرورية للمواطنين، خاصة محدودي الدخل بأسعار في متناول أيديهم ومع ذلك لا يجوز أن ندع التجار يتحكمون في لقمة عيش المواطن المصري والسنوات الماضية أثبتت بالقطع أن ضمير التجار اختفى ولا يهمهم غير ربحهم الشخصي على حساب المواطن المصري.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحكومة مصر قنا اقتصاد مجلس الوزراء السوق وزارة التموين إلى أن
إقرأ أيضاً:
إجراءات حكومية لزيادة المعروض من السلع في الأسواق.. وتحقيق التوازن في الأسعار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، اجتماعًا؛ لمُتابعة جهود توافر السلع وضبط الأسواق، وذلك بحضور الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، والدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، والمهندس مصطفى الصياد، نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضي.
وفي مُستهل الاجتماع، أكد رئيس مجلس الوزراء اهتمام الحكومة بمتابعة توافر جميع السلع بالأسواق على مستوى الجمهورية، وكذا استمرار العمل على مُراقبة الأسواق وتكثيف الحملات التي من شأنها أن تسهم في ضبط حركة الأسواق وتحقيق التوازن في الأسعار.
وجدد رئيس الوزراء، التأكيد على ضرورة زيادة جهود القضاء على الحلقات الوسيطة، بما يسهم في وصول السلع للمواطنين بأسعار مناسبة، لافتًا في هذا الصدد إلى أهمية التوسع في إقامة المزيد من منافذ ومعارض بيع السلع على مستوى الجمهورية، هذا إلى جانب المنافذ المتحركة، للوصول بالسلع للمواطنين في مختلف مناطق الجمهورية.
وخلال الاجتماع، أشارت الدكتورة منال عوض، إلى جهود وزارة التنمية المحلية للتصدي لمشكلة زيادة أسعار بعض السلع الغذائية، وما يتم من تنسيق وتعاون مع الوزارات والجهات المعنية لمواجهة هذه المشكلة، لافتة إلى ما تم عقده مؤخرا من اجتماعات في هذا الصدد، بحضور وزيرى التموين والتجارة الداخلية، والزراعة واستصلاح الأراضي، ومسئولي الجهات المعنية، حيث تم مناقشة واستعراض التوجيهات الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء، وما تتضمنه من إنشاء لجنة دائمة للسيطرة على الأسعار، والتوافق على آلية العمل لمتابعة أسعار السلع وحركة الأسواق.
وفيما يتعلق بمشكلة ارتفاع أسعار بيض المائدة، لفتت وزيرة التنمية المحلية إلى جهود التعامل معها، وما يتم للعمل على ضبط أسعارها، موضحة في هذا الشأن أن عدد المزارع التي تعمل على مستوى الجمهورية تصل إلى 2567 مزرعة بطاقة إنتاجية تقترب 14 مليار بيضة/سنويًا، مشيرة كذلك إلى المزارع التي لا تعمل سواء الحكومية منها أو التابعة للقطاع الخاص، كما شرحت ما يتم من تنسيق مع وزارة الزراعة بشأن طرح مزارع وخطوط انتاج البيض المتوقفة للقطاع الخاص لإعادة تشغيلها.
وتناولت وزيرة التنمية المحلية، خلال الاجتماع، موقف مزارع بيض المائدة على مستوى الجمهورية، وما تضمه كل محافظة من تلك المزارع، وحجم الطاقة الإنتاجية من المزارع التي تعمل بكامل طاقتها، أو التي تعمل بحوالي 60% من طاقتها، فضلا عن حصر لما هو متوقف داخل كل محافظة.
وفى هذا الصدد، وجه رئيس الوزراء، بسرعة الاجتماع مع أصحاب المزارع المُتوقفة عن الإنتاج، وبحث مُشكلاتهم، والعمل على حلها، بما يسهم في زيادة الإنتاج وتوافر بيض المائدة في الأسواق.
وانتقلت الوزيرة عقب ذلك للحديث عن منافذ بيع السلع الغذائية على مستوى الجمهورية، لافتة إلى أن هناك نحو 4539 منفذا على مستوى المحافظات، منها ما هو تابع للجمعيات الاستهلاكية، أو للمحافظات، أو للقوات المسلحة، أو لوزارة الداخلية "أمان"، أو لوزارة الزراعة، أو للمجمعات الاستهلاكية التابعة لمديريات التموين، أو غيرها من التابع للجهات الحكومية، هذا بخلاف المنافذ الخاصة بالمبادرات، حيث يصل عدد هذه المنافذ إلى 3284 منفذا على مستوى الجمهورية، منها ما هو تابع لـ"جمعيتي"، و"كلنا واحد"، ومنافذ المدارس، ومنافذ الجمعيات الاهلية، و"حياة كريمة"، والمنافذ المتنقلة، وما يشارك في هذه المبادرات من سلاسل السوبر ماركت على مستوى الجمهورية.
وخلال الاجتماع، أكد وزير التموين، أن الوزارة تعمل على توازن الأسعار لمختلف السلع الاستراتيجية، مشيرًا في هذا الصدد إلى تحركات الوزارة مؤخرًا فيما يتعلق بتوفير سلعة بيض المائدة، وما تم اتاحته من هذه السلعة من الخارج، وذلك بما يسهم في تحقيق توازن لأسعار هذه السلعة، مضيفا: أن هذا الحل يعتبر حلًا عاجلًا، بينما يتم اتخاذ العديد من الإجراءات المُستدامة لحل مشكلة زيادة أسعار هذه السلعة الاستراتيجية، مضيفًا: نعمل علي تخفيض الحلقات الوسيطة بين المزارع والمواطن، لإتاحة العديد من السلع، وذلك من خلال زيادة المنافذ المُخصصة لبيع السلع المختلفة مباشرةً من المزارع إلى المواطن، مُستعرضًا العديد من السلع التي سيتم طرحها وأسعارها.
كما استعرض وزير التموين، خلال الاجتماع، موقف ما يتم تدبيره من السلع الاستراتيجية، والأرصدة المتاحة منها، سواء الداخلة في منظومة البطاقات التموينية، أو تلك التي يتم توفيرها خارج هذه المنظومة، لافتا في هذا الصدد إلى ما سيتم عقده من اجتماعات مع عدد من الشركات المنتجة، لمناقشة تكلفة وحجم الإنتاج من السلع الاستراتيجية، بما يسهم في اتاحة المزيد من الكميات المطلوبة من تلك السلع، تلبية لاحتياجات المواطنين.
ونوه وزير التموين إلى جهود اتاحة السلع للمواطنين من خلال العديد من المنافذ الثابتة أو المتحركة بالتعاون مع العديد من الجهات المعنية، وما يتم اتخاذه من إجراءات لزيادة حجم هذه المنافذ والتوسع بها، لافتا في هذا الصدد إلى أسواق اليوم الواحد التي يتم اقامتها على مستوى المحافظات، حيث تصل إلى 200 سوق/ شهر، هذا فضلا عن الأسواق المستدامة، وفروع شركات المجمعات التي تصل إلى نحو 1000 فرع، وكذا الشوادر التابعة لشركات التوزيع للقابضة، والتابعة للمحافظات والغرف التجارية، وغيرها من المنافذ.
ومن جانبه، أشار المهندس مصطفى الصياد، خلال الاجتماع، إلى أن أسعار الدواجن حاليًا مُناسبة، وفقًا للتكلفة، حيث شهدت الأسواق انخفاضا في أسعارها عما سبق، لافتا إلى أنه من المتوقع أن تنخفض الأسعار مرة أخرى بسبب انخفاض أسعار الأعلاف، كما أن هناك انتظاما في الافراج عن الأعلاف.
وأضاف نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن أسعار "الكتكوت البياض" بدأت تنخفض، وبالتالي سيزيد إنتاج بيض المائدة اعتبارًا من شهر ديسمبر المقبل، مُشيرًا إلى أنه تم استيراد 420 ألف "كتكوت بياض" خلال الفترة الماضية، وهذا يحدث لأول مرة، حيث لم تكن تزيد الكمية المستوردة عن 335 ألف "كتكوت بياض"، لافتًا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة في الإنتاج واستقرارًا في الأسعار، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الكميات المستوردة في الفترة الحالية تسهم في استقرار الأسعار.