بيروت- وسعت إسرائيل مجددا دائرة غاراتها الجوية على امتداد جغرافيا المناطق اللبنانية في إطار التصعيد العسكري المفتوح مع حزب الله، حيث شملت هذه الغارات للمرة الأولى مناطق في عمق البلاد.

وطالت الغارات مرآب سيارات في منطقة الجية- السعديات التي تشكل شريانا رئيسيا يربط بين العاصمة اللبنانية بيروت والجنوب، ويستخدمه النازحون من الجنوب إلى الشمال، كما استهدفت بلدة جون في إقليم الخروب والمعيصرة بمنطقة كسروان وغيرها.

وأسفرت هذه الغارات الإسرائيلية -التي وصفها المراقبون العسكريون بأنها قوية وشكلت حزاما ناريا في بعض المناطق- عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى، مما يثير تساؤلات عما إذا كان ذلك يمهد للانتقال إلى مرحلة جديدة من التصعيد.

بالمقابل، وللمرة الأولى منذ فتح جبهة الجنوب دعما لغزة استهدف حزب الله مقر قيادة الموساد الإسرائيلي في ضواحي تل أبيب، والذي وصفه في بيانه بأنه المقر المسؤول عن تنفيذ عمليات اغتيال القادة وتفجير أجهزة الاتصال، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام تصعيد أكبر.

وتوقف خبراء عسكريون ومحللون سياسيون لبنانيون عند دلالات استهداف مقر الموساد الإسرائيلي في ضواحي تل أبيب والأسلحة المستخدمة، وهي صاروخ "قادر 1".

واعتبروا أن في كل منها رسالة من حزب الله إلى إسرائيل، وعنوانها العام هو "الحرب لم تبدأ بعد، والمفاجآت كثيرة، ومخزون الأسلحة ما زال بخير خلافا لادعاءاتهم".

شنت الطائرات الإسرائيلية غارات كثيفة على لبنان أدت إلى استشهاد المئات (الفرنسية) إسرائيل تكرر خطأها

وقال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد منير شحادة للجزيرة نت إنه خلال الأيام الماضية وبالتزامن مع القصف الهمجي الذي استهدف المدنيين والبنى التحتية والمناطق السكنية وارتكاب المجازر فيها ادعى العدو الإسرائيلي أنه تمكن من تدمير نصف ما تمتلكه المقاومة من قدرات عسكرية، بما في ذلك ترسانتها من الصواريخ الدقيقة والباليستية، مستدركا بالقول "هذا غير صحيح".

وأضاف شحادة أن المقاومة أرادت بإطلاق صاروخ باليستي باتجاه ضواحي تل أبيب أن توصل رسالة مفادها "لم نبدأ الحرب بعد".

وأوضح أن استهداف مركز الموساد المسؤول عن الاغتيالات ينطوي على رسالة من المقاومة مفادها أن إسرائيل تكرر الخطأ الذي ارتكبته في عدوان 2006 عندما صرح رئيس الأركان بعد أيام قليلة بأن القدرات العسكرية للمقاومة قد تم تدميرها، لكن الأخيرة فاجأته حينئذ عندما قال حسن نصر الله انظروا إنها تحترق قبالة البحر، ثم جاءت مجزرة الدبابات في وادي الحجير.

ورأى العميد شحادة أن إسرائيل تكرر الخطأ ذاته من خلال القصف الهمجي الكثيف والعدواني الذي شنته خلال الأيام والساعات الماضية، مدعية أنها دمرت نصف قدرات المقاومة العسكرية.

وأشار إلى أن الرسالة من قصف ضواحي تل أبيب تؤكد أن هذه الترسانة التي تكسر التوازن محمية بشكل كبير، بحيث لا تستطيع الطائرات والقنابل الإسرائيلية الوصول إليها، والدليل على ذلك هو "منشأة عماد 4″، حيث أظهر مقطع فيديو نفقا ضخما محميا لا يمكن الوصول إليه.

مفاجأت صغيرة

واعتبر الخبير العسكري أن استهداف إسرائيل منطقة السعديات وجون في إقليم الخروب ومناطق أخرى في لبنان للمرة الأولى يظهر أنها تستهدف مناطق سكنية، وليس هدفها تدمير القدرة العسكرية والصاروخية للمقاومة، بل تسعى من خلال ذلك إلى الضغط على المقاومة عبر بيئتها الحاضنة، وتكوين رأي عام ضاغط ضدها ونشر النقمة بأن المنازل دمرت وأن المواطنين نزحوا من الجنوب والبقاع بسبب المقاومة، لكنه أكد أن "هذا الأمر لن يحدث أبدا".

وأوضح العميد شحادة أننا ما زلنا في بداية الحرب وفي أيامها الأولى، وأن النتيجة تُحسم لمن يضحك في النهاية، فإسرائيل استخدمت كل ما لديها من قدرات ولم يتبقَ لها سوى السلاح النووي، في حين أن المقاومة في لبنان لم تستخدم أكثر من 25% من قدراتها.

وأشار إلى أن هناك مفاجآت عسكرية تنتظر إسرائيل، إذ ستقوم المقاومة باستخدام أسلحة جديدة وفق تطورات سير المعركة.

واعتبر شحادة أن المقاومة تتمنى أن تقدم إسرائيل على عملية برية، لأنه عندها ستتوقف الغارات الجوية والقصف، وسينتقل القتال إلى المواجهة المباشرة، حيث يكون القتال على مسافة صفر.

وقال "في تلك اللحظة، سيبدأ صرير الأسنان، ما يجري الآن هو ظهور مفاجآت صغيرة تعتبر رسائل، ونحن ننتظر الأيام القادمة لنرى ما إذا كانت إسرائيل ستقرر القيام بعملية برية، ففي هذه الحالة ستكون قد قدمت للمقاومة هدية على طبق من فضة، إذ إنها تنتظر هذا السيناريو بفارغ الصبر".

تكتيك الرد

من جهته، رأى المحلل السياسي الدكتور علي مطر في حديثه للجزيرة نت أن استهداف حزب الله مقر الموساد الإسرائيلي في ضواحي تل أبيب بصاروخ "قادر 1" يحمل العديد من الدلالات، أهمها طبيعة الهدف نفسه، وهو الموساد الذي يقف خلف الاستهدافات التي طالت الضاحية الجنوبية لبيروت، وأدت إلى سقوط شهداء وجرحى، سواء في تفجيرات أجهزة البيجر أو الأجهزة اللاسلكية أو عبر الاغتيالات.

ومن الدلالات الأخرى -وفقا لمطر- هو مكان الاستهداف نفسه، أي تل أبيب، فحزب الله يعمّق قصفه باتجاه المستوطنات وصولا إلى ضواحي تل أبيب، مما يعني عمليا استعداده لذلك بل وأكثر.

ويضيف أن نوعية السلاح المستخدم -وهو صاروخ باليستي من طراز "قادر 1"- تؤكد أنه رغم العدوان الإسرائيلي الواسع وادعاءات تدمير نصف قدرات المقاومة العسكرية فإن هذه الادعاءات غير صحيحة، فالمقاومة لا تزال تحتفظ بمخزونها الإستراتيجي، وتستطيع استخدامه كيفما وأينما شاءت، وهي الرسالة الأهم.

ومن الرسائل المهمة أيضا -حسب مطر- أن حزب الله مستعد للقتال إلى أقصى الحدود المتاحة، وأنه سيتخذ جميع الخيارات الممكنة للدفاع عن لبنان واللبنانيين وعن هذه المقاومة.

وخلص إلى أن إسرائيل لم تنتصر على جبهة غزة، وهذا يبرز تفكيك الأهداف الإسرائيلية واستعداد حزب الله لكل الخيارات مهما كانت.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ضواحی تل أبیب حزب الله

إقرأ أيضاً:

مات (ديك) الهارب : دلالات تصريحات المليشيا

(1) هذه مرحلة جديدة فى خطابات ورسائل مليشيا آل دقلو الارهابية وداعميهم وحاضنتهم ، حيث كانت رسائلهم تأتي على أطراف متعددة ، ومنابر ومنصات ، لم يكن الأمر بحاجة لظهور قائد ثاني المليشيا عبدالرحيم ، لقد تحدثوا كثيرا عن شندى ومنقة شندى وتمر دنقلا ، وهتف وكيل ناظر عموم الرزيقات العام الماضي (كل القوة شندى جوه) وحتى فى قاعة مؤتمر نيروبي فبراير 2025م هتفوا ببدل أنيقة بذات الشعار ) ، فما هو الجديد هذه المرة …؟..

وأول الدلالات: هو تخطي نقطة الحذر فى الخطاب الاعلامي العنصري والجهوي لضمان عدم (احراج داعميه وحاضنته) السياسية (تقدم وصمود) ، ومع المتغيرات الجديدة ، وضم غالب قيادات صمود ومجموعات إلى الإعلان الجديد لم يعد لدى قائد ثاني المليشيا أى حرج فى التعبير عن آرائه وأهدافه الحقيقية وراء الحرب التي اشعلوها فى السودان..

خلال اسبوع كامل من النفير واللقاءات لم يتحدث عبدالرحيم عن (الديمقراطية أو العدالة أو الحرية أو المسار السياسي المدني) وكل خطاباته تعبر عن كراهية بغيضة ، وبالطبع لن تستطع قوى صمود وناشطيها التعليق على هذا الجنون.. ولا يمكن لمؤتمرهم المنعقد هذه الأيام الحديث عن هذا الحقد الأعمي واستهداف المجتمعات الآمنة ، هذا امتحان قصير ، لكنها عتبة لا يمكن لناشطي السفارات وعملاء المواقف عبورها حتى بالتلميح أو الشجب الخجول..
خلاصة القول أن المليشيا جاءت الآن بأهدافها عارية من أى تموية..

(2)
وثاني الدلالات:ان هذا الخطاب الاعلامي مقصود به ارباك خطط ومتحركات الجيش والقوات المشتركة ، من خلال مناورة اعلامية مع تحربك قوة محدودة لإشغال المسرح العملياتي إلى حين إعادة ترتيب صفوف المليشيا وجمع الهاربين من الفرقان والدوامر والحصول على عتاد جديد للمعركة..

تعلم الجهات الراعية لمليشيا آل دقلو الارهابية ، أن الخرطوم كانت مركز العمليات العسكرية ، واقتضى ذلك تركيز جيوش كثيرة فى عدتها وعتادها ، ومع تحرير الخرطوم أصبح الهدف الآن التوجه الى حواضن المليشيا ونقاط ارتكازاتها ، ولذلك تحاول المليشيا تغبيش الوعي ، وتضليل المشهد العام بإثارة الحديث عن هجوم على الشمالية ونهر النيل ، حتى تضطر غرف السيطرة والعمليات التحسب لذلك وتقلل من زخم تحرك بقية المتحركات..

وتعيين عبدالرحمن جمعة قائداً لمنطقة ام درمان هو ضمن ذات التوجه للإيحاء بدفع قوات جديدة ، وهو رجل نجح فقط فى قيادة حملة ابادة المساليت فى غرب دارفور والفور فى زالنجي ، وفشل فى كل مهمة عسكرية اخرى من بابنوسة والفاشر..
وعليه يمكن القول أن من اهداف هذه التصريحات ، تأخير تحركات الجيش إلى حين..

(3)
والدلالة الثالثة: هى فقدان المليشيا للنائحين ، وهى المنصات الاعلامية والمنابر و (جوقة المهرجين) من النشطاء واللايفاتية ، وكذلك كوادر غرف المليشيا والمستشارين ، لقد كان تحرير الخرطوم هزيمة قاسية عسكرياً و نفسياً ، فأضطربوا واختبأوا وبعضهم هرب..

واضطر ذلك قائد ثاني المليشيا الخروج والحديث شخصياً ، لقد (مات) الديك ، الذى يصيح فى القوم ، فجاء الملك شخصياً ، لعل فى حضوره ما يثير الانتباه..

وقد يكون لذلك دلالة أخرى ، وهى فقدان الثقة فى الجميع ، لقد كانت اكاذيبهم سبباً فى هلاك المئات فى الخرطوم.. حيث كانوا يتحدثون عن سيطرتهم على الأمور وترتيباتهم وثباتهم ، وحين أنجلى الصبح هربوا مغادرين ميدان المعركة وتركوا مئات الجثث ملقاة فى الطرقات.. ولهذا لا يمكن أن يسمع لهم احد..

(4)
ورابع الدلالات: خلق توهمات جديدة ، وربما يتصورون انها مهمة سهلة ، فبعد مقابر الخرطوم والجزيرة وسنار ، فإن هؤلاء الجند اصيبوا بصدمة نفسية ولا يمكنهم تكرار هذه التجربة وما زالت مرارتها فى حلوقهم وفى رجف قلوبهم وقد انقلبوا صاغرين ، ولهذا تدعوهم هذه القيادة الرعناء إلى منطقة جديدة لعل فى ذلك إثارة غبينة اخرى، فمجرد ذكر الخرطوم وام درمان سيتسبب لهم بحالة غيبوبة..

وخامس الدلالات: هو ظهور قادة المليشيا فى الميدان العسكري والقتال وإن كان ذلك فى مخابيء ، ولعل ذلك يعيد ترتيب الصفوف ويتجاوز صدمة الهزيمة ويشغل هؤلاء عن السؤال الأساسي: ماذا كسبنا بعد عامين من الحرب وهلاك مئات الآلاف ؟.. وأين حقوقنا ؟.. إنها ملهاة جديدة..
وفى رأى أن هذا هو أكبر تحديات قادة المليشيا..
حفظ الله البلاد والعباد..

د.ابراهيم الصديق على
3 ابريل 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: إسرائيل تتبنى إستراتيجية تقطيع غزة لعزل المقاومة عن المدنيين
  • إسرائيل تحتجز نائبة بريطانية من أصول يمنية وتمنع دخولها تل أبيب
  • خبير عسكري: التصعيد في لبنان يهدف للضغط على حزب الله
  • خبير عسكري: التصعيد في لبنان يهدف إلى الضغط على حزب الله
  • برلماني: إسرائيل أصبحت تضرب بعرض الحائط كل الدعوات لوقف التصعيد
  • لبنان بين الضغوط الأميركية وثوابت المقاومة: صراع الإرادات على مشارف الانفجار
  • عيد محور المقاومة الذي لا يشبه الأعياد
  • بكرى: إسرائيل قصفت غزة بما يعادل 2.5 قنبلة ذرية
  • مات (ديك) الهارب : دلالات تصريحات المليشيا
  • خبير عسكري: لبنان على مفترق طرق وتصعيد إسرائيل يستهدف تفكيك محور المقاومة