عن سميح القاسم الذكرى والشعر والمكانة
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
قبل أيام قليلة، 29 -8-2024 حلّت الذكرى العاشرة لرحيل شاعر المقاومة سميح القاسم، سميح الذي طبًقت شهرته الآفاق، شاعر المقاومة الذي ألهب المحتلين من سياط شعره، سميح الذي كتب أجمل قصائد الحب، والذي يعرفه القارىء العربي جيدا، وتعرفه الشعرية العربية، الذي تحمس له أصحاب قصيدة التفعيلة وشعر المقاومة ورفضه شعراء الحداثة و قصائد النثر والحياة العادية والتفاصيل الصغيرة، سميح الذي ارتبط بعلاقة صداقة عميقة مع محمود درويش، عميقة بكل ما يحمله العمق من مناكفات وخلافات وسوء وعدم سوء فهم وغيرة إيجابية او غير إيجابية، لكن أيضا بكل ما تحمله من ذكريات الشباب والنضال المشترك والديوان الأول، والعيش في بيت واحد بحيفا الجميلة، مات سميح القاسم في آب من عام 2014، غزة كانت تتعرض في هذا الشهر اللاهب لهجوم شرس، من طائرات إسرائيل، خلّف مئات الشهداء، غزة التي تحبه وتحب نصوصه، ترى، ماذا تراه سيكتب لو شهد مقتلة 2024 الفظيعة التي ما زالت تقتل أطفال شعبه بسهولة لا توصف؟.
كان سميح القاسم صديقا للزعيم الفلسطيتني ياسر عرفات، والكل يتذكر الواقعة الطريفة التي شهدها مدرج جامعة بيت لحم في فلسطين في الأيام الاولى للسلطة الوطنية الفلسطينية، يوم وقف سميح وخاطب أبو عمار: والله لو وجدنا فيك إعوجاجا لقومناه بأقلامنا، ضحك الرئيس الراحل، وتقدم من سميح مقدما له مسدسه وقائلا: قوّمني بالسلاح يا سميح إن تنازلت عن فلسطين.
قال لي صديق ستيني وهو مناضل قديم أنه تربى وجدانيا ووطنيا على شعر سميح القاسم المقاوم، وأن الخلية العسكرية التي كان أحد أعضائها كانت تقرأ أشعار سميح الوطنية قبل الجلسة الحزبية وأثنائها، وأن لشعر سميح دورا كبيرا في تقوية روحنا المعنوية. في كل حياتنا يتواجد أثر لسميح، في الانتفاضة الأولى انتشرت قصيدة سميح الشهيرة (تقدموا) صارت انشودة رماة الحجارة الفلسطينيين الأطفال وشباب المقاومة، وحتى شعراء المقاومة المبتدئين، هذه القصيدة الشهيرة موجودة في منهاج الصف السادس بمدارس فلسطين.
أسئلة كثيرة تجري بهمس أو علنا، محورها المقارنة بين مكانتيّ محمود درويش وسميح القاسم الشعرية ، وأيهما أبقى شعريا، وجّهنا السؤال للناقد الأردني محمد عبيد الله أستاذ الادب والنقد بجامعة فيلادلفيا في الأردن، أجاب: سميح القاسم شاعر كبير وله مكانته في مسيرة الشعر الفلسطيني والعربي، وقد أسهم
مع صديقه درويش وعدد آخر من الشعراء في تأسيس شعر المقاومة وتطويره، وقدّم القاسم في مسيرته الشعرية الطويلة تجارب مهمة مؤثرة حتى اليوم. وبطبيعة الحال يستحق القاسم كل أشكال التقدير والاهتمام خصوصا بعد رحيله، فهو رمز من رموز الشعر الفلسطيني والثقافة الفلسطينية المقاومة، إلى جانب مكانته في الشعر العربي كله يمكن القول إن مكانة درويش الشعرية التي تحققت على مدى عدة عقود والتبس فيها السياسي بالثقافي قد ألحقت بعض الضرر -من حيث لا يريد صاحبها- بعدد من الشعراء الفلسطينيين المجايلين له بمن فيهم سميح القاسم والمناصرة ومحمد القيسي وأحمد دحبور ومريد البرغوثي وغيرهم من كبار الشعراء، حيث غدا درويش وشعره مركزا ومدارا لا يمكن الفكاك منه في ضوء ذلك نفهم أشكال الاهتمام به، حيث يتعاضد فيها السياسي والإبداعي معا، وربما تشعر الذات الفلسطينية والعربية أنها قد أدت واجبها تجاهه وتجاه الإبداع الادبي بالتركيز عليه دون غيره، وقد ينطوي الامر على شيء من عقلية الزعامة
العربية والفلسطينية التي لا تؤمن إلا بالزعيم الوحيد، في السياسة، والثقافة، والمجتمع
لدكتور الادب والنقد عادل اسطة رأي آخر في هذا الموضوع:
(لاحظ مثلا أنهم لم يهتموا أيضا بمعين بسيسو وأحمد دحبور وعز الدين المناصرة . لم يكن سميح القاسم الوحيد الذي طغى عليه نجم محمود درويش . ثم إن أغلب الفاعلين في القرار الفلسطيني أقرب إلى محمود درويش . من ياسر عبد ربه إلى أكرم هنية إلى القادة السياسيين بحكم وجوده قريبا منهم . هناك من يكرر إن الشعراء الأقل مكانة يكونون ضحية الشاعر النجم، انظر في الرياضة ميسي ورونالدو، هناك عشرات اللاعبين الممتازين ولكنهم لم يصلوا إلى مستوى هذين، فضاعوا ضحية).
مع كل هذا الدور المهم لسميح شعرا وعلاقات ومكانة وتاريخا، الا أن هناك واقع محزن، فمتحف سميح القاسم في قويته الجليلية (الرامة) والذي ُبدء في التفكير به يوم رحيله، لم يكتمل حتى اللحظة، وهذا يثير عديدا من الأسئلة والمقارنات، لماذا( يتساءل الكثيرون) اكتمل متحف محمود درويش في سنة واحدة بينما لم يحدث ذلك حتى اللحظة لمتحف سميح؟.
وجهنا هذا السؤال لوطن القاسم نجل الشاعر الراحل، فأجاب: (القصة كلها تتلخص في عدم وجود تصريح من لجان التخطيط والبناء على الأراضي المخصصة للمتحف، والقصة كلها مرتبطة بأزمة المواطنين العرب التي يعانون منها في مجال عدم إعطاء تراخيص للبناء، لا تقصير من أحد، والتمويل يمكن توفيره في حال وجود ترخيص، لكني أتأمل من السلطة الوطنية والمؤسسات أن تفكر معنا في حلول لهذه المشكلة، فعشر سنوات كثيرة جدا على عدم وجود المتحف، والعائلة بذلت جهودا كبيرة في مخاطبة الرأي العام).
رحم الله سميحا، الجالس أبدا في قلوبنا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: محمود درویش
إقرأ أيضاً:
مقالات فى الذكرى الثالثة للخيبة
حسن إسماعيل يكتب …
مقالات فى الذكرى الثالثة للخيبة
(1)
لم يتبق إلا هذا
ً- من ذكرى أيام الإعتصام لم تتبق إلا ذكرى (دسيس مان) ، و(الشاى بى جاى) فى أسوأ تدحرج للمنلوج الشعبى ..حتى هذه الذكرى تبهت الآن لأنها لم تكن برصانة دعايات السبعينات لمنتجات ( الباتا) و( البيرة أم جمل ) ّّّ… ثم ذكرى علاقات آثمة تمت تحت جنح الظلام بعد يوم هتافى سطحى وفج .. وخطابات سيرك سياسى ( نشتت الدولارات فى الصرافات ) و( نحن جينا عشان الكهرباء ماتقطع ) وشوية مناديل ورق بهت لونها إلى الأصفر من أثر آثام الليل تحت الخيام…. ذاكرة التاريخ الصلدة تقول :- إن المفارقات التى بقيت أن ذلك الجمع الغافل كان يشترى الرغيف يومذاك بواحد جنيه وياتى بالمواصلات العامة بعشرين ج والكهرباء (تلعلع) فى الخيام ال٢٤ ساعة وكان هذا آخر العهد بهآ . والشبكة ( فل ) تنقل ( افيهات ) تلك الطفلة وهى تنحس الثوار وهى تشكو من رغيفة البشير وسعرها …والله صحى عزيزى البشير ( ياخ بالغت بوليغ ) !!
ـ ثم ذاكرة التاريخ الصلدة تحفظ كيف تسلل مناضلو الغفلة إلى بيوتهم وتركوا الغبش والبسطاء ليصبحوا حصيدا للسحل والموت ثم قبل أن تجف دماءهم هرعوا إلى حميدتى ووقعوا معه وثيقة اقتسام الكراسى على أساس أنه سائق قطار الحكم المدنى … حتى اذا خلوا إلى شياطينهم صاحوا ( العسكر للثكنات ) وهم يهرعون إليهم ليلا لإحتساء (الجبنات)
ـ ثم تبقى من تلكم الذكريات هتاف ( جاتك كفاءات ياوطن ) … والوطن وحده …وحده كان يعلم بالطامة القادمة فى الطريق إليه …والناس يتذكرون من تلك الكفاءات ..وزير ( الكرونا الصغيرة) والمعتوه الذى ظن أن مهمته فى الوزارة البحث عن اليهود والوالية التى تريد هدم سد مروى ووالى كردفان التحفة الذى عناه المتنبئ منذ قرون (ومثلك يؤتى من بلاد بعيدة ..ليضحك ربات الخدور البواكيا ) !!
ـ ثم تبقى من تلك الذكرى البئيسة رئيس وزراء ( تحفة ) ظن أنه رئيس للموظفين والموظفات فى مكتبه فلم يعط وزيرا خطة ولم يطلب منهم تقريرا …رئيس وزراء مثل (الدمية باربى) مسجل فى أحشائها عبارة واحدة مكرورة ( سنعبر وسننتصر ) …يعلو صوتها عندما تكون حجارة البطارية جديدة وشغالة ونادرا ماتكون ..!!
ـ حكومة فى سنتين ونصف لم تفتتح مشروعا ولم تمسك مقصا لتقص به شريط ولم تدخل خيطا فى إبرة …حكومة فى ارشيف وزارة خارجيتها زغرودة أسماء وزيارة مريم لجنينة الحيوان فى أسوان ، وماكينة تصوير من وزير لم يحفظ التاريخ إسمه …
ـ نواصل
حسن إسماعيل
إنضم لقناة النيلين على واتساب