الصين تعزز إدارة "البصمة الكربونية" وتستهدف 2060 عامًا لـ"الحياد"
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
الرؤية- خاص
داخل المقر الرئيسي لمجموعة تيانباو، وهي شركة لتصنيع صحون الشفة والتي تقع في محافظة دينغ شيانغ بمقاطعة شانشي، تعرض شاشة رقمية ذكية معلومات في الوقت الفعلي حول استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون لمعدات التصنيع.
وبالقرب من الشاشة الرقمية، كان يانغ تشن تشيانغ مُثمِّن قياس بالوعة الكربون، يساعد الشركة في مراجعة بصمتها الكربونية.
والبصمة الكربونية هي مجموع انبعاثات غازات الدفيئة وعمليات إزالتها تتم بواسطة منتج أو فرد أو أسرة أو مؤسسة أو شركة، وعادة ما يتم التعبير عنها على أنها مكافئ لثاني أكسيد الكربون. حيث يؤدي استهلاك الموارد الغنية بالكربون مثل النفط والفحم إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مما يجعل البصمة الكربونية أكبر.
وإنشاء نظام لإدارة البصمة الكربونية يفضي إلى توجيه الشركات لتطوير وإنتاج منتجات صديقة للبيئة وبالتالي تعزيز بيئة سوق منخفضة الكربون؛ وهو أمر ذو أهمية كبيرة لتعزيز التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون وعالية الجودة والمساعدة في تحقيق هدف الصين المتمثل في بلوغ ذروة انبعاثات الكربون وتحقيق الحياد الكربوني.
لقد قامت وزارة البيئة والإيكولوجيا الصينية بالتعاون مع 14 إدارة حكومية أخرى بنشر خطة لبناء وتنفيذ نظام موحد لإدارة البصمة الكربونية؛ مما يوفر إرشادات لتحسين إدارة البصمة الكربونية للمنتجات الصينية في الفترة المقبلة.
ويقول بي شياوفي المتحدث باسم وزارة البيئة والإيكولوجيا الصينية: "باعتباره المفهوم الأكثر تطبيقًا على نطاق واسع في إطار البصمة الكربونية، تقيس البصمة الكربونية للمنتج إجمالي انبعاثات الكربون المتولدة خلال دورة حياة المنتج بأكملها، بما في ذلك إنتاج المواد الخام ونقلها وتوزيعها واستخدامها والتخلص منها. إنه بمثابة مؤشر مهم لتقييم مستويات التنمية الخضراء ومنخفضة الكربون للمصنعين ومنتجاتهم". وأضاف: "على سبيل المثال، يستهلك إنتاج الأكياس البلاستيكية كمية كبيرة من الموارد البترولية؛ لذلك فإن استخدام هذه الأكياس سيزيد من آثار الكربون. في المقابل، تعتمد سخانات المياه بالطاقة الشمسية على الطاقة الشمسية بدلًا من مصادر الطاقة التقليدية؛ ممَّا يؤدي إلى انخفاض انبعاثات الكربون وآثاره".
وتقول تيان تشون شيو نائبة مدير مركز أبحاث السياسات البيئية والاقتصادية بوزارة البيئة الصينية إن إنشاء نظام لإدارة البصمة الكربونية والحصول على معلومات الكربون الأساسية في عملية الإنتاج، سيساعد على تعزيز خفض انبعاثات الكربون في سلسلة التوريد بأكملها؛ إذ يتم عرض البصمة الكربونية للمستهلك في شكل شعار، وهذا لا يعزز قيمة العلامة التجارية للمنتج فحسب؛ بل يزرع أيضًا عادات استهلاك منخفضة الكربون.
وتوضح "الخطة" أهداف عمل البصمة الكربونية وتقسيم المهام من جوانبها الإدارية إنشاء نظام إداري، وبناء نمط عملي وتعزيز الثقة الدولية المتبادلة في القواعد وتعزيز بناء القدرات؛ حيث تُغطِّي 22 مهمة رئيسية في القائمة العملية الكاملة لأعمال البصمة الكربونية للمنتج مثل عوامل المحاسبة ووضع العلامات وإصدار الشهادات، والإفصاح عن المعلومات، إضافة إلى سلسلة كاملة من المنتجات مثل الطاقة الأساسية والمواد الخام؛ مما يعكس تغطية جميع جوانب عمل البصمة الكربونية.
وتفيد التقارير بأن هذه الخطة تمت صياغتها بعد استعراض شامل لآراء مختلف أصحاب المصلحة. وهي تفسح المجال كاملا للدور الحاسم للسوق مع الاستفادة من الدور الداعم للحكومة، كما تشجع مشاركة المؤسسات البحثية والجمعيات الصناعية والشركات وغيرها من المؤسسات الأخرى.
واستنادا إلى بناء نظام لإدارة البصمة الكربونية، تهدف الخطة إلى تعزيز التبادلات والاعتراف المتبادل بقواعد البصمة الكربونية للمنتجات بين الصين ومعظم الدول الأخرى في جميع أنحاء العالم، وخاصة الدول الشريكة في الحزام والطريق، والمساهمة في تطوير المعايير والقواعد الدولية المتعلقة بالبصمة الكربونية للمنتج.
وتركز الخطة عن كثب على هدف الصين المتمثل في بلوغ ذروة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، وتحدد أهدافًا واضحة لبناء نظام إدارة البصمة الكربونية. وبحلول عام 2027، تهدف الصين إلى إنشاء نظام وطني موحد لإدارة آثار الكربون ووضع قواعد ومعايير لحوالي 100 منتج رئيسي. وبحلول عام 2030 سيتم تحسين النظام بشكل أكبر، وسيزداد عدد المنتجات الرئيسية ذات القواعد والمعايير المحددة لحساب البصمة الكربونية إلى 200 منتج.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الكربون المشع يقدم رؤية مختلفة لاحتلال الأوروبيين أميركا الشمالية
استخدمت دراسة حديثة تواريخ الكربون المشع لتؤكد أن عدد السكان الأصليين في الولايات المتحدة بلغ ذروته في عام 1150 ميلادي تقريبا، ثم انخفض واستقر بحلول عام 1450 ميلادي تقريبا، ثم انخفض مرة أخرى بعد وصول الأوروبيين.
إن الانخفاض في عدد السكان الأصليين في الأميركتين بعد الغزو الأوروبي معروف الأسباب إلى حد كبير، ولكن ما لم يكن مفهوما بشكل واضح هو الانخفاض في عدد السكان قبل الغزو الأوروبي.
وكان الباحثون قد سعوا منذ فترة طويلة إلى تقدير حجم السكان الأصليين في أميركا الشمالية قبيل الاستعمار الأوروبي بهدف تقييم تأثير الاستعمار على السكان الأصليين في القارة.
ووفقا لهذه الدراسة التي نشرت في فبراير/شباط الحالي في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (بي إن إيه إي)، فإن الأوروبيين كانوا محظوظين لأنهم استعمروا أميركا الشمالية وغيرها من مناطق النصف الغربي من الكرة الأرضية في هذا الوقت تحديدا، وربما لو وصلوا إلى هناك قبلها ببضع مئات من السنين لكانوا قد واجهوا أعدادا أكبر من السكان الأصليين في ظل ظروف سياسية وتماسك مجتمعي أفضل، وكان بوسع هؤلاء السكان الرد بقوة على الغزو الأوروبي، ولو حدث ذلك لكان تاريخ أميركا الشمالية مختلفا تماما.
واستخدمت الدراسة للوصول إلى هذه النتائج قاعدة بيانات تضم أكثر من 60 ألف تاريخ كربوني مشع أثري موجودة في قاعدة بيانات الكربون المشع الأثري الكندية المحدثة (كارد).
إعلانوفي تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني يقول الدكتور أندرو كاندل عالم الآثار في جامعة توبنغن إن تأريخ الكربون المشع يستخدم في الدراسات الأنثروبولوجية، لأنه يسمح للعلماء بتحديد عمر الأنشطة البشرية التي حدثت في الماضي.
ويضيف كاندل أنهم يستخدمون بقايا عضوية مثل العظام والفحم والأصداف وغيرها من البقايا التي يتم اكتشافها في الحفريات الأثرية، ثم يحللونها باستخدام طريقة تأريخ الكربون المشع، والتي تسمى أيضا تأريخ الكربون 14، ثم يرسلون الاكتشافات إلى المختبر حتى يتسنى لهم تحديد عمر دقيق إلى حد ما لهذه المواد، وبعد ذلك يمكنهم استخدام هذه النتائج لفهم السلوك الماضي.
تم تطوير تقنية التأريخ بالكربون المشع أو تأريخ الكربون 14 لأول مرة في أواخر الأربعينيات من القرن الـ20 في جامعة شيكاغو بواسطة فريق بقيادة أستاذ الكيمياء ويلارد ليبي الذي حصل فيما بعد على جائزة نوبل عن هذا العمل.
وهذه الطريقة العلمية يمكنها تحديد عمر المواد العضوية التي يبلغ عمرها نحو 60 ألف عام بدقة، وتعتمد هذه الطريقة على حقيقة مفادها أن الكائنات الحية مثل الأشجار والنباتات والبشر والحيوانات تمتص الكربون 14 وتحتفظ به في أنسجتها.
وعندما تموت هذه الكائنات يبدأ الكربون 14 في التحول إلى ذرات أخرى بمرور الوقت، ويمكن للعلماء تقدير المدة التي مات فيها الكائن الحي من خلال حساب ذرات الكربون 14 المتبقية.
ووفقا للدراسة، فإن انخفاض عدد السكان الأصليين في أميركا الشمالية قبل الغزو الأوروبي لم يكن مثالا شاذا في تاريخ العالم، إذ إن أعداد جميع السكان في كل مكان معرضة للارتفاع والانخفاض، سواء بسبب تغير المناخ أو الهجرة، ويمكن أن تحدث الزيادات السكانية نتيجة للابتكارات التكنولوجية والاجتماعية.
إعلانوقد يكون الانخفاض في أعداد السكان بسبب الأمراض المعدية، فمثلا قتل الطاعون الأسود في أوروبا والأجزاء المجاورة من آسيا في الفترة من عام 1346 إلى عام 1353 ما بين 75 إلى 200 مليون شخص، واستغرق التعافي من هذا الانخفاض في عدد السكان أكثر من 200 عام، وكان لطاعون جستنيان الذي حدث بين عامي 541 و549 تأثير قاتل مشابه.
وفي تصريح للجزيرة يقول الدكتور سبنسر بيلتون عالم الآثار في جامعة وايومنغ الأميركية إنه من المرجح أن تكون الأمراض والحروب وتغير المناخ هي الأسباب وراء انخفاض أعداد السكان الأصليين في أميركا الشمالية قبل الغزو الأوروبي، أو ربما مزيج من هذه الأسباب مجتمعة.
هل تأريخ الكربون المشع هو الوسيلة الأدق؟ولكن الأمر كما يبدو يتطلب المزيد من البحث لتأكيد النتائج، إذ يمكن أن يكون تأريخ الكربون المشع متحيزا أحيانا لأسباب عدة، منها التلوث أو تحيز الباحث أو الدفن العميق للمواقع الأثرية، وغيرها من الأسباب، ولكن يمكن علميا التغلب على بعض هذه المشاكل، ويمكن استبدال تأريخ الكربون 14 بأساليب تأريخ أخرى، مثل التأريخ الشجري والتأريخ المغناطيسي الأثري والقطع الأثرية معلومة التاريخ.
ويقول بيلتون في تصريحه للجزيرة نت إن علماء الآثار في أميركا الشمالية استخدموا تواريخ الكربون المشع لتقدير الأعداد القديمة للسكان البشر لفترة طويلة، ولكن هذه الممارسة أصبحت أكثر تعقيدا خلال السنوات الـ15 الماضية.
ويستخدم علماء الآثار وسائل أخرى غير تأريخ الكربون المشع للاستدلال على حجم السكان، بدءا من استخدام الوسائل التقليدية مثل المواقع أو المساكن القديمة أو القطع الأثرية إلى استخدام تطبيقات ناشئة مثل الستانولات البرازية، وهي جزيئات عضوية مقاومة ناتجة عن النفايات البشرية تظل موجودة في الرواسب لمئات إلى آلاف السنين، ويستدل بها على التغير السكاني.