يوسف إدوراد يكتب: الهوية الدينية وتحديات الحفاظ على التراث الأخلاقي والثقافي
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
تُعد الهوية الدينية في مصر عنصرًا أساسيًا في تشكيل الشخصية الفردية والجماعية، إذ تعكس القيم والمعتقدات التي ميزت المصريين عبر تاريخ طويل من التفاعل بين الأديان والثقافات.
ومع تسارع العولمة والتكنولوجيا، أصبحت الهوية الدينية تواجه تحديات كبيرة، لا سيما مع التدخلات الثقافية والعادات المستوردة التي قد تتعارض مع القيم الدينية المصرية.
ويُعد الحفاظ على التراث الثقافي والقيم الأسرية والأخلاقية من الأسس التي تسهم في حماية الهوية الوطنية من هذه التأثيرات الخارجية.
تشكل العولمة تحديًا كبيرًا للهوية الدينية عبر تدفق ثقافات وأيديولوجيات جديدة إلى المجتمع المصري. هذا التدفق قد يُحدث اضطرابًا في هوية الأفراد، خصوصًا الشباب، الذين يتعرضون لقيم دخيلة تتعارض مع المبادئ الدينية التي نشأوا عليها. الإعلام، وخصوصًا وسائل التواصل الاجتماعي، يُعد ساحة مفتوحة لنقل هذه التأثيرات، مما يستدعي استجابة واعية للحفاظ على الهوية المصرية.
يتطلب الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية تعزيز القيم الأسرية والأخلاقية المصرية التي تعد جزءًا من التراث العريق. هذه القيم لا ترتبط فقط بالدين، بل تمتد لتشمل التراث الأخلاقي والأسري الذي يميز المجتمع المصري ويمنحه طابعه الخاص. الاهتمام بهذه الجوانب يسهم في بناء جيل قوي قادر على مواجهة التحديات الثقافية المستوردة.
أحد المفاتيح الأساسية للحفاظ على الهوية الدينية والثقافية هو التعليم. يجب أن تواكب المناهج الدراسية التغيرات الثقافية والتكنولوجية مع التركيز على القيم الدينية والأخلاقية. تدريس مواد تُبرز القيم الإنسانية المشتركة يساعد في بناء وعي أجيال جديدة قادرة على الموازنة بين الانفتاح على العالم والتمسك بالهوية الوطنية.
إلى جانب العولمة، يُعد تنامي الصراعات الطائفية والتطرف الديني في المنطقة من التحديات الكبرى التي تواجه الهوية الدينية في مصر. هذه التوترات تهدد الوحدة المجتمعية وتزيد من الانقسامات. لذلك، يُعتبر الحوار بين الأديان والمذاهب وسيلة فعّالة لتعزيز الوحدة الوطنية وبناء جسور التفاهم بين مختلف الفئات. هذا الحوار يعكس روح العيش المشترك التي تميز بها المصريون على مر التاريخ، ويعزز التماسك الاجتماعي.
وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من دورها في نشر الثقافات الأجنبية، يمكن أن تكون أداة فعالة في تعزيز الهوية الدينية والثقافية. يمكن للمؤسسات الدينية استغلال هذه المنصات للوصول إلى الشباب وتعزيز الفهم المشترك والتسامح بين أفراد المجتمع. كما أن تنظيم فعاليات رقمية تجمع مختلف الفئات الدينية والثقافية يسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية وتقوية روح الانتماء الوطني.
الإعلام التقليدي أيضًا يلعب دورًا محوريًا في تناول القضايا الدينية والثقافية. من خلال تقديم محتوى يعزز التسامح والعيش المشترك، يمكن للإعلام أن يساهم في ترسيخ الهوية الدينية والثقافية. وعلى النقيض، قد يؤدي التعامل السلبي مع هذه القضايا إلى تفاقم التوترات وإضعاف الهوية الوطنية.
التراث الثقافي والقيم الأسرية والأخلاقية المصرية جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية. يتعين على الأفراد، المؤسسات، والدولة العمل معًا لحمايتها من التأثيرات الخارجية التي قد لا تتوافق مع القيم المحلية. الحفاظ على هذا التراث لا يعني الانغلاق على الذات، بل يتطلب الانفتاح على العالم بوعي وتقدير للتراث الثقافي والديني. هذه القيم الأسرية ليست فقط عنصرًا يحمي الهوية الدينية، بل هي عامل رئيسي في تماسك المجتمع واستمرارية الروابط الاجتماعية عبر الأجيال.
ختامًا، يتطلب الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية المصرية جهدًا مشتركًا، يشمل التعليم، الإعلام، المؤسسات الدينية، وأدوات التكنولوجيا الحديثة. كل هذه العوامل يجب أن تعمل معًا لحماية التراث القيمي والأخلاقي المصري، وتعزيز الوحدة الوطنية في ظل التحديات التي تفرضها العولمة والتكنولوجيا.
يوسف إدوارد مدير الإعلام بالهيئة القبطية الإنجيلية
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حملة الوطن تعزيز الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية الهویة الوطنیة القیم الأسریة الحفاظ على على الهویة
إقرأ أيضاً:
تعاون بين «الأرشيف والمكتبة الوطنية» و«الهوية والجنسية» لحفظ أرشيف «الهيئة» وذاكرتها التاريخية
أبوظبي (وام)
أخبار ذات صلةبحث الأرشيف والمكتبة الوطنية، مع الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ، سبل تعزيز التعاون المشترك في مشروع حفظ الوثائق والسجلات التاريخية التي تخص تاريخ «الهيئة» ومسيرتها التاريخية الحافلة بالإنجازات، وتسليط الضوء على دورها المحوري في تعزيز التنمية الوطنية، وحفظ كل ما يتعلق بها كتاريخ جوازات السفر وبطاقات الهوية، والوثائق والملفات القديمة التي تخص تاريخ أبناء الإمارات.
جاء ذلك، خلال الزيارة التي قام بها وفد «الهيئة» برئاسة اللواء سهيل جمعة الخييلي، مدير عام الجنسية بالإنابة، لمقر الأرشيف والمكتبة الوطنية بأبوظبي، في إطار إطلاق «الهيئة» مشروعها النوعي لدعم مسيرة حفظ الوثائق، وتعزيز عمليات الأرشفة، لاسيما السرد التاريخي، لحزمة المقتنيات والأدوات المستخدمة في مختلف عمليات الهيئة وخدماتها.
استعرض وفد «الهيئة» في الاجتماع المشترك الذي عقد ضمن الزيارة، أهداف مشروع حفظ تاريخ «الهيئة» وخطة العمل فيه، وهيكله التنظيمي وخطة عمله المبدئية وآليات التعاون بين الجهتين في مجال تبادل الوثائق والمعلومات.
وقدم وفد «الهيئة» نماذج من الوثائق التاريخية، وبحث مع الأرشيف والمكتبة الوطنية مدى إمكانية التعاون للحصول على ما يتضمنه التاريخ الشفهي من معلومات تهمّ «الهيئة»، وإمكانية ترميم الوثائق التاريخية، بما يضمن استدامتها للأجيال القادمة.
تفقد الوفد أيضاً «قاعة الشيخ سرور بن محمد» التي تقدم صفحة مهمة من تاريخ الدولة، تكشف عن جهود أحد رجالاتها الذين لهم بصماتهم الخالدة، فهي تحتوي على سيرة ذاتية لسمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان، وأهم المناصب التي شغلها في الفترة من 1966 - 2003م، وتعرض أفلاماً وثائقية يحكي فيها سموه عن رفقته للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيب الله ثراه»، أثناء نهضة دولة الإمارات العربية المتحدة وازدهارها، ويشيد بمسيرة الدولة المظفرة في ظل قيادتها الرشيدة، وتستعرض القاعة بعضاً من مقتنيات سموه.
قاعة الشيخ زايد
شملت الزيارة جولة لوفد «الهيئة» في «قاعة الشيخ زايد بن سلطان» التي تعدّ تجربة متحفية مبتكرة تحتضن الماضي، وتوثق اليوم، وتستشرف المستقبل، ومن أجل ذلك تسخّر أحدث التقنيات المبتكرة وأساليب العرض لتقدم للزوار «كبسولة معرفية» تعزز الانتماء للوطن والولاء لقيادته الرشيدة، وترسخ الهوية الوطنية في نفوس الأجيال، وتبهر زوارها بما حققته الإمارات من تقدم وتطور وازدهار.
المتطلبات القانونية
استعرض الأرشيف والمكتبة الوطنية من جانبه المتطلبات القانونية الأساسية لتنظيم الأرشيفات في الدولة، وعلى ضوء الزيارات التشخيصية التي قام بها خبراء الأرشيف والمكتبة الوطنية إلى أرشيف «الهيئة» جرى شرح الوضع الحالي للأرشيف والأدوار وآليات العمل، وتقديم التوصيات للمرحلة القادمة، بناءً على ما حققه أرشيف «الهيئة» على صعيد إنشاء وحدة تنظيمية للأرشيف، وتأهيل الموظفين، وإعداد سياسات الأرشيف، وإعداد إجراءات العمل، وخطة حفظ الملفات، وتنظيم الأرشيف في مواقع الحفظ، وتجهيز قاعة لحفظ الأرشيف.