تحتل الحرب كل شاشات التلفزة الإسرائيلية، ويعلق مقدمو الأخبار والبرامج شريطا أصفر على ملابسهم يرمز إلى التضامن مع الأسرى المحتجزين في غزة، لكن يغيب تماما كل حديث عن مصير الفلسطينيين في القطاع المدمر.

ويمكن للإسرائيليين أن يتابعوا كل مساء عبر شاشات التلفاز مجريات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتوجد 4 محطات تلفزيون ذات محتوى عام في إسرائيل، القناة 11 العامة والقناة 12 "الأكثر مشاهدة" والقناة 13 "الأكثر انتقادا" والقناة 14 التي تمثل "أداة دعاية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو"، وفق الصحافي أورين بيريسكو الذي يعمل في موقع "العين السابعة" الاستقصائي المتخصّص في وسائل الإعلام.

وبعد تحليل ساعات من نشرات الأخبار والبرامج الساخرة أو الحوارية، خلص صحافيو الموقع إلى أن جميع المحطات في إسرائيل من القناة 11 حتى 14 لا تعرض صور المعاناة الإنسانية في غزة.

ويمكن لتلك المحطات أن تظهر صورا للأنقاض، أو لمبنى تعرّض للقصف، لكنها لا تعرض قصص الأفراد المتضررين.

مجهود حربي

حتى قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كان الصوت الفلسطيني محجوبا في وسائل الإعلام الإسرائيلية، ويبقى اليوم مغيّبا لدعم ما وصفه الموقع "بالمجهود الحربي".

وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 137 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

لكن "الإعلام الإسرائيلي لا يعتمد هذه" الحصيلة، كما يقول بيرسيكو.

فعلى الشريط الإخباري في أسفل شاشة القناة الـ14 ذات التوجه المحافظ المتطرف، وعلى موقعها الإلكتروني، يمكن قراءة العبارة التالية "القضاء على 40 ألف إرهابي".

وتوضح الصحافية في القناة هاليل بيتون روزن -لوكالة الصحافة الفرنسية- أن تغطية الحرب ترتكز على "دعم القوات المقاتلة التي تحمي البلاد والمواطنين من الإرهابيين الخبثاء الذين ارتكبوا المجزرة الرهيبة، ومن كل من يدعمهم".

ويقول الجيش الإسرائيلي إن نحو 350 جندبا قتلوا منذ بدء العملية البرية في قطاع غزة في 27 أكتوبر/تشرين الأول.

ويقول بوردون إن المحطات الإسرائيلية عندما تخصّص مواضيع للفلسطينيين يكون هناك "اختلاف في زاوية المعالجة بالمقارنة مع وسائل الإعلام الأجنبية".

ويشير -على سبيل المثال- إلى تغطية الهجمات التي ينفذّها المستوطنون اليهود على قرى في الضفة الغربية المحتلة حيث تفاقمت أعمال العنف منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

ويتناول الصحافيون الإسرائيليين الموضوع من زاوية أن "الجيش فشل في ثني المستوطنين" عن تنفيذ تلك الهجمات، بدل القول إنه "فشل في حماية الفلسطينيين".

"تعذيب مشروع"

في نهاية يوليو/تموز، أوقف جنود إسرائيليون في إطار التحقيق في سوء معاملة معتقل فلسطيني، بعد تسرّب مقطع فيديو تداولته وسائل إعلام محلية على نطاق واسع.

لكن القناة الـ12، الأكثر متابعة مع نحو 20% من نسبة المشاهدة في إسرائيل، طرحت نقاشا حول "ما إذا كان تعذيب الإرهابيين والاعتداء عليهم جنسيا أمرا مشروعا أم لا".

ويكشف أحد الصحافيين النجوم في القناة، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن هناك تحوّلا وقع وسط هيئة تحريرها بين "ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول وما بعده".

ويضيف معربا عن أسفه "هناك تركيز على الرعب الذي عشناه وليس على قصص الفلسطينيين".

وأكد صحافيون إسرائيليون أن غياب مواضيع تتناول أوضاع سكان غزة ليس ناجما عن "تعرضهم لضغوط"، بل لكونهم "ما زالوا تحت وقع الصدمة" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أو لأنهم "لم يعودوا يثقون بالفلسطينيين".

وشنت المقاومة الفلسطينية هجوم طوفان الأقصى ردا على اعتداءات الإسرائيليين في القدس والضفة الغربية وتسبب الهجوم بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، بحسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية، ويشمل هذا العدد أسرى قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة.

وأسر خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.

ويعتقد عدد من الصحافيين الإسرائيليين أن وسائل الإعلام الدولية "منحازة" في تغطيتها للحرب إلى الجانب الفلسطيني.

في المقابل، تعد صحيفة "هآرتس" اليومية ذات التوجه اليساري والموقع الإخباري "+972 ماغازين" من بين الوسائل القليلة في المشهد الإعلامي الإسرائيلي التي تجري تحقيقات حول قطاع غزة، بعضها يدين الجيش الإسرائيلي بتهم تعذيب المدنيين أو استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف وضربها.

لكن جمهورها يبقى محصورا في أقلية من "المثقفين اليساريين"، وفق بوردون.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أکتوبر تشرین الأول وسائل الإعلام قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

« الأعلى لتنظيم الإعلام»: «التنظيم الذاتي» تعزيز رسالة الإعلام وتدريب العاملين على رأس التوصيات

أطلق المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مبادرة «التنظيم الذاتى» لضبط الإعلام الرياضى والبرامج الحوارية والأنشطة الإعلانية، بعد تكرار المخالفات المهنية فى أنماط الأداء الإعلامى المصرى مؤخراً، بشكل أساء إلى منظومة الإعلام، وانطلاقاً من مسئولية المجلس، وتفعيلاً لاختصاصاته المنصوص عليها فى القانون 180 لسنة 2018، وعلى الأخص ما يتعلق بمسئوليته عن إجراء الحوار البنّاء مع المؤسسات المعنية من أجل تحسين بيئة العمل الصحفى والإعلامى.

وبعد اجتماع تشاورى بمقر المجلس حضره الكاتب الصحفى كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والمستشار ياسر المعبدى، أمين عام المجلس، والخبير الإعلامى د. ياسر عبدالعزيز، ارتأى المجلس أن يدعو أطراف صناعة الإعلام فى مصر لمناقشة تطورات الصناعة، ومحاولة التوافق على حلول مهنية للحد من التجاوزات والانتهاكات، وإيجاد السبل اللازمة لتطوير الصناعة وفق المعايير المهنية، وبالفعل عقد جلستين دعا فيهما المختصين والمؤسسات المعنية بالعمل الإعلامى فى مصر، حيث تناولت الجلستان قضية ضبط أداء البرامج الحوارية المتعلقة بالأحداث الجارية، والبرامج الرياضية التليفزيونية والإذاعية، والأنشطة الإعلانية.

وقال كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن هناك تحديات كبرى تواجه الإعلام فى عدة مجالات بالنسبة للبرامج الحوارية والرياضية والأنشطة الإعلامية، فضلاً عن العلاقة بين كليات ووسائل الإعلام حتى تقدّم هذه الكليات خريجين على أعلى مستوى. وأضاف «جبر»، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن مبادرة «التنظيم الذاتى للإعلام» التى دشّنها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وناقشت النشاط الإعلانى والبرامج الرياضية والبرامج الحوارية، خرجت بعدد من التوصيات الفعّالة، نتاج جلسات شهدت آراء مهمة جداً طرحها الأساتذة والخبراء، لكن ستكون هناك جلسات أخرى وتعقبها توصيات يجرى عرضها ثم اعتمادها.

وأوضح أن تفعيل وتنفيذ هذه التوصيات يكون من خلال القنوات أو وسائل الإعلام نفسها، إذ يكون هناك اتفاق للإعلاميين على مناقشة مشكلات الإعلام ووضع الحلول والتصور، وإذا حدث توافق حول هذه القضايا ورأوا أنها ضرورية فى هذا الوقت يكون هناك التزام أدبى على الأقل بتنفيذها. وأشار إلى أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام به ضوابط وأكواد وقرارات وأيضاً سياسات واستراتيجيات، وكل هذه المنظومة تصل بالإعلام إلى الصورة المرجوة منه.

وأشار «جبر» إلى أن القيادات الإعلامية اتفقوا على توصيات، أهمها ضرورة ضبط مدد الإعلانات مقابل المواد الدرامية والبرامج، وأن تحصل الإعلانات على تصريح من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قبل عرضها، وكذلك ضرورة ضبط وقت البرامج الحوارية، بما لا يزيد على ساعة ونصف، والحد من الآراء الذاتية لمقدّمى البرامج.

وأوصت مبادرة «التنظيم الذاتى للإعلام» التى دشّنها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بضرورة مساعدة وسائل الإعلام الخاصة فى أداء مهمتها، بما يساعد فى تعزيز رسالة الإعلام الوطنى، مع ضرورة وجود ضوابط وجزاءات قانونية على استخدام الذكاء الاصطناعى بشكل يسىء إلى الرموز، فضلاً عن تفعيل مواثيق الشرف الصحفية والإعلامية والأكواد الإعلامية، وأهمية قيام كل مؤسسة إعلامية بمحاسبة مقدّمى البرامج حال وقوع أى خطأ.

وجاء من بين التوصيات تدريب وتأهيل العاملين بالبرامج الرياضية من مقدمين وفرق إعداد من خلال دورات تدريبية، بالتعاون مع كليات الإعلام، وعدم تحويل مذيعى «التوك شو» بالبرامج لبث أفكارهم الخاصة، فضلاً عن قيام القنوات بوضع «استايل بوك»، لتنظيم أداء المذيعين وطريقة العرض وهوية القناة، وأهمية العمل على وجود جمعيات حماية حق الجمهور فى المشاهدة النظيفة.

وطالبت مبادرة «التنظيم الذاتى للإعلام»، فى توصياتها بالعمل على وجود مسوح ودراسات تحليلية للمشهد الإعلامى واستقاء الآراء حول ما يقدّم فى الإعلام وما يهم الجمهور، مع توفير الإمكانيات التكنولوجية ودمجها فى وسائل الإعلام، فضلاً عن تشكيل لجان لإعداد ملفات ورصد دقيق حول مشكلات الإعلام، والتعاون بين وسائل الإعلام والمصادر وأجهزة الدولة، للحصول على المعلومات الصحيحة، وسرعة إصدار قانون حرية تداول المعلومات.

وأوصت المبادرة بضبط وقت برامج «التوك شو»، بما لا يزيد على ساعة ونصف شاملة الإعلانات، فضلاً عن تقليل عدد المقبولين فى كليات الإعلام، ووجود شراكة بين المؤسسات العامة وكليات ومعاهد الإعلام للتدريب الميدانى للعاملين فى المجال الإعلامى، مع ضرورة الاهتمام ببرامج الأطفال والشباب والمحتويات الثقافية والقنوات المتخصّصة والإقليمية.

وخلال اجتماعات مبادرة «الأعلى للإعلام» أكد كرم جبر على أهمية عقد مثل تلك اللقاءات لمناقشة التحديات التى تواجه صناعة الإعلام فى مصر، مضيفاً أن الإعلام المصرى حقّق نجاحات مشهوداً لها خلال الفترة الأخيرة. وأضاف أن هناك رواجاً كبيراً فى الإعلام المصرى، خصوصاً مع زيادة عدد القنوات الفضائية ذات التأثير خلال الفترة الماضية، وكذلك الدماء الشابة التى تم ضخها فى القنوات، مشيراً إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه وسائل الإعلام، ومنها وسائل الإعلام الحديثة أو السوشيال ميديا، وكذلك الثورة التكنولوجية التى يشهدها العالم والذكاء الاصطناعى.

وأشار رئيس «الأعلى للإعلام» إلى ضرورة إيجاد سُبل للتعاون بين كليات الإعلام ووسائل الإعلام، مضيفاً أن هناك إشكالية فى غاية الأهمية، تكمن فى ظهور بعض الشخصيات على الهواء بزعم أنهم متخصصون فى القطاعات المختلفة المهمة كالطبية أو القانونية دون التأكد من هويتهم، مما يؤدى إلى نشر آراء غير علمية تُسهم فى تضليل المشاهد، متسائلاً: «لماذا تسمح القنوات باستضافة هؤلاء الشخصيات دون التأكد من هويتهم ومؤهلهم العلمى للحديث فى القضايا الشائكة وإبداء آرائهم التى تؤثر فى الرأى العام».

وأكد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن هذه المبادرة تندرج ضمن آليات التنظيم الذاتى للعمل الإعلامى، وهى الآليات التى تستهدف تعزيز الالتزامات الطوعية والأخلاقية لأطراف الصناعة، بما يُعزّز آراءها ويُحد من تجاوزاتها، مع الحفاظ على حرية الرأى والتعبير، واستكمالاً للجهود التى يبذلها فى مجال ترقية المواكبة الإعلامية للرياضة المصرية والإقليمية والعالمية، وعطفاً على «كود الإعلام الرياضى»، الذى أصدره المجلس فى 2019، والمنشور بالجريدة الرسمية، وسعياً لتطوير قدرة المنظومة الإعلامية الرياضية الوطنية على الوفاء بالمعايير والقواعد الأخلاقية والمهنية.

مقالات مشابهة

  • إعلام سياسى لا يستحي
  • وسائل الإعلام تتواجد في مران الزمالك قبل مواجهة الأهلي بالسوبر الأفريقي
  • مؤرخ إسرائيلي: حرب لبنان لاستعادة الردع الذي فقدناه في 7 أكتوبر
  • ‏السيدات والسادة في وسائل الإعلام المحترمون
  • نقيب الإعلاميين: خلق مساحات للنقاش الحر يُعزز من جاذبية الإعلام
  • « الأعلى لتنظيم الإعلام»: «التنظيم الذاتي» تعزيز رسالة الإعلام وتدريب العاملين على رأس التوصيات
  • العدد كبير جدًا.. كم بلغ عدد النازحين اللبنانيين خلال أيام على وقع الغارات الإسرائيلية؟
  • وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء من جديد على طارق عفاش
  • أستاذ علوم سياسية: سياسة الردع الإسرائيلي اهتزت في أحداث 7 أكتوبر