سودانايل:
2025-01-23@19:08:45 GMT

الإعلام سلاح المنتصر

تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT

منذ حرب الخليج الثانية على عتبة عقد التسعينيات الأخير انضمت فيالق مستحدثة إلى الترسانة العسكرية . ف(عاصفة الصحراء ) لم تكن كسابقاتها من من الحروب. العالم شاهد للمرة الأولى نسخة تلفزيونية مصورة حيّة للمعارك حسب توصيف المفكر الفرنسي جان بودريار. بذلك افتتحت قناة سي إن إن أفقًا جديدا في عالم البث التلفزيوني.

قطاع عريض من المشاهدين تابع من تحت ألحفتهم داخل غرف النوم الصواريخ التقليدية والذكية تدك أبراج النظام العراقي الإعلامية والعسكرية. كما تابع العالم أرتال الدبابات الأميركية تطبق من الشمال والجنوب على بغداد حتى عبرت بين الرصافة والجسر والنشامى حفاة على حافة النهر. هكذا دشنت حرب بوش الأب-صدام عهد الجبهات الاعلامية المتقدمة والمصاحبة للمعارك وذات الثقل في حسم القتال.
*****

ميسلوفيتش لم يكن صدام لكن سيناريو بغداد أُعيد استنساخه في بلغراد تحت سقف العقد التسعيني نفسه. كذلك ترسّخ إبان الحرب اللبنانية الإسرائلية في العام ٢٠٠٦ دور الآلة الإعلامية سلاحا استراتيجياً في مسارات المعارك. هكذا لم يصبح النقل التلفزيوني فقط فصلا حيويا في الخطاب الحربي بل بات سلاحا فعالاً و جبهة ملتهبة. في الحرب السودانية الراهنة لا يغيب الإعلام كسلاح استراتيجي بل نفتقد دور الكاميرا في نقل إحداثيات المعارك. لكأن هذه الحرب الخاسرة تجري خارج العصر أو ربما ثمة تواطوء يستهدف حجب عملياتها القذرة عن عيون العالم أو طمسها. فليس مثيرا فقط اخفاق وسائل الاعلام السودانية في متابعة إقتتال الإخوة الأعداء بل ضمور - ان لم نقل قصور-تغطية شبكات التلفزة الإقليمية والعالمية لعمليات التقتيل، التهجير والتدمير اليومية بايقاع جاذب مغرٍ لتلك الشبكات كما في اوكرانيا المزامنة.
*****

فعجز الإعلام السوداني له مايبرره. إذ هو نتاج نظام قمعي لم يدرك أهمية دور الإعلام في عملية التطور والبناء والإنماء ، فالنظام اكتفى بتكريس الصحافة وأجهزة الاعلام ضمن آليات قهر الجماهير فتحول الصحافيون إلى موظفين في خدمة رجال الإنقاذ .كما أمست أجهزة الاعلام برمتها (جسداً بلا روح). هي نمطية تتوافق مع توجهات الإنقاذ السياسية، الإقتصادية والإجتماعية. تلك التوجهات الشائهة أقعدت العملية الاعلامية ثلاثين سنة بينما كانت أجهزة الاعلام تتوثب بخطوات عملاقة على صعيد العالم. ذلك وضع مأزوم زاد من تعقيداته مصادرة النظام حرية التعبير وتغييب الرأي بل والعقل كذلك.
*****

كذلك أخفقت المرحلة الانتقالية في إحداث نقلة نوعية في مفهوم دور الإعلام في غياب سياسة مكتوبة تقنن ملكية الشعب لوسائل الاعلام .ذلك الوضع الملتبس عند بدايات تحول ثوري جعل القضية برمتها رغم حيويتها عرضة للاجتهادات الشخصية وردود أفعال فأجهضت بيروقراطية الدولة فرص تكريس دور الإعلام في عملية التغيير والتحديث إبان المرحلة. في أولويات التحول المنشود إخراج الصحافة من التبعية إلى الشراكة مع السلطة . المؤسف استمرار السيمفونية ذاتها بل وبالعازفين أنفسهم . لم تتبلور أي مبادرات في شأن اصلاح حال الصحافيين تدريباً أو في شأن المؤسسات تمويلا. للمفارقة مع أننا شعب كثير الثرثرة في حياتنا اليومية فيما نعرف وما نزعم إدراكه إلا أن زمن الغناء على شاشاتنا يتفوق على مساحات الكلام !
*****

لمّا كانت آلية الاعلام الموروث خاضعة للنظام الرأسي فمن الطبيعي إصابتها بسكتة دماغية عند غياب الرأس. الحرب كشفت كل سوءات النظام . من تلك وضع المؤسسات الاعلامية في حراسة الجنجويد .مهما بلغت النوايا الحسنة فليس من حسن الفطن استبعاد كل الاحتمالات الممكنة.تلك الخطيئة اخرجت محطات الإذاعة والتلفزة عن دائرة الفعل تماما طوال شهور الاقتتال ، فحدثت قطيعة فعلية بين الحرب و الشعب . الصمت الاعلامي تجاه الحرب لم يكن خيارا . فصحافتنا ان كانت قادرة على الميز بين القضايا العادلة وغير العادلة فانها لم تكن مستعدة للدفاع عن الأولى أو النضال ضد الثانية .
*****

قليل من الصحافيين ظل يمارس دوره الوطني بيقين( الصحافة مثل السياسة هي فن الممكن).لكن هناك لم يفق من الغيبوبة حتى تحت كل هذا القصف العشوائي. محطات التلفزة وجدت في هؤلاء استثمارا رخيصا لتغطية فراغها الزماني .هم كذلك عثروا على فرص سهلة لاشباع شهواتهم في حب الظهور وملء جيوبهم فاجتهدت شلة من الخارج في توصيف معارك لم يشهدوها ،وانفمست في حبك روايات لإحداثيات عسكريةلم تقع بعدوشطح بعض ٌفي اختلاق سيناريوهات سياسية، بعضها مدفوع بشغف التفرّد وبعضها مدفوع الأجر
*****

مع القناعة بقول العالم النمساوي بول فانسلافيك (أخطر انواع الوهم القول بوجود حقيقة واحدة).فان هذا الوهم يتصخم في زمن وسائط التواصل الاجتماعي .فما بالك اذا كانت هي مصادر المعلومات الفاعل في زمن الحرب؟فالمتلقي لا يعرف هوية المرسل ،دع عنك مصداقيته.لذلك تتعدد نسخ الحقيقة الواحدة ورواياتها نظرا لتعدد رواتها .تلك ليست معضلة الجماهير فمحطات تلفزة كبيرة سقطت في اختبار المصداقية إذ اعتمدت على هذه الوسائط.!!! فافتقدت الخد الادنى من المهنية ومثله من الموضوعية. أي مقارنة بين التغطية للحرب في اوكرانيا في السودان تثير أسئلة محيّرة مربكة.
*****

بقدر تجسير الهوة بين المرسل و المتلقي ، فإن الاعلام الالكتروني موسوم على صعيد العالم بنشر الكراهية والعداء.التقدم التكنلوجي لم يزدمساحة اطلاع الشعوب على المعلومات. هذه إحدى أبرز شواهد الحرب السودانية الراهنة.الصحافة تظل هي الصحافة الحقيقية حينما تتمثل المقولة المتداولة في توصيفها بانها مهنة المتاعب ليست مهنة الابتعاد عن المتاعب كما يقول الصديق السوري حكم البابا.

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

نيمار يُشعل الحرب بين البرازيليين!

معتز الشامي (أبوظبي)
ريفالدو أم نيمار؟ من كان الأفضل في أوج عطائه؟
هذا هو الجدل الذي نشأ مؤخراً بين البرازيليين، خصوصاً على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك في أعقاب مقابلة جمعت البرازيلي نيمار والنجم الأسطوري السابق روماريو، ما أشعل حرباً شعواء عبر مختلف منصات التواصل، وردود فعل مثيرة بعضها قسم آراء البرازيليين أنفسهم.
وعندما سئل نيمار عما إذا كان يمكنه أن يلعب في جيل منتخب البرازيل الفائز بكأس العالم 2002، ومن كان اللاعب الذي سيلعب مكانه إذا كان ضمن هذا الجيل، وكان رد لاعب برشلونة وباريس سان جيرمان السابق: «أعتقد أنني كنت سألعب في تلك التشكيلة بدلاً من ريفالدو»، وبعد هذا الرد، قام ريفالدو بنشر صورته على حسابه بمنصة «إنستجرام» وهو يرفع كأس العالم في تلك النسخة، بالإضافة إلى مقطع فيديو للأهداف الخمسة التي سجلها في البطولة، وأرفقها بالنص التالي: «لقد سمعت نيمار يقول إنه كان بإمكانه اللعب في مكاني في كأس العالم 2002 في أفضل حالاته، بصراحة، أنا أدرك موهبته وجودته، بل وأعتقد أنه كان بإمكانه اللعب في ذلك الفريق، لكن اللعب في مكاني كان قصة أخرى، مع كل الاحترام والإعجاب الذي أكنه له، أستطيع القول بكل ثقة أن هذا لم يكن ليحدث، ففي ذلك الوقت كنت شديد التركيز والعزم والرغبة في الفوز باللقب العالمي لدرجة أن لا أحد، مهما كان جيداً في قمة مسيرته، يمكنه أن يحل محلي وقتها، أقول هذا بكثير من الحب والاحترام، ولكن أيضاً بثقة شخص عاش تلك اللحظة، ويعرف مدى صعوبة كفاحه ليصبح بطلاً للعالم».
وحصد رد ريفالدو أكثر من 48 ألف تعليق، ولكن على الجهة المقابلة لم يتوقف نيمار عند تصريحه الذي أثار ردة فعل من ريفالدو، ولكنه طالب النجم البرازيلي السابق بـ«تهدئة الأمور»، حيث أوضح أوضح أنه لا يستطيع إبعاد رونالدو أو رونالدينيو من تشكيلة ذلك الجيل، وقال في رده: «اهدأ يا صديقي.. كل اللاعبين البرازيليين الذين شاركوا في كأس العالم كرسوا أنفسهم وركزوا بنسبة 100%.. بعضهم حقق هدفه النهائي، وبعضهم الآخر للأسف لم يفعل، وهذا جزء من كرة القدم، لطالما احترمتك، ولن أسلبك أبداً ما تمثله لكرة القدم البرازيلية، كان الأمر مجرد اختيار بينكم الثلاثة، وأنتم لا تريدون مني أن أسلب ذلك الدور من رونالدو ورونالدينيو، أليس كذلك»؟

أخبار ذات صلة نيمار على أبواب العودة إلى «نادي الطفولة»! ريفالدو ونيمار.. «التراشق اللذيذ»!

وقد وجد رد نيمار تفاعل إيجابياً كون جيل 2002 بالفعل شهد تألقاً لافتاً للأسطورة رونالدو بالإضافة لرونالدينيو، الأكثر محبة بين الجماهير البرازيلية بالتأكيد، حيث أن النقاش بين نيمار وريفالدو، فيما يتعلق بالمنتخب البرازيلي، هو لصالح نيمار إذا تحدثنا عن الأرقام الفردية ولصالح ريفالدو إذا تحدثنا عن الألقاب، حيث سجل نيمار 79 هدفاً في 128 مباراة مع المنتخب البرازيلي، مقارنة بـ 35 هدفاً في 76 مباراة لريفالدو، لكن نيمار لم يتمكن من رفع كأس العالم أو كوبا أميركا مع البرازيل (لم يتمكن من اللعب بسبب الإصابة في البطولة، التي فازت بها البرازيل في عام 2019)، بينما تمكن ريفالدو من الفوز باللقبين، وكلاهما فاز بكأس القارات.

مقالات مشابهة

  • عاجل. ترامب: على بوتين وروسيا إيقاف الحرب السخيفة وعلاقتي بالرئيس الروسي كانت جيدة للغاية
  • مُستعد لمقابلة بوتين وزيلينسكي|ترامب يهاجم الإعلام الأمريكي بسبب الحرب الأوكرانية
  • 471 يوما من العدوان.. تامر أمين: الحرب على غزة كانت جحيما لا يطاق
  • بالفيديو .. الإعلام العبري يتساءل غاضباً: لقد توقفت الحرب على غزة لماذا لا تتوقف المظاهرات ضد إسرائيل؟
  • الإعلام الإسرائيلي يكشف خسائر جيش الاحتلال خلال الحرب على غزة.. أرقام مرعبة
  • محلل سياسي: عملية جنين العسكرية كانت متوقعة في ظل التحضيرات الإسرائيلية
  • محلل سياسي: العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين كانت متوقعة
  • حرية الصحافة في مواجهة القمع: قضية هبة أبو طه نموذجًا لصراع الإعلام مع القيود
  • نيمار يُشعل الحرب بين البرازيليين!
  • رداً على تهديد ترامب باستعادة القناة..بنما: بنمية وستظل كذلك