سودانايل:
2024-09-09@10:02:16 GMT

الإعلام سلاح المنتصر

تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT

منذ حرب الخليج الثانية على عتبة عقد التسعينيات الأخير انضمت فيالق مستحدثة إلى الترسانة العسكرية . ف(عاصفة الصحراء ) لم تكن كسابقاتها من من الحروب. العالم شاهد للمرة الأولى نسخة تلفزيونية مصورة حيّة للمعارك حسب توصيف المفكر الفرنسي جان بودريار. بذلك افتتحت قناة سي إن إن أفقًا جديدا في عالم البث التلفزيوني.

قطاع عريض من المشاهدين تابع من تحت ألحفتهم داخل غرف النوم الصواريخ التقليدية والذكية تدك أبراج النظام العراقي الإعلامية والعسكرية. كما تابع العالم أرتال الدبابات الأميركية تطبق من الشمال والجنوب على بغداد حتى عبرت بين الرصافة والجسر والنشامى حفاة على حافة النهر. هكذا دشنت حرب بوش الأب-صدام عهد الجبهات الاعلامية المتقدمة والمصاحبة للمعارك وذات الثقل في حسم القتال.
*****

ميسلوفيتش لم يكن صدام لكن سيناريو بغداد أُعيد استنساخه في بلغراد تحت سقف العقد التسعيني نفسه. كذلك ترسّخ إبان الحرب اللبنانية الإسرائلية في العام ٢٠٠٦ دور الآلة الإعلامية سلاحا استراتيجياً في مسارات المعارك. هكذا لم يصبح النقل التلفزيوني فقط فصلا حيويا في الخطاب الحربي بل بات سلاحا فعالاً و جبهة ملتهبة. في الحرب السودانية الراهنة لا يغيب الإعلام كسلاح استراتيجي بل نفتقد دور الكاميرا في نقل إحداثيات المعارك. لكأن هذه الحرب الخاسرة تجري خارج العصر أو ربما ثمة تواطوء يستهدف حجب عملياتها القذرة عن عيون العالم أو طمسها. فليس مثيرا فقط اخفاق وسائل الاعلام السودانية في متابعة إقتتال الإخوة الأعداء بل ضمور - ان لم نقل قصور-تغطية شبكات التلفزة الإقليمية والعالمية لعمليات التقتيل، التهجير والتدمير اليومية بايقاع جاذب مغرٍ لتلك الشبكات كما في اوكرانيا المزامنة.
*****

فعجز الإعلام السوداني له مايبرره. إذ هو نتاج نظام قمعي لم يدرك أهمية دور الإعلام في عملية التطور والبناء والإنماء ، فالنظام اكتفى بتكريس الصحافة وأجهزة الاعلام ضمن آليات قهر الجماهير فتحول الصحافيون إلى موظفين في خدمة رجال الإنقاذ .كما أمست أجهزة الاعلام برمتها (جسداً بلا روح). هي نمطية تتوافق مع توجهات الإنقاذ السياسية، الإقتصادية والإجتماعية. تلك التوجهات الشائهة أقعدت العملية الاعلامية ثلاثين سنة بينما كانت أجهزة الاعلام تتوثب بخطوات عملاقة على صعيد العالم. ذلك وضع مأزوم زاد من تعقيداته مصادرة النظام حرية التعبير وتغييب الرأي بل والعقل كذلك.
*****

كذلك أخفقت المرحلة الانتقالية في إحداث نقلة نوعية في مفهوم دور الإعلام في غياب سياسة مكتوبة تقنن ملكية الشعب لوسائل الاعلام .ذلك الوضع الملتبس عند بدايات تحول ثوري جعل القضية برمتها رغم حيويتها عرضة للاجتهادات الشخصية وردود أفعال فأجهضت بيروقراطية الدولة فرص تكريس دور الإعلام في عملية التغيير والتحديث إبان المرحلة. في أولويات التحول المنشود إخراج الصحافة من التبعية إلى الشراكة مع السلطة . المؤسف استمرار السيمفونية ذاتها بل وبالعازفين أنفسهم . لم تتبلور أي مبادرات في شأن اصلاح حال الصحافيين تدريباً أو في شأن المؤسسات تمويلا. للمفارقة مع أننا شعب كثير الثرثرة في حياتنا اليومية فيما نعرف وما نزعم إدراكه إلا أن زمن الغناء على شاشاتنا يتفوق على مساحات الكلام !
*****

لمّا كانت آلية الاعلام الموروث خاضعة للنظام الرأسي فمن الطبيعي إصابتها بسكتة دماغية عند غياب الرأس. الحرب كشفت كل سوءات النظام . من تلك وضع المؤسسات الاعلامية في حراسة الجنجويد .مهما بلغت النوايا الحسنة فليس من حسن الفطن استبعاد كل الاحتمالات الممكنة.تلك الخطيئة اخرجت محطات الإذاعة والتلفزة عن دائرة الفعل تماما طوال شهور الاقتتال ، فحدثت قطيعة فعلية بين الحرب و الشعب . الصمت الاعلامي تجاه الحرب لم يكن خيارا . فصحافتنا ان كانت قادرة على الميز بين القضايا العادلة وغير العادلة فانها لم تكن مستعدة للدفاع عن الأولى أو النضال ضد الثانية .
*****

قليل من الصحافيين ظل يمارس دوره الوطني بيقين( الصحافة مثل السياسة هي فن الممكن).لكن هناك لم يفق من الغيبوبة حتى تحت كل هذا القصف العشوائي. محطات التلفزة وجدت في هؤلاء استثمارا رخيصا لتغطية فراغها الزماني .هم كذلك عثروا على فرص سهلة لاشباع شهواتهم في حب الظهور وملء جيوبهم فاجتهدت شلة من الخارج في توصيف معارك لم يشهدوها ،وانفمست في حبك روايات لإحداثيات عسكريةلم تقع بعدوشطح بعض ٌفي اختلاق سيناريوهات سياسية، بعضها مدفوع بشغف التفرّد وبعضها مدفوع الأجر
*****

مع القناعة بقول العالم النمساوي بول فانسلافيك (أخطر انواع الوهم القول بوجود حقيقة واحدة).فان هذا الوهم يتصخم في زمن وسائط التواصل الاجتماعي .فما بالك اذا كانت هي مصادر المعلومات الفاعل في زمن الحرب؟فالمتلقي لا يعرف هوية المرسل ،دع عنك مصداقيته.لذلك تتعدد نسخ الحقيقة الواحدة ورواياتها نظرا لتعدد رواتها .تلك ليست معضلة الجماهير فمحطات تلفزة كبيرة سقطت في اختبار المصداقية إذ اعتمدت على هذه الوسائط.!!! فافتقدت الخد الادنى من المهنية ومثله من الموضوعية. أي مقارنة بين التغطية للحرب في اوكرانيا في السودان تثير أسئلة محيّرة مربكة.
*****

بقدر تجسير الهوة بين المرسل و المتلقي ، فإن الاعلام الالكتروني موسوم على صعيد العالم بنشر الكراهية والعداء.التقدم التكنلوجي لم يزدمساحة اطلاع الشعوب على المعلومات. هذه إحدى أبرز شواهد الحرب السودانية الراهنة.الصحافة تظل هي الصحافة الحقيقية حينما تتمثل المقولة المتداولة في توصيفها بانها مهنة المتاعب ليست مهنة الابتعاد عن المتاعب كما يقول الصديق السوري حكم البابا.

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الملكة رانيا: الانتقاص من قيمة حياة الفلسطيني يجب أن يسمى بمسمّاه (شاهد)

قالت الملكة رانيا العبد الله، عقيلة العاهل الأردني عبد الله الثاني بن الحسين، إن الانتقاص من قيمة الحياة الفلسطيني يجب أن يتم تسميته بمسماه الحقيقي.

وأضافت خلال كلمة في منتدى "أمبروسيتي" بمدينة سيرنوبيو الإيطالية، إن هذا الانتقاص يجب أن يتم تسميته "عنصرية ضد الفلسطينيين".

وتابعت "لا يمكن لهذا الفشل أن يستمر"، مضيفة أن "المعايير الغربية المزدوجة تجاه الحرب على غزة ساهمت في فقدان الثقة بقواعد ومعايير أخلاقية لطالما افترضنا أنها تحكم عالمنا".

وأردفت الملكة رانيا "تستحق شعوب العالم نظاماً عالمياً يمكنها الوثوق فيه – خالٍ من التعصب والثغرات الأخلاقية والبقع العمياء".

وتابعت أمام حشد من الشخصيات الحاضرة "الغالبية ينظرون إلى الحرب على غزة، فيرون ازدواجية صارخة للمعايير... أو الأسوأ من ذلك: تخلٍ واضح عن أي معايير بالمُطلق".


وأشارت إلى أن جميع سكان غزة تقريباً يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويتضور الأطفال الفلسطينيون جوعاً. حيث تُعيق تل أبيب الوصول إلى المساعدات الإنسانية.

وحول اتهام المقاومة بأنها من أشعلت شرارة الحرب، قالت الملكة رانيا "لعقود قبل السابع من تشرين الأول الماضي، تعرض الفلسطينيون لاحتلال ساحق وإجرامي. فللفلسطينيين الحق أيضاً في العيش بسلام وأمان. وبالرغم من ذلك، مازلنا نراوح مكاننا".

وتساءلت: "هل يتوقع العالم من أي شعب غربي أن يتحمل حياة مشابهة في ظل احتلال وعنف؟".

وأضافت "هل يقول العالم إن أمن إسرائيل أهم من أمن أي دولة أخرى– وبالتالي، لا يُعتبر أي إجراء محظوراً في سبيل ذلك؟".

مقالات مشابهة

  • تراجع الاهتمام الاعلامي بلبنان
  • "الإعلام الرياضي"سلاح ذو حدين..كيف نستغله لبناء مجتمع رياضي قوي؟|خاص
  • "الصحفيين الخليجيين" يوجه بتطوير مهارات طلبة الإعلام والتصدي لحملات الإساءة ضد "دول المجلس"
  • «الثيرمايت» في سلاح أوكراني جديد.. ماذا نعرف عن «مسيرات التنين»؟
  • وزير الأمن القومي الإسرائيلي: الحرب التي نخوضها ليست في لبنان وغزة فقط إنما في الضفة الغربية كذلك
  • بعد منع الصحافة والمراقبين.. تقارير تمنح تبون عهدة ثانية وتؤكد أن الانتخابات في الجزائر مسرحية من إخراج العسكر
  • محمد يحيى يكشف أهداف منتدى الاعلام الرياضي
  • الملكة رانيا: الانتقاص من قيمة حياة الفلسطيني يجب أن يسمى بمسمّاه (شاهد)
  • وقار وحيادية الإعلام العمانى
  • الأسطورة.. صحفي بلغاري كانت فلسطين قضيته الشخصية (بورتريه)