الانتخابات المبكرة بالعراق ورقة ضغط أم مناورة سياسية؟
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
بغداد- عاد الحديث في الأيام الماضية عن إمكانية توجه العراق نحو إجراء انتخابات تشريعية مبكرة قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية في أكتوبر/تشرين الأول 2025. ويثير هذا التطور تساؤلات عما إذا كانت هذه الانتخابات المبكرة تهدف إلى الضغط على حكومة محمد شياع السوداني أم هي مناورة سياسية لإعادة ضبط قواعد اللعبة في البلاد.
وأكد رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، بلقاء متلفز في 20 سبتمبر/أيلول الحالي، أن الانتخابات المبكرة ستجرى في أبريل/نيسان أو مايو/أيار 2025، مشيرا إلى أن هذه الانتخابات أصبحت ملزمة وفقا للمنهاج الوزاري الذي صوّت عليه البرلمان.
كما دعا رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إلى إجراء انتخابات مبكرة، وسط إشكالات سياسية تواجه رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني بسبب قضية "شبكة تنصّت محمد جوحي"، وهو معاون المدير العام للدائرة الإدارية في مكتب رئيس الوزراء الحالي، وسكرتير الفريق الحكومي، ومسؤول التواصل مع النواب.
يتضمن البرنامج العام لحكومة السوداني، التي منحها البرلمان العراقي الثقة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022، مجموعة بنود ومحاور أبرزها بسط الأمن والاستقرار، ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة، واستئناف العمل بالمشاريع المهمة، ومكافحة الفساد، ومنها أيضا بند ينص على إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
ويعدّ الاستحقاق الانتخابي القادم لمجلس النواب العراقي استحقاقا دستوريا ثابتا، حيث يتم تحديد موعده بناء على المادة 62 من الدستور العراقي التي تنص على أن الانتخابات العامة يجب أن تجرى بعد مرور 4 سنوات على أول جلسة لمجلس النواب، مع حذف 45 يوما من هذه الفترة. وبناء على هذه المادة، يتم تحديد موعد الانتخابات ليكون في 25 أكتوبر/تشرين الثاني كل 4 سنوات.
وتتزامن دعوات الانتخابات المبكرة مع إعلان التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، في 11 أبريل/نيسان الماضي، عن تياره الجديد "الوطني الشيعي". هذا الإعلان يأتي بعد أكثر من عامين على انسحاب الصدر من البرلمان الحالي، إذ كان متصدرا بـ74 مقعدا من مجموع 329 مقعدا.
بعض المراقبين يرون أن تبكير الانتخابات يواجه جملة من المعوقات الفنية واللوجستية (الصحافة العراقية) معوقات فنية ولوجستيةالخبير في مجال الانتخابات دريد توفيق يؤكد أن الموعد المحدد للانتخابات في 25 أكتوبر/تشرين الأول هو موعد دستوري ثابت، ولا يمكن تقديمه إلا بموافقة مجلس النواب نفسه.
وأشار توفيق -في حديثه للجزيرة نت- إلى جملة من المعوقات الفنية واللوجستية التي تصعّب مهمة إجراء انتخابات مبكرة، أولها يتمثل في تسجيل الناخبين الجدد الذين سيبلغون سن الـ18 عاما بحلول العام المقبل، مشيرا إلى أن هؤلاء الناخبين الجدد يحتاجون إلى تحديث بياناتهم البايومترية وطباعة الهويات الانتخابية، وهو ما يتطلب وقتا وجهدا كبيرين قد لا تكفيهما 3 أشهر.
ومن المعوقات الأخرى التي تجب مراعاتها، بحسب توفيق، هو تصادم الموعد المقترح للانتخابات في شهر مايو/أيار مع التقويم التربوي، حيث تكون هذه الفترة مناسبة لإجراء الامتحانات النهائية للطلبة. بالإضافة إلى ذلك، يكون معظم مراقبي مراكز الاقتراع من الكوادر التعليمية، وهو ما قد يؤدي إلى خلل في العملية الامتحانية.
من جهة أخرى، يتسم شهر مايو/أيار بارتفاع درجات الحرارة، وذلك يمثل تحديا كبيرا للموظفين الذين سيقضون أغلب اليوم في المدارس غير المكيفة. ويجب أيضا، كما يقول الخبير العراقي، أخذ شهر رمضان في الاعتبار، فقد يوافق فترة الدعاية الانتخابية، معتبرا أن هذا التأثير قد يؤدي إلى إرباك المشهد السياسي وتعقيد العملية الانتخابية.
عرقلة مشاريع الإصلاحبدوره، يرى الأكاديمي والباحث السياسي عدنان العربي أن حكومة محمد شياع السوداني قد حققت تقدما ملحوظا على أرض الواقع، رغم التحديات التي تواجهها والخلافات السياسية التي تحيط بها.
يقول العربي -للجزيرة نت- إن الحكومة لم تمض سوى مدة قصيرة نسبيا، فهي لم تكمل سنتين من عمرها، وذلك يعني أن المشاريع المتأخرة والمطلوب إنجازها تحتاج إلى وقت وسقوف زمنية للتنفيذ، مؤكدا أن الانتخابات المبكرة ليست ضرورية حاليا، خاصة أن الحكومة ما زالت في بداية مسارها الإصلاحي، وأن المطالبات بإجراء انتخابات مبكرة قد تعرقل جهودها في تحقيق الاستقرار والتنمية.
ويؤكد الباحث السياسي أن المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة ليست عملية حاليا، مشيرا إلى أن الحكومة قد فتحت أبوابها أمام التعاون مع جميع دول المنطقة، سواء كانت عربية أو أجنبية.
ويضيف أن الدول المحيطة بالعراق ترى أن هذه الحكومة قد أظهرت استعدادا للعمل معها ولتعزيز العلاقات الثنائية، وذلك يجعلها راغبة في استمرارها على المدى المنظور، منوها إلى أن العلاقات الدولية للحكومة جيدة ومستقرة، مما يعزز من قدرتها على تحقيق التنمية والإصلاحات المطلوبة.
التيار الصدري يتبنى الدعوة إلى انتخابات مبكرة لتشكيل حكومة أغلبية بدلا من الحكومات التوافقية (مواقع التواصل) خطوة لإعادة بناء الثقةمن جانبه، يعتقد السياسي المقرب من التيار الصدري مجاشع التميمي أن هذه الانتخابات ليست مجرد خطوة لتحسين الخدمات، بل هي ضرورة لحل العديد من الإشكالات المتعلقة بالفساد والأمور الاقتصادية والخدمات.
وقال التميمي -خلال حديثه مع الجزيرة نت- إن الحكومة الحالية والحكومات السابقة قد بنيت على أساس التوافقية، مما أدى إلى تفاقم الفساد والأزمات الاقتصادية، مشيرا إلى أن الانتخابات المبكرة تعد خطوة لإعادة بناء الثقة وتحقيق الشفافية والعدالة الاقتصادية.
ورأى أنه "من خلال الانتخابات المبكرة، يمكن تشكيل حكومة أغلبية وطنية، وذلك يمكّن رئيس الوزراء من التحرر من قيود التوافقية وتنفيذ خطط وبرامج طموحة"، منوها إلى أن الانتخابات المبكرة أُدرجت في المنهاج الحكومي، مما يجعلها قانونا ملزما على الحكومة، وهذا يعني إمكانية إجراء الانتخابات قبل موعدها الرسمي.
وتابع "هناك قوى سياسية داخل البرلمان وخارجه تدعم إجراء الانتخابات المبكرة، لكن هناك أيضًا معارضة من بعض الأطراف التي ترى أن هذه الخطوة تهدد مصالحها"، محذرا من أنه إذا بقيت الأمور على حالها، فإن الأوضاع قد تتوجه إلى الفوضى.
وبشأن الدول الإقليمية والدولية المؤثرة في قرارات كهذه، قال التميمي إنه باعتبار أن الحكومة الحالية قريبة من إيران فقد تواجه الانتخابات المبكرة معارضة من جانبها، لكن إذا كانت هناك ضمانات بمصالحها في العراق فقد تمضي قدمًا، أما الولايات المتحدة فاستبعد تدخلها في هذه القضية وإن كانت ترغب باستمرار الحكومة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات إجراء انتخابات مبکرة أکتوبر تشرین مشیرا إلى أن أن هذه
إقرأ أيضاً:
انتخابات بلدية في عموم ليبيا للمرة الأولى منذ 10 سنوات
أدلى الليبيون بأصواتهم لانتخاب ممثليهم في عشرات المجالس البلدية اليوم السبت، في أول اقتراع محلي يتم إجراؤه في عموم البلاد بالتزامن للمرة الأولى منذ 10 سنوات.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن عضو مجلس إدارة المفوضية الوطنية للانتخابات عبد الحكيم الشعاب قوله إن نسبة المشاركة بلغت 55% من إجمالي الناخبين المسجلين، ووصفها بأنها "نسبة عالية ومحفزة".
وقال الشعاب إن الاقتراع لم يشهد مخالفات أو خروقا أمنية، ورأى أن "نجاح الانتخابات البلدية في شرق وغرب وجنوب البلاد يعد مؤشرا بأن الشعب الليبي يرغب في الذهاب للانتخابات للوصول إلى دولة مستقرة عن طريق صناديق الاقتراع".
وجرى الاقتراع في أكثر من 350 مركزا، لانتخاب المجموعة الأولى من المجالس البلدية في ليبيا، وتشمل 58 بلدية من أصل 142.
وبحسب المفوضية الوطنية للانتخابات، دعي إلى هذا الاقتراع حوالي 186 ألف ناخب. ويتنافس 2331 مرشحا على 426 مقعدا، منها 68 مخصصة للنساء و58 لذوي الإعاقة.
مفوضية الانتخابات دعت الليبيين إلى "تحمل مسؤوليتهم" والحيلولة دون "خطف أصواتهم" (الفرنسية)وتعاني ليبيا انقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتدير شؤون البلاد حكومتان: الأولى في طرابلس معترف بها دوليا برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد يترأسها أسامة حمّاد وتحظى بدعم مجلس النواب واللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر.
وقال الدبيبة عبر فيسبوك معلقا على العملية الانتخابية: "علينا جميعا الذهاب إلى مراكز الاقتراع والمشاركة في تسمية الكفاءات التي سترافقنا إلى المستقبل".
من جانبها، دعت مفوضية الانتخابات كل الناخبين المسجلين إلى "تحمل مسؤوليتهم والتوجه إلى مراكز الانتخاب المسجلين بها وممارسة حقهم في التصويت واختيار من يمثلهم في المجلس البلدي، وألا يتركوا المجال لمن يحاول أن يخطف أصواتهم ويتعدى على حقوقهم".
ستيفاني خوري @stephaniekoury1 خلال الإعلان عن انطلاق انتخابات المجالس البلدية صباح اليوم:
"الانتخابات الشاملة والشفافة والموثوقة وسيلة لتعزيز العقد الاجتماعي بين مؤسسات الدولة والشعب. وهي دليل على أن اجراء الانتخابات أمر ممكن في ليبيا كأداة للانتقال السلمي للسلطة.
أحثُ جــــميع… pic.twitter.com/42kRFl1UQR
— UNSMIL (@UNSMILibya) November 16, 2024
وتفقدت ستيفاني خوري، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يرافقها وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي، مركز اقتراع في قصر بن غشير جنوب طرابلس.
وكتبت خوري عبر موقع إكس أن هذه العملية "تثبت أن إجراء الانتخابات ممكن في ليبيا كأداة للانتقال السلمي للسلطة".
من جهة أخرى، قالت الناخبة الليبية سلمى إسماعيل لوكالة الصحافة الفرنسية "إنها تجربة جديدة لليبيين، لكنها تتويج لآمال الثورة (2011) وتضحيات شبابنا ولذلك علينا المشاركة".