أظهرت دراسة أميركية جديدة أن نوعا معينا من الدهون اسمه "سفينغوليبيدات" (sphingolipids) ضروري لهروب السرطان من الجهاز المناعي، لدرجة أن بعض الخلايا السرطانية لا يمكن أن تتكاثر بدونه.

وأكدت النتائج الشكوك القديمة بأن هذا النوع من الدهون ليس فقط لاعبا رئيسيا في بيولوجيا السرطان (وبالتالي هو هدف مهم لصناعة أدوية تحارب السرطان) بل أظهرت أيضا أن الأدوية الموجودة بالفعل والمعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، والتي تُصمم لتقليل إنتاج الدهون، يمكن أن تعزز الجهاز المناعي ضد السرطان.

وتُعلن خلايا السرطان عن وجودها بالجهاز المناعي عن طريق وضع "أعلام حمراء كيميائية" على أغشيتها، ونادرا ما تبدأ بالتخفي. وتوجد الدهون في قلب هذا النظام التحذيري المبكر، وهي مركبات دهنية كان يُنظر إليها سابقا من قبل علماء السرطان بشكل أساسي كمصدر وقود للأورام المتنامية. وبمجرد تنبيه الجسم، يمكن لقوات الدفاع التدخل وتدمير الخلايا السرطانية قبل أن تتسبب بأضرار كبيرة.

ويقول كيفانش بيرسوي الباحث المسؤول عن الدراسة في مختبر التنظيم الأيضي والوراثة جامعة روكفلر بالولايات المتحدة "كنا نعتقد أن مستويات الدهون المرتفعة كانت مصدرا للطاقة لخلايا السرطان، لقد اكتشفنا أنها آلية أكثر تعقيدا، حيث تعمل الدهون كآلية حماية للخلايا السرطانية تعدل كيفية تواصلها مع الجهاز المناعي".

علاقة غامضة بين الدهون والسرطان

عرف العلماء منذ فترة طويلة أن الخلايا السرطانية تغير استقلاب الدهون، ولكن كان يُفترض عموما أن هذه الخلايا السرطانية تستهلك هذه الدهون للحصول على الطاقة باستخدام الجزيئات الدهنية لمساعدة الورم على النمو والانتشار بشكل أكبر من الخلايا السليمة.

وتقول الباحثة ماريليز سولا، وهي طالبة دراسات عليا سابقة في مختبر كيفانش بيرسوي، وفقا لموقع يوريك أليرت "كنا نعلم من الأبحاث العلمية أن مستويات الدهون المرتفعة ترتبط بشدة نمو السرطان وانتشاره، لكن لم يكن واضحا كيف يحدث ذلك".

وشرع الباحثون بالإجابة عن هذا السؤال من خلال فحص الجينات المرتبطة بهذه العملية. ثم قاموا بزرع سلسلة من الخلايا السرطانية، كل منها تفتقر إلى جين معين، في الفئران ذات الأنظمة المناعية السليمة والمعطلة، مما كشف أن سفينغوليبيدات لا يمكن أن تعيش الخلايا السرطانية بدونها. ونُشرت نتائج الدراسة بمجلة نيتشر في 7 أغسطس/آب الماضي.

و"سفينغوليبيدات" نوع من الدهون اكتُشفت أواخر القرن الـ19 على يد الكيميائي الألماني يوهان لودفيغ فيلهلم ثوديخوم، وأطلق عليها اسم هذا الاسم نسبة إلى لغز أبو الهول في الأساطير اليونانية بسبب بنيتها ووظيفتها الغامضتين. وبعد قرنين، أصبحت هذه الدهون أقل غموضا. وتقول سولا "نعلم الآن أن سفينغوليبيدات لا تُستخدم حقا للطاقة، إنها توجد بشكل رئيسي في غشاء الخلية لتوفير دعامة لبروتينات الإشارات".

نحو إستراتيجية علاجية جديدة

لاختبار كيفية تحفيز سفينغوليبيدات لنمو السرطان، لجأ الفريق إلى دواء معتمد من إدارة الغذاء والدواء يُستخدم لعلاج مرض غوشيه (Gaucher disease) وهو اضطراب وراثي يتسم بعدم القدرة على تكسير الدهون. ووجد الفريق أن هذا الدواء يعيق نمو الورم في نماذج سرطان البنكرياس والرئة والقولون والمستقيم.

كما اكتشفوا أن تقليل سفينغوليبيدات يمنع تكوين "مجالات الدهون النانوية" التي تجمع جزيئات الإشارات معا على الغشاء، مما يؤثر على مستقبلات سطح الخلية ويجعلها أكثر حساسية للاستجابة المناعية.

وتشير هذه النتائج إلى أن الخلايا السرطانية تخزن سفينغوليبيدات لإخفاء الإشارات الالتهابية، وأن تعطيل إنتاج هذه المادة يمكن أن يجعل الخلايا السرطانية عرضة للهجوم المناعي.

كما توضح أن التدخلات الدوائية والغذائية التي تعيق إنتاج سفينغوليبيدات قد تساعد في زيادة فعالية العلاجات المناعية الحالية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الخلایا السرطانیة الجهاز المناعی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

دراسة تكشف تسرّب مواد كيميائية سامة تستخدم في تحضير الطعام إلى أجسام البشر

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— تتسرّبأكثر من 3،600 مادة كيميائية إلى جسم الإنسان، وذلك نتيجة عملية تصنيع، ومعالجة، وتعبئة، وتخزين إمدادات الغذاء العالمية، ويرتبط بعضها بأضرارٍ صحية خطيرة، بحسب ما توصلت إليه دراسة جديدة.

وفي رسالة بالبريد الإلكتروني، أفاد أستاذ عِلم الأحياء في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا في تروندهايم، مارتن فاغنر: "هذا رقم مذهل ويُظهر أنّ المواد الملامسة للأغذية هي مصدر مهم للمواد الكيميائية الموجودة لدى البشر".

وأضاف فاغنر، الذي لم يشارك في البحث: "هذه الدراسة هي الأولى التي تربط بشكلٍ منهجي بين المواد الكيميائية التي نستخدمها في المواد لتعبئة ومعالجة الأغذية والتعرض البشري".

ومن المعروف أن 79 من المواد الكيميائية المستخدمة في معالجة الأغذية الموجودة في الجسم تُسبب السرطان، والطفرات الجينية، ومشاكل في الغدد الصماء، والإنجاب، ومخاوف صحية أخرى، وفقًا للدراسة المنشورة الإثنين في مجلة " Exposure Science & Environmental Epidemiology".

وأشارت مؤلفة الدراسة الرئيسية، والمديرة العلمية في منتدى تغليف الأغذية (Food Packaging Forum) غير الربحي، جين مونك، إلى أنّ العديد من المواد الكيميائية الأخرى قد تكون ضارة بطرقٍ لا يعرفها العلم بَعد.

وشرحت قائلة: "توجد هذه المواد دائمًا في البلاستيك، وفي طلاء العلب، والأغلفة، وأحبار الطباعة وما إلى ذلك. وقد لا يكون لها وظيفة تقنية في معالجة الأغذية، لكنها موجودة وتنتقل إلى الأشخاص، ونحن نقيسها".

وأوضح المتحدث باسم مجلس الكيمياء الأمريكي عبر البريد الإلكتروني: "من الضروري النظر في سياق أوسع عند تقييم المخاطر المحتملة، بما في ذلك الأطر التنظيمية الحالية، والأدلة العلمية، والمستويات والدرجات الفعلية للتعرض التي قد تكون موجودة".

وذكرت مونك أنه رغم أن المواد الملامسة الغذاء تتوافق مع اللوائح الحكومية الحالية، إلا أنّ الدراسة تسلط الضوء على احتمال ألا تكون هذه المواد الكيميائية آمنة تمامًا.

المواد الكيميائية السامة المدروسة والموجودة في الطعام

وشملت المواد الكيميائية التي اكتشفتها الدراسة في كل من الطعام والجسم البشري مادة "بيسفينول أ" (BPA).

وقال فاغنر: "تُظهر الدراسة أيضًا أنّ المواد الملامسة الطعام يمكن أن تحتوي على مواد كيميائية مسببة للطفرات تضر بحمضنا النووي، مثل المعادن الثقيلة". 

وكشف البحث عن مجموعة كيميائية أخرى في عبوات الطعام انتقلت إلى البشر، أي الفثالات. 

وعُثِر عليها في الشامبو، ومستحضرات التجميل، والعطور، وألعاب الأطفال، وحاويات الطعام أيضًا، وقد ارتبطت بالتشوهات التناسلية، والخصية المعلقة عند الأطفال الذكور، وانخفاض عدد الحيوانات المنوية، ومستويات هرمون التستوستيرون عند الذكور البالغين.

تتبع عدد قليل من المواد الكيميائية لدى البشر

في الدراسة الجديدة، قارن الباحثون 14 ألف مادة كيميائية معروفة بملامستها للطعام أثناء عملية التعبئة باستخدام قواعد بيانات عالمية تراقب التعرض البشري للسموم الكيميائية المحتملة. 

وتم تحميل جميع بيانات البحث إلى قاعدة بيانات مفتوحة للاستخدام العلمي.

واستعانت مونك وزملاؤها بقواعد بيانات المراقبة الحيوية الوطنية والإقليمية التي تتعقب المواد الكيميائية في الدم البشري، والبول، وحليب الثدي، وعينات الأنسجة، وغيرها من المؤشرات الحيوية.

مقالات مشابهة

  • يدمر الجهاز المناعي.. تعرف على خطر التدخين السلبي
  • تقديم 347 ألف جلسة للعلاج الكيميائي لمرضى الأورام السرطانية في الصعيد
  • النجف.. طلب رسمي لتخصيص مبالغ مالية لأدوية الأورام السرطانية.. وثيقة
  • دراسة تكشف تسرّب مواد كيميائية سامة تستخدم في تحضير الطعام إلى أجسام البشر
  • طريقة الحصول على دعم السخانات أو الخلايا الشمسية للمنازل
  • كيف تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تحويل الخلايا السليمة إلى أورام خبيثة؟
  • تطوير علاج جديد لسرطان العظام يقضي على الخلايا الجشعة!
  • تحذير عسكري من عمليات الفصائل العراقية: إسرائيل قد تستخدم المسيرات لاغتيال بعض القادة
  • تحذير عسكري من عمليات الفصائل العراقية: إسرائيل قد تستخدم المسيرات لاغتيال بعض القادة - عاجل