عربي21:
2024-12-18@14:11:33 GMT

غلاء الأسعار في مصر

تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT

شهدت مصر ارتفاعا في الأسعار بصورة كبيرة، وهو ما أدى إلى استغاثة العديد من المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي مما يعانوه من عدم قدرتهم على تحمل تكاليف المعيشة، لا سيما في ظل انخفاض الدخول.

ومما لا شك فيه أن العالم يواجه أزمة ارتفاع في الأسعار منذ أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما جعل البنوك المركزية تتخذ سياسة نقدية تشديدية برفع سعر الفائدة، ولم يخفض الاتحاد الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة والاتجاه نحو السياسة النقدية التيسيرية إلا في هذا الشهر، حيث قرر خفض سعر الفائدة بـ50 نقطة أساس للمرة الأولى منذ عام 2020م.



ومع تلك الأبعاد العالمية فإن الصورة في مصر لها أبعاد خاصة بها، منذ سلمت الحكومة المصرية رقاب الاقتصاد المصري لصندوق النقد الدولي، واستسلمت لشروطه فاتجهت أكثر من مرة لتعويم الجنيه المصري ورفع الدعم وبيع أصول الدولة، وليس آخر ذلك ما حدث منذ أيام من زيادة سعر أسطوانة البوتجاز من 50 جنيه إلى 150 جنيها، فهذه السياسة ستستمر ما دامت قروض الصندوق مستمرة، فلا صرف لشرائح تلك القروض إلا بإجراءات يفرضها الصندوق، وهي إجراءات باتت معروفة للجميع من تعويم العملة ورفع الدعم وبيع الأصول والتظاهر بالحماية الاجتماعية من خلال فتات الإعانات، وفي الحقيقة ضربها في مقتل.

ومن خلال الرجوع للبيانات الرسمية المصرية فيما يتعلق بالتضخم، نجد أنه وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 10 أيلول/ سبتمبر 2024 سجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر 2.1 في المئة في آب/ أغسطس 2024، مقابل 1.6 في المئة في آب/ أغسطس 2023، و0.4 في المئة في تموز/ يوليو 2024.

إذا كانت هذه البيانات حقيقية أم تم تجميلها، فإن الواقع أصدق أنباء من البيانات الرسمية، فالمواطن المصري ضاقت به سبل الحياة، ولم يعد قادرا على تلبية متطلباته ومتطلبات أسرته
وعلى أساس سنوي، سجل معدل التضخم العام للحضر 26.2 في المئة في آب/ أغسطس 2024، مقابل 25.7 في المئة في تموز/ يوليو 2024.

كما سجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، الذي يعده البنك المركزي، 0.9 في المئة في آب/ أغسطس 2024، مقابل 0.3 في المئة في آب/ أغسطس 2023، وسالب 0.5 في المئة في تموز/ يوليو 2024. وعلى أساس سنوي، سجل معدل التضخم الأساسي 25.1 في المئة في آب/ أغسطس 2024 مقابل 24.4 في المئة في تموز/ يوليو 2024.

وعلى أية حال، إذا كانت هذه البيانات حقيقية أم تم تجميلها، فإن الواقع أصدق أنباء من البيانات الرسمية، فالمواطن المصري ضاقت به سبل الحياة، ولم يعد قادرا على تلبية متطلباته ومتطلبات أسرته، في حين في الجانب الآخر شعب آخر يعيش في الساحل الشمالي وينفق الملايين في ترف يفوق خيال الفقراء والمحتاجين والمعدمين.

إن الحكومة المصرية للأسف الشديد لا رؤية لها لصالح شعبها، ولا وجهة لها إلا طحن المواطن الضعيف، والتفريط فيما تبقى من أصول كما تم التفريط في نهر النيل، وليس ببعيد عنا كيف بيعت رأس الحكمة للإمارات بثمن بخس أمام عظمة هذا المكان، مع ضرب الأمن القومي المصري! وها هو رئيس الوزراء مصطفى مدبولي يرغب في بيع كل رأس في مصر، حتى أنه أعلن أن الحكومة المصرية تسعى إلى تكرار هذا الاتفاق وأنه تم تخصيص 5 مناطق على ساحل البحر الأحمر لتقديمها للمستثمرين، وأن أحد المواقع سيكون رأس بناس، وهي شبه جزيرة في جنوب مصر تقع مقابل السعودية. وهذا يأتي أيضا في ظل ما قاله رئيس الوزراء من أن صندوق الثروة السيادية للمملكة سيضخ 5 مليارات دولار، وستكون أموالا جديدة، وليست تحويلا للودائع السعودية التي يحتفظ بها البنك المركزي المصري حاليا. وهذا أيضا يصب فيما تم الإعلان عنه من رغبة السعودية في تطوير رأس جميلة في جنوب سيناء بمصر.

وهكذا يتم التنافس الإماراتي السعودي على شراء مناطق سياحية مصرية لتحقيق المزيد من الاقتصاد الريعي الذي يستعبد البلاد والعباد، بعيدا عن الإنتاج الحقيقي من زراعة وصناعة بصورة تسد احتياجات البلاد من السلع والخدمات، وتعمل على توظيف عمالة منتجة، وتحقيق قيمة مضافة مجزية. بل إن رئيس الوزراء المصري أعلن أن مصر انتهت من مسودة اتفاقية حماية الاستثمارات السعودية المصرية، وهي اتفاقية في حقيقتها تعكس عدم أمان، وتخوف المستثمرين السعوديين من مستقبل الاقتصاد المصري.

السياسة الاقتصادية التي تتبعها الحكومة المصرية لا تخرج عن كونها سياسة ترقيعية لن تحل مشكلة الاقتصاد المصري، وآن الأوان لاتخاذ خطوات إيجابية للحفاظ على ما تبقى في مصر من بشر وحجر، بإسناد أمر الاقتصاد إلى أهل التخصص بصورة مؤسسية لا بقرارات فردية، والتوقف بتاتا عن فتح باب الديون، بل وجدولة الديون القائمة، والتوقف عن بيع الأصول، وتعزيز الاستثمار المحلي والاستثمار الأجنبي المباشر في مشروعات إنتاجية
إن انطلاق الحكومة المصرية نحو بيع الأصول وترقيع الديون بات أمرا مسلّما يعرفه الجميع، فالحكومة المصرية تسعى هذه الأيام لبيع حصتها المتبقية في بنك الإسكندرية إلى بنك "إنتيسا سان باولو"، في أول عملية بيع رئيسية لأصول الدولة منذ تخفيض قيمة الجنيه المصري في آذار/ مارس الماضي. وبذلك سيتمكن هذا البنك الإيطالي، الذي يمتلك بالفعل 80 في المئة من البنك، من الاستحواذ على الـ20 في المئة المتبقية.

كما أن الحكومة المصرية تسعى لبيع سندات دولية في أقرب وقت ممكن من السنة المالية الحالية لأول مرة منذ أواخر عام 2021، فقد صرح وزير المالية أحمد كوجك عن التخطيط لبيع حوالي 3 مليارات دولار من الديون الخارجية على شرائح مختلفة خلال السنة المالية حتى حزيران/ يونيو المقبل.

إن السياسة الاقتصادية التي تتبعها الحكومة المصرية لا تخرج عن كونها سياسة ترقيعية لن تحل مشكلة الاقتصاد المصري، وآن الأوان لاتخاذ خطوات إيجابية للحفاظ على ما تبقى في مصر من بشر وحجر، بإسناد أمر الاقتصاد إلى أهل التخصص بصورة مؤسسية لا بقرارات فردية، والتوقف بتاتا عن فتح باب الديون، بل وجدولة الديون القائمة، والتوقف عن بيع الأصول، وتعزيز الاستثمار المحلي والاستثمار الأجنبي المباشر في مشروعات إنتاجية تلبي حاجة الداخل، وتعزز الصادات للخارج.

x.com/drdawaba

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الأسعار المعيشة الاقتصاد التضخم السلع مصر اقتصاد تضخم أسعار سلع مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاقتصاد المصری الحکومة المصریة أغسطس 2024 یولیو 2024 سجل معدل فی مصر

إقرأ أيضاً:

استمرارية على المحك لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب في ظل غلاء عالمي.

حسن مراكش
يشهد قطاع المقاهي والمطاعم بالمغرب أزمة حادة ومتصاعدة بفعل الارتفاع المهول لأسعار حبوب البن والمواد الأولية الأخرى،مما يجعل هذا القطاع أمام تحديات كبيرة تهدد استمراريتها في ظل الزيادات المخيفة التي يعرفها هذا القطاع، الحسين زعيطر عضو بالجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب،أكد أن هذه الأزمة لها امتدادات وعوامل دولية،اهمها العامل المناخي التي تعرفها الدول المنتجة ،اضافة إلى إلى ارتفاع تكلفة الطاقة وارتفاع تكاليف النقل علاوة على ارتفاع مواد أخرى كالسكر،الحليب،والزيوت،مما زاد من تكاليف الإنتاج على المهنيين،وأردف المتحذت قائلا إن هذه الزيادات تقلص هامش الربح بشكل لا يطاق،دفع العديد من أرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب إلى تقليص النشاط أو الإغلاق مكبلين بديون قد تعصف بممتلكاتهم ،مشددا على ضرورة دعم خاص والتفاتة عبر مجموعة من الإجراءات قابلة للتنزيل لحماية القطاع وضمان استمرارية خدماته التي يعتمد عليها شريحة واسعة من المغاربة.

مقالات مشابهة

  • استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 18 ديسمبر 2024 في البنوك المصرية
  • انطلاق مؤتمر الجمعية المصرية لخبراء التقييم العقاري 18 يناير المقبل
  • طرح شركات حكومية في البورصة.. هل يسهم في انتعاش الاقتصاد ‏المصري وجذب الاستثمارات؟
  • أسعار الزجاج والخشب تشعل أزمة إعادة الإعمار.. تحرّك رسمي على الأرض!
  • هل تنجح الصين في تجنب نموذج ركود اقتصاد اليابان؟
  • وزير الصناعة يناقش تطوير التعاون المشترك في قطاعي الصناعة والتعدين مع وزراء في الحكومة المصرية
  • استمرارية على المحك لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب في ظل غلاء عالمي.
  • المصرية للاقتصاد: 2024 عام استعادة التوازن المالي والاقتصادي لمصر
  • دعوات تطالب الحكومة بوقف موجة غلاء الدواجن جراء تأثيرها على القدرة الشرائية
  • مصر.. الحكومة تعتزم بيع 10 شركات خلال 2025 بعضها تابعة للجيش