قال الدكتور عبد الله جوهر، عضو فريق «سلام لاب» للحفريات الفقارية، إن مصر غنية بتراثها الحضاري والثقافي والفرعوني، كما أنها أغنى بكثير في حياة ما قبل التاريخ، إذ استمرّ العمل في هذه المرحلة لما يقرب من 150 سنة من قبل الأجانب لاستخراج الحفريات ونشرها في أرقى الدوريات العلمية ولكن بأسامي وأياد أجنبية.

وأضاف «جوهر»، أن الدكتور هشام سلام سافر للحصول على درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد، كأول شخص يحصل على هذه الدرجة في ذلك المجال ثم عاد إلى مصر لتكوين «سلام لاب».

«سلام لاب» أول فريق من نوعه في الشرق الأوسط

وأضاف «جوهر»، خلال مداخلة عبر تطبيق «زووم»، ببرنامج «صباح الخير يا مصر»، المذاع على القناتين الأولى والفضائية المصرية، من تقديم الإعلاميين مصطفى كفافي ومنة الشرقاوي، «على مدار 10 سنوات، فإن سلام لاب يعتبر أول فريق في كل ربوع الشرق الأوسط يعمل على دراسة التراث الطبيعي والحفريات الفقارية من مصر والشرق الأوسط، وتعد هذه علامة فارقة في تاريخ هذا العلم».

ظروف العمل في مجال الحفاريات الفقارية ليست سهلة

وقال عضو فريق «سلام لاب» للحفريات الفقارية، إن الدكتور هشام سلام مؤسس المركز يضع معايير قوية للغاية في اختيار الكوادر القادرة على مواكبة هذا العلم، ومن أهم الشروط أن يكون من الشباب، «وذلك بسبب أن ظروف العمل في مجال الحفاريات الفقارية لا يعتبر سهلًا، ويظهر ذلك من خلال الرحلات التي تستمر لأسابيع بل لأشهر من أجل الحصول على الحفرية، ومن ثم العمل عليها لسنوات متتالية من المقارنة والتجهيز والدراسات الإحصائية، للوصول إلى نقطة معينة مثل توصيف نوع جديد».

كوادر شابة وشغف

وتابع عضو فريق «سلام لاب» للحفريات الفقارية، «العمل يحتاج إلى كوادر شابة، كما يجب أن تتوافر في هذه الكوادر الشغف، لأن وجود الشغف هو الدينامو والمحرك الحقيقي لقوة أي شاب، ومصر من أغنى الدول في شبابها الذكي والشغوف والطموح والقدرة على إحداث الفارق، وهو ما سهل المهمة على الدكتور هشام سلام في اختيار كوادر يمكنهم أن يكونوا على أرقى المنصات العلمية في كل المجالات، مثل الدكتورة سناء السيد في جامعة ميتشجان تدرس الحفريات، والدكتور بلال سالم الذي يدرس حفريات الديناصورات والدكتورة شروق الأشقر التي تدرس حفريات الثدييات الأرضية».

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحفريات الحفريات الفقارية سلام لاب

إقرأ أيضاً:

في رحاب فكر مالك بن نبي.. دروس للنهوض الحضاري والتجديد الثقافي للأمة

في عالم الفكر الإسلامي المعاصر، يعد المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي (1905-1973) من المفكرين القلائل الذين تناولوا قضايا النهضة بمنهجية شمولية، وبأسلوبٍ تحليلي عميق.  حيث كان مالك يرى أن النهضة ليست مجرد حالة اقتصادية أو سياسية، بل هي “إعادة إحياء للمجتمع بأسره، تبدأ من الإنسان وتنتشر نحو المجتمع” ويعتبر الثقافة هي القاعدة التي يستند عليها المجتمع في نهوضه ونجاته من السقوط في الهاية، في قوله: “الثقافة هي الجسر الذي يعتبره المجتمع إلى الرقي والتمدن” (شروط الحضارة، مالك بن نبي ص 86)، كما يقول في هذا السياق: “إن مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته”. وهذا الاقتباس يعبر عن الفهم العميق لمالك حول أهمية بناء الإنسان أولاً، ثم تمكين المجتمع من خلاله، ليكون المجتمع قادرًا على تحقيق نهضة فكرية واجتماعية واقتصادية شاملة.

ولقد كان فكر مالك بن نبي محوريًا في تسليط الضوء على مفهوم “القابلية للاستعمار”، إذ رأى أن مشكلة المجتمعات الإسلامية ليست في قوة الاستعمار بحد ذاته، بل في استعداد المجتمع للتبعية من خلال القابلية الداخلية لقبولها. وقد عدّ هذا المفهوم نقطة مركزية في تشخيصه لأزمة الحضارة الإسلامية المعاصرة، مشيرًا إلى أن تحرير الشعوب يبدأ بتحرير الأفكار، وتهذيب السلوكيات، قبل التطلع إلى التحرر المادي والسياسي. وفي هذا السياق، يُقدم مالك مشروعه الفكري كمحاولة لتوجيه أنظار الشعوب الإسلامية إلى الداخل، وإلى مواطن الضعف التي تستدعي الإصلاح.

ومن بين أبرز أعماله، يأتي كتابه “شروط النهضة”، وفيه يضع معالم واضحة لتجاوز حالة الانحطاط. إذ طرح في هذا الكتاب فكرة أن النهضة لا تتحقق من خلال استيراد التكنولوجيا أو تقليد النماذج الغربية، بل عبر إعادة تشكيل الوعي الجماعي للمجتمع الإسلامي. ونراه يركز على أهمية بناء “الإنسان الفاعل”، الذي يتحمل مسؤولية التطور والعصرنة، ويكون قادرًا على توجيه طاقاته في سبيل إحياء القيم الحضارية الإسلامية. كما شدد على ضرورة التخلص من “العقلية الاستهلاكية” التي تجعل الأفراد تابعين للغرب، والدعوة إلى الاعتماد على الذات، وابتكار حلول تتناسب مع خصوصيات المجتمع الإسلامي.

وفي كتاباته الأخرى، مثل “الفكرة الإفريقية الآسيوية عام 1956م” و”وجهة العالم الإسلامي عام 1954م”، وقد تناول مالك بن نبي كيف يمكن للمجتمع الإسلامي أن يواجه تحدياته الداخلية والخارجية من خلال بناء هوية حضارية مستقلة، معتمدة على الإبداع والتفكير النقدي. ولم تكن مشكلة المجتمعات الإسلامية في نظره مشكلة اقتصادية أو سياسية فحسب، بل هي أساسًا مشكلة “أفكار” تحتاج إلى مراجعة، وتطوير شامل؛ بيّن أن الأفكار تمثل الأساس الذي يبنى عليه تقدم الشعوب، وبدونها تبقى المجتمعات تدور في حلقة مفرغة من التخلف. وفي ذلك يقول: “لا يقاس غنى المجتمع بكمية ما يملك من (أشياء)، بل بمقدار ما فيه من أفكار” (ميلاد مجتمع، مالك بن نبي، ص 35). وكما يقول: “فنهضة العالم الإسلامي إذن ليست في الفصل بين القيم، وإنما هي في أن يجمع بين العلم والضمير، بين الخلق والفن، بين الطبيعة وما وراء الطبيعة، حتى يتسنى له أن يشيد عالمه طبقاً لقانون أسبابه ووسائله، وطبقاً لمقتضيات غاياته” (وجهة العالم الإسلامي، ص 169).

وفي كتابه “ميلاد مجتمع”، الذي يعتبر من الكتب الأساسية التي حملت أفكار  مالك، من حيث التأسيس للمفاهيم الخاصة ببناء المجتمعات، ويتحدث عن كل ما يخص المجتمع، وفرّق فيه بين المجتمعات البدائية والتاريخية، فهو يقدم رؤية واضحة حول كيفية بناء مجتمع حضاري؛ ينطلق من الفرد، ويتجه نحو خلق مجتمع متكامل، يحمل هوية ثقافية واضحة، ويعتمد على قيم مشتركة وقوية. ويرى مالك بأن هذا المجتمع لا يمكن أن يُبنى دون الفرد “الفاعل”، وذلك الفرد هو من يدرك مسؤوليته تجاه محيطه، ويسهم في تطويره، بعيدًا عن الأنانية الفردية. فالمجتمع المثالي، في نظره، ليس مجرد تجمع بشري، بل هو كيان يحمل طموحات مشتركة، وقادر على مواجهة الصعاب والتحديات.

شكل فكر مالك بن نبي مصدر إلهام وتنوير فكري، وخلق هاجساً ملحاً حول سؤال النهضة والإصلاح، وشروط الحضارة، ويمكن للشعوب العربية والإسلامية الاستفادة من فكره عبر تبني عدد من القيم والمبادئ. فلا بد من التركيز على تحرير الفكر، وتشجيع الابتكار في الأجيال الشابة. فضلاً عن تخليص العقل الإسلامي من قيود التقليد الأعمى للغرب، والسعي لإيجاد حلول محلية تتوافق مع ثقافة المجتمع الإسلامي واحتياجاته “أهلنة المعرفة”. كما يجب إعادة بناء الفرد، بحيث يصبح عنصرًا فاعلًا، وقادرًا على إحداث التغيير، ومن هنا يمكن للمجتمع أن يَبني نهضة تستند إلى الكفاءة والتحصين الذاتي، والمسؤولية الفردية والجماعية، وبالثقافة والتعليم هما ركيزتان أساسيتان في النهوض، فالتعليم هو السبيل لبناء جيل واعٍ يسهم في تطوير مجتمعه. كما أن استقلال القرار السياسي والاقتصادي سيقود إلى تحرر حقيقي، شرط أن يكون هذا التحرر مدعومًا بوعي ثقافي وحضاري. ويرى أن خطوات النهوض التي يبدأها الجيل المعاصر هي التي تمهد الطريق للأجيال القادمة في عملية التحرير والتغيير، فيقول: “لن نستطيع إنقاذ ذريتنا من الأجيال القادمة إلا بالعمل الشاق الذي يقوم به جيلنا الحاضر، وعندما تحقق تلك المعجزة التي تكون بانتصارنا على أنفسنا، وعلى أهوال الطبيعة، فإننا سوف نرى أن أية رسالة في التاريخ نحن منتدبون إليها، لأننا نكون قد شرعنا في بناء حياة جديدة، ابتدأت بالجهود الجماعية بدل الجهود الفردية…” (شروط النهضة، مالك بن نبي، ص 136).

إن فكر مالك بن نبي يمثل دعوة صريحة للنهوض بالمجتمع العربي والإسلامي من خلال القيم والأفكار، وإعادة بناء الفرد، وترسيخ قيم الإبداع، والاستقلالية عن الأَسر الغربي. وتعتبر أفكاره إطارًا يمكن للعرب والمسلمين تبنيها؛ لاستعادة دورهم الحضاري، في عالم يشهد تحولات متسارعة ومستمرة.

المراجع:

مالك  مالك بن الحاج عمر بن الخضر بن نبي (ت ١٣٩٣هـ)، ميلاد مجتمع، ترجمة: عبد الصبور شاهين، (دمشق: دار الفكر، ط3، 1406ه/ 1986م).

مالك بن نبي، شروط النهضة، ترجمة: عبد الصبور شاهين، (دمشق: دار الفكر، 1986م).

مالك بن نبي، وجهة العالم الإسلامي، ترجمة عبد الصبور شاهين، (دمشق: دار الفكر، 2002م).

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • هل وُلد الإرهاب في الغرب الحضاري؟
  • لصعوده للدوري الممتاز.. محافظ مطروح يكرّم فريق كرة القدم للصم 
  • الدكتور الربيعة: العمل الإنساني يعاني من تنامي الأزمات ونقص التمويل وصعوبة الوصول للفئات المستهدفة
  • رئيس التنمية الحضرية: القليوبية غنية بفرص استثمار حقيقية وواعدة
  • الاحتفاء بالآداب والفنون دليل على التقدم الحضاري
  • حركة تنقلات محدودة لعدد من نواب مجالس المدن بالقليوبية.. ضمت 4 كوادر
  • وليد الحديدي: مصر تمتلك كوادر رياضية وإدارية جيدة لكنها لم تحصل على الفرصة
  • الأطباء ليسوا قضاة.. الدكتور مجدي يعقوب يرد على طبيبة كفر الدوار |فيديو
  • الذكرى السنوية للشهيد.. محطةٌ غنيةٌ بالدروس والعبر
  • في رحاب فكر مالك بن نبي.. دروس للنهوض الحضاري والتجديد الثقافي للأمة