حمى رياضة سوبوتيو تجتاح بلدة إنجليزية
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
بإصبع مرتجف تسبّب لاعب منتخب إنجلترا المخضرم في لعبة سوبوتيو رودي بيترشينيغ بركلة حرة، أرسلت بلاده إلى الوقت الإضافي في ربع نهائي كأس العالم، قبل أن يحطم حارس مرماه البلاستيكي من شدّة الغضب.
في مدينة تونبريدج ويلز الإنجليزية الأنيقة الواقعة جنوبا، احتشد حوالي 300 لاعب نخبوي لخوض لعبة كرة القدم على الطاولة التي يحبونها.
وقال هيوغي بيست (58 عاما)، الذي سافر من بيرث في أستراليا للمشاركة والتعليق على الحدث، "لن أقول إن هذه هي أفضل عطلة نهاية أسبوع مررت بها في حياتي، لكنها بالتأكيد بين أفضل اثنتين".
تعد مدينة تونبريدج ويلز التي تبعد نحو 50 كيلومترا عن وسط لندن "مسقط الرأس الروحي" للعبة سوبوتيو، والتي أُنشئت عام 1946 قبل أن تبدأ في الانتشار حول العالم.
هذه اللعبة التي تمتاز بالمهارة والإستراتيجية تراجع انتشارها في ضوء تقدم الألعاب الإلكترونية، بيد أنها تشهد في الوقت الحالي إعادة انتعاش لدى الذين يكتنفهم الحنين، خصوصا جيل الشباب، حيث تعد نسخة هذا العام من الأضخم على الإطلاق.
وقال ستيوارت غرانت، المسؤول الإعلامي في الاتحاد الإنجليزي للسوبوتيو المنظم للبطولة، إن نحو 5 آلاف شخص زاروا الفعاليات المختلفة للبطولة التي استمرت 3 أيام، حيث احتضنت المدينة هذا الحدث غير المعتاد.
وأضاف "كل من تتحدث إليه يقول إنها أشبه بمنزلهم الخاص. إنها بمثابة رحلة دينية لبعض الناس".
تعد القدرة على الجمع أيضا جزءا من جاذبية اللعبة، حيث يقوم العديد من المشجعين بجمع الفرق والمدرجات والمشجعين والأضواء الكاشفة والجوائز ولوحات النتائج المرسومة يدويا بعناية، دون اللعب بالضرورة.
وقال هاري براون، 12 عاما، أحد المتفرجين واللاعبين غير المتفرغين "إنه أمر رائع، يمكنك التحكم في الكرة ومقدار القوة بيديك".
وأضاف "أحب الطريقة التي يمكنك بها رسم اللاعبين وتغيير الفرق".
بدوره، قال لاعب منتخب إنجلترا للشباب أليكس سكوت إنه لا يمارس ألعاب الفيديو لأن سوبوتيو "أكثر إمتاعا بكثير".
وأضاف "إنها القدرة التنافسية والتنقل بين أماكن مختلفة والتعرف على أشخاص جدد".
يدير والده جاستن ناديا في ولفرهامبتون وكان واحدا من بين الحاضرين في الحدث، وممن لاحظوا ارتفاع عدد المحبين والمتابعين للعبة.
وأوضح أن "الكثير من الناس ذهبوا إلى غرفهم، وأوجدوا طريقتهم الخاصة لممارسة هذه الرياضة" للتكيّف مع فترة الإغلاق التام بسبب /كوفيد-19/، وأردف "ثم بحثوا عما إذا كان هناك نادٍ عندما أُعيد فتح كل شيء".
هدف هذه اللعبة مشابه تماما لكرة القدم، وهو تسجيل أكبر عدد من الأهداف في مرمى منافسك.
يحدث ذلك من خلال تحريك اللاعبين "صغار الحجم" الذين يملكون قاعدة مسطحة أو نصف دائرية، وتحريك الكرة نحو مواقع تسجيل الأهداف.
وقد أُجريت المباريات الإقصائية لبطولات الفرق (تحت 12 و14 و16 و20 عاما والمخضرمين والسيدات والمنافسة المفتوحة)، في الوقت نفسه من الموقعة النارية التي جمعت بين أرسنال ومانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي لكرة القدم الأحد.
لكنّ الأنظار كلها كانت شاخصة في مركز تونبريدج ويلز الرياضي نحو 50 طاولة يعلوها مستطيل أخضر.
قبل المباريات، أخرج المتنافسون لاعبيهم النجوم من داخل صناديق خشبية مزخرفة، وقاموا بوضعها في مواقع محددّة، وبعد عدّ عكسي لعشر ثوانٍ، بدأت المباراة التي تستمر 30 دقيقة.
تتألف منافسات الفرق من 4 مباريات فردية متزامنة، وسط هتافات مرتفعة للمتفرجين تشير إلى أماكن تسجيل الأهداف.
وكادت الأعصاب أن تتلف عندما ظن لاعبو منتخب إنجلترا أنّهم سجلوا هدف الفوز على حساب إيطاليا قبل أن يلغى بشكل مثير للجدل.
لكنّ مشاعر الخيبة سرعان ما تلاشت، عندما سجّل بوبي فارني "الرائع" الهدف الذهبي الذي قاد فريق إنجلترا للمخضرمين إلى الفوز على حساب بلجيكا في الدور نصف النهائي، مما أشعل موجة كبيرة من الاحتفالات، في حين كان محاطا بالعشرات من زملائه في الفريق والمتفرجين.
وقال فارني مازحا لمصور وكالة فرانس برس قبل لحظات من إحرازه الهدف "تذكر فقط، إنها لعبة طاولة للأطفال، يوصى بها للفئة العمرية من 7 إلى 11 عاما. هذا مكتوب على العلبة".
كان المؤسس المشارك لفريق دروبس سايكلينغ، أنجح فريق دراجات هوائية للسيدات في المملكة المتحدة، يشارك مع ضمادة على أصبعه بعد تعرضه لإصابة سيئة أثناء قيامه بإنقاذ هجمة خطيرة، ثم طلب في وقت لاحق مازحا أن يوصف بأنه "البطل الدامي".
خسر فريق فارني في النهائي أمام الإيطاليين الذين فازوا أيضا بالمسابقة الأساسية المفتوحة، بعد تسجيل هدف الفوز قبل 3 ثوانٍ من نهاية المواجهة النهائية مع بلجيكا، وسط فرحة كبيرة لدى زوجات اللاعبين وعائلاتهم والمدربين الذين وقفوا على الجانب يتفرجون.
وقال ماتيو تشيكاريلي (25 عاما) الفائز بكأس العالم لوكالة فرانس برس والعرق يتصبب من جبينه بعد فوزه في المباراة النهائية 4-1 "لا أعرف ماذا أقول. أنا ضائع، إنه أمر لا يصدق".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
الأنين
تنظر في المرآة وتتحسس ملامحها، مسدت شعرها بحنان، إنه ما زال جميلًا ومسترسلًا رغم اشتعاله بالشيب، لقد قررت أن تصبغه رغم معارضته دائمًا أنها أقدمت على صبغه أكثر من مرة، لكنه كان يعارضها بشدة، كل مرة كانت تستجيب له، فهو نبض قلبها وحشاشة نفسها، إنه روحها الهائمة في الملكوت، نبضها ومعقد آمالها، به تتحسس الحياة.
ما زالت تنظر في المرآة، أخيرًا أتمت صبغ شعرها إنها واثقة أنه سوف يروقه ما فعلته، انتحت جانبًا لترى ملابسها الجديدة، لمعت عيناها ببريق ساحر أنه اللون الذي يعشقه، وهي سعيدة به وباقتنائه، والسعادة ليست فيه، بل لأنه هو من اقترح عليها أن تبتاعه، فقال لها وهي تتجول في محل الملابس: إنه سيكون رائعًا عليك، لقد اختارته مباشرة عندما قال لها ذلك، وقد اندهشت من نفسها؛ لأنها لم تستغرق دقائق معدودات في شرائه على غير عادتها، فقد كانت تنفق الوقت الكثير قد يصل إلى ساعات في شراء ملابسها، لكنها في غمضة عين ابتاعته، كانت سعيدة جدًا؛ لأنه هومن أشار عليها بابتياعه.
ما زالت تجهز كل شيء، إنها تضج من الفرح، ودقات قلبها تدوي كدوي المدافع التي تنطلق إيذانًا بالاحتفالات الكبرى، كل شيء مبهج وسعيد، إنها تعيش لحظات من السعادة تختزل فيها كل مآسي عمرها ومعاناتها، إنها تسبح في لجة الماضي تتذكر طفولتها، وكم كانت البهجة تملأ قلبها والحماسة تدخلها عوالم الفرح، تذكرت لمسات أمها الحانية عندما كانت تمشط لها شعرها وتسترسله، وتضع لها وردة تحكم بها هذا الاسترسال، وتضع لها مشبكًا صغيرًا في جانب رأسها، تتذكر جمال هذا المشبك الذهبي الذي كان يتماوج مع أشعة الشمس فيصدر ألوانًا راقية زاهية، إنها تتنفس من عبق نشر أنفاس أمها التي كانت تختلط بأنفاسها عندما كانت تدنو منها لتغلق لها أزرار قميصها، تتحسس يديها لأن أمها كانت تمسها بطيب كان أهداها إليها خالها الذي كان يحج في بيت الله، دمعت عيناها لعبق الرائحة التي فاح عطرها معها الآن يتسرب إلى حنياها، إنها سعيدة مقبلة، ولكم تمنت في هذه اللحظة أن يكون أبوها أو أمها معها، لكنهما في العالم الآخر، ترحمت عليهما، ونظرت إلى الحائط إلى الصورة المعلقة عليه وتتابعت الرحمات على زوجها تخنقها العبرات لا تدري هل هي عبرات الفرح أم الحزن، إنها كانت تتمنى أن يكون زوجها معها في هذه اللحظة، لقد تركها تعاني الآلام والحرمان، لقد أرهقتها السنون ونال منها الدهر، لقد توفي عنها زوجها وهي في سلاف وريق العمر، وترك لها طفلًا صغيرًا، لكنها أصرت على أن تعيش الحياة من أجله جاهدت فيه، لم يثنها عن الجهاد كلام الناس ولا عيون الطامعين فيها، فلقد ضنت بجمالها على أي أحد واستعصمت بحبها لزوجها وعاشت وفية لذكراه، تراه في ابنه الصغير، اقتربت من صورة زوجها وراحت تقول بصوت متهدج مخلوط بالحزن والفرح، لقد حققت حلمك في أن يكون ابنك طبيبًا إنه الآن على مشارف دخول الجامعة، وأنا على عهدنا وكما حلمنا سويًا سأذهب معه أول يوم يذهب فيه، إنه كان حلمك أنت، لقد تحقق، أسبلت عيناها وراحت تمسح دموعها المنهلة، ولاحت منها ابتسامة أضاءت وجهها، إنها سعيدة جدًا. جهزت كل شيء، رتبت البيت، وجهزت طعامًا، وأعدت حلوى، تنتظر ابنها يفد عليها مع أصحابه، فلقد ذهبوا جميعًا لشراء بعض حاجيتهم لأن الليلة هي ليلة أول يوم جامعة، وسوف تحتفل مع ابنها وزملائه فيها وغدًا يتحقق حلمها، بل حلم زوجها.
لقد تأخر الوقت، عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة، لقد قلقت وتوجست خيفة، تهرع إلى الهاتف تتصل على ابنها لا يجيب عليها، اتصلت على زملائه لا أحد يرد، لقد بدأ الحزن يومض في الأفق، فهي التعسة التي يسلبها الحزن فرحتها دائمًا، استعاذت بالله من الشيطان الرجيم، وتمتمت بآي من القرآن والذكر الحكيم، وراحت تصبّر نفسها، وتعزيها بأنه سوف يأتي، إنه في غمرة الفرح مع أصدقائه، سوف يهل عليها الآن كدأبه وعادته، استسلمت لغفوة طبقت عليها، فرأت زوجها، يسرّي عنها كدأبه معها ويحتضنها وهو يبكي نهضت واقفة من الجزع والفزع، شابها الذبول والشحوب عندما سمعت الطرقات السريعة المتدفقة على الباب، توجهت ناحية الباب لا تقوى على حمل قدميها، رأت الناس تزدحم عليها ينفجرون بالبكاء، انسرب الصمت إلى روحها، اقتعدت أحد المقاعد ببطء، وتغالبت على نفسها وراحت تقول: لقد وعدني أن أذهب معه وما عاهدته إلاّ صادقًا، تنظر هنا وهناك لا ترى إلاّ بكاءً وأنينًا، ومع ذلك ظلت ساكنة لا تقول إلا كلمة لقد وعدني أن يأخذني معه، وظلت تقولها، لم يثنها عن هذا القول تهالك جسدها، واختلاط الكلام وذهاب البصر وآلام العجز والشيخوخة.