من دون توقّف، تواصل إسرائيل عدوانها العبثيّ والدمويّ على لبنان، وفق الوتيرة "العشوائية" نفسها، مستفيدة من "تفوّق" سلاح الجو لديها، فتوجّه الضربات المتتالية لمناطق لبنانية عدّة، من الجنوب إلى البقاع مرورًا بالضاحية الجنوبية، مركّزةً في مجمل استهدافاتها على العمق، لتتصاعد الفاتورة البشرية التي تخطّت في مدّة وجيزة نصف ما بلغته على مدى 33 يومًا في حرب تموز 2006 مثلاً.


 
لا تكتفي إسرائيل بضرباتها الجوية العشوائية والعبثيّة، بل تعمل بالتوازي على "الدعاية والتحريض" في إطار الحرب النفسية التي تخوضها أيضًا ضدّ لبنان و"حزب الله"، فتقول تارةً إنّها "قضت" على ترسانة الأسلحة والصواريخ التي يملكها الأخير، وأنّها دمّرت قدراته وأضعفته، وتعلن طورًا أنّها "قتلت" بضربات محدّدة معظم قادته العسكريّين، وصُنّاع القرار فيه، بما لا يتيح له المواجهة والتصدّي للهجمات الإسرائيلية.
 
وعلى وقع الدعاية التي تلجأ إليها إسرائيل للحديث عن "نصر" تحقّقه من خلال الضربات التي تنفذها، تأتي أيضًا الرسائل "السياسية" التي تحاول توجيهها، بدعوتها اللبنانيين مثلاً إلى الابتعاد عن "حزب الله" لتفادي التعرّض للقصف، أو بتأكيدها أنّ الحرب هي ضدّ "حزب الله" حصرًا، وليست ضدّ اللبنانيين، كما يردّد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، فهل يمكن القول إنّ العدو يخوض بهذه الطريقة معركة نفسية بموازاة المعركة العسكرية؟!
 
شلّ قدرات "حزب الله"
 
في سياق حربها النفسية ضدّ "حزب الله"، تزعم إسرائيل أنّ الضربات التي تنفذها في عمق الأراضي اللبنانية، من الجنوب إلى البقاع مرورًا بالضاحية، تحقّق الأهداف المبتغاة منها، لناحية شلّ قدرات "حزب الله" بالمُطلَق، وتدمير ترسانته الحربيّة والصاروخية، وبالتالي منعه من الهجوم على إسرائيل، بما ينسجم مع الهدف المُعلَن أساسًا من الحرب، وهو عودة المستوطنين في شمال الأراضي المحتلّة بأمان إلى منازلهم التي هُجّروا منها قسرًا.
 
لكنّ العارفين يشيرون إلى أنّ هذه الدعاية تصطدم بالكثير من الحقائق والمعطيات، من بينها أنّ الضربات الإسرائيلية على امتداد اليومين الماضيين، لم تكن "دقيقة" فعلاً، والقول إنّها استهدفت ترسانة "حزب الله" حصرًا غير واقعيّ، ليس فقط لأنّ القصف كان عشوائيًا بشهادة كلّ الشهود، ولكن أيضًا لأنّ قائمة الضحايا التي أسفرت عنها الغارات تفضح حقيقة أنّ العدد الأكبر من الشهداء والجرحى كانوا من المدنيين، ولا سيما النساء والأطفال.
 
وإلى جانب ما تقدّم، ثمّة حقائق أخرى "تدحض" الدعاية الإسرائيلية عن شلّ قدرات المقاومة، تتمثل في عمليات "حزب الله" التي تواصلت في الساعات الماضية، والضربات الصاروخية التي تكثّفت، بعدما توسّع مداها، ليشمل مواقع ومستعمرات بعضها لم يُستهدَف سابقًا، بل يُدخِل منظومات صاروخية جديدة إلى ميدان المعركة، علمًا أنّ الحزب أطلق بالتزامن مع العدوان، العدد الأكبر من الصواريخ الذي يطلقه في يوم واحد منذ بدء بداية الحرب.
 
الأسلوب نفسه يتكرّر
 
استنادًا إلى ذلك، يقول العارفون إنّ "حزب الله" لا يزال يمسك بأوراق قوة بين يديه، وأنّ منظومته الصاروخية لم تُدمَّر خلافًا للدعاية الإسرائيلية التي تحاول الإيحاء بأنّ تل أبيب "قضت" على الحزب وأنهت أمره، علمًا أنّ هذا الأسلوب ليس بجديد وفقًا للعارفين، إذ إنّ من يعود إلى مسار حرب تموز 2006 يلاحظ أنّ الإسرائيليين بثّوا دعاية مشابهة في الأيام الأولى للحرب، ليتبيّن بعد ذلك "زيفها" بدليل استمرار الحرب 33 يومًا، من دون توقف الهجمات.
 
ولا يقتصر هذا الأسلوب فقط على دعاية "إضعاف" الحزب، فضلاً عن تدمير قدراته، إنما يشمل أيضًا الضغط النفسيّ الذي يحاول الاحتلال أن يمارسه على اللبنانيين، من خلال الاتصالات والرسائل التحذيرية التي يوجّهها، والتي يهدف من خلالها إلى إثارة الذعر، ولكن أيضًا في مكانٍ ما الضغط والإذلال، كما فعل حين أجبر المواطنين في الجنوب على النزوح بشكل سريع نتيجة القصف، ما أدّى إلى "احتجازهم" لساعات طويلة في سياراتهم على الطرقات.
 
ويبرز هذا الضغط النفسي أيضًا من خلال محاولة العدوّ الإيقاع بين اللبنانيين، وتأليبهم على بعضهم البعض، في محاولة ربما لمواجهة المشهد التضامني الوحدوي الذي تجلى بوضوح منذ مجزرة البيجر الأسبوع الماضي، بمعزل عن الاختلاف حول مغزى جبهة الإسناد، وتندرج في السياق نفسه الدعوات الإسرائيلية التي يصفها البعض بـ"الملغومة" للابتعاد عن "حزب الله"، ولا سيما أنّ الحزب وإن كان جزءًا من المجتمع، يلتزم بنوع من السرية في عمله.
 
ليس خافيًا على أحد أن المعركة "النفسية" لا تقلّ أهمية عن مجريات الميدان في الحروب بصورة عامة، وفي الحرب الحاليّة أيضًا، ما يفسّر "البروباغندا" الإسرائيلية الواضحة في التعامل معها، خصوصًا في اليومين الأخيرين. وإذا كانت الحرب النفسية بين إسرائيل و"حزب الله" سابقة للتصعيد الحاليّ، وقد مرّت بمنعطفات عديدة، فإنّ الثابت أنّ الطرفين يراهنان عليها بقوة، لأنّ الخسارة فيها قد تعني خسارة الحرب بالمُطلَق!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام

قال الكاتب الصحفي بلال الدوي، إنّ إسرائيل لم تحترم أي معاهدة أو هدنة، ومصر الوحيدة التي أجبرتها على السلام.

وأضاف الدوي، خلال لقائه على قناة «إكسترا نيوز»، أنّ  “إسرائيل لم تعترف بالهدنة في لبنان رغم موافقتها وتوقيعها عليها، ولم تحترم الهدنة، لأن إسرائيل لديها مخطط تريد تنفيذه فى الأراضي اللبنانية”.

وتابع: “إسرائيل لم تنفذ أي هدنة أو أي اتفاق على مدار تاريخها إلا مع مصر وهي اتفاقية كامب ديفيد، لأن مصر دولة قوية وقادرة على صيانة أمنها واستقرارها وسلامة أراضيها، وبالتالي أرغمت إسرائيل على السلام”.

وأوضح أن التهديدات تشير إلى وجود مخطط للشرق الأوسط، حيث يريدون الفوضى الخلاقة كما يقولون.

وتابع: «هذا المخطط نجح في بعض الدول، وفشل في بعض الدول وفي القلب منها مصر، وسبب فشله في مصر لأن هناك عمودا فقريا للدولة المصرية وهي القوات المسلحة المصرية والجيش الوطني العظيم المنتصر، إضافة إلى أنّ مصر لديها مؤسسات وطنية وشرطة ومواطن مصري واعٍ، واحنا بنقول لدينا معركة وعي، وهناك إيجابيات حققتها الدولة المصرية».


 

مقالات مشابهة

  • وثيقة مسربة تكشف علم مسؤولي الاتحاد الأوروبي بجرائم الحرب الإسرائيلية في غزة
  • الأنروا: استشهاد طفل في غزة يوميا بسبب الحرب الإسرائيلية
  • «شؤون الكنائس بفلسطين»: الحرب الإسرائيلية تسلب فرحتنا بعيد الميلاد
  • أردوغان: إسرائيل ستنسحب من الأراضي السورية التي احتلتها
  • تشاؤم إسرائيلي إزاء جبهات الحرب المتعددة بسبب المعركة الداخلية
  • آخر تطورات صفقة الأسرى ووقف الحرب في غزة.. عاجل
  • آخر تطورات الحرب الروسية الأوكرانية.. 1200 قتيل وجريح في صفوف الجيش الكوري الشمالي
  • حصاد 2024| لبنان يزداد أوجاعه مع اتساع الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. الاحتلال يضرب بقوة الضاحية الجنوبية لبيروت.. وتفجيرات أجهزة بيجر واغتيال حسن نصر الله أبرز الأحداث المؤلمة
  • أستاذ قانون دولي: المعارضة الإسرائيلية ضعيفة أمام حكومة نتنياهو
  • بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام