سودانايل:
2024-09-25@10:26:28 GMT

هل تفعلها نيويورك؟!

تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT

مناظير الاربعاء 25 سبتمبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com

* قبل ان اتحدث عن توقعاتي من زيارة البرهان لنيويورك، لا بد من توضيح بعض النقاط:

* اولا، الزيارة بروتوكولية بحتة لحضور إفتتاح الدورة (79 ) لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو أمر روتيني يتكرر سنويا للدول للأعضاء في الأمم المتحدة، حيث يأتي رئيس كل دولة أو من ينوب عنه ليدلي برأى دولته في بعض القضايا عبر خطاب موجه للجمعية العامة، وفي العادة يلتقي على هامش الزيارة بعض رؤساء الوفود أو المسؤولين الآخرين لمناقشة العلاقات الثنائية بين دولهم أو أية قضايا أخرى، ثم يعود الجميع الى بلادهم تصحبهم لعنات الشعوب على اهدار المال العام فيما لا ينفع ولا يفيد!

* ثانيا، جاء في بيان البرهان رداً على بيان الرئيس الامريكي قبل بضعة ايام والذي طالب فيه بوقف الحرب في السودان مدينا انتهاكات وجرائم القوات المسلحة وقوات الدعم السريع ضد المدنيين .

.إلخ، "انه على استعداد للعمل مع جميع الشركاء الدوليين للتوصل إلى حل سلمي يخفف من معاناة الشعب ويضع السودان على الطريق نحو الأمن والاستقرار وسيادة القانون والتداول الديمقراطي للسلطة"، وهى أكذوبة كبرى ظل يرددها البرهان من وقت لآخر بغرض المناورة وكسب الوقت فقط، حسب التعليمات التي تصدر إليه، وذلك بغرض تمكين (الحركة اللا اسلامية) وعودتها للحكم مرة أخرى، وإلا لما أهدر عشرات الفرص التي واتته بالتفاوض مع الطرف الآخر وإيقاف الحرب والتوصل الى حل سلمي يخفف من معاناة الشعب ويضع السودان على الطريق نحو الأمن ...إلخ، كما يزعم!

* الكيزان، كما ذكرت أكثر من مرة، لن يوافقوا على إنهاء الحرب إلا بعد أن يضمنوا وجودهم في المشهد السياسي السوداني بعد الحرب، أو ربما سيطرتهم عليه بشكل مطلق، إهتداءً، كما تسرب من بعض إجتماعاتهم في أسطنبول، بحركة طالبان في أفغانستان والحوثيين في اليمن الذين فرضوا أنفسهم كأمر واقع في بلادهم واعترفت بهم الكثير من الدول، ومَن لم تعترف بهم إضطرت للتعامل معهم، وهو أمر بعيد الحدوث في السودان لوجود فرق جوهري بين طالبان والحوثيين وبين الكيزان، وهو أن الكيزان حزب سياسي، كأى حزب آخر، يمكن أن يندثر في أي يوم من الأيام، بينما طالبان والحوثيون جزء لا يتجزأ من النسيج الإجتماعي في بلادهم لا يمكن استبعادهم من اية تسوية سياسية وإلا كانت تسوية ناقصة لن يكتب لها النجاح والاستمرار!

* ثالثا، ذكر البرهان في بيانه بأنه "يتطلع لتعميق المناقشات مع المسؤولين الأمريكيين خلال مشاركته في الجزء الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة" مما أوحى للكثيرين بأن زيارة البرهان ستشهد اجتماعات مع المسؤولين الأمريكيين وبالتحديد وزير الخارجية الأمريكي (أنتوني بيلنكن)، وأشاع روحا من التفاؤل في المزاج العام السوداني المكتئب بإمكانية قبول البرهان (الكيزان) للتفاوض مع قوات الدعم السريع، بل جزم البعض وفيهم محللون سياسيون بأن المفاوضات قادمة لا محالة وبنوا عليها احتمالات وآمال كبيرة، غير أنني وبعد البحث المكثف، لم أجد في موقع وزارة الخارجية الأمريكية والمواقع الرسمية الأخرى والمواقع الإعلامية الأمريكية الكبرى أى حديث أو إشارة عابرة عن لقاء سيجمع البرهان ووزير الخارجية الأمريكي أو أى مسؤول أمريكي آخر، كما جرت العادة في الاوساط الرسمية الامريكية بالاعلان المسبَّق عن جدول اعمالهم، إلا إذا كانت المناقشات التي ورد ذكرها في بيان البرهان ستدور مع مسؤولين امريكيين من الوزن الخفيف جدا (وأستبعد ذلك أيضا لعدم إعتراف الولايات المتحدة بوجود حكومة شرعية في السودان بعد انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر 2021 ، والدليل على ذلك تحاشي المبعوث الأمريكي المكلف توم بيرييلو، الاشارة الى مجلس السيادة أو الحكومة السودانية في دعوات التفاوض التي ظل يوجهها الى قائد الجيش، كما جرت جميع المحادثات الهاتفية السابقة بين وزير الخارجية الامريكي والبرهان بصفته كقائد للجيش)، كما أن البيان الرسمي لمجلس السيادة السوداني عن جدول زيارة رئيسه لنيويورك لم يتضمن أى لقاء مع مسؤولين أمريكيين، وعليه فإنني لا أتوقع أن يلتقي البرهان مع أى مسؤول أمريكي وكسر حالة الجمود في الحالة السودانية، وغالبا ما يكون البرهان قد قصد من الحديث عن تطلعه لتعميق المناقشات مع المسؤولين الامريكيين الايحاء للناس باعتراف الامريكان به، واصباغ الشرعية على نفسه كرئيس للدولة السودانية!

* الاجتماعات المعلنة والتي تمت (والتي لم تتم بعد) على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، شملت أو ستشمل الدول الأعضاء في مبادرة جنيف، ورؤساء الاتحادات الإقليمية وممثلي الامم المتحدة وهى تتعلق بالقضايا الانسانية وتوصيل الإغاثات فقط، أما موضوع التفاوض ووقف الحرب، فرغم أنني آمل مثل غيري أن يجد له مكانا في نيويورك، إلا أنني أستبعد ذلك!  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ابن المقفع والعلاقة التكافلية بين البرهان وحميدتي التي أشعلت حرباً أهلية في السودان

د. عبد المنعم مختار
أستاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية

"ومن كان إنما يصول على الناس بقوم لا يعرف منهم الموافقة في الرأي والقول والسيرة، فهو كراكب الأسد الذي يوجل من رآه، والراكب أشد وجلاً." – ابن المقفع في "رسالة الصحابة"

إن تمدد قوات الدعم السريع تحت قيادة البرهان لم يكن مجرد نتاج لزمالة السلاح بينه وبين حميدتي في ساحات القتال بدارفور واليمن، بل كان الأمر أعمق وأكثر تعقيدًا. إن قادة الجيوش في بلادنا، مثلهم مثل القادة المدنيين، غالبًا ما يميلون إلى التحالفات المؤقتة التي تخدم مصالحهم الآنية. أدرك البرهان، على غرار سلفه البشير، إمكانية تسخير قوة الدعم السريع بقيادة حميدتي لتعزيز موقعه وتحصين نفسه من أي محاولة انقلاب من داخل الجيش. لذلك، كان شعاره الضمني: "لست قائدًا عامًا عاديًا يمكن التخلص منه بسهولة بانقلاب داخل الجيش، بل حليف لقوة عسكرية مستقلة خارج إطار الجيش النظامي."

لكن حميدتي، الذي أظهر تمردًا مبكرًا على الجيش في عام 2007 إثر تهميشه بعد توقيع اتفاق أبوجا للسلام، لم يكن أداة طيعة في يد أي سلطة. فقد تمرد على البشير ثم ابن عوف خلال يومين متلاحقين في 2019، مما أدى إلى إقصائهما، وهو ما يعكس حقيقة أن ولاءه لم يكن سوى لمصالحه الخاصة ومصالح من يدينون له بالولاء القبلي والريعي، مما جعله يتحرك وفق منطق القوة والفرص المتاحة له.

هذا الواقع يعكس تمامًا ما وصفه ابن المقفع، إذ إن الاعتماد على قوة خارجية قد يمنح الحاكم شعورًا بالقوة المؤقتة، لكنه في الحقيقة يزيد من هشاشته. اعتقد البرهان أن قوات الدعم السريع ستكون سنده في مواجهة خصومه داخل الجيش من الإخوان المسلمين ومن غيرهم من المنافسين، إلا أن هذه العلاقة كانت دائمًا قابلة للانفجار، كونها قائمة على تحالفات مؤقتة ومصالح متغيرة.

اعتماد البرهان على قوات الدعم السريع لم يكن مجرد استغلال لزمالة سابقة في ميادين القتال، بل كان نتيجة لإدراكه أن حميدتي يمتلك قوات مدربة ذات خبرة ميدانية، خاصة من خلال صراعات دارفور واليمن، وهي قوات أثبتت كفاءتها في العمليات القتالية. هذا جعل البرهان يرى في حميدتي شريكًا استراتيجيًا يمكن الاعتماد عليه في تعزيز نفوذه. بالمقابل، قام البرهان بتوسيع مهام قوات الدعم السريع وتركيز سلطات إدارتها في يد حميدتي من خلال تعديل قانون قوات الدعم السريع بعد حوالي شهر من فض اعتصام القيادة العامة، وهو ما اعتبره البعض مكافأة لحميدتي على تعاونه. وتبع هذا التعديل تعديل آخر أكثر خطورة، حيث ألغى البرهان المادة 5 من القانون، مما ألغى الحالات التي تخضع فيها قوات الدعم السريع لقانون القوات المسلحة، وسحب من رئيس الجمهورية صلاحيات دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية حتى دون موافقتها. بهذا التعديل، وغيره من الإجراءات، أطلق البرهان عنان قوات الدعم السريع ونقل لجامها من رأس الدولة إلى رأس المليشيا.

ومع ذلك، كانت هذه العلاقة محكومة بالمصالح المؤقتة والمخاطر المتأصلة. فعندما شعر حميدتي بأن مصالحه الشخصية والقبلية والدارفورية قد تتعرض للخطر، لم يتردد في التمرد على القيادة المركزية، مما يؤكد أن الاعتماد على قوة خارجية وغير موالية تمامًا للجيش النظامي كان مغامرة خطيرة.

تمرد حميدتي في 2007 و2019 يظهر بوضوح استعداده للتخلي عن أي ولاء للنظام المركزي إذا ما شعر بأن ذلك يهدد مصالحه الشخصية أو القبلية أو الجهوية. هذا التمرد يعكس طموحه الذي يتجاوز كونه مجرد قائد تقليدي لمليشيا حكومية، بل يسعى لتعزيز نفوذه العسكري والسياسي على حساب السلطة المركزية.

قدم د. سلمان محمد أحمد سلمان في 20 سبتمبر 2024 عرضًا مفصلًا بعنوان "دور ومسؤولية البرهان في بروز وتمدّد حميدتي وقوات الدعم السريع"، ولا مزيد عليه. لكننا في مقالنا هذا رصدنا الدوافع الرئيسية والمسهلات الفرعية التي دفعت البرهان لإقامة علاقة تكافلية مؤقتة مع حميدتي، وهي الاستقواء بأسد حميدتي، رفيق الميدان في دارفور واليمن، ضد رفقاء السلاح في الجيش.

التاريخ لن ينسى كيف فرط البرهان في الأمن القومي السوداني، متمسكًا بسلطته على حساب سلامة أربعة عشر ولاية سودانية وأهلها الطيبين، بينما تستمر ألسنة الحرب في الاشتعال، مهددة بتوسيع رقعة الدمار.

   

مقالات مشابهة

  • البرهان يصل نيويورك للمشاركة في إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة
  • البرهان يتوجه إلى نيويورك للمشاركة في دورة الجمعية العامة
  • البرهان يتوجه إلى نيويورك في زيارة تستغرق 7 أيام وكشف أجندة إجتماعاته
  • البرهان يتوجه إلى نيويورك للمشاركة بدورة الجمعية العامة
  • ابن المقفع والعلاقة التكافلية بين البرهان وحميدتي التي أشعلت حرباً أهلية في السودان
  • البرهان يتوجّه إلى نيويورك اليوم
  • زيارة البرهان لنيويورك.. ماذا ينتظر ملف الحرب بالسودان؟
  • هل يفتح أسبوع السودان في نيويورك طريقا لحل الأزمة؟
  • هل ستحدث مشاركة البرهان في الجمعية العامة اختراقاً للأزمة السودانية؟