بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

و يرى و يعتقد كثيرون أن ما جلبه الهاتف المحمول من إضافات لحياة بني الإنسان المعاصرة يقع أغلبها داخل الدآئرة الإيجابية البنآءة و المفيدة ، و أن حسناته و فوآئده عظيمة و تفوق كثيراً كل السلبيات و المآخذ ، و على الرغم من أن صاحبنا قد/ربما يوافق الكثيرين في أرآءهم و إعتقاداتهم تلك حول الهاتف المحمول ، لكن لديه بعض من التحفظات ، حيث أنه يرى و يعتقد أن الهاتف المحمول و تقنياته و تطبيقاته إنما هي فتنةٌ كبرى ، بل و يزعمُ ، زعم يقين ، أن الهاتفَ المحمول ، بتطبيقاته المختلفة و ذكآءه الإصطناعي المتنامي و مقدراته التقنية المتقدمة هو بعينِهِ ، دَآبَّةُ الأرضِ المذكورة في المعتقدات الإسلامية عند المؤمنين برسالة الرسول النبي المصطفى محمد بن عبدالله صلى الله عليه و سلم و كذلك/ربما عند بعض من الملل الأخرى.

..
و يعلمُ صاحبُنا يقيناً أن ما سَطَّرَهُ في المقدمة أعلاه و ألزم به نفسه من موقف تجاه الهاتف المحمول هو في نهاية الأمر رأي و إعتقاد أو ربما زعم ، و هو بطبيعته تلك و مدلولاته و معانيه يحتمل الصواب و الخطأ ، و أن بعضاً من الناقدين/المحللين القارئين للمقدمة أعلاه و الناظرين لما سوف يأتي لاحقاً ربما يوافقون صاحبنا في إعتقاده و يصنفونه تحت مظلة الرأي ، أو ربما يخلصون إلى أن صاحبنا قد شَطَحَ بخياله بعيداً و نَطَحَ و ربما زَوَّدَها حبتين و أَدَّاهَا كُوز ، و قد يجنح بعضٌ منهم إلى إدراج المقال تحت قآئمة الأرآء الجريئة أو الشطح و الشطط و الباطل من الأفكار ، أو ربما من شاكلة الكلام الهَردَبِيس الخَارِم بَارِم الذي لا يُقَدِّمُ و لا يُأَخِّرُ ، أو الحديث (السَّلَطَة) التُّوتِي فُرُوتِي المضحك المسلي أو خليط من هذا و تلك و ذاك...
و قد أُطلِقَ الإسمُ (الهاتف) على الجهاز الذي يمتلك خآصية تحويل الذبدبات الناتجة عن الأصوات و الصادرة في جهة أو ناحية معينة إلى إشارات كهربآئية/إلكترونية و بثها/إرسالها عبر الأسلاك أو على موجات الأثير إلى جهاز هاتف آخر يبعد مكانياً عن منطقة الإرسال لديه المقدرة على إستقبال هذه الإشارات و تحويلها إلى أصوات مسموعة ، و الهاتف هو ما تسميه الفرنجة الإنقليز التَّلِيفُون Telephone ، و المفردة الإنقليزية Telephone مركبة من جزءين هما تِلِي tele و تعني بعيد و فُون phone و تعني الأصوات ، و معنى المفردة يفيد تواصل الأصوات بين المتباعدين مكانياً...
ثم في مراحلَ لاحقةٍ أفلح مبدعون من مهندسي بني الإنسان من إضافة تقنيات و إختراعات و أبعاد جديدة تُمَكِّنُ الهاتف من نقل الصور و الرسآئل النصية و الوثآئق و كذلك تحسينها و مونتاجها و إعادة إنتاجها ثم إخراجها و ذلك قبل إرسالها و بثها في الموجات الأثيرية في هيئة ذبذبات و إشارات محملة على الأسلاك و الألياف الضوئية أو بدونهما و ربط كل ذلك بالشبكة العنكبوتية ، و قد أتاحت تلك التقنيات الجديدة المضافة و المتجددة دوماً إستخدام الكثير من التطبيقات الإصطناعية الذكية التي أفادت بني الإنسان كثيراً في مناحي متعددة و متنوعة من حياته و بصورة غير مسبوقة ، و أعانته كثيراً في سبل و طرق و أساليب حياته و دراساته و عمله و تواصله الإجتماعي و أوجه نشاطه المختلفة و بصورة ملموسة يغلب عليها الإيجاب لكنها في ذات الوقت لا تخلو من السلبيات...
و قد يكون الهاتف ثابتاً في طاولة أو مكتب أو صندوق أو أي حيز ، أو قد يكون محمولاً على اليد أو بعدةِ طرقٍ أخرى مثل الحقيبة و الجيب أو نحو ذلك ، و من (الحمل) جآءت صفة الهاتف (المَحمُول) الذي يحمله المستخدم إينما (جَالَ) و (انتَقَلَ) و (سَارَ) ، و من الأفعال جالَ و نقلَ و سارَ جآءت الأسمآء (الجَوَّال) و (النَّقَّال) و (السَّيِّار) على التوالي ، و جميعها أسمآء بديلة أو مترادفة لذات الهاتف المحمول ، هذا بالإضافة إلى الإسم الأقل شيوعاً الهاتف الخلوي ، و الذي يبدوا أنه ترجمة من المسمى الأفرنجي سلليُلَر فُون Cellular phone...
و تصريف الإسم (هاتف) هو هَتَفَ يُهَاتِفُ مُهَاتَفَةً و هُتَافاً ، و قد جآء في تعريفِ الهُتَافِ في المعاجم و المراجع أنه الصوتُ العالي يُرفَعُ تمجيداً أو إستنكاراً ، و أن الهَاتِفَ هو الصوتُ المسموعُ من غيرِ رؤية الشخص الصادر منه الصوت...
أما الدَّآبَّةُ فهي كل ما يَدُّبُّ على الأرض من المخلوقات ، و جذرُ الإسمِ دَآبَّة هو الفعلُ دَبَّ و تصريفه دَبَّ الشيءُ و يَدِبُّ دَبِيباً فهو دَبِيبٌ و دَآبَّةٌ و دَبُوبٌ ، و تطلق أهل السودان على الحية/الثعبان إسم الدَّبِيب لملاحظتهم أنه يَدُّبُ على الأرض و الأسطح زحفاً ، و يَدَّبُّ القومُ و النملُ و مخلوقاتٌ أخرى كثيرة على الأرض دبيباً إذا مشوْا على مهلٍ و هينٍ و لم يسرعوا أو يتعجلوا ، و الدَّبِيبُ و الدَّآبَّةُ و الدَّبُوبُ هو كل ما يَدِّبُّ على الأرضِ ، و قد قيل أن الدَّبِيبَ و الدَّآبَّةَ هو كلُّ مخلوقٍ يمشي أو يزحف ، لكن غلب تعريف الدَّآبَّة على أنها كل ما يمشي على أربعٍ أو يُركَبُ و يمتطى من بهيمة الأنعام ، و أما الدَّبُوبَ فإنه المخلوقُ الكثيرُ الدَّبِّ...
و تطلق العامة على الشخص المفرط السمنة أحياناً إسم دَبُوب و دَبدُوب ، و الدَّبُوبُ هو السمين من كل شيء ، و لقد جآء في معاني الدَّبُوبُ الأخرى ، و هو كما أُسلفَ من مشتقات الجذر دَبَّ ، على أنه الطعنةُ أو الجرحُ الذي يسيلُ منه الدمُ ، أو أنه الشخصُ النَّمَّامُ يمشي بين الناسِ بالأحاديثِ و أقاويلِ الإفك الكذوبة الملفقة و الضآرة و المثيرة للفرقة و المحدثة للفتنة و القطيعة ، أما دَبدُوب فهي مشتقةٌ من الإسم دُب ، و الدُّبُ مخلوقٌ ينتشرُ في الكثير من بقاع العالم و في مناخات يغلب عليها الجو البارد ، و له بسطةٌ في الجسم و فرو ثقيل و طبقات من الدهن تقيه البرد كما يمتلك أنياب و مخالب ، و لذا فإنه يعد من الثديات المفترسة أو الضواري آكلة اللحوم ، و ما سُمِّيَ الدُّبُّ دباً إلا لدبه على الأرض و لسمنته ، و لهذا يقال:
فلان سمين مثل الدب...
و كان يسكن في فريق صاحبنا في قديم الزمان رجلاً نسبته الناسُ إلى لقبه (الدب) أكثر من نسبه إلى والده و جده ، و ذلك على الرغم من أن بلاد السودان ما زالت تتمسك بالإسم الثلاثي و أحياناً الرباعي ، و أنها من البلاد الشديدة الحرارة التي لا يصلح مناخها لمعيشة الدببة ، و أن الكثير من السودانيين لم يشاهدوا الدببة إلا في تصاويرَ الصحف و المجلات و الكتب و شاشات السينما و التلڨاز ، أو قرأوا الإسم مكتوباً في القصص و الروايات ، و على الرغم من ذلك فقد إختارت الناس الدب و أطلقته لقباً على ذلك الرجل على الرغم من أنه لم يكن مفرطاً في السمنة و لم يشذ وزنه كثيراً عن المعدل الطبيعي ، و لكن من المرجح و الغالب أن لإطلاق اللقب صلةٌ بإمتلاك الرجل لكرش ضخمة لا تتلآءم مع حجمه و قامته ، و عمومآ فقد كان الرجلُ شرساً ، مصادماً ، جلفاً ، متقلبَ المزاجِ و حآدَّ الطباعِ ، و الغالب أن اللقب قد جآء من تلك الصفات الخشنة كما خشونه الدببة...
و يقال دَبَّت في الشيء الحياة دبيباً أي سرت فيه و بانت فيه علامات الحياة من حركةٍ و حيويةٍ و نشاطٍ ، و دبيب الحياة هو زحفها البآئن للأعين في حركات و نشاط المخلوقات و الكآئنات المختلفة التي تدب (تزحف) و تهب و تمشي و تجري على مسطحات كوكب الأرض من مآءٍ و هوآءٍ و زروعٍ و أشجار ، و دبيب الطفل حَبوُهُ ، و ربما لهذا و ذاك سُمَّيَ ولدُ البقرة حين ولادته الدَّبَبُ...
و يقال دبَّبَ يدبِّبُ الصانعُ قطعةَ الحديد تَدبيباً و ذلك إذا أسنَّهَا و شحذها و جعل رأسها حآداً أو صَيَّرَه مُستَدَق الرأس كما رؤوس السهام و الرماح و السيوف و السكاكين ، و من كل هذه الأسمآء و المعاني إشتقت الأسمآء دَبَّاب و دَبَّابَة ، و الأخيرة آلة حرب ضخمة و فتاكة تدب و تزحف على الأرض على عجلات حديدية و جنازير ، و معلومٌ أن الدبابات تستخدم في الحروب في هدم البنآء و دك الحصون و القلاع و الجسور و تحطيم المركبات ، و هي جَدُّ فعالة في إحداث الدمار و الخراب و تعويق و أذى الأجسام الإنسانية و إزهاق الأنفسِ...
و من مشتقات الفعل دَبَّ الدَّبَّة و الدَّآبَّة ، و الدَّبَّة هي قارورة الزيت و أسطوانة الغاز او نحوهما ، و الدَّآبَّة هي الطريقة و الموضع الكثير الرمل ، و هنالك تعبيرٌ ربما يكون شآئعاً في بعض النواحي من بلاد الأعراب يقول:
وقعَ فلانٌ في دَبَّةٍ...
و تعني أن الشخص المعنى قد أَدخَلَ نفسه و حشرها في حفرة أو حيز محدود الأبعاد أسمته العامة في بلاد السودان من ضيقه (كُستُبَانَة) و أحياناً (طِيز وِزَة) ، أو بعبارة أخرى أنه (مَزنُوق) أوقع نفسه في مأزق و أزمة كبيرة أضحت مع مرور الوقت معقدة و عصية و يصعب الخروج/الفكاك/الإفلات منها ، و الخلاصة القول هي أن الشخص الواقع في الدَّبَّةِ سوف يجد نفسه قد تورط في مشكلة سوف تورثه الضيق و الكدر و الشدة و ربما الحرج العظيم ، أو على أقل تقدير تدخله عالم (الحِيص بِيص)...
و إذا ما نظرنا إلى هذه الأسمآء و الصفات و النعوت و تمعنا عميقاً فيها و في معانيها و مدلولاتها و تفحصناها جيداً ، خصوصاً المذكورة في الفقرات الأخيرة ، لوجدنا/لاحظنا أنها جميعها من صميم صفات تكنولوجيا المعلومات المستخدمة في تقنيات الهواتف المحمولة و تطبيقاتها المتعددة و المتنوعة...
في الأوقات المعاصرة إستخدم بنو الإنسان ، بمختلف أعمارهم و أنواعهم و أعراقهم و أجناسهم و أرآءهم و أفكارهم و معتقداتهم و مللهم و طوآئفهم ، تقنيات الهواتف المحمولة بذكآء و كثافة و فعالية عالية و متطورة و بصورة متسارعة تقارب أو تفوق الخيال و وظفوها في مناحي متعددة من حياتهم و أوجه نشاطهم المختلفة و استخلصوا منها فوآئد عظيمة ، فقد استخدموها في: دراساتهم و علومهم و أبحاثهم و مهنهم ، و في ترويجهم لبضاعتهم: التجارية و الفكرية و الدينية و السياسية و غيرها ، و في تواصلهم الرسمي و الإجتماعي و الذي دون ذلك!!! ، و في أوجه نشاطهم الثقافي و الأدبي و الفني و الرياضي و في أغراض أخرى متعددة متنوعة و مختلفة...
و لأن صاحبنا كان قد إعتقد في مقدمته و رأى أن الهاتفَ الجَوَّال/السَّيِّار هو دآبَّةُ الأرضِ فقد كان لزاماً عليه تبرير و شرح ما ذهب إليه في زعمه و شرحه و تفسيره و ربط و إظهار العلاقة ما بين الهاتف الجَوَّال و دَابَّة الأرضِ ، مما يعني ضرورة التطرق و الإسهاب في أمر المخلوق المسمى (دَابَّة الأرضِ) ماهيته و تعريفه...
و قد علمت الناسُ عن ماهية الدَّآبَّة في مدلولها العقآئدي/الديني و تعريفها التقليدي مما جآء في القرءان العظيم و مما ورد في السيرة و الأحاديث النبوية عن صفاتها و تفسير معانيها و مدلولات ظهورها ، فالدَّابَةُ قد تعني مخلوقات الله سبحانه و تعالى التي تَدُبُّ:
{ وَمَا مِن دَاۤبَّةࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَـٰۤىِٕرࣲ یَطِیرُ بِجَنَاحَیۡهِ إِلَّاۤ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ مَّا فَرَّطۡنَا فِی ٱلۡكِتَـٰبِ مِن شَیۡءࣲۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ یُحۡشَرُونَ }
[سُورَةُ الأَنۡعَامِ: ٣٨]
{ وَلِلَّهِ یَسۡجُدُ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ مِن دَاۤبَّةࣲ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَهُمۡ لَا یَسۡتَكۡبِرُونَ }
[سُورَةُ النَّحۡلِ: ٤٩]
{ وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَاۤبَّةࣲ مِّن مَّاۤءࣲۖ فَمِنۡهُم مَّن یَمۡشِی عَلَىٰ بَطۡنِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن یَمۡشِی عَلَىٰ رِجۡلَیۡنِ وَمِنۡهُم مَّن یَمۡشِی عَلَىٰۤ أَرۡبَعࣲۚ یَخۡلُقُ ٱللَّهُ مَا یَشَاۤءُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ }
[سُورَةُ النُّورِ: ٤٥]
{ وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِیهِمَا مِن دَاۤبَّةࣲۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا یَشَاۤءُ قَدِیرࣱ }
[سُورَةُ الشُّورَىٰ: ٢٩]
و الملاحظ أن ذكر دَآبَّة الأرضِ في السياق الديني قد يشيرُ إلى مخلوقٍ بعينه قُرِنَ ظهوره و إخراجه بوقوع (القول) على أقوام كما جآء في القرءان العظيم:
{ وَإِذَا وَقَعَ ٱلۡقَوۡلُ عَلَیۡهِمۡ أَخۡرَجۡنَا لَهُمۡ دَاۤبَّةࣰ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ تُكَلِّمُهُمۡ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا لَا یُوقِنُونَ }
[سُورَةُ النَّمۡلِ: ٨٢]
و قد ذكرت التفاسير المختلفة أن وقوع (القولَ) المقصود هنا هو حلول و وقوع الغضبُ و العذابُ الإلهي على أقوامٍ لم تؤمن و تسلم لله و لم تأمر بالعدل و الإحسان و الإيتآء و المعروف ، و لم تنه عن المنكر ، و انشغلت عن الذكر و عبادة الله وحده بالكفر و الفسوق و العصيان و ممارسة الفحشآء و العدوان و قطع الطريق و أضراب مختلفة من الشرك و الضلال ، و القول (الغضب/العذاب) قد يقع في الحياة الدنيا و الآخرة ، و قد علمنا من القرءان الكريم تفاصيل ما حل في الحياة الدنيا بالأقوام التي كذبت و حاربت و ضايقت الأنبيآء و الرسل مثل: نوح و يونس و هود و صالح و لوط و شعيب و موسى عليهم السلام ، كما أعلمنا القرءان الكريم بما سوف يقع من العقاب و العذاب عند ساعة الجزآء في الآخرة و يوم القيامة على الأفراد من المجرمين من طوآئف: الكفار المكذبين بالدين و الملحدين المشككين في وجود الله و المشركين بالله و الضآلين و الظالمين و المنافقين و من نحا نحوهم...
و قد جآء ذكرُ دَآبَّةِ الأرضِ كأشراط لقيام الساعة (القيامة) في أحاديث عديدة نُسِبَت إلى الرسول النبي المصطفى محمد بن عبدالله صلى الله عليه و سلم كما في الحديث:
(لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها و يأجوج و مأجوج و الدَّآبَّة و ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق و خسف بالمغرب و خسف بجزيرة العرب ، و نار تخرج تخرج من قعر عدن تسوق الناس أو تحشر الناس فتبيت معهم حيث باتوا و تقيل حيث قالوا)
و عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه سلم:
(ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوعُ الشمس من مغربها ، و الدجال ، و دَآبَّةُ الأرض)
و قد أعمل السلف الصالح خيالهم الخصب في وصف دَآبَّة الأرض ، فقد ذكرت كتب السلف الصالح و التراث أوصافاً عديدة للدَّآبَّة جآء فيها:
أن طول دآبَّة الأرض ستون (٦٠) ذراعاً ، و أن رأسها يبلغُ السحابَ ، و أن ما بين قرنيها فرسخٌ للراكب ، و أنها تشابه و تماثل الحربة الضخمة ، و أن لها لحيةٌ و ريشٌ و زغبٌ و حافرٌ لكنها تفتقر إلى الذنب ، و أن لها رأسُ ثورٍ و عينُ خنزيرٍ و أذنُ فيلٍ و قرنُ إيلٍ و عنقُ نعامةٍ و صدرُ أسدٍ و ذنبُ كبشٍ و خاصرةُ هرٍ و قوآئمُ بعيرٍ ، و أن بين كل مفصلين إثنا عشرَ (١٢) ذراعاً ، كما قيل أن جلدها يحتوي على كلِّ الألوان بما في ذلك لون جلد النمر المرقط ، و قد قيل أيضاً أنها سوف تخرج من عصا موسى و خاتم سليمان!!!...
كما جآء ذكر دَآبَّةِ الأرضِ في القرءان العظيم كما ورد في قصة سيدنا سليمان عليه السلام:
{ فَلَمَّا قَضَیۡنَا عَلَیۡهِ ٱلۡمَوۡتَ مَا دَلَّهُمۡ عَلَىٰ مَوۡتِهِۦۤ إِلَّا دَاۤبَّةُ ٱلۡأَرۡضِ تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُۥۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ ٱلۡجِنُّ أَن لَّوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ ٱلۡغَیۡبَ مَا لَبِثُوا۟ فِی ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِینِ }
[سُورَةُ سَبَإٍ: ١٤]
و قد عَرَّفَت التفاسيرُ و المعاجمُ دَآبَّةَ الأرض المذكورة في هذه الآية على أنها النملُ الأبيضُ أو حشرة (الأَرضَة) التي تسميها الفرنجة التِّرمَايت Termite التي تتغذى على أكل الأعشاب الميتة و الأخشاب...
و يرى صاحبنا و يعتقد أن التفاسير المختلفة و الأوصاف المتعددة و المزاعم الكثيرة المرصودة أعلاه قد أضافت إلى رأيه و إعتقاده المزيد من المصداقية و الرسوخ الذي يجعله/يمكنه من تخطي مرحلتي الظن و الزعم إلى خانة الرأي السديد الراجح و الإعتقاد الجازم أو شبه الجازم أو الذي هو أقرب إلى اليقين بأن الهاتفَ المحمول/الجَوَّال/النَّقَّال/السَّيَّار ما هو إلا دَآبَّةُ الأرضِ بلحمها و شحمها و دمها ، و أنه يحمل جميع تلك الصفات التي جآء ذكرها آنفاً/أعلاه في توصيف دَآبَّةِ الأرض:
- و أولها أنه يَدُّبُ مع الناس أينما زحفوا و ذهبوا و انتقلوا و حلوا ، فهم قد حملوه في أياديهم و ثيابهم و حقآئبهم و مركباتهم و جالوا و ساروا به في جميع أنحآء و أرجآء الكون ، بل و أدخلوه إلى مخادعهم
- و أن منبت و أصل تقنيات الهاتف المحمول و أغلب تطبيقاته الذكية من إختراعاتِ أفرادٍ و شركاتٍ ينتمون إلى دولٍ و أممٍ يصنفها بعضٌ/كثيرٌ من عامة و علمآء المسلمين المؤمنين من أتباع الرسول النبي المصطفى محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم في خانات: ”الكفر“ و ”الشرك“ و ”الإلحاد“ و ”العلمانية“ و ”اللادين“ و ”الشيطان الأكبر"
- و أنه متعدد التقنيات و الألوان و الأشكال و الأطوال و الأحجام
- و أن له إضافات جمالية من: قرون و أعناق و خواصر و مفاصل و جلود و زغب و ريش و كسآء
- و أن في داخله و ذاكرته حياةٌ و دبيبٌ و حركاتٌ و فحيحٌ و أصواتٌ و أهوالٌ و مخزونٌ هآئلٌ من الأحرف و الكلمات و القول و الصورِ و المشاهداتِ القابلة للتحوير و التحويل و التبديل و التعديل
- و أنه يكلمُ الناسَ بإختلاف ألسنتهم و ينقل الأخبار و الأحداث و الأنبآء الصادق منها و الكذوب المفترى
- و معلومٌ أنه يعملُ على ذبذبات و إشارات تحمل على موجات متفاوتة الطول تنتقل في الأسلاك و الألياف الضوئية و موجات الأثير و فيما فوق السحاب
- و أنه على إتصالٍ بأقمارٍ ضخمةٍ و سمينةٍ دبدبوبة و دبوبة تدور برؤوسها بعيداً في سموات الفضآء و الكون
- و أنه قادرٌ على أن يبلغ مستقر الناس و يتجسس عليهم دون علمهم حيثما كانوا و أينما حلوا و جالوا و انتقلوا و ساروا
- و أن له أذانٌ و عيونٌ و حواسٌ تراقبُ و تلتقطُ الأحاديث و الأحداث و الصور و الأحاسيس و الأفعال و الخلجات و كل ما هو شارد أو وارد
- و قد دلت التجارب أن للهاتف المحمول من الأفاعيل و الأحاييل و الخدع ما يحاكي خدع السحرة بل ربما يفوقها و يبذها
- و أنه يمتلك مقدرات و تقنيات عجيبة و مهولة يسحر بها الناس و ألبابهم و يخدعهم و يسترهبهم و يجذبهم إليه إنجذاب الناس لسحرة فرعون
- و أنه يمتلك من الذكآء الإصطناعي ما يذهل القلوب و العقول و الأفئدة و يلجمها
- و أنه كَدَآبَّة سيدنا سليمان عليه السلام يأكل الوقت يسرقه في صمت ، فيضيع من غير أن تعلم الناس أو تحس بمروره
- و أنه كالصافنات الجياد التي ألهت سيدنا داوود عن ذكر ربه ، فهو يجذب المرء و يجعله يستغرق/يغرق في التأمل فيه و التصفح في محتوياته العجيبة و المثيرة حتى يسرقه الوقت من حيث لا يدري
- و أنه يعيش و يمشي بين الناس ينم و ينقل الأحاديث و الأقاويل التي تقع في دوآئر الكذب و النفاق و التلفيق و الإفك
- و أنه ينقل التصاوير و يفشي الأسرار و يكشف المستور و المستخفي مما يخلق المشاكل و يثير الفتن و الأزمات بجميع أنواعها: السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية و الثقافية و العنصرية و الجهوية و... و... و...
- و أن ما ينقله الهاتفُ النَّقَّال من أحاديث و صور و مقالات و أفعال كثيراً ما تدخل بعض من المستخدمين في الحرج العظيم و المآزق و أوقات الشدة العصيبة
- و أنه كما الدَّبَابَة يدمر و يقتل أوقات الناس و أنفسها ، يشغلهم و يقطع جسور التواصل بينهم في المجالس و النواحي
- و قد أبانت التجارب الإنسانية أن أسراً و بيوتاً و صلاتٍ و أرحاماً و أفراداً و مجتمعاتٍ قد ضاعت و هُدِّمَت بسبب ما تحمله و تنقله الهواتف النَّقَّالة من مواد النميمة و الفتن الضآرة و المدمرة
- و قد أثبتت الشواهدُ و التجاربُ أن حمل الهاتفَ المحمول يُلهِي كثيراً من الناسِ و يشغلهم عن الذكرِ و عن الصلاةِ
- و أنه ربما يشغل أناس و أقوام عن الأمر بالعدل و الإحسان و المعروف و النهي عن المنكر ، و هو بتلك الصفة ربما يوقعهم في دآئرة وجوب وقوع القول الإلهي
و على الرغم من كل هذه المآخذ الغير إيجابية عن الهواتف المحمولة/الجَوَّالة/النَّقَّالة/السَّيَّارة (دآبَّة الأرض) إلا أن الناس لا ينتهون و لا يرعون ، و أنهم ما زالو و ما انفكوا مشغولين و منغمسين فيها و منكبين و مقبلين عليها و على تطبيقاتها بعزمٍ و إصرارٍ و شراهةٍ و نهمٍ يحسدون عليها...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة

fbasama@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الهاتف المحمول على الرغم من الله علیه أن الهاتف على الأرض ن الهاتف ٱل أ ر ض ة الأرض التی ت على أن جآء فی قد جآء

إقرأ أيضاً:

اعترافات لص الهواتف المحمول بالخليفة: نفذت 4 جرائم بأسلوب النشل

أدلى عاطل أمام النيابة العامة بمحكمة جنوب القاهرة ، باعترافات تفصيلية تفيد مزاولته نشاط إجرامى تخصص في سرقة الهواتف المحمولة من المواطنين في الخليفة.

وكشف تحقيقات النيابة، عن أن المتهم تم ضبطه وبحوزته هاتف محمول "مجهول المصدر"، وبمناقشته عن  مصدرة إعترف بسرقته من أحد الأشخاص بأسلوب " النشل"، وأضاف بإرتكابه عدد 4 وقائع سرقة آخرى بذات الأسلوب، وبالضغط عليه أرشد عن كافة المسروقات المستولى عليها لدى عميله "سيئ النية" (عاطل - مقيم بدائرة القسم) تم ضبطه.

وقررت النيابة  حبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات، وطالبت الأجهزة الأمنية بسرعة التحريات حول المتهم للوقوف على نشاطه لاستكمال التحقيقات، ووجهت لهم تهمة السرقة بالمخالفة لأحكام القانون.

 







مقالات مشابهة

  • أسوشيتيد برس: النصر الذي تطمح إليه إسرائيل على حزب الله ربما يكون بعيد المنال
  • مستقبل المكتبات الخاصة
  • هل يقلل الهاتف من أجر تلاوة القرآن؟ الإفتاء توضح
  • الجو الرطب ربما أدى إلى تفاقم فيضانات أوروبا الوسطى
  • تشوهات جسدية وألزهايمر.. ما هي مخاطر النوم بجوار الهاتف المحمول؟
  • اعترافات لص الهواتف المحمول بالخليفة: نفذت 4 جرائم بأسلوب النشل
  • اطمن على رصيدك..أزمة في شبكة فودافون تؤدي إلى انتهاء الباقات والشركة توضح
  • تحرير 1460 مخالفة للتحدث في الهاتف المحمول أثناء القيادة
  • دراسة جديدة: تناول كوبين من القهوة يوميا يزيد من كتلة العضلات ويمنع الإصابة بمرض السكري