في ذكرى هبّة 1996.. ماذا يجري في الأنفاق أسفل الأقصى؟
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
القدس المحتلة- في جولة للجزيرة نت في النفق الغربي أسفل المسجد الأقصى، بالقدس المحتلة، لوحظ كثافة الرواية الإسرائيلية التي تُمرر لزواره عن المكان.
ويستخدم الاحتلال العروض الضوئية البصرية والمسموعة والفعاليات التي تحاكي بناء الهيكل المزعوم، وتبرير كل هذه الحفريات بحجة التمسك بأرض وتراث الأجداد في المكان.
وكان افتتاح مخرج للنفق في مثل هذا اليوم من عام 1996 الشرارة التي أدت إلى انطلاق ما عرفت بـ"هبة النفق".
ويتجول عشرات اليهود والسيّاح في آن واحد داخل النفق الضخم وتجذب قاعاته الزوّار الذين يمرون في إحدى محطات جولتهم بكنيس أنشئ في قاعة واسعة، وتؤدى فيه كافة الصلوات والطقوس التوراتية، ويلاحظ أيضا وجود عدة مستويات من الحفريات التي تشعبت على مدار السنوات من أجل توسعة النفق أفقيا وعاموديا.
لم تتوقف الحفريات الإسرائيلية أسفل المسجد الأقصى منذ عام 1968، ولعل أبرز محطاتها ما نجم عنها من الهبّة الشعبية التي اندلعت عام 1996 بعد افتتاح باب للخروج من النفق الغربي لأن زوار النفق قبل ذلك العام كانوا يدخلون ويخرجون من الباب ذاته، فتم افتتاح باب استخدم كمخرج لتسهيل حركة زوار النفق ومنع اكتظاظهم في ممراته الداخلية.
وفي 25 سبتمبر/أيلول 1996، خرج الفلسطينيون في هبّة شعبية وانطلقت المواجهات مع افتتاح باب النفق، وامتدت من شمال فلسطين إلى جنوبها وارتقى خلال المواجهات التي أطلق عليها "هبّة النفق" 63 شهيدا 32 منهم في الضفة الغربية و31 في قطاع غزة، بينما أصيب 1600 آخرون بجروح متفاوتة.
وفي الذكرى الـ28 لاندلاع تلك الهبّة ما زالت هناك حفريات قديمة تتجدد بشكل أفقي وعامودي في محاولة للعثور على ما لم يُعثر عليه في الحفريات السابقة.
وبهذه المناسبة سألت الجزيرة نت عبد الله معروف أستاذ دراسات بيت المقدس بجامعة إسطنبول 29 مايو، ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى، عن عدد الأنفاق والحفريات التي تطوق المسجد من الأسفل.
وقال معروف إن هناك عددا كبيرا من الحفريات والأنفاق التي حفرت على مدار 56 عاما أسفل المسجد وحوله يصعب حصرها، لكن يمكن القول إن هذه الأنفاق تمتد تحت أسوار المسجد كافة ولعل أطولها وأكثرها شهرة هو نفق "الحشمونائيم" الذي افتتح بابه عام 1996 والذي أدى لاندلاع هبّة النفق آنذاك.
وأضاف أن هذه الأنفاق تستخدم حاليا لخلق فضاء تحتي أسفل المسجد بحيث يستعمل هذا الفضاء لتثبيت الرواية الصهيونية حول تاريخ الأقصى، إضافة لكون هذا الفضاء تعبديا تقام فيه الطقوس الدينية للجماعات المتطرفة أسفل المسجد.
وبالتالي فإن هذه الأنفاق تخدم هدفا أكبر من مجرد زعزعة استقرار المسجد كما كان يقال عنها سابقا، فهي تسهم فعليا في إقامة شعائر دينية معينة في محيطه وأسفله، ونحن نعلم أن كل ما أسفل المسجد هو جزء منه وبالتالي تخترق الأنفاق جزءا من الأقصى، وفق معروف.
وأشار الأكاديمي الفلسطيني إلى أن الحفريات نفسها ليست الخطر الأكبر، وإنما هي نتيجة للخطر الأكبر الذي يحيط بالأقصى وحل به فعليا عام 1967 وهو الاحتلال نفسه.
وعن أسباب استمرار المس الخطير بالوضع القائم بالمسجد أكد معروف أن سلطات الاحتلال لم تعد تحفل به أبدا، وتعتبر أنه ينبغي إنهاؤه تماما والانتقال لمرحلة جديدة عنوانها فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الأقصى.
وتابع أنه بالإضافة لعدم التفات إسرائيل للوضع القائم بشكل عام فإن أتباع تيار الصهيونية الدينية الذي يسيطر حاليا على وزارة الأمن القومي بزعامة إيتمار بن غفير ووزارة المالية بزعامة بتسلئيل سموتريتش، لا يؤمن أصلا بالوضع القائم، وبما أن هذه الجماعات أصبحت تسيطر وتملك القدرة على تغيير الحكومة الإسرائيلية والتحكم بمسارها، فهي رأت أن هذه الفرصة مناسبة وذهبية لتغيير الوضع القائم بالكامل وفرض رؤيتها بالمسجد الأقصى.
ومن ناحية أخرى أشار مسؤول الإعلام السابق في الأقصى، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يحفل هو الآخر كثيرا بالوضع القائم، لأن الأولوية بالنسبة إليه استمرار حكومته وثباتها وهذا يعني تسليمه الأمور بالكامل لجماعات المعبد المتطرفة التي يمثلها تيار الصهيونية الدينية في الحكومة الإسرائيلية.
وفي إجابته على سؤال عن كيفية نصرة الأقصى وإيقاف الانتهاكات الإسرائيلية في ساحاته وأسفلها، قال معروف إن المسجد يحتاج أولا لإنهاء المشكلة الأساسية فيه وهي الاحتلال، لأن احتلاله هو الأصل في كافة المشكلات والحل الجذري هو تحريره.
واجب عربي وإسلامي
ويتابع "إضافة لذلك فإن العمل يوميا شعبيا ورسميا على منع هذه الاعتداءات الدائمة وإعادة الردع الشعبي للمسجد واجب على جميع الشعوب العربية والإسلامية وليس فقط الشعب الفلسطيني، وأهل القدس بالذات هم الحاضنة الأولى وخط الدفاع الأول عنه وينبغي عليهم أن يعملوا للحفاظ عليه لأن هذا هو واجب الوقت الأول الذي لا يمكن لأحد أن يكون بديلا عنهم فيه".
ولم يغفل الأكاديمي معروف في ختام حديثه التطرق إلى أهمية كشف وفضح الانتهاكات الإسرائيلية اليومية في المسجد، وعرضها على العالم كله مما يسهم في خلق الردع الداخلي النفسي في حكومة الاحتلال.
وفي حديث سابق للجزيرة نت تطرق الباحث في تاريخ القدس إيهاب الجلاد لمعالم الأقصى التي تضررت بسبب الحفريات، وأبرزها معالم المنطقة الغربية من المسجد بدءا من أساسات المتحف الإسلامي والمدرسة العثمانية التي سلبت بئرها وأصبحت جزءا من النفق الغربي، بالإضافة لرباط الكُرد الذي تشققت أرضيته وأقواسه ودعاماته، ولم تسلم المدرسة التنكزية أيضا من التشققات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المسجد الأقصى أسفل المسجد ة النفق
إقرأ أيضاً:
عوائق الاحتلال أشعلت جذوة الاعتكاف في الأقصى
رغم التضييقات غير المسبوقة على المصلين قبيل وخلال شهر رمضان، فإن خيام المعتكفين شُيّدت في رحاب المسجد الأقصى طوال العشر الأواخر، وسط إقبال لافت من فئة الشباب، وافتقاد للمعتكفين من الضفة الغربية الذين كانوا أحد أعمدة الاعتكاف قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ورصدت الجزيرة نت عشرات الخيام المشيدة شرق المصلى القبلي وفوق سطح المصلى المرواني، عدا عن امتلاء المصليات المسقوفة بمئات المعتكفين والمعتكفات، من القدس والداخل المحتل والمسلمين الأجانب، مثل مصلى الأقصى القديم والمرواني والقبلي، حيث واصلوا الليل بالنهار، وازدادت أعدادهم في الليالي الفردية؛ تحريّا لليلة القدر.
نجح الاعتكاف الليلي في المسجد الأقصى خلال العشر الأواخر، رغم مخاوف مسبقة بانحساره، بسبب عدة عوامل، أولها منع الاحتلال الاعتكافَ منذ بداية رمضان في ليلتي الجمعة والسبت، لأول مرة منذ عام 2014، ومنع تام لفلسطينيي الضفة الغربية من الاعتكاف الليلي، فقد حدد الأعداد بـ10 آلاف أسبوعيا في نهار الجمعة فقط، ما حرم الاعتكاف من العنصر الرئيسي الذي أثراه على مدار العقود الماضية.
ورغم الإجراءات العسكرية المشددة عند الحواجز وداخل القدس ومحيط المسجد الأقصى، فإن فلسطينيين من الضفة حاولوا الدخول، فنجحت قلة منهم، بينما كان الاعتقال مصير آخرين. كما عمد الاحتلال للعام التالي على التوالي إلى نشر عناصره قريبا من المعتكفين، وتفتيش الخيام والمصليات؛ لترهيبهم، ومنع أي محاولة دخول يزعم أنها "غير قانونية".
أعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي اعتقالها، يوم أمس الأربعاء، 60 فلسطينيا كانوا على متن حافة متجهة للصلاة في المسجد الأقصى.
وتواصل سلطات الاحتلال منع أهالي الضفة الغربية من الوصول للقدس والصلاة في الأقصى منذ السابع من أكتوبر 2023. pic.twitter.com/UpXZUfbwzA
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) March 20, 2025
إعلان استهداف نشطاء الاعتكافأما العامل الثالث الرئيسي فكان حملة الإبعادات المكثفة عن المسجد الأقصى التي استهدفت معتكفين سابقين نشطوا في السنوات السابقة، ومن بينهم محمد السعدي من مدينة أم الفحم في الداخل المحتل، والذي اشتُهر بخيمته داخل الأقصى التي يُكْرم فيها المعتكفين بالمأكولات والمشروبات. إلى جانب إبعاد المسن رياض جابر من الداخل المحتل، والذي اشتهر بتنظيمه موائد الإفطار والسحور ومناداته الصائمين المعتكفين قائلا "تفضلوا تفضلوا".
وطال الإبعاد من أم الفحم أيضا الفلسطيني محمد جبارين "أبو الشريف"، الذي نشط معتكفا في الأقصى منذ عقود، لكنه رغم ذلك أشرف على تسيير أكثر من 150 حافلة مجانية، في العشر الأواخر، من مدينته إلى المسجد الأقصى، على نفقة فاعلي الخير.
اشتُهر بصوته الصادح في الأقصى "تفضلوا تفضلوا" مُناديا على المصلين لينضموا إلى موائد السحور والإفطار التي يُعدها..
⚠️خبر| شرطة الاحتلال تُبعد المسن رياض جابر من الداخل المحتل عن المسجد الأقصى، وتحرمه من إكرام المصلين في شهر رمضان، كما اعتاد منذ سنين.
*مقطع أرشيفي من رمضان 2023… pic.twitter.com/CBpJ6G19d9
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) March 18, 2025
حصار مركبوعزا الباحث في شؤون القدس والمسجد الأقصى "زياد ابحيص" تراجع انخفاض أعداد المعتكفين إلى ما وصفه بالحصار المركب وعسكرة المسجد، رغم إغلاق باب الاقتحامات لأسبوعين والسماح بالاعتكاف في العشر الأواخر.
وأضاف أنه رصد 30 نقطة عسكرية على الأقل في الأقصى وعلى أبوابه، بينها 6 مراكز أمنية، اثنان منها داخل المسجد، و9 دوريات راجلة يتكرر حضورها يوميا في صلاة التراويح، وفي كل صلاة جامعة، كما توجد 10 حواجز على أبوابه بينها 3 معززة بأقفاص معدنية، علاوة على مركبات شرطية تتجول داخل الساحات، وعدا عن عشرات الحساسات ومستشعرات الأشعة تحت الحمراء للمراقبة.
إعلانورغم كل تلك العوامل المقننة للاعتكاف، فإن المدون والمهندس الفلسطيني عمر عاصي كتب في منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي، أن ساحات الأقصى امتلأت بمئات الخيام، لتصل إلى أعداد لم يشهدها منذ عام 2011، كما لاحظ أن 3 أرباع المعتكفين هم من فئة الشباب، وقليل منهم من المسنين.
وتابع قائلا ".. هذا أمر يُبهرني، فمن كان يتخيّل أن ترى شباب "آخر زمن" (كما يُقال) بين أوائل المعتكفين؟ من كان يتخيل أن يبدأ هؤلاء بنصب خيامهم رغم المطر والبرد الشديد في بداية العشر الأواخر؟ من كان يتخيل أن يراهم يتسارعون الساعة الواحدة في عتمة الليل للوضوء في مياه "تلسع" ليلحقوا بصلاة التهجد التي قد تطول لساعة أو أكثر؟ من كان يتخيل هذا في زمن يلاحق فيه رجال الاعتكاف ويبعدون عن الأقصى؟".
من جهته يقول أحد المعتكفين المقدسيين للجزيرة نت -فضل عدم ذكر اسمه- إن الاعتكاف ليس مجرد عبادة، وإنما فعل مقاوم وصورة من صور الثبات في وجه محاولات تهويد المسجد الأقصى وفرض السيطرة عليه.
ويضيف: "لهذا السبب يرى الاحتلال الاعتكاف تهديدا لمخططاته، ويسعى إلى تقليص أعداد المعتكفين بكل وسيلة ممكنة، ولذلك أصبح الحفاظ على شعيرة الاعتكاف حفاظا على الأقصى وروحانيته. رمضان هذا العام يحمل تحديا جديا، والمعتكفون فيه يحملون شعلة الأمل".