ما سمعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان من كلام زاده قناعة بضرورة التوجّه إلى نيويورك "لإجراء المزيد من الاتصالات"، فيما اعتبر الزائر الفرنسي من السرايا "أن التوجه إلى نيويورك في هذا الظرف الدقيق مسألة مهمة جدًّا"، متمنيًا أن تفضي الاتصالات الديبلوماسية إلى حلّ يوقف دورة العنف".
فالموفد الفرنسي شاهد بعينيه المجازر التي ترتكبها إسرائيل في حق لبنان، وسمع بأذنيه هدير الطائرات المغيرة على أكثر من موقع، ولم يخبره أحد بما لا يريد أن يسمعه الذين يصمّون أذانهم عن سماع صوت الحق، ولو لمرة واحدة. ولو لم يشهد مدى إصرار تل أبيب على جرّ "حزب الله" إلى حيث لا يريد، على رغم أن كثيرين من اللبنانيين يحمّلونه جزءًا كبيرًا من مسؤولية ما يجري الآن على الساحة اللبنانية المفتوحة على كل الاحتمالات السيئة عندما قرّر فتج الجبهة الجنوبية من دون الأخذ في الاعتبار ما يمكن أن يكون عليه الوضع بعد أن يرى العدو الإسرائيلي أن قد أصبح "مرتاحًا" على وضعه في قطاع غزة، لما نصح رئيس الحكومة بضرورة سفره إلى مقر الأمم المتحدة لإسماع العالم صوت لبنان، كما أسمعه في السابق ومن على منبر الأمم المتحدة في نيويورك غسان تويني عندما كان سفيرًا للبنان، حيث أطلق صرخته الشهيرة "اتركوا شعبي يعيش".
يبدو من خلال ما ترتكبه إسرائيل من مجازر جماعية، حيث سقط نتيجة غاراتها المتواصلة على أكثر من منطقة لبنانية بعيدة عن خطوط المواجهة التقليدية ما يقارب الخمسمئة شهيد وأكثر من ألف جريح ومصاب في يوم واحد من الجنون الهستيري، وإصرارها على أخذ لبنان رهينة، ان الوضع آيل لا محال إلى ما هو أسوأ، وإلى المصير المجهول، خصوصًا أن المناطق التي يطاولها القصف الإسرائيلي هذه المرّة يختلف بمنهجيته عن المرّات السابقة، إذ أن المقصود من تكثيف هذه الغارات على مناطق محدّدة ومعينة إنزال أكبر خسائر ممكنة بشرية ومادية من بيئة معينة، بهدف إيجاد مناخ شعبي ضاغط على "حزب الله" لتسليمه بضرورة سحب مقاتليه إلى العمق الجنوبي الأمر الذي يتيح لحكومة نتنياهو إعادة مستوطني الشمال الإسرائيلي إلى مستوطناتهم، وإجبار "الحزب" على وقف مساندته لغزة. وهذا ما لن تقبل به "حارة حريك" أيًا تكن الضغوطات، وأيًّا تكن الأثمان. وهذا ما صرّح به أكثر من مسؤول حزبي عندما لوحوا بأن الحرب مع العدو الإسرائيلي طويلة. وهذا يعني المزيد من القصف المتبادل، والمزيد من الضحايا، والمزيد من الدمار، والمزيد من التهجير من المناطق التي تتعرّض أكثر من غيرها من الاستهداف الصاروخي الإسرائيلي.
لكل هذه الأسباب قرّر الرئيس ميقاتي التوجّه إلى نيويورك لكي يكون على تماس مباشر مع المساعي، التي تبذلها واشنطن لوقف هذه الحرب المدّمرة، والتي لن تقتصر مفاعيلها على لبنان وحده، بل قد تصل شظاياها إلى دول المنطقة بأسرها. وما شجعه على اتخاذ هذا القرار المواقف الدولية والعربية التي صدرت على أثر تعرّض لبنان لهذا الجنون غير المسبوق، وهي مواقف مشجّعة، وتدعو إلى الضغط على تل أبيب لوقف عدوانها والافساح في المجال أمام الحركة الديبلوماسية لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية استنادًا إلى "نداء بيروت"، الذي أطلقه الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود في القمة العربية التي عقدت في العاصمة اللبنانية.
وقد تزامن قرار رئيس الحكومة مع اعلان وزير الخارجية الفرنسي الجديد، جان- نويل بارو أن بلاده طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع، والاجتماع سيعقد اليوم الاربعاء، لبحث الوضع في لبنان، وقال: إنّ "فرنسا تدعو الأطراف وأولئك الذين يدعمونهم إلى وقف التصعيد وتجنّب اندلاع حريق إقليمي سيكون مدمّراً للجميع، بدءا بالسكان المدنيين. لهذا السبب، طلبتُ عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن بشأن لبنان هذا الأسبوع".
وأضاف "في هذه اللحظة، أفكر بالشعب اللبناني في الوقت الذي تسبّبت فيه غارات إسرائيلية لتوّها بسقوط مئات الضحايا المدنيين، بما في ذلك عشرات الأطفال".
وتابع: "هذه الضربات التي يتمّ تنفيذها على جانبي الخط الأزرق وعلى نطاق أوسع في المنطقة بأسرها يجب أن تتوقف فوراً". وشدّد على أنّه "في لبنان كما في أماكن أخرى، ستبقى فرنسا في حالة تأهب كامل لحلّ الأزمات الكبرى التي تمزق النظام الدولي. فرنسا ستتّخذ مبادرات".
من جهته حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي زار لبنان الأسبوع الماضي، من أنّ النزاع المستعر بين إسرائيل و"حزب الله" يهدد بإغراق الشرق الأوسط برمّته في "حرب شاملة"، وقال "أستطيع أن أقول إنّنا تقريباً على شفا حرب شاملة".
وما يتخوف منه اليوم العالم بأسره سبق للرئيس ميقاتي أن حذّر منه قبل أشهر من الآن، لأنه كان يتوقع وصول الوضع إلى ما وصل إليه. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: أکثر من
إقرأ أيضاً:
طيران الاحتلال الإسرائيلي يشنّ أكثر من 20 غارة جوية على جنوب لبنان (شاهد)
شنّ الطيران الحربي للاحتلال الإسرائيلي، مساء السبت، أكثر من 20 غارة على جنوب لبنان، شملت وديانا وأطراف بلدات، وذلك وفقا لوكالة الأنباء اللبنانية.
وأوضحت الوكالة الرسمية، أنّ: "الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ غارتان على منطقة مريصع بين بلدتي البابلية والزرارية، ومثلهما على منطقة وادي الزغارين الواقعة بين (سجد والعيشية والريحان)".
وأضافت أنّ: "الغارات شملت أيضا منطقة برغز، وتسببت في حفرة بالطريق المؤدية إلى البقاع الغربي، ومنطقة تبنا البيسارية، وطريق تفاحتا التي قطعت"، كما شملت أيضا: "أطراف بيت ياحون ووادي مريمين، بين زبقين وياطر وحرش عيتا الجبل، ومنطقة الحمدانية بين عزة وكفروة".
????الغارات الإسرائيلية على #جنوب_لبنان هي الأعنف منذ اتفاق وقف النار
????الطيران الحربي الإسرائيلي اغار على منطقة تبنا وبلدة انصار
وادي الزغارين سجد العيشية الريحان
وادي زبقين عيتا الجبل بيت ياحون
????شو دولتنا بدكن تدمروا سلاح المقاومة لتفوت تحتلنا بيوم وليلة متل ما احتلت سوريا!؟ pic.twitter.com/0ogbJQiuGW — Rana_ WB1 (@Rana_WWB1) March 7, 2025 More than 25 airstrikes were carried out by occupation warplanes on southern Lebanon in the last 20 minutes.
أكثر من 25 غارة شنتها طائرات الاحتلال على جنوب لبنان، خلال الـ20 دقيقة الأخيرة. pic.twitter.com/I3qELDJNAU — Esmail (@Esmail490292289) March 8, 2025
وكانت الوكالة، قد نقلت في وقت سابق من اليوم السبت، عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة، أنّ: "غارة بمسيرة إسرائيلية معادية على سيارة في خربة سلم (من قرى قضاء بنت جبيل في محافظة النبطية) أدت إلى استشهاد مواطن وإصابة آخر بجروح". فيما لم تكشف أي تفاصيل بشأن الهجوم أو المستهدف به.
جرّاء ذلك، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، بأنه نفّذ غارة بمُسيرة على جنوب لبنان، بذريعة استهداف أحد عناصر "حزب الله". وقال: "هاجمنا بطائرة مسيرة قبل وقت قصير أحد عناصر حزب الله".
أيضا، زعم أنّ: "العنصر المستهدف كان يعمل على إعادة تأهيل بنية تحتية إرهابية وتوجيه عمليات لحزب الله في جنوب لبنان".
وفي سياق متصل، شنّ الطيران الحربي للاحتلال الإسرائيلي، مساء الجمعة، غارات متتالية على قرى عدة جنوبي لبنان، طالت مناطق جبل الريحان وزبقين وياطر؛ فيما ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، أنّ: "الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف واديا في بلدة البابلية، وبلدة تبنا".
وتابعت الوكالة بأنّ: "3 أشخاص أصيبوا برصاص الجيش الإسرائيلي، الجمعة، في بلدة كفركلا الحدودية بقضاء مرجعيون في محافظة النبطية جنوبي البلاد".
تجدر الإشارة إلى أنه منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بتاريخ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، ارتكبت دولة الاحتلال الإسرائيلي أكثر من ألف انتهاك للاتفاق، ما خلّف 85 شهيدا و285 جريحا على الأقل، وفقا لبيانات رسمية لبنانية.
وبدأ عدوان الاحتلال الإسرائيلي على لبنان في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وتحوّل لحرب واسعة في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، ما خلّف 4 آلاف و115 شهيدا و16 ألفا و909 جرحى، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.