سرايا - لا يخفي الإسرائيليون في أدبياتهم العسكرية أنهم يخفون خسائرهم في المعارك والحروب، ويحاولون تبرير ذلك بأن إطلاع الجمهور على حجم الخسائر البشرية والمادية قد يعرقل أهداف الحرب بسبب تذمر البيئة المحيطة بالجيش، وبالتالي يجب التأثير على هذه البيئة بتكتيكات إعلامية تمنع حالة الذعر والخوف وكذلك السخط والتذمر.



والتكتيكات الإعلامية بالضرورة تنطوي على عمليات خداع للجمهور، بل لجمهورين؛ جمهور الخصم والجمهور المحلي، وهذا يعني أن التضليل الممارس من خلال إخفاء الخسائر يهدف أيضا إلى خلق إحباط لدى الخصم أو العدو وجمهوره بأن فعله وقتاله لم يحدث شيئا ولم يسبب ضررا كبيرا وهو ما يدفعه للتراجع في النهاية.

واحدة من أهم أدوات التضليل الإسرائيلية في المعارك والحروب هي ما يعرف بالرقابة العسكرية، والتي تدار من قبل شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال، ويرأسها "الرقيب العسكري الرئيسي"، وتفرض على وسائل الإعلام الإسرائيلية والمستوطنين نمطا معينا من التغطية، ومعلومات محددة، وتتدخل في المعلومات المنشورة وتحجب بعضها.

تشير التقارير التي نشرتها مؤسسات إسرائيلية تعنى بحرية الحصول على المعلومات، من بينها "حركة حرية المعلومات"، أن الرقابة العسكرية تنشط في أوقات المعارك والحروب، إذ تدخلت في عام 2014 خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 3222 مادة إعلامية، بينما منعت من النشر بشكل نهائي 597 مادة بحجة الإضرار بالأمن ومعنويات الجمهور.

ويكشف موقع "العين السابعة" المختص في الرقابة على الإعلام الإسرائيلي وتحليل مضامينه، أن الرقابة العسكرية تدخلت في 10 آلاف مادة إعلامية منذ عام 2016 وحتى شهر آيار 2021 وهو الشهر الذي شهد معركة سيف القدس، حيث تبنى الاحتلال أسلوبا جديدا في الرقابة العسكرية تضمن تنشيط مجموعات شبابية ونشطاء لتحذير المستوطنين من نشر ما يتعارض مع تعليمات الجيش وبيانته، بما في ذلك صور الدمار وأماكن سقوط الصواريخ وعدد القتلى والإصابات إلى درجة منع أهالي القتلى من نعي قتلاهم.

يدرج الاحتلال هذه التكتيكات في إطار ما يعرف بـ"معركة الوعي" مع العدو، رغم أنها تصطدم مع تعريفه لنفسه كـدولة ديمقراطية يُحظر عليها تضليل جمهورها وحجب المعلومات عنه. لكن الاحتلال يعترف فعليا بأنه يحظر ويحجب، ويبرر الأمر بذريعة الحفاظ على الروح المعنوية للجنود والجمهور وخلق شعور بضرورة استمرار الحرب، وقد اعتبر بعض الخبراء الإسرائيليين أن انفتاح الجنود على المعلومات بدون الحواجز التقليدية أدى لضعف معنوياتهم في عدة معارك مع المقاومة الفلسطينية وهو ما دفع بعض الخبراء لاقتراح منع وجود هواتف ذكية مع الجنود خلال المعارك.

أسباب عدة غير السالفة الذكر تدفع الاحتلال لإخفاء خسائره، من بينها الخشية من عزوف المستوطنين عن الالتحاق بالجيش، وهي ظاهرة عانى منها الاحتلال في العقود الأخيرة بشكل كبير، حيث يشير استطلاع للرأي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في تشرين الثاني 2021 أن 10% فقط من المستوطنين الشباب يؤيدون الالتحاق بالجيش في إطار الخدمة الإلزامية، بينما يفضلون العمل في القطاع الخاص بعيدا عن تبعات هذه الخدمة التي قد تؤدي إلى الموت أو الإصابة.

وكذلك لدى الاحتلال ونخبه ومؤسستيه العسكرية والسياسية هوس شديد في إظهار صورة الجيش القادر على حماية مستوطنيه وتقليل الخسائر في صفوفهم في أوقات الحروب سواء بالوسائل التكنولوجية أو البشرية، وهي خشية نابعة من ظاهرة الهجرة العكسية التي تزداد وتيرتها في ضوء الحروب والمعارك التي تشكل كذلك عائقا أمام تسمين كيان الاحتلال بمستوطنين جدد.

وهناك سبب آخر ومهم هو أن الخسائر تحدد مفهوم النصر لدى الجمهور، وبالتالي فإن الخسائر الكبيرة تعيق تمرير خدعة النصر على الجمهور الذي سوف يقارن بين الثمن المدفوع والنتيجة الفعلية للحرب، خاصة وأن حروب ومعارك الاحتلال في قطاع غزة ولبنان لم تزل التهديد الذي تشكله حركات المقاومة هناك، ولذلك فإن إقناع جمهور الاحتلال بتحقيق النصر سوف يصطدم بالحقائق المتعلقة بالخسائر.

بناء على ما سبق، يمكن تفسير تكتم الاحتلال على نتائج الضربات التي توجهها له المقاومتين الفلسطينية واللبنانية في ضوء التصعيد الكبير الذي تشهده الجبهة الشمالية، والذي تمثل بتوسيع حزب الله دائرة الاستهداف في الأراضي الفلسطينية المحتلة من حيث نوعية الضربات وكميتها.

وبين صورة من هنا لزجاج مكسور ومشهد من هناك لسيارة متضررة، ينحصر مصدر المعلومات الواردة من "إسرائيل" عن أضرار صواريخ حزب الله ومنها الصواريخ الثقيلة التي أطلقها في اليومين الماضيين، من مواقع التواصل الاجتماعي، وهي بطبيعة الحال أقل خضوعا للتقييد.

كذلك، فإنه لم يرد منذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر 2023، أي صورة عبر وسائل الإعلام لأي مصاب إسرائيلي، وهذه الحال انسحبت حتى هذه الأيام مع تصعيد الوضع في جبهة الشمال.

وعندما يفصح الإعلام الإسرائيلي عن أي معلومة، تكون مشذبة ومقولبة ومختصرة من دون تفاصيل كافية.

إقرأ أيضاً : الدويري يكشف طريقة (إسرائيل) بتنفيذ الاغتيالات في ضاحية بيروتإقرأ أيضاً : حزب الله ينعى القيادي إبراهيم قبيسيإقرأ أيضاً : شهيدان في غارة إسرائيلية على صور جنوب لبنان

المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: غزة شهر الاحتلال الاحتلال الاحتلال الاحتلال الاحتلال الثاني العمل القطاع الخاص الاحتلال الاحتلال الاحتلال غزة الاحتلال الاحتلال الله الله غزة الوضع الشمالية الوضع لبنان الله العمل القدس غزة الاحتلال الثاني الخاص القطاع شهر الرقابة العسکریة

إقرأ أيضاً:

رئيس الأركان الإسرائيلي: سنواصل عملياتنا العسكرية الهجومية في الضفة الغربية

رئيس الأركان الإسرائيلي، أعلن أنهم سيواصلون عملياتهم العسكرية الهجومية بشكل قوي في الضفة الغربية، وفقا لما ذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية” في نبأ عاجل.

 

أستاذ علوم سياسية: مصر شريك تاريخي في دعم فلسطين وترفض محاولات التهجير المرشد الإيراني: "فلسطين كلها من النهر إلى البحر للشعب الفلسطيني"

 

الجيش الإسرائيلي يجري تدريبات لمحاكاة الهجوم في الضفة الغربية


 


وفي إطار آخر، بدأ الجيش الإسرائيلي، اليوم، تنفيذ اختبار مفاجئ تحت اسم "برق مفاجئ"، بتوجيه من رئيس الأركان هرتسي هاليفي، وذلك لتقييم جاهزية القوات للتعامل مع "أحداث إرهابية" في قيادة المنطقة الوسطى. 

 

وخلال التمرين، ستختبر القوات الإسرائيلية سيناريوهات متنوعة، تشمل عمليات تسلل إلى البلدات، وهجمات على الطرق، وعمليات تحت غطاء تجمعات جماهيرية، بالإضافة إلى التعامل مع أحداث متعددة على عدة جبهات في وقت واحد. 

 

ويأتي هذا الاختبار استناداً إلى الدروس المستخلصة من الحرب الأخيرة، إلى جانب تقييم الوضع الأمني في المنطقة، ويتم تنفيذ التمرين تحت إشراف هيئة العمليات في الجيش الإسرائيلي، وبالتعاون مع قيادة المنطقة الوسطى، حيث تشمل التدريبات مناطق الضفة الغربية، غور الأردن، البحر الميت، وهضبة الجولان المحتلة. 

 

وبحسب مصادر إسرائيلية، سيشهد التمرين حركة نشطة لقوات الأمن وسلاح الجو في المناطق المذكورة، كما ستسمع أصوات انفجارات كجزء من السيناريوهات التدريبية، وذلك في إطار محاكاة عمليات قتالية مفاجئة لتعزيز قدرات الجيش في الاستجابة للتهديدات المحتملة.

 

كاراسين ينتقد عرض زيلينسكي لترامب: بيع الموارد الأوكرانية مقابل "ضمانات أمنية"

 

علق رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، غريغوري كاراسين، على العرض الذي قدمه الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي لنظيره الأمريكي دونالد ترامب، بشأن إمداد الولايات المتحدة بالمعادن النادرة مقابل "ضمانات أمنية". 

 

وكتب كاراسين على قناته في "تيلغرام": "يبدو أن المخزي رئيس النظام في كييف قد تذكر مهاراته السوقية المنسية، وها هو يتحدث بجدية عن بيع جميع الموارد المعدنية في أوكرانيا للأمريكيين، وها هو يسرد قائمة تتضمن خامات الذهب والفحم والتيتانيوم والمنغنيز، والقائمة، بطبيعة الحال، أطول من ذلك بكثير". 

 

وأضاف السيناتور الروسي: "تمعنوا وفكروا فقط في كل ذلك! قام وبكل جدية بطرح الأمر والتعبير عنه كمواقف يطالب بها وخرائط للمناجم، لا أفهم، هل الأوكرانيون مستعدون حقا جميعا لبيع أنفسهم كدولة كاملة ليصبحوا أتباعا إلى الأبد؟ ماذا عن الكبرياء، والمنطق السليم، ومصير الأجيال القادمة؟ وبالمناسبة، هل هناك أي خطط أخرى لبيع سماء أوكرانيا والهواء الموجود فيها؟"، وأشار إلى أن ما وصفه بـ"السخافة والتفكير اللامعقول" قد يؤديان إلى نتائج غير متوقعة. 

 

 

مقالات مشابهة

  • عمرو خليل: إسرائيل في أزمة حقيقية.. وخسائرها أكبر بكثير من المعلنة
  • الرقابة المالية تحدد مواعيد تقديم القوائم المالية التي تزاول نشاط التأمين 
  • الإعلام اللبناني: عون شدد على أهمية الانسحاب الإسرائيلي في 18 فبراير
  • محافظ إدلب ومدير مديرية الإعلام في المحافظة يبحثان مع عدد من الصحفيين آليات تسهيل الحصول على المعلومات
  • الشتوي: تكثر شائعات التحذير من الأطعمة التي تسبب السرطانات ويجب تحري صحة المعلومات .. فيديو
  • "الشورى" يُحيل "مشروع قانون تنظيم الاتصالات" إلى "الدولة" ويُقر عددًا من مشروعات اتفاقيات
  • رئيس الأركان الإسرائيلي: سنواصل عملياتنا العسكرية الهجومية في الضفة الغربية
  • الأمم المتحدة: لا يجب استهداف المستشفيات بالقصف خلال الحروب
  • بالصور.. ما الرسائل التي توصلها كتائب القسام خلال تسليم الأسرى؟
  • حماس: انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من نتساريم يكشف فشل استراتيجيته العسكرية