كانت الحروب بالأمس تعتمد على قاعدة أن من يمتلك السلاح الأقوى، يستطيع فرض سيطرته على العالم، ونتيجة ذلك شهدنا صراع تصنيع القنبلة النووية بين روسيا وأمريكا، وهو صراع امتد لنحو 30 عاماً وعُرف فى التاريخ الحديث باسم «الحرب الباردة» التى انتهت فى 1990 مخلفة وراءها عدة دول باتت تملك هذا السلاح وبالتالى فالقاعدة نفسها قد فشلت.

لكن فى عصر التكنولوجيا، عاد الصراع مجدداً، وكان البطل هذه المرة الصين، التى تمكّنت خلال العقود الماضية من ابتكار قاعدة جديدة وهى السيطرة على العالم تجارياً، وخاصة من بوابة التكنولوجيا، سلاح المستقبل، الذى يمكنه حسم أى صراع، وبالطبع لم تقف أمريكا مكتوفة الأيدى أمام صعود التنين الأصفر، وسرعان ما شنّت واشطن حربها ضد بكين، لينشب الصراع الذى استخدمت فيه كل دولة أدواتها ووسائلها من أجل البقاء.

ولم تكن معركة شركة هواوى سوى جزء من تلك الحرب، وتعود البداية إلى مايو 2019 حين فرضت الحكومة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب حينها، حظراً على الشركة الصينية، وبموجبه تم منع الشركات الأمريكية من بيع أى مكونات أو تكنولوجيا للشركة، بما فى ذلك أشباه الموصّلات «البروسيسور» ونظام التشغيل أندرويد.

كما شمل قرار الحظر، منع شركات مثل «Taiwan Semiconductor Manufacturing Company» من توريد معالجات «Kirin» إلى هواوى التى تعتمد على هذه المعالجات فى جزء كبير من عملها، إضافة إلى منع شركات أمريكية مثل Applied Materials وLam Research، من تزويد الشركة الصينية بأشباه الموصّلات التى تحتاج إلى معدات متقدمة لتصنيعها، وقرارات أخرى كثيرة استهدفت فى النهاية القضاء على العملاق الصينى.

واستهدفت أمريكا من تلك القرارات، منع هواوى من الوصول إلى تقنيات متقدمة تستخدمها واشنطن فى تصنيع المعالجات، خاصة الرقائق المتقدمة بتقنية 5 نانومتر أو أقل التى تعتمد عليها أمريكا فى تقدمها التكنولوجى، وبسبب تلك القرارات تأثرت الشركة الصينية كثيراً، لأنها اعتمدت على مخزون محدود من معالجات «Kirin»، وهذا أدى بدوره إلى توقف إطلاق هواتف راقية فى السوق الدولى لفترة معينة.

كما أدت القرارات الأمريكية إلى انخفاض كبير فى مبيعات هواوى من الهواتف الذكية بسبب عدم قدرتها على استخدام نظام أندرويد وخدمات «Google Play».

كيف تجاوزت هواوى الأزمة؟

لم تستسلم الشركة الصينية رغم كل تلك الخسائر، بل وسرعان ما اتجهت إلى الحلول المحلية لتجاوز كبوتها، فعملت على تطوير البرمجيات أو تصنيع المعالجات، وابتكرت نظام تشغيل «HarmonyOS» خاص بها ليكون بديلاً لأندرويد، واستثمرت بشكل مكثف فى تطوير سلسلة توريد المعالجات الخاصة بها من خلال التعاون مع الشركات الصينية لتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأمريكية.

أما الخطوة الأهم، فكانت اللجوء إلى شركات صينية مثل «SMIC «وهى أكبر مصنع لأشباه الموصلات فى الصين، ومن خلالها تم تصنيع معالج هواوى الجديد «Kirin 9000S» الذى تم تصنيعه بتقنية 7 نانومتر وهو إنجاز تكنولوجى فى ظل الحظر الأمريكى المفروض، ومن خلال هذا المعالج، تمكّنت هواوى من منافسة معالجات مثل Qualcomm وApple.

ويعتمد «Kirin 9000S» على وحدات معالجة مركزية «CPU» متعددة النوى، إلى جانب وحدة معالجة رسومية «GPU» لدعم الألعاب والتطبيقات الثقيلة، وتقنياً، يحتوى المعالج على قدرات الاتصال بشبكات 5G، كما يحتوى على تحسينات فى الذكاء الاصطناعى ومعالجة الصور، ما يعزز أداء الكاميرات وتجربة المستخدم.

ومقارنة بالمعالجات الأمريكية، فإن المعالج الصينى يتفوق فى السرعة والأداء العام بسبب تقنيات التصنيع التى تستخدمها «TSMC»، لكن المعالجات الأمريكية مثل «Qualcomm Snapdragon 8 Gen 2» صاحب كفاءة أعلى فى استهلاك الطاقة والمعالجة التى يستخدم فيها تقنية تصنيع 4 نانومتر، أما معالج «Apple A16 Bionic» فهو أقوى أيضاً فى استهلاك الطاقة بجانب تفوقه فى مجال تحسينات كبيرة فى الذكاء الاصطناعى ومعالجة الصورة مقارنة بالمعالج الصينى.

من خلال هذا المعالج، اتجهت هواوى إلى السيطرة على حصة كبيرة من السوق الصينية والتى بلغت فى سوق الهواتف الذكية نحو 20% عام 2023، ومع عودة الابتكار فى منتجاتها واعتماد المستخدمين على «HarmonyOS» تمكنت من بيع أكثر من 100 مليون جهاز فى النصف الأول من 2023 ما عكس عودتها القوية.

وتزامناً مع تلك الخطوات، أطلقت هواوى هاتفها «Mate XT» القابل للطى بثلاث شاشات، ويمثل قفزة تقنية بسبب تصميمه الفريد الذى يعزز تجربة المستخدم فى تعدد المهام، بجانب شاشات عالية الجودة، كما أن الهاتف مزود بمعالج «Kirin 9000S»، وتعمدت هواوى إطلاق الهاتف فى اليوم الذى أطلقت فيه أبل iPhone 16، لتثبت قدرتها على المنافسة مع عمالقة التكنولوجيا العالمية، خاصة أن الهواتف القابلة للطىّ تمثل فئة مبتكرة وجذّابة لدى المستهلكين.

والخلاصة، أنه رغم التحديات التى واجهتها هواوى بسبب الحظر الأمريكى، لكنها فى النهاية استطاعت التأقلم والتكيف بل وابتكار معالج جديد يعتمد على التكنولوجيا الصينية، وهو ما يمثل نقطة تحول مهمة لأنه بذلك، تقول الصين إنها لن تخضع لأحد، وقادرة على منافسة أقوى المعالجات الأمريكية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: هواوي روسيا الصين أمريكا الشرکة الصینیة من خلال

إقرأ أيضاً:

«شيك وفرصة عمل».. قرارات عاجلة لوزير العمل دعما لضحية حادث «سيرك طنطا»

استلم محمد إبراهيم عبد الفتاح، مساعد مدربة سيرك طنطا، الذي تعرض لهجوم نمر مفترس أثناء العرض بمدينة طنطا، ما أدى إلى بتر ذراعه، شيك بقيمة 100 ألف جنيه من صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية التابع للوزارة، وذلك كدعم مالي للعامل ضحية حادث السيرك، وفقا لتوجيهات محمد جبران وزير العمل.

وأكد «جبران» اليوم الثلاثاء أن هذا الدعم يأتي بعد تنسيق مع محافظ الغربية اللواء أشرف الجندي، والذي أسفر أيضا عن توفير فرصة عمل له بإحدى شركات الأدوية بالمحافظة.

وقال وزير العمل إن هذا الدعم يأتي في إطار تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، بالتواصل والاستجابة السريعة للحالات الأكثر احتياجا، بتوفير الدعم الرعاية والحماية.

العامل ضحية حادث «سيرك طنطا»

من جانبه، أوضح مدير مديرية العمل بمحافظة الغربية أحمد القللي أنه قام بتسليم هذا الدعم إلى العامل الضحية، وتنفيذ كافة تكليفات وزير العمل بالتواصل مع هذه النوعية من الحالات الطارئة التي يتعرض لها أي مواطن.

وأشار إلى أن الوزير كان ينسق مع المحافظ في كافة الإجراءات التي بدأت بتوفير فرصة عمل لائقة له، وزيارته بشكل مستمر في مستشفى الطوارئ الجامعي بطنطا للاطمئنان عليه، وإيصال رسالة بأن المواطن البسيط دائما في اهتمامات القيادة السياسية.

اقرأ أيضاًوزير العمل يوجه بتوفير وظيفة لضحية نمر طنطا وصرف تعويض

وزير العمل يقرر تعديل إجازة عيد الفطر للقطاع الخاص.. تبدأ من السبت حتى الثلاثاء

مقالات مشابهة

  • آخر فصول الحرب التجارية: الرسوم الجمركية الصينية على السلع الأمريكية تدخل حيّز التنفيذ بنسبة 84%
  • مواصفات جهاز هواوي MatePad Pro 13.2
  • رئيس الوزراء: نشهد عصرًا جديدًا جراء تداعيات قرارات فرض الرسوم الجمركية الأمريكية
  • عاجل. وزارة المالية الصينية: فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 84% على السلع الأمريكية
  • بسمة الحرية…أسبوع علاجي مجاني في كلية طب الأسنان بجامعة حمص
  • دعوة لنشر الجمال برعاية وزارتيْ السياحة والآثار والثقافة
  • «شيك وفرصة عمل».. قرارات عاجلة لوزير العمل دعما لضحية حادث «سيرك طنطا»
  • الخارجية الصينية: الرسوم الجمركية الأمريكية نموذج للأحادية والتنمر الاقتصادي
  • الحكومة الصينية: سنحارب نهج الرسوم الجمركية الأمريكية حتى النهاية
  • تعرف على موعد مباراة ليفربول القادمة