خالد ناجح يكتب: ارحمونا من برامج «الإحباط شو»
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
كان عم موافى، الرجل العامل البسيط، ممسكاً بـ«الريموت كنترول» وإصبعه الذى تظهر عليه علامات الشقاء والتعب، وعلامات التعجب والسخط على وجهة الملىء بالتجاعيد التى رسمت خرائطها بوضوح سنوات العمر الفائتة والتى أكثرها مر وقليلها حلو.
سألته: ما لك يا عم موافى؟
أشار إلى الشاشة وبها أحد مذيعى التوك شو، وقال لى بحزم وحرقة: «كدابين»، فى إشارة إلى مذيعى التوك شو.
دار حديث بينى وبين هذا الرجل البسيط الذى لخص ما يقوله خبراء الإعلام أن «بعض البرامج قاعدين بالساعات، وأحياناً المذيع (يرغى لغاية الصبح)، ومش مستفيدين بكلمة ولا معلومة، والواحد لما يتفرج عليهم بيحس إن الدنيا مقلوبة، وأحياناً مش بيقولوا الحقيقة، وكلهم شبه بعض»، انتهى كلامه، وأخيراً استقر على الريموت وتوقف لمشاهدة أحد الأفلام العربية وبدأ يركز فى الفيلم.
رغم انتشارها فى السنوات الأخيرة، ربما يتصور البعض أن بدايتها كانت فى بداية التسعينات أو الألفية الجديدة، لكن الحقيقة أن أول برنامج توك شو فى العالم العربى بمعناه الإعلامى ظهر فى سبعينات القرن العشرين على شاشة التليفزيون المصرى، الذى شارك فى تقديمه كل من سمير صبرى وسلمى الشماع وفريدة الزمر، والذى استمر عدة سنوات تحت اسم «النادى الدولى»، وفى بداية الألفية الثانية بدأت برامج التوك شو فى الانتشار بشكل كبير جداً إلى أن أصبحت المنابر الرئيسية للإعلام المصرى فى تقليد غير منضبط وغير مهنى للبرامج المماثلة فى الغرب، حيث تحظى هذه النوعية من البرامج بنسبة مشاهدة كبيرة هناك نظراً لما تناقشه وتقدمه، وعلى النقيض هنا المشاهد المصرى لا يشعر بأن هناك ما يميز البرامج الحوارية المصرية عن بعضها، ويعتقد أن الفارق بينها يتمثل فى شعار القناة ومقدم البرنامج.
وخلال تلك السنوات انتشرت برامج «الإحباط شو»؛ تستضيف الضيوف أنفسهم، وتناقش الموضوعات المكررة على الشاشات المختلفة نفسها دون مراعاة للمواطن أو تقديم حلول لمشاكل أو أى نجاح لها سوى انعكاسها على المشاهد بالإحباط بعد أن تخيل بعض المذيعين أنهم خبراء فى كل شىء محاولاً إقناع المشاهد بما يعتقده هو، بل ويفرض عليه رأيه، بل أصبحت بعض القنوات فى فترة من الفترات حبيسة البرنامج الواحد، وكل القناة تخدم هذا البرنامج فقط، وأصبح البرنامج هو القناة، وتم إغلاق الباب على باقى الأفكار وجميع أشكال الإبداع، وأصبحت القنوات أيضاً متشابهة فى تقاريرها الإخبارية وفى عرض أحداثها اليومية، حتى أصبح ما يميز كل برنامج حوارى عن غيره هو شعار القناة ومقدم البرنامج، وأصبح المشاهد يتوقع ما سيقوله الضيوف من آراء من كثرة تكرار استضافتهم ومعرفة انتماءاتهم الحزبية والسياسية مسبقاً، وكل ذلك بعيد عن المصلحة العامة، وبذلك يتم التعامل مع المشاهد المصرى من قبَل البرامج الحوارية بأن (التكرار يعلم الشطار)، مما يجعل جميع البرامج على درجة لا تجعلنا نميز الغث من السمين بينها.
ولو سألت أى مشاهد أو عينة من الجمهور سيقول لك: «كفاية كده تعبنا» من حالة الانفلات التى أصبح عليها المذيعون دون ضوابط أو حتى خطة برامجية تميزهم عن بعضهم البعض بعدما اختلط دور المذيع مع دور الضيف.
وهنا استشعر المجلس الأعلى للإعلام هذه السلبيات وخرجت منه توصيات بعدد من الضوابط المهمة لهذه البرامج للحد من سلبياتها وتدعيم إيجابياتها وحتى تؤدى هذه البرامج دورها المهنى المحترم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الإعلام التليفزيون
إقرأ أيضاً:
صلاح ومرموش.. لا داعى للمقارنة!!
أتعجب كثيراً من الذين يهاجمون نجم مصر العالمى الملك محمد صلاح الذى حقق إنجازات أسطورية فى عالم الساحرة المستديرة على مدار سنوات طويلة حتى وصل إلى العالمية وإذا لم يكن بالفعل هو الأفضل على مستوى العالم فهو من بين أفضل 5 لاعبين على الأقل.. ويتعرض للهجوم لأنه يفكر فى الانتقال إلى الدورى السعودى وترك مكانه فى ليفربول الإنجليزى الذى حقق معه كل الأرقام القياسية.. ما أود أن أشير إليه أن محمد صلاح ليس مجرد لاعب كرة إنما هو مؤسسة متكاملة وعقلية منظمة ومرتبة ويملك عزيمة من حديد جعلته فى مكانة استحقها بجهده واصراره بعد توفيق الله المطلع على النوايا ويعلم مابداخل هذا الشاب المصرى المكافح الذى جعل العالم كله يقف له احتراماً ويتسابق الجميع لمصافحته والتقاط صورة سيلفى معه.. ابن قرية نجريج الذى أصبح نجم البريميرليج.. تخطى كل الحواجز والصعاب وأثبت أن العقلية والطموح والجد والاجتهاد مفاتيح الانتصار على كل الصعاب..
ليس من المنطقى أبداً أن نفكر نحن لمحمد صلاح بعد كل هذا المشوار الصعب الذى خاضه بمفرده وبعد أن وصل إلى قمة النجاح ننتقد قراراً يتخذه وهو أدرى شخص بأسباب اتخاذه للقرار سواء بالاستمرار فى ليفربول أو الرحيل إلى أى مكان آخر يختاره.. هذا الشاب الذى تفوق على الجميع فى أجواء لم يستمر فيها كثير من المصريين الذين خاضوا تجارب الاحتراف وبعضهم عاد سريعاً ولم يصمد فى أجواء جديدة وعادات مختلفة ووسائل وطرق تدريب صعبة والبعض حاول واستمر عدة سنوات ولكنه لم يحقق إلا نجاحات محدودة كنا نظنها انجازات حتى ذهب صلاح إلى أوروبا وغير كل المفاهيم وعرفنا مع مشواره المعنى الحقيقى للإنجازات عابرة القارات ووجدنا العالم كله يصفق له ويشيد به وأصبح لاعباً من طراز فريد ومثالاً يحتذى يطمح الكثير من الأجانب للوصول إلى مستواه وأخلاقياته التى حافظ عليها وأجبر بسببها الجميع على احترامه وتقديره..
والأغرب أن البعض يلجأ الآن إلى طريقة جديدة للهجوم غير المبرر على صلاح مستغلاً تألق النجم المصرى عمر مرموش فى البوندزليجا وانتقاله إلى مانشيستر سيتى الإنجليزى فبدأت المقارنة العجيبة التى لا داعى لها على الإطلاق والأفضل أن يكون كلاهما سفير لمصر فى عالم الاحتراف.. تألق مرموش رائع ونقف معه وخلفه لتحقيق الكثير والكثير لكنه ليس بالضرورة كما يشير البعض إلى أنه بداية أفول نجم صلاح.. باب التألق يتسع لصلاح ومرموش معاً وكذلك لأى نجم مصرى آخر يشرفنا ويدعم صفوف منتخبنا.. واعتقد أنه لو أتيحت الفرصة لنجم وجوكر بيراميدز إبراهيم عادل للانتقال للدورى الإسبانى سنرى نجماً آخر يلمع على طريقة صلاح ومرموش..
[email protected]