فقد السودان كثيراً من الموارد المالية التي كانت تغذي خزينته العامة بالإيرادات بسبب الحرب المشتعلة بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع منذ ما يناهز السبعة عشر شهراً، ومع اقتراب إكمال الحرب لعام ونصف العام يجد قطاع الاستثمار بالبلاد نفسه محاطاً بالصعوبات والعقبات التي تحول دون أن يحقق مبتغاه في رفد الخزينة العامة بما يحقق الاستقرار الاقتصادي خلافاً لما تفقده الأيادي العاملة من سوق عمل كان سيخفف من وطأة البطالة.

ومنذ الشهور الأولى بعد الحرب أعلنت مؤسسات استثمارية تعليق مشاريعها وتسريح موظفيها إلى حين إشعار آخر بعد أن دمرت الحرب البنى التحتية للمصانع والمنشات في الولايات المتأثرة بها، ومن هنا بدأت المعوقات الاستثمارية في الظهور على الرغم من أن الحكومة السودانية لا تزال تسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والوطنية للعمل في الولايات الآمنة.

وتقدر بعض المصادر خسائر الحرب فى الاقتصاد السودانى بأكثر من 100 مليار دولار، بعد توقف 70% من النشاط الاقتصادى فى السودان. فيما تُقدر تكلفة المعارك في السودان بنحو نصف مليار دولار يومياً وفقاً لتقديرات غير رسمية.

وكشفت تقارير البنك الدولي عن انخفاض معدل النمو الاقتصادى إلى -18.3% لعام 2023. كما بلغت خسارة الناتج المحلى الإجمالى السودانى بنسبة 151.1٪، والذي من المتوقع أن ينخفض إلى 43.91 مليار دولار فى عام 2023.

وأفقدت الحرب العملة السودانية أمام الدولار وخسر الجنيه السودانى أكثر من 70% من قيمته حيث يتم تداول الدولار بأكثر من 2600 جنيه سودانى بعد الحرب، بالمُقارنة بـ 600 جنيه قبل الحرب.

و رفعت الحرب معدل البطالة فى السودان من 32.14% فى عام 2022 إلى 47.2% عام 2024، وفقًا لإحصاءات صندوق النقد الدولى.

وارتفعت معدلات التضخم أيضاً بحسب بيانات صندوق النقد الدولى ارتفع التضخم فى السودان إلى 256.17%، وهو ما يعنى ارتفاعها بنسبة 117.4%، بالإضافة إلى تراجع حركة الصادرات بنسبة تتجاوز ال 60 %.

وأقرت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المكلفة، أحلام مهدي سبيل بالظلال السالبة التي ألقتها الحرب التي تمر بها البلاد منذ تمرد مليشيا الدعم السريع على قيادة الدولة، وتشابك مصلحة الوطن مع المصالح الاقليمية للقوة الخارجية.

وأكدت على الدمار الهائل الذي أصاب البنية التحتية والمصانع والمؤسسات لاسيما في العاصمة وبعض الولايات

وأشارت الوزيرة في حديثها مع موقع “المحقق” الإخباري إن الاستثمار كغيره من القطاعات الاقتصادية المهمة تأثر بتداعيات الحرب في قطاعاته الثلاثة الزراعي والصناعي والخدمي، خاصة المشروعات المتواجدة في ولاية الخرطوم من خلال التدمير أو نقص التمويل أو انعدام مدخلات الإنتاج ووسائل الحركة.

وكشفت الوزيرة عن وضع وزارة الاستثمار والتعاون الدولي الخطط التي تواكب مرحلة مابعد الحرب، فقطاع الاستثمار مازال واعداً، لافتة إلى قيام وزاره الاستثمار بالمشاركة في العديد من الملتقيات لتوقيع الاتفاقيات الاستثمارية الجديدة وكذلك تفعيل الاتفاقيات السابقة وتنشيطها.

وقالت “نحن ماضون في جذب المزيد من الشراكات الاستثمارية النوعية التي من شأنها الدفع بعجلة الاقتصاد وتعمير مادمرته الحرب وقد ركزنا في العملية الترويجية على مشاريع البنى التحتية في كافة المجالات كذلك الطاقات المتجددة والكهرباء والطرق والجسور والسكك الحديدية وغيرها من المشروعات “.

وأكدت الوزيرة على أنه وبالرغم الحرب ظلت وزارتها تتلقى طلبات للاستثمار ولا توجد أي استثمارات ألغيت حتى الآن فالاستثمار يمضي على قدم وساق. وأشارت إلى سعي الحكومة السودانية لجذب العديد من الاستثمارات للبلاد خاصة بعد تقديم العديد من الحوافز والضمانات والامتيازات التي حتما ستجذب العديد من المستثمرين.

و أوضحت ان الحرب كانت دافعاً أكبر ولم تكن خصماً علينا لجذب المزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية.

بدوره يرى الخبير الاقتصادي، د. وليد دليل أن تجربة إعادة الإعمار الاقتصادي بعد الحرب تعتمد على الظروف الفريدة لكل بلد ونطاق التدمير الذي لحق بالاقتصاد الذي نحسبه كبيراً في الوضع السوداني تحديداً لنظراً لهشاشة الوضع الاقتصادي بالسودان قبل لحرب ووجود العديد من المشكلات الاجتماعية والسياسية التي كانت تحيط بالمشهد قبل اندلاع الحرب.

وأوضح وجود بعض النقاط العامة التي يمكن أن تشمل تلك التجربة ومنها وجود خطة واقعية لإعادة الإعمار تراعي الظروف الاقتصادية للسودان والظروف الإقليمية والدولية التي تحيط به والاستفادة من الموارد المتوفرة لإنجاح خطة الاعمار.

وقال دليل في حديثه مع موقع “المحقق” الإخباري أنه “ولضمان أن تكون الخطة فعالة لابد من التركيز على القطاعات الاقتصادية المفتاحية التي يمكن أن تسهم بشكل مباشر في عملية إعادة التنمية ويجب التركيز وبشكل أساسي على إعادة إعمار البنى التحتية من خلال التعاقد مع شركات عالمية لإنشاء وإعادة إعمار الطرق والجسور والمطارات والموانئ التي دمرتها الحرب من خلال تعاقدات تراعي الظروف المالية لبلد خارج من الحرب من خلال الاتفاق على عقود البناء والتشغيل والتحويل المشهورة باسم (BOT) “.

وأضاف “يجب ولضمان موافقة الشركات العالمية على مثل هذه العقود أن تتوفر عوامل الثقة بينها وبين القيادة الحكيمة من خلال استقطاب الكوادر المهنية لتشكيل حكومة مستقبلية ذات تكوين خاص يراعى أن تكون حكومة انتقالية تسهم في أن تتطور الأمور في عدة نواحي اقتصادية واجتماعية وسياسية وان تحظى تلك الحكومة بإجماع وتوافق وطني مجتمعي واسع”.

وأشارت إلى ضرورة أن تعمل خطة الإعمار على تعزيز فرص العمل والاستقرار السياسي وأن تعمل على تقديم الدعم اللازم للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر المحرك الرئيسي لاقتصاد دولة كالسودان، مشيراً إلى أن تجربة إعادة الإعمار تحتاج إلى إرادة قوية من القيادة المحلية، وجهود مشتركة من جميع الجهات المعنية، وشدد دليل على أهمية ترتيب الأوضاع من خلال إعادة بناء البنية التحتية المدمرة وإعادة هيكلة الديون المحلية والخارجية وفق شروط ميسرة غير مرهقة والقيام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية وتعزيز التعاون الدولي والابتعاد عن سياسة المحاور الإقليمية والتركيز على عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمل على استقلال القرار السياسي السوداني بعيداً عن سياسة التجاذبات والعمل على تشجيع الاستثمار فالسودان لديه المقومات ليكون قطباً اقتصادياً كبيراً لما يملكه من قطاعات اقتصادية واعدة في السودان.

وأوضح أن السودان يتميز بوجود عدة قطاعات اقتصادية يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في النمو والتنمية فالزراعة هي قطاع رئيسي لأنها تسهم في توفير فرص عمل كبيرة وتوفير الغذاء والسلع الأساسية التي تعد بمثابة العامل الأساسي للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، كما يلعب قطاع التعدين دوراً ملموساً السودان في فرص الاستثمار ويسهم في تنويع مصادر الإيرادات حيث يحتضن السودان موارد معدنية كبيرة مثل الذهب والكروم والحديد بالإضافة لقطاعات أخري كقطاع التجارة الذي يمكن أن يؤدي دوراً محورياً في عملية إعادة الاعمار لما لموقع السوداني الجغرافي من أهمية استراتيجية كنقطة التقاء بين جنوب القارة وشمالها وباعتباره معبراً مائياً هاماً للقارة الآسيوية.

وأشار دليل إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه قطاع النقل البري والبحري والجوي في عملية التنمية إذا ما أحسن استثماره وتوجيه الفرص الاستثمارية الواعدة فيه، فضلاً عن أن السودان يمكن أن يكون مزاراً سياحياً لما يتميز به من طقس معتدل ووجود العديد من الآثار والمواقع الأثرية المهملة على مدي العصور بالإضافة إلى قطاعات أخرى كالخدمات المالية والتكنولوجيا والصناعات العسكرية، كل ذلك إذا تم تعزيز وتطوير هذه القطاعات بشكل فعال، فيمكن للسودان ان يحقق نموًا اقتصاديًا أكبر وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.

المحقق – نازك شمام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: بعد الحرب العدید من یمکن أن من خلال

إقرأ أيضاً:

حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (65)

د. أحمد جمعة صديق
جامعة الزعيم الازهري

حوار اليوم:
الحروب المنسية في التاريخ البشري: على الرغم من أن هذه الحروب قد لا تكون بارزة في الذاكرة الجماعية العالمية، إلا أنها كانت محورية في تشكيل الشعوب والمجتمعات
• نريد تفاصيل حروب الممالك الإفريقية
• يرى كثير من السودانيين ان الحرب الدائرةالان في السودان حربا منسية. علل؟
• كيف نضع هذه الحرب في دائرة الضوء لعل ذلك يطفئ هذه الشرارة اللعينة؟
*******************************
• ما المقصود بالحروب المنسية في التاريخ البشري؟
الحروب المنسية في التاريخ البشري تشير إلى النزاعات المسلحة التي وقعت في فترات زمنية مختلفة ولكنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي أو لم يتم تسليط الضوء عليها في السجلات التاريخية الرئيسية. قد تكون هذه الحروب قد وقعت في مناطق نائية أو كانت حروبًا قصيرة ولكنها أسفرت عن تغييرات هامة في سياقات محلية أو إقليمية، إلا أنها لم تحصل على تغطية واسعة في الكتب المدرسية أو في الأدب التاريخي المقارن.
الأسباب التي تجعل الحروب تُعتبر "منسية" قد تشمل:
1. الغياب النسبي للتوثيق: قد تكون الحروب قد وقعت في فترات تاريخية مبكرة أو في مناطق نائية، ولم تكن هناك توثيقات دقيقة أو مكتوبة حولها.
2. الأولوية للأحداث الكبرى: في كثير من الأحيان، يتم تسليط الضوء على الحروب الكبرى التي غيرت مجرى التاريخ العالمي، مثل الحربين العالميتين أو الحروب بين الإمبراطوريات الكبرى، مما يؤدي إلى طمس الحروب الصغيرة أو الإقليمية.
3. تأثيرات محدودة: بعض الحروب كانت محلية التأثير، أي أنها لم تؤثر بشكل مباشر على الخارطة السياسية الكبرى في ذلك الوقت، مثل الحروب القبلية أو الصراعات بين ممالك صغيرة.
4. غياب بطولات أو شخصيات بارزة: قد تُنسى الحروب التي لم يظهر فيها قادة عسكريون مشهورون أو معارك ملحمية، مما يجعلها أقل جذبًا للاهتمام التاريخي.
من الأمثلة على الحروب المنسية:
• الحروب بين المماليك في مصر والصليبيين أو التتار في القرون الوسطى.
• الحروب التي دارت في إفريقيا قبل الاستعمار، مثل الحروب بين الممالك الإفريقية.
• الحروب الصغيرة بين الدول الأوروبية قبل عصر الحروب العالمية.
• حروب السكان الأصليين في الأمريكتين خلال الاستعمار الأوروبي.
رغم أن هذه الحروب قد تكون "منسية" في السياق العالمي، إلا أنها قد تكون محورية في التاريخ المحلي أو الثقافي للمجتمعات التي خاضتها.
لحروب بين المماليك في مصر والصليبيين أو التتار في القرون الوسطى. الحروب التي دارت في إفريقيا قبل الاستعمار، مثل الحروب بين الممالك الإفريقية. الحروب الصغيرة بين الدول الأوروبية قبل عصر الحروب العالمية. حروب السكان الأصليين في الأمريكتين خلال الاستعمار الأوروبي. تلكلم بالتفصيل عن هذه الحروب ومآلاتها
1. الحروب بين المماليك في مصر والصليبيين أو التتار في القرون الوسطى
في العصور الوسطى، شهدت منطقة الشرق الأوسط العديد من الحروب والمعارك الكبرى، وكان المماليك جزءًا مهمًا من تلك الصراعات. يعتبر المماليك سلالة عسكرية نشأت في مصر، وساهموا بشكل كبير في مقاومة الغزاة من الصليبيين والتتار.
الحروب بين المماليك والصليبيين:
بدأت الصراعات بين المماليك والصليبيين في القرن الثاني عشر، بعدما أسس الصليبيون عدة ممالك في الشام (مثل مملكة القدس) بعد الحروب الصليبية. كانت مصر تحت حكم الأيوبيين في ذلك الوقت، ولكن بعد سقوط الأيوبيين وضعف سلطتهم، صعدت قوة المماليك الذين استطاعوا توحيد مصر والشام لمواجهة التهديدات الصليبية.
• معركة عين جالوت (1260): كانت هذه المعركة فاصلة في تاريخ المنطقة. استطاع المماليك بقيادة السلطان قطز هزيمة المغول (التتار) الذين اجتاحوا بلاد الشام والعراق. كان هذا الانتصار مهمًا لأنه أوقف تقدم التتار إلى مصر والمغرب العربي.
• الانتصار على الصليبيين: في وقت لاحق، استطاع المماليك القضاء على الوجود الصليبي في الشام بشكل نهائي في معركة "الكروم" و"مارب"، وبعد ذلك، استعادوا القدس من الصليبيين في 1291 في معركة "قيسارية"، مما أنهى وجود الصليبيين في المنطقة.
مآلات الحروب:
تُعتبر الحروب بين المماليك والصليبيين بمثابة محطات هامة في تاريخ الشرق الأوسط، حيث ثبتت المماليك قوتهم العسكرية، وتمكنوا من الحفاظ على استقلال مصر والشام في مواجهة الغزاة الأجانب. لكن الحروب كانت أيضًا مكلفة من الناحية البشرية والمادية، وأثرت على الاستقرار الداخلي للمماليك.
2. الحروب التي دارت في إفريقيا قبل الاستعمار
في فترة ما قبل الاستعمار الأوروبي، كانت إفريقيا مليئة بالحروب والصراعات بين الممالك والإمبراطوريات. بعض هذه الحروب كانت ذات طابع محلي، بينما كانت أخرى على مستوى إمبراطوري.
حروب الممالك الإفريقية:
• إمبراطورية مالي (القرن 13-16): كانت إمبراطورية مالي من أعظم الممالك في غرب إفريقيا، لكن خلال تاريخها شهدت صراعات داخلية وخارجية. من أبرز الحروب التي شهدتها إمبراطورية مالي كانت الحروب ضد ممالك الجار (مثل إمبراطورية صنغاي) وحروب العصيان الداخلية بين الأسر المالكة.
• إمبراطورية كانم-بورنو (القرن 9-19): كانت هذه الإمبراطورية تقع في منطقة بحيرة تشاد، وكانت تخوض معارك مستمرة مع جيرانها مثل إمبراطورية توبا في الغرب والإمبراطورية السونغاي.
• حروب زولو في جنوب إفريقيا (القرن 19): قاد الملك شاكازولو حروبًا متواصلة لتوحيد القبائل الزولوية تحت سلطته، مما أدى إلى صراعات دموية مع القبائل المجاورة.
مآلات الحروب:
• أدت العديد من هذه الحروب إلى تعزيز قوة بعض الممالك بينما انهارت أخرى بسبب الصراعات الداخلية والخارجية.
• كانت الحروب في إفريقيا في هذه الفترة غالبًا ما تركز على السيطرة على الأراضي والموارد مثل المعادن الثمينة والعبيد. هذه الحروب ساهمت في تأجيج التدفق الكبير للعبيد نحو أسواق العبيد عبر المحيط الأطلسي.
• بعض هذه الحروب انتهت بتحولات ثقافية وسياسية، حيث انهارت بعض الإمبراطوريات مثل إمبراطورية مالي، في حين استطاع آخرون مثل زولو فرض هيمنتهم في مناطقهم لفترة طويلة.
3. الحروب الصغيرة بين الدول الأوروبية قبل عصر الحروب العالمية
قبل الحرب العالمية الأولى، كانت أوروبا مليئة بالحروب الصغيرة بين الدول الكبرى، وهذه الحروب لم تحصل على الاهتمام العالمي الذي كانت تحظى به الحروب الكبرى مثل حروب نابليون أو الحروب بين الإمبراطوريات الكبرى.
أمثلة على الحروب الصغيرة:
• حرب السنوات السبع (1756-1763): على الرغم من أنها كانت حربًا كبرى، إلا أن بعض المعارك المحدودة بين دول أوروبا قبل هذه الحرب كانت تركز على التنافس بين القوى الأوروبية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا.
• الحروب النابليونية المتقطعة (1792-1815): بعد بداية الحروب النابليونية، كانت هناك معارك مستمرة ضد قوى مثل النمسا وبروسيا وروسيا التي دخلت في تحالفات متغيرة ضد فرنسا.
• الحروب الإيطالية (1848-1866): معركة "سولوفرينو" كانت جزءًا من الحروب الإيطالية التي نتج عنها وحدة إيطاليا، وكانت هذه الحروب بين ممالك إيطاليا المختلفة وجيوش النمسا.
مآلات الحروب:
• ساعدت هذه الحروب في تشكيل موازين القوى الأوروبية وفي إعادة تشكيل الحدود السياسية في القارة.
• هذه الحروب ساعدت في تحديد الاتجاهات العسكرية الحديثة مثل تطور تقنيات الحروب واستخدام الأسلحة النارية في المعارك.
4. حروب السكان الأصليين في الأمريكتين خلال الاستعمار الأوروبي
كانت الحروب بين المستعمرين الأوروبيين والسكان الأصليين في الأمريكتين جزءًا من الاستعمار الذي فرضته الإمبراطوريات الأوروبية على الأراضي الأمريكية.
أمثلة على الحروب:
• حروب التوسع الأمريكية (17-19 القرن): كانت هناك صراعات دائمة بين المستعمرين البريطانيين والأمريكيين الأصليين الذين كانوا يدافعون عن أراضيهم ضد الاستعمار.
• حروب الأباتشي والنافاجو (أواخر القرن 19): كانت هذه الحروب جزءًا من مقاومة الأمريكيين الأصليين ضد توسع الولايات المتحدة غربًا.
• حروب الأزتك والمايا مع الإسبان: عندما وصل الإسبان بقيادة هرنان كورتيس إلى المكسيك، واجهوا مقاومة شرسة من الأزتك والمايا الذين قاوموا محاولات الغزو الإسباني.
مآلات الحروب:
• غالبًا ما انتهت هذه الحروب بهزيمة السكان الأصليين، ونتج عنها تدمير ثقافاتهم أو نزوحهم القسري إلى الأراضي الأقل خصوبة.
• كان الاستعمار الأوروبي يفرض تغييرات جذرية على الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية للسكان الأصليين، مما أدى إلى انقراض العديد من الأمم الأصلية.
الختام:
تظهر الحروب المنسية في تاريخ البشرية كجزء من اللحظات التي شكلت عالمنا اليوم، سواء في المنطقة العربية أو إفريقيا أو الأمريكتين أو حتى في أوروبا. على الرغم من أن هذه الحروب قد لا تكون بارزة في الذاكرة الجماعية العالمية، إلا أنها كانت محورية في تشكيل الشعوب والمجتمعات وأدت إلى تغييرات ضخمة في البنى السياسية والاقتصادية لهذه المناطق.
نريد تفاصيل اوفى عن هذه
• حروب الممالك الإفريقية: إمبراطورية مالي (القرن 13-16)
• . إمبراطورية كانم-بورنو (القرن 9-19
• حروب زولو في جنوب إفريقيا (القرن 19): الحروب الافريقية.
1. إمبراطورية مالي (القرن 13-16)
إمبراطورية مالي كانت واحدة من أعظم الإمبراطوريات في غرب إفريقيا خلال العصور الوسطى. تأسست في أواخر القرن الثالث عشر وبلغت أوج قوتها في القرنين الرابع عشر والخامس عشر. كانت تُعد مركزًا تجاريًا وثقافيًا هامًا في المنطقة.
الحروب الداخلية والخارجية
• حروب توحيد المنطقة: في البداية، قامت إمبراطورية مالي بتوحيد مجموعة من الممالك والقبائل الإفريقية في منطقة غرب إفريقيا، بما في ذلك إمبراطورية غانا السابقة. أسسها سوني علي في القرن الثالث عشر، وتحت حكمه، تمكنت مالي من ضم العديد من المناطق بما في ذلك مملكة تومبكتو، التي كانت مركزًا هامًا للعلم والتجارة.
• الفتوحات الإقليمية: كانت الحروب جزءًا من سياسة التوسع للسيطرة على طرق التجارة الرئيسية في الصحراء الكبرى. غزت الإمبراطورية الأراضي المحيطة بممالك سوسو وغانا ومملكة تولودا، وبالتالي تمت السيطرة على مناطق غنية بالذهب، وهو ما جعل إمبراطورية مالي واحدة من أغنى الممالك في العالم في تلك الفترة.
• التهديدات من المماليك المجاورة: على الرغم من قوتها، كانت إمبراطورية مالي تواجه تهديدات من المماليك المجاورة مثل مملكة سونغاي (التي كانت قد نشأت على أطلال مالي) بالإضافة إلى القوى الصاعدة في شمال إفريقيا. في القرن الخامس عشر، بدأ نفوذ إمبراطورية مالي في التراجع بسبب الحروب الداخلية (مثل الصراعات بين الأسر الحاكمة) وصعود إمبراطورية سونغاي المجاورة، والتي كانت تسيطر على العديد من الأراضي التي كانت جزءًا من إمبراطورية مالي سابقًا.
• الحروب ضد المماليك: كما شهدت إمبراطورية مالي صراعات ضد القوى الإسلامية في الشمال، مثل الدولة المرابطية، حيث كانت هناك صراعات على التجارة والعقيدة بين الإسلام المحلي والسكان الأصليين.
مآلات الحروب:
• الانهيار التدريجي: في النهاية، بعد سلسلة من الحروب والصراعات الداخلية والخارجية، سقطت إمبراطورية مالي في القرن السادس عشر لصالح إمبراطورية سونغاي، لكن إمبراطورية مالي تركت إرثًا ثقافيًا واقتصاديًا عميقًا في غرب إفريقيا.
• إرث ثقافي وتجاري: تظل مدينة تمبكتو، التي كانت مركزًا للتعلم والتجارة، رمزًا لإمبراطورية مالي حتى اليوم.
2. إمبراطورية كانم-بورنو (القرن 9-19)
إمبراطورية كانم-بورنو كانت واحدة من أقدم وأقوى الممالك في منطقة بحيرة تشاد الواقعة في وسط إفريقيا. استمرت هذه الإمبراطورية لعدة قرون، من القرن التاسع حتى أواخر القرن التاسع عشر، وكان لها تأثير كبير على تاريخ غرب ووسط إفريقيا.
الحروب والصراعات الرئيسية
• حروب التوسع والتوسع الإقليمي:
o في القرون الأولى من تأسيسها، شملت إمبراطورية كانم أراضي واسعة حول بحيرة تشاد وامتدت إلى مناطق غرب أفريقيا الحالية، بما في ذلك أجزاء من النيجر ونيجيريا وتشاد. على مر القرون، كانت الإمبراطورية تخوض حروبًا لتوسيع نفوذها عبر القبائل المجاورة، مثل مملكة سبارو و مملكة دجيبو.
• الحروب ضد الفولاني: مع تقدم القرون، بدأت الفولاني (وهم مجموعة عرقية كانت قد بدأت تزداد قوتها في المنطقة) في فرض تهديدات على الإمبراطورية. في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، خاضت إمبراطورية كانم حربًا ضد الفولاني، الذين كانوا يسعون للسيطرة على الأراضي الزراعية والمراعي الخصبة.
• التهديدات من المماليك المجاورة:
o كانت كانم أيضًا في صراع مع إمبراطورية أوسمان الإمبراطورية العثمانية والسلطنة النوبية على الحدود الجنوبية للبحيرة، حيث كان هناك تبادل تجاري وصراعات على القوة.
• الغزوات والتهديدات من المماليك: في القرن التاسع عشر، تعرضت الإمبراطورية لغزوات من قوى خارجية، بما في ذلك غزو السلطان محمد البوني من شمال إفريقيا، وهو ما أدى إلى نهاية إمبراطورية كانم.
مآلات الحروب:
• سقوط إمبراطورية كانم-بورنو: في النهاية، كانت الحروب المتواصلة ضد الجيوش المستعمرة في القرن التاسع عشر والتفكك الداخلي سببًا في انهيار إمبراطورية كانم-بورنو. وبحلول عام 1893، تم تدمير ما تبقى من الإمبراطورية على يد الفرنسيين والإيطاليين.
• إرث كانم-بورنو: على الرغم من سقوطها، تركت هذه الإمبراطورية إرثًا ثقافيًا في مجال التجارة عبر الصحراء وصناعة الذهب، وأثرت بشكل كبير على الحضارات في المنطقة.
3. حروب زولو في جنوب إفريقيا (القرن 19)
تعد إمبراطورية الزولو واحدة من أقوى الدول التي نشأت في جنوب إفريقيا خلال القرن التاسع عشر تحت حكم الملك شاكازولو، الذي أسس إمبراطورية الزولو الحديثة.
الحروب والصراعات الرئيسية
• توحيد الزولو: في بداية القرن التاسع عشر، كانت القبائل في جنوب إفريقيا متفرقة. ومع وصول الملك شاكازولو إلى السلطة في 1816، بدأ في توحيد قبائل الزولو من خلال سلسلة من الحروب القاسية. قام بتدريب جيش قوي وابتكر تكتيكات جديدة في المعركة، مثل استخدام تكتيك "الهجوم الأمامي" الذي يركز على القوة الهجومية الشرسة.
• حروب الزولو ضد القبائل المجاورة: من خلال سلسلة من الحروب، تمكن شاكازولو من توحيد معظم قبائل الزولو وضم مناطق شاسعة في جنوب إفريقيا، وقام بإخضاع العديد من الممالك الصغيرة مثل مملكة ماندي ومملكة الهومو.
• الحروب ضد البريطانيين:
o كانت حرب الزولو الأولى (1879) هي أبرز حدث في تاريخ الزولو في القرن التاسع عشر. عندما قررت الإمبراطورية البريطانية فرض سيطرتها على المنطقة، نشبت الحرب بين الزولو والبريطانيين. في معركة إيساندلوانا، حقق الزولو انتصارًا كبيرًا ضد القوات البريطانية، مما أثار صدمة كبيرة في بريطانيا.
o حرب الزولو الثانية: بعد انتصار الزولو في إيساندلوانا، تم إرسال قوات بريطانية أكبر وأكثر تجهيزًا لقتال الزولو، ونجحوا في النهاية في هزيمتهم في معركة أودر كريس (1879).
مآلات الحروب:
• الاستعمار البريطاني: على الرغم من الهزيمة العسكرية في النهاية، تمكن الزولو من إبقاء استقلالهم لمدة طويلة. في نهاية المطاف، وقعت زولو تحت السيطرة البريطانية في 1887، وسقطت إمبراطورية الزولو رسميًا بعد سلسلة من الحروب التي انتهت بتدمير قوتهم العسكرية.
• إرث الزولو: ورغم سقوط إمبراطوريتهم، لا يزال الزولو أحد أكثر الشعوب تأثيرًا في تاريخ جنوب إفريقيا. أسسوا دولة ذات هوية ثقافية قوية وأثروا على الثقافة في جنوب إفريقيا.
الختام:
تعكس هذه الحروب في إمبراطوريات غرب إفريقيا مثل مالي و كانم-بورنو وفي جنوب إفريقيا، تاريخًا طويلًا ومعقدًا من الصراع على الأراضي والموارد والسيطرة. وبالرغم من أن هذه الحروب قد تم تهميشها أحيانًا في السجلات التاريخية العالمية، إلا أن تأثيرها على تشكيل الهوية الثقافية والسياسية لشعوب إفريقيا لا يمكن تجاهله.
• يرى كثير من السودانيين ان الحرب الدائرةالان في السودان حربا منسية .علل؟
الحرب الدائرة في السودان: واحدة من أكبر الحروب المنسية في التاريخ الحديث؟
الحرب الأهلية المستمرة في السودان (منذ أبريل 2023) بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) تعد واحدة من الصراعات الكبرى في العصر الحديث، لكنها في الوقت نفسه تُعتبر "منسية" في الوعي العالمي لأسباب عديدة، رغم تأثيرها الكبير على السودان والمنطقة. إليك بعض الأسباب التي تفسر لماذا يُعتبر الكثير من السودانيين هذه الحرب واحدة من أكبر الحروب المنسية في التاريخ الحديث:
1. الافتقار إلى الاهتمام الدولي المستمر
• عدم تغطية إعلامية متواصلة: رغم أن الحرب في السودان قد بدأت بشكل مفاجئ وبأبعاد خطيرة منذ أبريل 2023، إلا أن الإعلام الدولي كان يميل لتغطية الأحداث الكبرى في أماكن أخرى (مثل أوكرانيا أو غزة) بشكل أكبر. حتى مع تصاعد القتال، لم تحظَ الحرب في السودان بالتغطية الإعلامية التي كانت تستحقها، حيث يعتقد الكثير من السودانيين أن الصراع لم يحصل على الاهتمام العالمي الكافي.
• تجاهل الغرب والهيئات الدولية: على الرغم من وجود أطراف دولية لها مصالح في السودان، مثل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، إلا أن العديد من هذه الأطراف لم تتخذ إجراءات فعالة لوقف الحرب أو لتقديم حلول دبلوماسية. بل على العكس، تركز العديد من القوى الكبرى في العالم على قضايا أخرى ذات طابع سياسي أو اقتصادي أكثر أهمية بالنسبة لها، مما جعل السودان يُنسى في كثير من المحافل الدولية.
2. الاستمرار في الصراع بلا حل
• حروب مستمرة دون نهاية واضحة: السودان شهد العديد من الحروب الأهلية منذ استقلاله في عام 1956، حيث مرت البلاد بحروب داخلية مثل الحرب في دارفور والحروب بين الشمال والجنوب (التي أدت إلى انفصال جنوب السودان عام 2011). ورغم الأزمات المستمرة، فإن الحرب الحالية قد تكون الأكثر دموية وتدميرًا منذ بداية القرن الحادي والعشرين.
• الافتقار إلى الحلول السريعة: رغم تدخلات دولية ومحاولات وساطة، مثل المحادثات التي جرت في جدة بين القوات المتنازعة، إلا أن الصراع لا يزال مستمرًا بلا أفق حقيقي للسلام. هذا يعكس الإحباط العالمي من القدرة على حل النزاعات المعقدة في مناطق معينة مثل السودان، خاصة مع تعقيد الأبعاد الإثنية والقبلية والسياسية.
3. سوء الفهم والمعرفة المحدودة حول خلفيات الصراع
• مزيج من القضايا المحلية والإقليمية والدولية: الحرب في السودان ليست مجرد صراع بين جيشين، بل هي انعكاس لتاريخ طويل من التوترات الإثنية، والمظالم التاريخية، والتحولات السياسية التي شهدها السودان في العقود الماضية. وهذه الأسباب لا يتم فهمها دائمًا في السياقات الدولية بشكل عميق. معظم التقارير الإعلامية تقتصر على السطح ولا تسلط الضوء على جذور الصراع الممتدة لعقود من الزمن، مما يؤدي إلى "نسيان" أسباب الحرب الحقيقية.
• التأثيرات الإقليمية المجهولة: الحرب في السودان تؤثر بشكل غير مباشر على الجيران مثل تشاد، جنوب السودان، وإثيوبيا، مما يجعلها صراعًا ذو أبعاد إقليمية. إلا أن هذه الأبعاد غالبًا ما لا تجد الاهتمام الكافي على الصعيد الدولي، مما يزيد من الشعور بأن الحرب "منسية" رغم تأثيرها على استقرار المنطقة.
4. الآثار الإنسانية الكبرى والكارثية
• الدمار الكبير والتشريد: وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، أدت الحرب إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين من المدنيين. النزوح الداخلي والخارجي من السودان بات هائلًا، والعديد من المناطق تضررت بشدة من الحرب. لكن رغم هذه الكوارث الإنسانية، لا يحصل السودان على الدعم الدولي المطلوب في حالات مشابهة لحروب أخرى في أماكن أخرى من العالم.
• الأزمات الإنسانية المستمرة: يعاني السودان من أزمة إنسانية حادة، مع انهيار في البنية التحتية للمرافق الطبية والتعليمية. لكن بسبب الغياب النسبي للتركيز الدولي على هذه الأوضاع، يبدو أن الكثير من العالم يظل غافلًا عن فداحة هذه الأزمات.
5. العوامل السياسية المعقدة
• التحديات السياسية الداخلية: منذ الإطاحة بنظام البشير في 2019، شهد السودان مرحلة انتقالية مليئة بالتحديات، إذ كان هناك انقسام حاد بين القوى العسكرية والمدنية. حتى بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، استمر الصراع السياسي حول السلطة، مما ساهم في تصاعد التوترات بين البرهان وحميدتي. الحرب الحالية هي امتداد لهذا الصراع السياسي الداخلي، لكنه يعكس أيضًا تداعيات الأزمات الهيكلية الطويلة الأمد في البلاد.
• التنافس على السلطة والموارد: على الرغم من التصريحات التي تدعو إلى المفاوضات، فإن كلا من البرهان وحميدتي كانا يسعيان للسيطرة على الثروات الوطنية، مثل النفط والذهب، وهي قضايا غالبًا ما تظل غير مفهومة على المستوى الدولي.
6. السودان في قائمة الحروب المنسية تاريخيًا
• غياب الاهتمام العالمي خلال فترات سابقة: في ظل الحروب الأهلية السابقة (مثل حرب دارفور والحروب بين الشمال والجنوب)، كان السودان يعاني من غياب الاهتمام الدولي لفترات طويلة، خاصة في مرحلة الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب (1983-2005) التي أدت إلى تقسيم البلاد. وفي الكثير من الأحيان، كانت الحروب في السودان تُعتبر "مُملة" أو "ثانوية" في القضايا العالمية الكبرى.
• غموض الأطراف المعنية: يُنظر إلى أطراف الصراع في السودان أحيانًا على أنها غير مفهومة بما فيه الكفاية. البرهان وحميدتي لا يظهران كـ "أبطال" أو "أشرار" واضحين في الروايات الدولية، وبالتالي يتم "نسيان" تعقيد الصراع وعمقه السياسي والإنساني.
الختام
الحرب الدائرة في السودان تُعتبر واحدة من أكبر الحروب المنسية في التاريخ الحديث بسبب عدة عوامل: تهميشها في وسائل الإعلام العالمية، وتجاهل المجتمع الدولي لمعاناة السودانيين، والتعقيدات السياسية والإنسانية العميقة التي لا يتم فهمها بشكل كامل. إذا استمرت الحرب دون تدخل حاسم من المجتمع الدولي، قد تصبح جزءًا من التاريخ الذي يُنظر إليه باعتباره صراعًا مهمًا تم تجاهله. لكن، في المقابل، يشعر السودانيون أنفسهم أن هذه الحرب قد تكون نقطة فاصلة في تاريخ بلادهم، وقد تحدد مصير الأجيال القادمة.
• كيف نجعل هذه الحرب في دائرة الضوء لعل ذلك يطفئ هذه الشرارة اللعينة ؟
لإيقاف الحرب المدمرة في السودان ووضعها في دائرة الضوء، يمكن اتباع مجموعة من الاستراتيجيات المتكاملة التي تشمل التحرك على المستويين المحلي والدولي، مع التركيز على تعزيز الوعي الإعلامي، الدبلوماسي، والإنساني. في الوقت الذي يبدو فيه أن الحرب تتفاقم، فإن هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها التأثير على الوعي العالمي وتحفيز التحركات الجادة لإيقاف الصراع. إليك بعض الأفكار العملية التي يمكن أن تسهم في هذا الجهد:
1. تعزيز التغطية الإعلامية على جميع الأصعدة
• تسليط الضوء على المعاناة الإنسانية: يجب العمل على نشر القصص الإنسانية من داخل السودان، خاصة من المدنيين المتضررين بشكل مباشر من الحرب. الوثائقيات، القصص الشخصية، والصور والفيديوهات التي تُظهر الصراع اليومي للمواطنين يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في جذب الانتباه العالمي. هذا النوع من التغطية يُمكّن الجمهور الدولي من فهم عمق الأزمة.
• إشراك وسائل الإعلام المحلية والعالمية: يحتاج الإعلام العربي والدولي إلى تغطية مستمرة واحترافية للحرب في السودان. يمكن أن تساهم وسائل الإعلام الإقليمية والدولية مثل "الجزيرة" و"بي بي سي" و"الواشنطن بوست" في إبراز ما يحدث في السودان من خلال تقارير وتحقيقات معمقة. يجب على الصحفيين استخدام منصات الوسائط الاجتماعية بالإضافة إلى الصحافة التقليدية لإيصال الرسائل بفعالية.
• الضغط على وسائل الإعلام العالمية الكبرى: الضغط على وكالات الأخبار الكبرى مثل "سي إن إن"، "البي بي سي"، "فرانس 24"، وغيرها من الشبكات الإعلامية لتغطية النزاع بشكل أكبر، يمكن أن يكون له تأثير كبير في زيادة الوعي الدولي. من الضروري أن تكون التغطية مركزة على المجازر الإنسانية، ومعاناة الأطفال والنساء، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
2. استخدام منصات التواصل الاجتماعي لنشر الوعي
• حملات رقمية عالمية: يمكن استخدام منصات مثل تويتر، فيسبوك، وإنستغرام لخلق حملات تهدف إلى جذب انتباه المجتمع الدولي. مثلًا، يمكن استخدام هاشتاغات مثل #SudanWar (حرب_السودان) و #StopTheWarInSudan (أوقفوا_الحرب_في_السودان) لزيادة الوعي وحشد التضامن مع الشعب السوداني.
• إنشاء منصات دعم ومناصرة دولية: من خلال الإنترنت، يمكن للناشطين والمواطنين السودانيين إنشاء منصات مناصرة عالمية لجذب الدعم والمساعدة. يمكن أن تتضمن هذه المنصات معلومات مباشرة عن مجريات الأحداث، بيانات حقوق الإنسان، طرق تقديم المساعدات الإنسانية، وحملات ضغط للمطالبة بتدخل دولي.
• التعاون مع المؤثرين الدوليين: يمكن العمل مع شخصيات عامة ومؤثرين عالميين من مختلف أنحاء العالم (فنانون، رياضيون، ناشطون سياسيون) لزيادة الضغط على المجتمع الدولي. هؤلاء المؤثرون يمكنهم استخدام منصاتهم للترويج لقضية السودان، وتوجيه الأنظار إليها من خلال التغريدات، مقاطع الفيديو، وحتى تنظيم فعاليات تضامنية.
3. الضغط على المجتمع الدولي عبر الحكومات والمنظمات الإنسانية
• المطالبة بتدخل دبلوماسي فعال: الضغط على الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية مثل "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" للمطالبة بوقف فوري للأعمال العدائية. يمكن استخدام التظاهرات والاحتجاجات العالمية في عواصم الدول الكبرى (واشنطن، لندن، باريس) للمطالبة بتطبيق عقوبات على الأطراف المتورطة في الحرب.
• الضغط على الدول الكبرى: يجب توجيه الضغط نحو الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، والصين، لحثها على اتخاذ مواقف أكثر وضوحًا ضد الحرب. من الممكن استخدام الأدوات الدبلوماسية، مثل فرض عقوبات اقتصادية أو حظر السفر، ضد قادة الجيش السوداني وقادة قوات الدعم السريع، بما يحول دون استمرارهم في المضي قدمًا في الحرب.
• زيادة المساعدات الإنسانية ودعوة المجتمع الدولي للتدخل: يمكن أن تلعب المنظمات الإنسانية مثل الصليب الأحمر، اليونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية دورًا كبيرًا في توفير المساعدات الطبية والغذائية للمتضررين. ومع ذلك، يحتاج المجتمع الدولي إلى ضغط أكبر على السودان للسماح بدخول هذه المنظمات الإنسانية بشكل كامل دون أي قيود.
4. مناصرة الحلول السلمية والحوار السياسي
• الدعوة إلى وقف إطلاق النار والمفاوضات: على الرغم من صعوبة الوصول إلى اتفاق بين الأطراف المتصارعة، من الضروري أن يتم الضغط على الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للجلوس إلى طاولة المفاوضات. يمكن أن تتعاون الأطراف الدولية والمحلية مع المنظمات مثل الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية للعمل على عقد محادثات سلام شاملة.
• تعزيز دور الوساطة الإقليمية والدولية: يجب على دول الجوار مثل مصر، إثيوبيا، وتشاد أن تلعب دورًا فاعلًا في الضغط على الأطراف السودانية المتحاربة لتحقيق وقف إطلاق النار، خاصة في ظل التقلبات الإقليمية الكبيرة التي يمكن أن تحدث نتيجة لهذه الحرب. على هذه الدول أن تدعو إلى التفاوض وتقديم دعم إيجابي في سبيل تحقيق الاستقرار.
5. إشراك المجتمع المدني السوداني في الحلول السياسية
• دعم الحركات المناهضة للحرب: يجب دعم الحركات المدنية السودانية التي تعارض الحرب وتطالب بالسلام. من الممكن إنشاء تحالفات مع المنظمات غير الحكومية السودانية، مثل تحالفات الشباب، الحركات النسوية، والمنظمات الحقوقية، لتعزيز الضغط المحلي والدولي في نفس الوقت.
• تعزيز العمل الأهلي في الداخل: تعزيز العمل المدني من خلال منظمات المجتمع المدني السودانية مثل منظمات حقوق الإنسان السودانية والمبادرات الشعبية التي تهدف إلى جمع الأموال والمساعدات للمتضررين من الحرب يمكن أن يكون له دور هام في تأمين الاستقرار الاجتماعي المحلي.
6. التأكيد على موقف مناهض للحرب على الصعيد العالمي
• تنظيم فعاليات دولية لدعم السودان: يمكن تنظيم مؤتمرات، فعاليات ثقافية وفنية، أو عروض تضامنية في مختلف أنحاء العالم بهدف إبراز قضية الحرب السودانية. هذه الفعاليات يمكن أن تكون منصات لعرض الفيلم الوثائقي، إلقاء محاضرات حول تاريخ الصراع السوداني، جمع التبرعات، أو توقيع عرائض تطالب بإنهاء الحرب.
• إطلاق العرائض والضغوط عبر الإنترنت: إطلاق عرائض إلكترونية تطالب بوقف الحرب وبتقديم الدعم الإنساني للشعب السوداني، ويمكن نشر هذه العرائض على منصات مختلفة لتشجيع الناس في العالم على التوقيع، وبالتالي تكثيف الضغط على الحكومات والمنظمات الدولية.
الختام
من خلال تكامل الجهود المحلية والدولية في مجال الإعلام، الضغط السياسي، المساعدات الإنسانية، والمبادرات المجتمعية، يمكن جذب الانتباه الدولي إلى الحرب في السودان وتحفيز تحركات جدية نحو إنهائها. الحرب في السودان هي جرح مفتوح في جسد العالم العربي والأفريقي، ولا بد من أن نضع كل الجهود لإطفاء هذه "الحرب اللعينة" التي تدمّر حياة ملايين الأشخاص، وليس فقط عبر فرض الوقف الفوري للقتال، بل كذلك في العمل على بناء مستقبل مستقر وديمقراطي للسودان.


aahmedgumaa@yahoo.com

   

مقالات مشابهة

  • حرب ١٥ ابريل و الامبريالية (الجديدة) (5 من 6)
  • استمرار نهب الذهب الدموي بعد الحرب
  • مطالب دولية بحماية المدنيين مع تزايد انتهاكات "حرب السودان"
  • بنك السودان المركزي يحدد فئات العملة القديمة التي ما تزال سارية
  • بني جانتس: لقد أضعنا العديد من الفرص لإعادة المحتجزين من غزة
  • بدوي: تحقيق مؤشرات إيجابية مهمة لعودة عجلة الاستثمار في إنتاج البترول والغاز
  • كيف ممكن تنتهي الحرب السودانية ؟؟؟
  • السؤال الأصعب حول وقف الحرب في السودان
  • حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (65)
  • لا يمكن الاستغناء عنهم..نقابات النقل في ألمانيا ترفض التخلي عن السوريين