تبرز في المكتبات الخاصة، ولا سيما المتضخمة منها، مشكلة مهمة تتمثل في أنها لا يكاد يستخدمها سوى أصحابها. ويعود ذلك إلى تباين الاهتمامات بين الأجيال المختلفة، علاوة على خوف ملاكها من إعارة أي من مقتنياتها للآخرين خشية فقدانها. فبينما كابد أصحابها وجمعوا ريالًا فوق ريال حتى يشتروا كتبها كتابًا كتابًا؛ تغير الزمان، وقلّ الاهتمام بالكتب، قياسًا بأمور أخرى؛ كالتلفاز، والأجهزة الذكية، وما تحويه من وسائل تواصل وألعاب وتطبيقات، على الرغم من أنها في الغالب تضيع الأوقات والأعمار في أمور تافهة.
وحتّى حين يحتاج أحد أبناء هذا الجيل إلى قراءة كتاب، فإنه يلجأ إلى الكتب الرقمية، بوصفها وسيلة أسهل، وربما أرخص، حيث يستطيع حفظ آلاف الكتب في جهاز إلكتروني صغير، يحمله معه أينما ذهب. وهكذا انحصرت الاستفادة من هذه المكتبات فيمن اشتراها، وتكدّس الغبار عليها لهذا السبب.
المشكلة أن بعض هذه المكتبات، قد تكتنز بين رفوفها نفائس مهمة من الكتب، وربما مخطوطات، أو كتبًا سافر جامعها مئات، أو آلاف الكيلومترات من أجل شرائها، لكنه وحده يعلم بأهميتها. وبمجرد وفاته، تنتقل هذه الكتب إلى الورثة الذين ربما لا يدركون أهميتها؛ إما لعدم إهتمامهم بها، أو لتغيُّر أمزجة كل جيل عن الجيل الذي سبقه، أو تغيُّر أولوياته.
وهكذا، فإن أمامهم خيارات بعد وفاة جامعها، وهي إما إبقاؤها على ما هي عليه، وهو أمر صعب، وقد لا يدوم؛ من جراء الحيِّز الذي تشغله، وتغيُّر سكن الأبناء والبنات، أو أنهم يتوزعونها فيما بينهم، أو يعرضونها للبيع، وهنا الطامة الكبرى، حين يبيعونها بالعدد، أو ربما بالوزن، وهو ما قد يضيع ثروة كبيرة؛ مالية كانت أو أدبية ومعنوية.
ويمكن التغلب على هذه المعضلة، بأن يضمن صاحب المكتبة لها الخلود قبل وفاته؛ إما بإهدائها (أو قسم منها) إلى صاحب مكتبة أخرى، يتوقع لها أن تعيش أطول من مكتبته، أو أن يوزع قسمًا منها على المهتمين بكل حقل من حقولها، ويمكن أن يبدأ بالكتب التي لا يحتاج إليها، ففي كل مكتبة بالتأكيد كتب لن يحتاج إليها مالكها بقية حياته؛ ربما لأنها لا تتناسب مع توجهاته أو احتياجاته، أو لأنه اشتراها بالخطأ، أو حصل عليها هدية، لكنه لم ولن يقرأها، ومن ثم فأفضل حل لها هو إهداؤها للآخرين، أو مبادلتها بكتب يحتاج إليها، أو حتّى بيع ما لا يحتاجه منها.
وقد أسس بعض المهتمين مؤخرًا، جمعية تُعنى بهذا الأمر باسم (جمعية العناية بالمكتبات الخاصة)، لها عدة أهداف، من بينها المساعدة في سبل التصرف في المكتبات الخاصة بعد وفاة أصحابها، مع مراعاة الوصية إن وجدت. وكذلك المساهمة في تدوير الكتب، وتوزيعها خلال المواسم الثقافية، والمهرجانات في مختلف مناطق المملكة.
كذلك يمكن للمالك تدّوير الكتب بمبادلتها مع آخرين فرديًّا، أو المشاركة في بعض برامج تبادل الكتب، التي من أشهرها في المملكة مثلًا ما تقوم به مكتبة إثراء بالظهران دوريًّا كل عام، حيث يستطيع الشخص مبادلة عشرة كتب، بكتب أخرى أحضرها آخرون للمكتبة.
yousefalhasan@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
من "فن اللامبالاة" إلى "محاط بالمرضى النفسيين".. محمد صلاح ومنشورات الكتب "رسائل غامضة أم شغف بالقراءة"؟
اعتاد الدولي المصري محمد صلاح نجم ليفربول الإنجليزي ومنتخب مصر في السنوات الأخيرة على إثارة الجدل بين متابعيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتوجيه رسائل غامضة لمنتقديه بشكل غير مباشر مستعينًا بأغلفة بعض الكتب العالمية التي يقرأها أو من خلال إبراز بعض الجمل المأثورة من تلك الكتب.
ونشر "صلاح" في الساعات الماضية، عبر حسابه على موقع "انستجرام" صورة لإحدى صفحات كتاب "محاط بالمرضى النفسيين" للكاتب توماس إريكسون، وجاء عنوان الصفحة "من هم المختلون نفسيًا؟ وتتحدث عن تصنيف اتخاذ القرارت، ما بين قرارت تعتمد على المنطق وأخرى تعتمد على العاطفة.
محمد صلاح يثير الجدل باقتباسات الكتبوسبق ونشر صلاح صورة عبر حسابه على موقع "انستجرام"، لغلاف كتاب "فن اللامبالاه" للكاتب الشهير مارك مانسون وذلك عقب مشاركته مع منتخبنا الوطني في كأس العالم 2018 مما أثار جدلًا كبيرًا حول اللاعب في تلك الفترة خاصة بعد الانتقادات التي تعرض لها الفراعنة في هذا الوقت بعد إخفاق المونديال ووداع البطولة دون تحقيق أي انتصار بالبطولة وبعد 3 هزائم قاسية.
وعاد محمد صلاح مجددًا لإثارة الجدل وذلك قبل إنطلاق منافسات كأس أمم إفريقيا الماضية حيث نشر خلال تواجده في معسكر الفراعنة استعدادًا للبطولة، صفحة من كتاب "الخروج عن النص من جديد" للكاتب محمد طه، أبرزت بعض العبارات التي جاء فيها: "كانوا يرغبون في أن تكون تقليديًا، عاديًا، مثلهم، أن لا تسأل ولا تفكر ولا تحس.. كانوا يرغبون في ألا تخاطر وتستسلم لكل ما هو زائف وهش وفارغ"، وتفاعل معها الجمهور بشكل كبير.
صباح الكورة.. محمد صلاح يثير الجدل وفرصة سيف فاروق جعفر ومستقبل زيزو.. مفاوضات الأهلي مع النني ومهاجم سوبر على رادار الزمالك محمد صلاح يثير الجدل.. من هم المختلون نفسيًا؟وفي شهر مايو الماضي وقبل مواجهة منتخبي بوركينا فاسو وغينيا بيساو في تصفيات كأس العالم 2026 عاد نجم ليفربول لإثارة الجدل مجددًا بعدما نشر عبر "استوري" حسابه على "انستجرام" صورة غلاف الكتاب الشهير "محاط بالحمقى" للكاتب توماس إريكسون والذي يتناول الأنماط الأربعة الرئيسية للسلوك البشري.
نشر محمد صلاح أغلفة الكتب وبعض الاقتباسات منها، أثار الجدل والتساؤلات لدى جمهوره ومتابعيه هل هذا مجرد شغف بالقراءة ومحاولات منه لزيادة حصيلته الثقافية وتعريف الجمهور بتل الكتب، أم أنها وسيلة لتوجيه رسائل غامضة لبعض منتقديه وحول مستقبله الكروي مع ناديه ليفربول والمنتخب الوطني؟
محمد صلاح ومنشورات الكتب.. بين الغموض والإلهام الثقافيوتأتي تساؤلات الجمهور حول ما يقصده محمد صلاح من هذه المنشورات المثيرة، بسبب عدم تعليق اللاعب نفسه على هذه المنشورات وما يقصده منها ولكنه يكتفي فقط بنشرها عبر حسابه على موقع انستجرام من حين إلى آخر تاركًا تفسير الأمر لكل شخص على هواه، بينما يواصل هو مشواره الكروي الناجح رفقة ليفربول في رحلته الاحترافية الحافلة بالانجازات والبطولات والأرقام القياسية.