يمانيون – متابعات
في مقابل المجزرة الوحشية التي ارتكبها العدو الصهيوني، الاثنين، والتي ارتفعت حصيلة ضحاياها إلى أكثر من 2300 شهيد وجريح، واصل حزب الله الإمساك بزمام المواجهة العسكرية وفرض التحولات الميدانية التي تكرس معادلتي الإسناد والردع على حد سواء.

حيث حافظ على توسيع نطاق الهجمات على العمق الصهيوني وزيادة شدتها، مع إدخال أهداف حساسة في دائرة النيران التي لم يعد العدو يثق في بقائها حتى ضمن النطاق الجديد وهو ما دفعه إلى إعلان حالة طوارئ خاصة عكست ارتباكه وإدراكه لحقيقه عجزه عن إجبار المقاومة الإسلامية على وقف هجماتها أو حتى الالتزام بالخطوط الحمراء التي أراد أن يفرضها.

وإلى جانب قاعدة “رامات ديفيد” العسكرية الاستراتيجية، ومجمعات شركة “رافائيل” في حيفا وما حولها، أضاف حزب الله إلى قائمة أهدافه الجديدة في العمق الصهيوني، مطار مجيدو العسكري، ومصنع المواد المتفجرة الواقع على بعد 60 كيلو متر من الحدود، وقاعدة عاموس (القاعدة ‏الرئيسية للنقل والدعم اللوجستي للمنطقة الشمالية)، ومخازن المنطقة الشمالية في قاعدة نيمرا قرب بحيرة طبريا، ومعسكر إلياكيم جنوب حيفا، بالإضافة إلى تكثيف النيران على صفد ومستوطنات أخرى في الشمال، وإرسال رشقات صاروخية متكررة نحو مركز مدينة حيفا المحتلة.

هذه التشكيلة من الأهداف عكست وجود بنك منتقى بعناية ومعد مسبقاً لدى المقاومة الإسلامية وجهوزية عالية لتوسيع نطاق النيران بما يخدم المتطلبات الاستراتيجية والعملياتية لمعادلتي إسناد غزة والدفاع عن لبنان في وقت واحد، فاستهداف القواعد العسكرية والمصانع الحساسة في العمق (أكثر من مرة) هو مسار ميداني بالغ الأهمية لإخراج هذه المراكز عن الخدمة، وبالتالي توسيع نطاق الوضع السيء الذي يعيشه العدو منذ عام في المستوطنات القريبة من الحدود، ونقله إلى العمق، وهي صورة يكملها إرسال الرشقات الصاروخية المتكررة على مستوطنات ومدن هذا العمق، والتي لن يمر وقت طويل قبل أن يدرك مستوطنوها أنها غير آمنة خصوصاً إذا استمر التصعيد.

وقد ظهر هذا بسرعة في مدينة صفد المحتلة التي أفادت وسائل إعلام العدو، الثلاثاء، بأنها “أصبحت فارغة بعدما تحولت إلى هدف كبير لحزب الله وكل الأعمال تنهار فيها”.

ويعني ذلك أن هدف إعادة المستوطنين إلى الشمال، والذي يسعى نتنياهو لتحقيقه من خلال التصعيد الإجرامي ضد لبنان، ليس فقد غير قابل للتحقق، بل يبدو أنه قد ارتد عكسياً وبشكل فاضح على المستوطنين الذين لم يكن الخطر قد وصلهم قبل التصعيد، وهي نتيجة يحاول العدو أن يتجاهلها من خلال محاولة تركيز الدعاية على تهجير سكان جنوب لبنان باعتبار ذلك وضعاً مكافئاً لما صنعه حزب الله في شمال فلسطين المحتلة، لكن الحقيقة هي أنه حتى هذا التهجير الإجرامي لا يزال خارج نطاق الهدف الاستراتيجي المعلن المتمثل بإعادة المستوطنين، بل أنه يجعل هذا الهدف أبعد مما كان عليه، فالغارات الهستيرية على جنوب لبنان لم تدفع حزب الله إلى وقف عملياته لكي يعود المستوطنون بل العكس تماماً، وهو مأزق لن يستطيع نتنياهو الخروج منه باستراتيجية التصعيد التدريجي؛ لأن حزب الله برهن وبشكل سريع قدرته على رفع درجة التصعيد المقابل بشكل فوري.

وبالتالي فإن كل الخطوات الإجرامية العدوانية التي يتخذها، أو سيتخذها العدو ضد لبنان، لن تكون لها أية قيمة استراتيجية حقيقية طالما أنها بعيدة عن الهدف الرئيسي المعلن وهو وقف هجمات المقاومة وإعادة المستوطنين، الأمر الذي يعيد التذكير بالأهداف المستحيلة التي وضعها العدو لنفسه في غزة، والتي لا زال منذ عام عاجزاً بشكل كامل حتى عن الاقتراب منها برغم التدمير الشامل والإبادة الجماعية الوحشية التي عول عليها من أجل ابتزاز المقاومة.

عمليات حزب الله التي لا زالت قائمة أهدافها مفتوحة وتضم المزيد من المواقع والمناطق الحساسة بشكل مستمر تشهد أيضاً حضوراً متجدداً للصواريخ الجديدة التي دخلت الخدمة في هذه المعركة مؤخراً (فادي1) و(فادي2) وهو ما يعكس تماسك القدرة الصاروخية للمقاومة الإسلامية وثبات أرضيتها التكتيكية في استخدام الأدوات المناسبة لكل مرحلة عملياتية بالشكل الذي يحقق الأهداف الاستراتيجية (الردع والإسناد) بما يكفي من الإمكانات، مع الاحتفاظ بالترسانة المتطورة والكبيرة كما هي، وهو ما يمثل صفعة للعدو الذي زعم أنه قد دمر 50% من منصات حزب الله الصاروخية بغارات يوم الاثنين.

إن الفرق بين الاندفاع العشوائي المتخبط للعدو وما يرافقه من حملات دعائية مكثفة، وبين رد الفعل المتماسك والمرن من قبل المقاومة الإسلامية في لبنان، يشير بوضوح إلى طبيعة الاستراتيجيات المعتمدة على الجانبين، فبينما يسعى العدو لصناعة إنجاز سريع وخاطف واستعراضي بوحشية، تعتمد المقاومة تكتيك الحساب المفتوح، والنفس الطويل وتتقدم بخطوات ثابتة ومدروسة ومعدة مسبقاً يزحف فيها الخطر على العدو تدريجياً وبشكل منظم نحو العمق، بما يضمن نتائج ثابتة وطويلة المدى، وهو تكتيك ناجح يمثل مأزقاً بالنسبة لنتيناهو الذي يعرف أن طول أمد التصعيد مع حزب الله ليس في مصلحته، فمهما كان حجم الجرائم التي يستطيع ارتكابها في لبنان، فإن ما تستطيع المقاومة الإسلامية فعله داخل العمق الصهيوني ستكون كلفته عالية جداً خصوصاً في ظل وجود جبهات إسناد أخرى تواكب التصعيد، ومعركة مفتوحة في غزة.

لقد برهنت معركة “طوفان الأقصى” خلال عام مضى، أن “عدم التكافؤ” في المواجهة لم يعد ميزة للطرف الذي يملك الدعم الأكبر والأسلحة الأكثر فتكاً والنفوذ المفتوح، بل أصبحت المعارك غير المتكافئة مأزقاً لمثل هذه القوى عندما يملك الطرف الآخر التصميم والقدرات الملائمة لأهدافه والنفس الطويل، وحزب الله يمتلك ما هو أكثر من ذلك، فلديه خبرة الانتصار على الكيان الصهيوني، ولديه الاستعداد المسبق منذ عقود للمواجهة، والسقف المفتوح للتضحية التي لا يستطيع العدو تحمل مثلها من أجل تحقيق الأهداف المنشودة.

وبعد أيام من بدء التصعيد ضد لبنان والذي حرص العدو أن يحيطه بهالة دعائية واسعة تتمحور حول “التفوق” العسكري والاستخباراتي، فإن الكفة لم تمل، ولو حتى قليلاً لصالحه على مستوى الأهداف الاستراتيجية، فلا يزال حزب الله يحقق أهدافه المعلنة المتمثلة في تخفيف الضغط عن غزة، وأيضاً في إسقاط “الردع” الإسرائيلي وتثبيت مبدأ التصعيد بالتصعيد.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المقاومة الإسلامیة العمق الصهیونی حزب الله

إقرأ أيضاً:

حزب الله يشيع إبراهيم عقيل ويعلن معركة الحساب المفتوح

شيع حزب الله اللبناني -اليوم الأحد- قائد قوة الرضوان إبراهيم عقيل الذي اغتيل مع آخرين في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت، وأعلن عن مرحلة جديدة في المعركة مع إسرائيل.

وجرت مراسم تشييع عقيل وأحد المقاتلين في الضاحية الجنوبية بمشاركة نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله.

كما شارك في المراسم حشد كبير من عناصر ومؤيدي الحزب.

وقتل عقيل والقيادي الآخر في قوة الرضوان أحمد وهبي جراء غارة إسرائيلية استهدفت اجتماعا لعدد من قادة القوة في الطابق الثاني تحت الأرض في مبنى بالضاحية.

وارتفع عدد قتلى الغارة إلى 45، بينهم 10 مدنيين على الأقل، وفق حصيلة جديدة نشرتها وزارة الصحة اللبنانية.

تشييع جنازتي القيادي في حزب الله إبراهيم عقيل وأحد عناصر الحزب الآخرين في الضاحية الجنوبية في بيروت.. مدير مكتب #الجزيرة مازن إبراهيم يُفيدنا بالتفاصيل#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/o2quw7qqAk

— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 22, 2024

مرحلة جديدة

وخلال تشييع القيادي إبراهيم عقيل، أعلن نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله أن الحزب دخل مرحلة جديدة عنوانها "معركة الحساب المفتوح".

وقال قاسم إن حزب الله لن يحدد كيفية الرد على العدوان الإسرائيلي، ولن توقفه التهديدات، كما أنه مستعد لمواجهة كل التحديات العسكرية، حسب تعبيره.

وأشار إلى أن إبراهيم عقيل كان قائدا للعمليات وأسس قوة الرضوان، معتبرا أن إسرائيل أرادت باستهداف قيادة الرضوان شل المقاومة وتحريض حاضنتها عليها وإيقاف جبهة المساندة لغزة.

وقال قاسم إن المقاومة منعت إسرائيل من تحقيق غرضها من استهداف قيادة الرضوان، مضيفا أن "إسرائيل ارتكبت 3 جرائم حرب مؤلمة بالنسبة لنا، وهي تمثل أعلى درجات التوحش".

وكان يشير بذلك إلى الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، خاصة منها استهداف قادة قوة الرضوان وتفجير أجهزة الاتصال لعناصر الحزب، مما أسفر عن مقتل العشرات منهم وإصابة آلاف آخرين.

وأكد نائب الأمين العام لحزب الله أن إسرائيل لم تستهدف المقاتلين فقط، بل استهدفت المدنيين والأطفال والمسعفين والمنازل، مشددا على أن جبهة الإسناد اللبنانية مستمرة مهما طال الزمن إلى أن تتوقف الحرب على غزة.

وتأتي تصريحات القيادي في حزب الله بعد أن وجه الحزب الليلة الماضية ضربات صاروخية هي الأعمق داخل إسرائيل منذ بدء المواجهات بين الطرفين قبل نحو عام.

مقالات مشابهة

  • حزب الله يُدشن معركة “الحساب المفتوح” مع “إسرائيل”
  • “الهدهد” يرصد والمقاومة تمطر المستوطنات.. حزب الله يدشن معركةَ “الحساب المفتوح”
  • الشيخ قاسم في تشييع الشهيدين إبراهيم عقيل ومحمود حمد: دخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح
  • حزب الله يشيع إبراهيم عقيل ويعلن معركة الحساب المفتوح
  • نعيم قاسم نائب حسن نصر الله: المواجهة مع إسرائيل دخلت "معركة الحساب المفتوح"
  • نائب زعيم "حزب الله": المواجهة مع إسرائيل دخلت "معركة الحساب المفتوح"
  • حزب الله: المواجهة مع إسرائيل دخلت معركة الحساب المفتوح
  • حزب الله يبدأ معركة "الحساب المفتوح" مع إسرائيل
  • نعيم قاسم خلال تشييع عقيل: دخلنا مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح ولن نحدد كيفية الرد