تفاعل اليمنيون مع العيد الثاني والستين لثورة 26 سبتمبر بشكل غير مسبوق، والتي تصادف بعد غد الخميس، موضحين بأنها تعد واحدة من أبرز الثورات في التاريخ العربي المعاصر، حيث شكلت نقطة تحول مهمة في مسار الشعب اليمني نحو الحرية والاستقلال.

واعتبر مراقبون، في أحاديث متفرقة مع وكالة خبر، بأن 26 سبتمبر هي رمز للانتصار والنضال والتحرر ونقطة تحول مهمة في تاريخ اليمن باعتبارها واحدة من أعظم الثورات في تاريخ اليمن.

وقالوا إنها غيرت مسار البلاد وأعادت للشعب اليمني حقه في الحرية والعدالة، مشددين على أن الاحتفال بهذه الثورة ليس مجرد مناسبة سنوية، بل هو تجديد للعهد بالبقاء أوفياء للتضحيات التي قدمها الأبطال والشهداء.

وجددوا مواصلة العمل من أجل بناء يمن مزدهر ومستقل، منوهين إلى أن هذه الثورة المجيدة، هي فرصة لاستلهام روح النضال والشجاعة التي أظهرتها أجيال اليمن، ومواصلة السعي نحو مستقبل أفضل للأبناء والأحفاد.

ويحتفل اليمنيون بعيد سبتمبر هذا العام في زخم غير مسبوق لادراكهم بأنها ثورة استثنائية نقلت الشعب اليمني في شمال اليمن إلى قلب القرن العشرين بعد عقود من الظلم والظلمات في ظل "الحكم الإمامي الكهنوتي البغيض" بحسب توصيف ثوار سبتمبر، وهو توصيف دقيق ومحكم.

وقال المراقبون، إن الاحتفاء بالعيد الوطني 26 سبتمبر كسب زخما شعبيا غير مسبوق خصوصا بالتزامن مع سلوك الحوثيين خلال هذا الشهر، منذ الأسابيع الأولى، موضحين بأنه لو لم يظهروا توترهم حيال عيد الثورة اليمنية 26 سبتمبر لكانت الأمور ستمر بهدوء.

وأشاروا إلى أن الاعتقالات المستمرة منذ أسبوعين، والتي طالت بعض من احتفلوا بالمناسبة قبل عام في صنعاء وإب خصوصا في مديرية السدة في محافظة إب التي خرج منها واحد من أنجب الشباب هو علي عبدالمغني الذي يعد بطل الثورة وشهيدها الأبرز في أيامها الأولى، قد تأتي بنتائج عكسية لما تهدف إليه مليشيا الحوثي؛ لأنها ستعمق العزلة التي تعيشها وتؤكد عداوتها للأغلبية الساحقة من الشعب اليمني.

يشار إلى أن حالة من الهستيريا والرعب عاشتها مليشيا الحوثي، وسط اعتقالات وتهديد ووعيد، واستنفار غير مسبوق لأجهزتها الأمنية والعسكرية وقياداتها وناشطيها وقنواتها الإعلامية لمواجهة الاحتفال بثورة 26 سبتمبر العظيمة.

‏ورأى المراقبون بأن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر هي إرث الأجداد وعزم الشباب، وهي أعظم ⁧‎يوم حيث لم يصنع اليمنيون فجرا أبهى من فجر سبتمبر المجيد، مؤكدين بأنها أنهت أزمنة العبودية والاستغلال التي عاشها الوطن في ظل أسرة إمامية سلالية حاولت وفشلت إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.

ويدرك اليمنيون بأن ثورة 26 سبتمبر هي ثورة كبرى لما أحدثته من تحول جذري في حياة اليمنيين، وبأنها مثلت أهم محطة لتحقيق تطلعاتهم كما حققت لهم كرامتهم، وأنها الثورة الوحيدة التي لا تبلى، ولا يصيبها التقادم فكلما مرت السنوات، زادت ألقا وتجددًا في نفوس اليمنيين.

وتزينت شوارع معظم المدن اليمنية والمنازل بأعلام الجمهورية اليمنية احتفاءً وابتهاجاً بالعيد الوطني الثاني والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة.

وشوهدت الأعلام وهي ترفرف فوق المحلات التجارية والسيارات والمنازل في العديد من المحافظات والمدن، إيذانا ببدء مراسيم الاحتفال بايقاد الشعلة السبتمبرية لهذه الثورة التي نسجت من خيوطها أشعة الحرية ونفضت عن كاهلها عقودا من الاستبداد والظلم في ظل حكم إمامي بائد.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: ثورة 26 سبتمبر غیر مسبوق

إقرأ أيضاً:

السلام طريق إنقاذ الوطن وبنائه على أسس جديدة

 

السلام طريق إنقاذ الوطن وبنائه على أسس جديدة

عمر الدقير

لم يكن شعار ثورة ديسمبر الأثير: “حرية، سلام وعدالة”، مجرد هتاف تصدح به الحناجر في الشوارع، بل كان تعبيراً عن شروط الوجود الكريم – منذ أول احتكار للقوة وحتى آخر احتقار للإنسان الأعزل – مثلما كان إعلاناً لقطيعة مع ثلاثة عقود من ثنائية الاستبداد والفساد، وتبشيراً بتأسيس وطنٍ جديد معافى من خيبات الماضي.

إن بلداً يمتاز بهذا القدر من التنوع والتعدد، ويحمل إرثاً من الأزمات – التي تفاقمت بفعل سياسات النظام البائد – كان من الطبيعي أن تتعرض فيه مسيرة الانتقال بعد انتصار الثورة لصعوبات وعثرات، خاصة وأن النظام القديم لم يغادر المشهد بعد سقوط سلطته السياسية، بل ظل منذ اليوم الأول للانتقال يمارس عملية الشد العكسي لعرقلة التغيير.

ومع ذلك، لا بد من الاعتراف بأن قوى الثورة نفسها لم تكن بمنأى عن الأخطاء، إذ تفرقت صفوفها وابتعدت عن خندقها الموحد على خلفية قضايا صغيرة تتقاصر عن غايات الثورة السامية. هذا التذرُّر أفسح المجال أمام قوى الشد العكسي لتنظيم صفوفها واستدعاء ممكناتها في المجالات كافة، حتى تمكنت من استهداف مسيرة الثورة بشكلٍ مباشر في مرتين: الأولى بانقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ والذي أجهضته جماهير الثورة عبر مقاومة باسلة وتضحيات جسام، والثانية باشعال فتيل الحرب في ١٥ أبريل ٢٠٢٣

لقد كان الهدف الأساسي لقوى الشد العكسي، ولا يزال، هو القضاء على ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظامهم ورفعت راية الحلم بحياة كريمة. لكن غاب عنهم أن أحلام الشعوب في الحرية والكرامة لا تموت مهما أمعنوا في إطلاق النار عليها .. ومهما تمادوا في التآمر عليها فإن غايات ثورة ديسمبر تظل عصية على النسيان والتخلي، ويظل الزحف نحوها مستمراً مهما بلغت التحديات.

تخطّت الحرب شهرها العشرين، ونجحت في تحويل السودان إلى أكبر حالة كارثة إنسانية يشهدها العالم اليوم. حصدت أرواح الآلاف، وشرّدت الملايين من ديارهم، وجعلت الحصول على الغذاء، والدواء، والتعليم، وكافة الخدمات الأساسية أمراً بالغ الصعوبة لغالبية السودانيين. وفي ظل هذه المآسي، أصبحت أمنية السودانيين الأولى وهاجسهم الدائم هو إيقاف الحرب لإنهاء معاناتهم المستمرة.

وغنيٌّ عن القول أن إيقاف الحرب في السودان يستلزم وجود تيار سياسي واجتماعي واسع يعبر عن إرادة السودانيين الغالبة، ويعمل  برؤية مشتركة وجهود موحدة لإسكات البنادق والإمساك الجماعي بخشبة الخلاص لعبور مستنقع الأزمة.

تشكيل هذا التيار هو مسؤولية الجميع – وعلى القوى السياسية والمدنية بشكل خاص أن تتحمل نصيبها من المسؤولية التاريخية – وشروط تحقيقه ليست مستحيلة، بل تتطلب وعياً نزيهاً ومشحوناً بالاستقامة، وترفعاً عن الحسابات الضيقة، مع تقديم الأولويات الجوهرية على القضايا الثانوية، والتنازلات المتبادلة خدمةً للهدف المنشود.

السلام لم يعد خياراً يقبل التأجيل، بل ضرورة وطنية ووجودية لمواجهة الكارثة الإنسانية وإبعاد شبح التقسيم عن فضاء الوطن، لكن تحقيق السلام لن يتم بالأماني ولا بالتصريحات المتواترة بينما الفعل ممنوع من الصرف، ولن يأتي من خارج الحدود، بل يتطلب توحيد الإرادة الوطنية من خلال اجتماع القوى السياسية والمدنية على مبدأ الحل السياسي السلمي، وبلورة مبادرة وطنية بمبادئ عامة ورؤية مشتركة تتصدى بها لدعوات استمرار الحرب وخطاب الكراهية الذي يذكي نارها، وتفتح بها حواراً مع قيادتي الطرفين المتحاربين لبحث القضايا ذات الصلة المباشرة بالحرب وفي مقدمتها إنهاء حالة تعدد الجيوش لصالح الجيش القومي المهني الواحد والعدالة وعموم ترتيبات ما بعد الحرب بقيادة سلطة انتقالية مدنية متوافق عليها، بما يُمكِّن من الوصول إلى اتفاق إيقاف العدائيات لمعالجة الكارثة الإنسانية وتهيئة المناخ لعملية سياسية تناقش جذور الأزمة وتطرح حلولاً توافقية تحافظ على وحدة السودان وسلمه الأهلي وتفضي لتأسيس دولة مدنية ديمقراطية.

في ظاهر الأمر، يبدو التاريخ كأنه سردية طويلة لمعاناة الإنسان وآلامه، لكن الحقيقة الكبرى أن الإنسان كان على الدوام ينتصر بفضل إرادته التواقة للحرية والسلام والعدالة .. وإذ يشهد التاريخ أن المعاناة، مقرونة بإرادة الحياة والوعي بشروطها الكريمة، تفرز مضادات الاستبداد وتستنهض مقاومته، فإنها كذلك تفرز المناعة اللازمة لمواجهة جرثومة الحرب الخبيثة واجتثاثها. ولولا هذه الجدلية التي تربط بين المعاناة والوعي والمقاومة، لظل التاريخ يسير على مجرىً راعِف ولأفضى إلى استدامة الاستبداد والدمار.

لن نكفّ عن التأكيد على أن الواجب الوطني يُحتم على القوى السياسية والمدنية الارتقاء إلى مستوى التحديات المصيرية التي تهدد الوطن. إن المرحلة تستوجب تجاوز الخلافات البينية وتقديم المصلحة العامة على الحسابات الذاتية، ورفع راية الانحياز للوطن ومطلب شعبه المُلحّ بإيقاف الحرب فوراً .. ولنتذكّر دائماً أن كلمة السرّ في انتصار ثورة ديسمبر، وما سبقها من المآثر الوطنية الكبرى في تاريخنا، كانت تكمن في وحدة الهدف والإرادة.

التحية لذكرى ثورة ديسمبر المجيدة، الرحمة لشهدائها، والسلام والمحبة لشعبنا العظيم.

 

الوسومالسودان ثورة ديسمبر حرب 15 أبريل

مقالات مشابهة

  • هل كانت ثورة ام وهم الواهمين
  • استفتاء 19 ديسمبر .. جذوة الثورة ما تزال حية
  • ثورة يحبّها الأعداء… إلى حين!
  • استفتاء 19 ديسمبر ..جذوة الثورة ما تزال حية 
  • إعلام عبري: اليمنيون هم الجهة التي تجد إسرائيل صعوبة في ردعها
  • أيرلندا تواجه تحديات الثورة الرقمية: استهلاك غير مسبوق للطاقة
  • السلام طريق إنقاذ الوطن وبنائه على أسس جديدة
  • رد فوري وغير مسبوق.. صنعاء تهاجم تل ابيب بصواريخ فرط صوتية في ذات اللحظة التي كانت طائرات اسرائيلية تهاجم اليمن وتحدث دمار هائل
  • ماذا حدث لثورتنا: أسأل عن الطبقة في قيادتها
  • هل كانت ديسمبر نصف ثورة؟