مكي المغربي: “حرب الديمال” ونقاش جاد في سياق عبثي!
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
كان الحضور سبعة فقط من مدمني تطبيق زووم، وكان اللقاء كسولا حتى لاح لي أسمه في الحضور وتذكرت أسئلته المفخخة ومنطقه الجدلي في المقهى جوار مقر “تحالف الملحدين” قريبا من جادة كنيتيكيت.
فيليكس، أحد أسئلته في الخاص لم أجب عليها (بعد أن تقطعوا الأيادي أين تذهبون بها؟!)، أراد أن يستخف بمقال كتبته عن الإسلام والتحدي الحضاري في منبر هيستوريم الأمريكي، لم يكن قصد صديقي فيليكس مكان الأيادي المقطوعة إنما حشر مقالي برمته في جزئية نقدية.
ابتسمت وقلت له سأسأل قاضي أو سارق وأعود لك بالإجابة الأكيدة، ولكن لدي موضوع مشابه ربما يقودنا للوصول للإجابة، قلت له رقم الرجال المتحولين إلى نساء في أمريكا بالعمليات الجراحية للأعضاء التناسلية قرابة خمسمائة في العام، أين تذهبون بالخمسمائة (عضو ذكري) كل سنة؟ ضحك كثيرا، وقال ممازحا، لا أدري ولكن إذا فعلتها ربما .. ربما .. لا أدري .. لقد نلت مني!
كان عدد من الأصدقاء كاميراتهم مغلقة في التطبيق، ويكتفون بالتثاؤب والمتابعة الصوتية، بعضهم فتحها وتحفز للدخول في النقاش، ستيفن من يوغندا أزاح “الجعة” وظهر، والروسية كارلا المقيمة في جنوبي نيجريا، ظهرت بغير مكياج، وتبدد النعاس من القروب الصغير تماما.
قلت له، أنا أدرك أن هنالك محفوظات ومرددات حول الشريعة والمسلمين، وقد كانت مثيرة للإهتمام، ولكن بعد السقوط الأخلاقي والعلمي والتشريعي والإنساني للغرب، لم تعد لكل هذه المحفوظات العلمانية أي قيمة.
الآن، الغرب تجاوز حتى موضوع التحول الجنسي وبتر العضو الذكري إلى حالة من الجنون الاجتماعي وتشكيك الأطفال في جنسهم بالتحقيق بعد عمر الثالثة عشر. وبالمناسبة هم -في العملية الجراحية- لا يرمون كل العضو بل يأخذون منه خلايا الاحتكاك والانتصاب ويتم تحويلها إلى بظر صناعي، وأحداث فتحات كاذبة وإخراج الخصيتين وتحويل أكياسهم إلى شفرين .. ستيفن يضحك في صخب. وكارلا .. توقف توقف .. هذا مقرف.
فعلا مقرف .. لا أدري من هو هذا الممسوس الذي يترك الأنثى الطبيعية ويتعامل هذه الدمامل الذكورية المشوهة المجنونة؟ يفعلون هذا بحجة حقوق الإنسان، أي حقوق وأي إنسان مع هذه (الجلافيط)، وبعد هذا يريدون اجلاسنا أمامهم وأمام تابعيهم تلاميذ، ويصنعون لنا دساتير وقوانين ويشكلون لنا حكومات!
الآن يوجد موضوع أشد خبالا .. هنالك (التحول الإعاقي) فيأتي الشخص السليم المعافى للطبيب ويطلب منه قطع يده أوقدمه، لأنه يشعر في دواخله أنه معاق ولكنه مسجون في جسد شخص سليم، أو يقول أنه أعمى مسجون في عيون مبصرة، وفعلا قررت جويل شابينغ من نورث كاليفورنيا إزالة بصرها، وأعانها المختص النفسي بسكب نقاط من منظف الصرف الصحي على عينيها، وهو يتكون من أحماض السلفيك وهيدروكسيد الصوديوم، يعني (موية نار) لإذابة قذر المجاري، وهي الآن سعيدة وصارت أيقونة للحريات الشخصية ورمزا لفئة جديدة من البشر وهم Trans-abled ويمكنكم البحث عنها باسم Jewel Shuping والتعرف على قصتها.
أول حالة (تحول إعاقي) كانت في مستشفى شمال شرقي غلاسغو في المملكة المتحدة حيث قرر الطبيب أن اثنين من المرضي لديهم (إضراب هوية سلامة الجسد)، وأن رغبتهم في قطع أطرافهم أكيدة وأن الأفضل أن يقطعها لهم حتى لا يفعلوا ذلك بطريقة تعرض حياتهم للخطر، فقطع لهم أرجلهم اليسرى.
لا أدري! هؤلاء الأطباء، هل أقسموا قسم أبقراط أم قسم هولاكو؟! أم هم يشبهون أطباء اللجنة المزيفة الذين تحالفوا مع المليشيا الإجرامية وتستروا على جرائمها من أجل رفض عودة “الإسلاميين”؟
جائني التنبيه على نهاية زمني في النقاش، توقفت ليعود الحديث مجددا عما يحدث في النيجر وإقليم الساحل الأفريقي وما يعرف بحزام الانقلابات Coup Belt
بالمناسبة لو بحثتم في ويكيبيديا هذا المصطلح لوجدتم في مراجع التعريف قد وضعوا مقالي في “ذا براون لاند” في الترتيب الأول وذلك حسب التسلسل الزمني في إشهار المصطلح وبعدها ظهر في الميديا بكثافة.
المصطلح الذي أشرت إليه هذه المرة في بداية النقاش ونشرته في تغريدة، أن هذه الحرب في أفريقيا حاليا يجب أن تسمى (حرب دي – مال) أو De-Mal War
وجهة نظري أن حروب اقليم الساحل الافريقي هي “صراع روسي-غربي” بامتياز، ربما يظهر أنه روسي فرنسي ولكن في مسرح السودان مثلا تأخرت فرنسا قليلا وتقدمت أمريكا (ليس لصالح الدعم السريع ولكن لصالح التوازن بين حلفائها في المنطقة) أي بغرض إدارة الصراع الأماراتي المصري بما يعزز نفوذها وليس الطرفين، بل ربما إضعافهم ببعض، لأن مصالح أمريكا الاقتصادية مع الخليج، والأمنية مع مصر، ولذلك هي مع وضد الطرفين في ذات الوقت وهي (سياسة الإحتواء المزدوج).
السودان -بكل أسف- قرر أن يتعامل مع أمريكا عبر الوسطاء وليس مستقلا، وتلك قصة أخرى كتبت فيها كثيرا، ولكن الحكومة السودانية الحالية وسابقتها لا تختلفان من الذي يولد صحيحا مبصرا ويطلب البتر والعمى، أمامهم أبواب العالم الكبرى مفتوحة للتعامل المباشر ولكنهم يتلصصون خلف العواصم، في حالة من (إضراب هوية سيادة البلد).
عودة للمصطلح الجديد، ما تريده روسيا لأفريقيا تجريف الديموقراطية وتأسيس إقتصاديات عسكرية حليفة وهي عملية De-democratization
الغرب من جهته لديه ديموقراطية رديئة للغاية، ليست للشعب إنما لأقلية من العملاء والناشطين المغرورين وهم لا يقدمون شيئا في التنمية، مهمتهم فقط هي أبعاد روسيا والصين والهند وأي شريك إقتصادي كبير، ودفع البلاد في اتجاه تحرري اجتماعي يصيب المجتمع بالوهن والشذوذ ولذلك هي عملية دمقرطة سيئة Mal-Democratization
وبجمع البادئتين من المصطلحين، أحدهما موجود والآخر تصرفت فيه، نخلص إلى De-Mal
“حرب الديمال” هي حرب بين أنصار الإستبداد الوطني الداخلي وعملاء الإستبداد والاحتلال الأجنبي، ولن تسفر عن ديموقراطية ولا حرية في أفريقيا.
السودان بمقدوره أن يقدم نموذجا مختلفا، ولكن علي قيادته أن تخرج من عيادة غلاسغو أولا.
مكي المغربي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
بنك السودان المركزى يستيقظ ولكن بعد …
بنك السودان المركزى يستيقظ ولكن بعد…
************************************
بروفسور احمد مجذوب احمد على
10 نوفمبر 2024
*******^*******^*^^^*******^****
طالعنا السيد محافظ بنك السودان ببيان عن الغاء فئات عملات من التداول بسبب مخاطر تتهدد الوضع النقدى فى البلاد، وقد لجأ البنك المركزى لذلك لأن نهبا قد اصاب المؤسسات وتزويرا قد اعترى عملتنا الوطنية بعد مضي 18 شهرا من حدوث الكارثة الاقتصادية المالية والنقدية.
نحن نكتب هنا عن البنك المركزى المؤسسة التى تمثل ضلعا اساسياً فى النشاط الاقتصادي المالي والنقدي والمصرفي.
أين كانت طيلة هذه الفترة السابقة التى امتلأت بالمقالات والتنبيهات للمخاطر المحدقة بالاقتصاد من جراء عمليات النهب والسلب والتدمير للبنى التحتية الاقتصادية التى قام بها المتمردون، فطالت ذات البنك المركزي رئاسته وفروعه وكافة الأجهزة المصرفية، منذ اللحظات الأولى للتمرد، ما حدث لم يكن سرا مكنونا، وإنما حدث وثقته فيديوهات التمرد قبل أن توثقه كمرات الشرفاء من أبناء هذا الوطن الغالي.
وقد كتبت – وكتب غيري – منذ الأيام الأولى منبهين لأهمية المعالجة الاقتصادية واتخاذ التدابير اللازمة للإصلاح اولا بأول وتقليل الآثار السالبة وتجنب الأضرار.
ففى 3 يونيو 2023 كتبت “أن الملف الاقتصادي لا ينفصل عن الملفات الأخرى ويزيد عليها بأنه يمثل القاعدة الأساسية التى تساعد على سلامة سير الملفات (الأمنية والانسانيةوالإعلامية والخارجية) وأكدت أن معالجة التحدي الاقتصادى تمكن من تأمين مسيرة القوات المسلحة في تحرير وتأمين الوطن).
وذكرت في موضع آخر من ذات الخطة
عن أهمية تكوين مجموعة عمل للملف الاقتصادي من المختصين فى الجانب الحكومي والقطاع الخاص تتفرع عنها مجموعات عمل متخصصة مثل: القطاع المالي – القطاع النقدي والمصرفي –
الصادر (مؤسسات وسلع واجراءات)
واختصاص مجموعات العمل هذه هو (اصدار القرارات الإدارية والمالية اللازمة لتسهيل تنزيل الاجراءات الاقتصادية وحشدالموارد لمقابلة الأولويات وتقنين هذه الاجراءات، واستدعاء الكوادر المفتاحية فى وزارات القطاع الاقتصادى للعمل مع وزير المالية فى تنفيذ البرنامج الاسعافي المتناسب مع الظروف الأمنية وقيادة مجموعات العمل المتخصصة. والجهات المستهدفة : (المالية / البنك المركزى / الجمارك /الضرائب/الزراعة/المعادن /الكهرباء/ الصناعة …الخ).
كما اقترحت الآتى فى محور تمكين الجهاز المصرفي من ممارسة مهامه المصرفية:
– اصلاح نظم الدفع القومية ونظم شركة (EBS)
– اصلاح النظم التقنية الداخلية لكل مصرف والتأكد من وجود واستخدام النسخ البديلة والاحتياطية لتأمين المعلومات.
– تمكين المصارف من مقابلة السحب على الودائع بمنحها تسهيلات تمويلية لسد العجز السيولي المتوقع.
– معالجة مشكلة شبكات الاتصال لأنها روح التقنية المالية.
– دراسة العمليات التمويلية للقطاع الانتاجي والخدمي والتجاري بإعادة جدولتها.
كما كتبت فى 26 سبتمبر 2023 في مقال عن اسباب تدهور سعر صرف الجنيه، وعن دور نظم التقنية المصرفية فى تسهيل التحويل من حساب لحساب وإنشائها لسوق مواز واسع خارج رقابة البنك المركزى، وذكرت أن المشكلة ليست فى النظم التقنية المالية والمصرفية، لأن المصارف لا تملك تقييد المودع عن التصرف فى وديعته، وإنما فى البنك المركزي الذى يصدر السياسات الموجهة للمصارف لضبط وتنظيم التحويل من حساب لحساب.
وما كتب عن الاقتصاد ومؤسساته والبنك المركزى وسياساته، كان كافيا للمساعدة فى تنبيه القائمين على حجم التحديات والمخاطر لاتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة القائم منها والمتوقع، لكن : أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا… لمن تنادي.
سؤال يخطر على بال كل عاقل: أين كانت قيادة البنك المركزي السابقة والحالية من هذه التطورات؟! هل كانوا نائمين أو منومين طيلة الفترة الماضية، ثم فجاة تذكروا أن هناك أموالاً منهوبة من البنوك ومن المواطنين؟ والكل يعلم أن ذات رئاسة وفروع البنك المركزى نهبت بما فيها مطابع العملة، وهل البنك المركزى لم يعلم بذلك طيلة الفترة الماضية، فى حين أن القاصي والداني يعلم أن أوراق البنكنوت المنهوبة تم تداولها قبل أن يتم ترقيمها ولا حتى قصها.
ولكن لئن تأتى متاخرا خير من ألا تاتي، وهذا القرار يتطلب جملة من التدابير، فتغيير واستبدال العملة إجراء متزامن يتم إعلانه و تنفيذه فى الظروف العادية عند استلام العملات الجديدة، بالسحب التدريجى للعملة الملغاة والتعامل بالجديدة، او فى الظروف الطارئة يتم الاستبدال الفورى عند إكمال اجراءات طباعة واستلام العملة البديلة، لأن التأخير عن التنفيذ قد يدفع بكثير من العملاء لاتخاذ اجراءات تحميهم من إيداع أموالهم خاصة المشكوك فيها لدى البنوك، مثل شراء العملات الأجنبية مما يؤدى لانخفاض سعر الصرف الذى يشهد تحسنا خلال الأسابيع الماضية، أو شراء سلع (محاصيل وغيرها) وهذا الاجراء يضعف أثر السياسة خاصة فى حق المستهدفين بها، وتنقل العبء لآخرين يصبحوا ضحية، ولهذا فلابد من تبني حملة إعلامية مصاحبة لهذه الاجراءات لضمان تحقيق أهداف سياسة استبدال العملة حتى تحقق أهدافها.
كما ينبغي المحافظة على ثقة الجمهور في النظام المصرفي، لأن اهتزاز هذه الثقة يؤدى إلى إحجام المودعين عن الإيداع وازدياد السحب للمبالغ المودعة. وهذا عمل يؤكد الحاجة لخطة إعلامية سابقة تخلق قدرا من الطمأنينة.
لأن المحافظ إن لم يكن قد اتخذ التدابير اللازمة قبل القرار، فإن قراره هذا سيكون بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير.
أشار البيان إلى أن دوافع ذلك هو: وجود عملات مجهولة المصدر ؟ وهنا فإن على البنك المركزى إعلان الجمهور بنوع وخصائص العملة مجهولة المصدر ، لأنه لا يقل اهمية عن اجراءات الالغاء والاستبدال، حتى يراجع كل مواطن ما بحوزته من عملة، وهو يعلم مصدرها الذى استلمها منه، ولا أظن أن اجهزتنا الأمنية والاستخباراتية وفنيي البنك المركزي والمصارف لا يعلمون مصدر وصفات هذه العملة.
ومما ينبغى الاهتمام به والترتيب له هو: ما هو تعامل المصارف مع حاملي هذا النوع من العملات مجهولة المصدر؟
من الحقائق المعلومة أن المطابع التى تتعامل فى العملة محدودة ومعروفة عالميا بل حتى الشركات المصنعة لماكينات الطباعة معلومة والشركات المنتجة لورق العملة معلومة، فهل تعجز مؤسساتنا عن معرفة من يشنون عليها مثل هذه الحرب؟ وما هى الضمانات إذا لم تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المزيفين أن تواصل ذات الجهات فى طباعة العملة الجديدة؟
إن التوسع فى التقنية المالية وتحقيق الشمول المالى ونشر نقاط البيع وتسهيل فتح الحسابات واصدار البطاقات الائتمانية هو المخرج من هذه الدوامة، والكل يعلم أن بعض فئات العملة تقل قيمتها عن تكلفة طباعتها، ولا سبيل غير التوسع فى التقنية المالية وسن التشريعات اللازمة التي تنظم ذلك وتلزم جمهور المتعاملين بالدفع عبر بطاقات الدفع الآلي، ولم تعد نظم التقنية المالية مكلفة كما كانت فى السابق، فهي تحتاج فقط للقرارات الحاسمة من الأجهزة المختصة.
ولنا عودة.
مع تحياتي.