هذه رسائل موسكو من قرار زيادة حجم قواتها المسلحة
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
موسكو- تتجه روسيا نحو رفع عدد العاملين في قواتها المسلحة إلى ما يقرب من مليونين و390 ألف شخص، من بينهم مليون و500 ألف عسكري صرف، وذلك في اليوم الأول من ديسمبر/كانون الأول المقبل.
جاء ذلك في المرسوم الذي أصدره الرئيس فلاديمير بوتين، والذي تضمن كذلك تعليمات للحكومة بتزويد وزارة الدفاع بمخصصات من الميزانية الفدرالية اللازمة لتنفيذ هذا المرسوم.
وآخر مرة لزيادة مستوى عدد القوات الروسية كانت في نهاية العام الماضي إذ بلغت مليونين و209 آلاف و130 شخصا، من بينهم مليون و320 ألف عسكري.
وبذلك، سيكون إجمالي الزيادة في القوات المسلحة الروسية -وفقا للمرسوم الجديد- 180 ألفا و130 فردا، وسيزيد عدد الأفراد العسكريين بمقدار 160 ألف جندي وضابط. ويعني عدد القوات (أفراد) المسلحة الروسية العسكريين والموظفين المدنيين العاملين في مختلف القطاعات المتصلة بكامل الجسم العسكري للبلاد.
ضرورات دفاعيةوفي رسالة وجهها إلى الجمعية الفدرالية في فبراير/شباط الماضي، لفت بوتين إلى الحاجة لزيادة مجموعات القوات على الحدود الغربية من أجل تحييد ما وصفها بالتهديدات المرتبطة بتوسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) وانضمام السويد وفنلندا إلى الحلف.
وفي تعليق له على المرسوم الرئاسي، أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن السبب في ذلك يعود إلى "حجم التهديدات الموجودة ضد بلادنا على طول محيط حدودنا والوضع العدائي للغاية على الحدود الغربية وعدم الاستقرار على الحدود الشرقية، بما يتطلب اتخاذ الإجراءات المناسبة".
ويثير المرسوم تساؤلات عن توقيت ودوافع توسيع حجم القوات المسلحة الروسية والكيفية التي سيتم من خلالها ذلك، وإن كان سيترافق مع موجة جديدة من التعبئة.
تحدياتوفي حديث للجزيرة نت، أوضح العقيد المتقاعد فيكتور بارانيتس أن زيادة مستوى العاملين في القوات المسلحة أمر ضروري للتناوب المناسب لها في مناطق العمليات العسكرية الخاصة في أوكرانيا. وبيّن "عندما بات واضحا من خلال العملية العسكرية الخاصة أنه ليس لدينا ما يكفي من المقاتلين وأننا بحاجة للقيام بالتناوب واستبدال القتلى والجرحى والمصابين، أصبح من الضروري زيادة حجم القوات".
ووفقا له، ستكون الزيادة في حجم الجيش مصحوبة بإعداد قوات احتياطية مدربة تدريبا جيدا، بحيث سيكون تناوب قوات الجيش على الجبهة تدريجيا. وشدد بارانيتس على أن التناوب الذي ينفّذ بشكل مدروس بعناية سيسمح لروسيا بعدم تقليل القدرة القتالية للقوات في مناطق العمليات في أوكرانيا.
وعند انهيار الاتحاد السوفياتي بنهاية عام 1991، بلغ عدد العاملين في القوات المسلحة السوفياتية بين 3.7 و3.8 ملايين شخص (باستثناء الموظفين المدنيين). وفي 7 مايو/أيار 1992، وقع الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين مرسوما حول "إنشاء القوات المسلحة الروسية" والذي طالب وزارة الدفاع بتقديم مقترحات "لتقليل العدد والقوة القتالية" لهذه القوات. وفي ذلك الوقت، كان هناك ما بين 2.5 و2.8 مليون عسكري في روسيا.
وحاليا، تحتل القوات المسلحة الروسية المرتبة الثالثة بين أكبر الجيوش في العالم (من حيث الأفراد) بعد الجيشين الصيني (مليونين و35 ألف شخص) والهندي (مليون و455 ألفا و550 شخصا)، وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الرابعة بمليون و328 ألف شخص.
وفي حال لم يغير أي من اللاعبين العسكريين البارزين في العالم مستويات جيشه بحلول ديسمبر/كانون الأول القادم، فسوف تصبح موسكو ثاني أكبر اللاعبين العسكريين من حيث عدد قواتها المسلحة.
بوادر مواجهةمن جانبه، رأى مدير مركز التنبؤات السياسية دينيس كركودونوف أن روسيا تستعد لسيناريوهات مختلفة لتطور الأحداث. ووفقا لما يقوله للجزيرة نت، فإن أحد هذه الأمور هو انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، معتبرا أن هذا التغيير يخلق تحديات كبيرة على الحدود الشمالية لروسيا، والتي لا يسع موسكو إلا أن ترد عليها، لافتا إلى أن معظم العسكريين سيتم نشرهم هناك.
وبرأيه، فإن التوسع سيشمل بشكل رئيسي صفوف القوات البرية وفي المقام الأول كتائب الهجوم. وهذا ينطبق أيضا على وحدات الدبابات والمدفعية ومشغلي الطائرات من دون طيار وبأعداد كبيرة جدا. ويعتقد كركودونوف أن هذه خطوات ضرورية للحفاظ على قوة القدرة الدفاعية على جميع الحدود الأخرى لروسيا أثناء تنفيذ أي عملية عسكرية خاصة.
ويدعو المتحدث إلى عدم نسيان أن الدول الغربية تشير بشكل متزايد إلى مسألة استخدام الأنظمة الغربية للأسلحة البعيدة المدى في عمق الأراضي الروسية، مضيفا أنه إذا كان الأمر كذلك فقد تثير موسكو في مرحلة ما مسألة ضرب المراكز اللوجستية التي تستخدم لتوريد الأسلحة إلى أوكرانيا.
وردا على سؤال بخصوص ما إذا كانت عملية زيادة عدد أفراد القوات المسلحة ستكون من خلال إعلان جديد عن التعبئة، أوضح كركودونوف أن الحديث يدور عن زيادة تجنيد المتعاقدين. وبرأيه، من السابق لأوانه الحديث عن ذلك إذ لا توجد معلومات موثوقة عن هذا الموضوع، كما أن تصريحات المسؤولين العسكريين الروس لا تشير إلى ذلك، ولن يتم استدعاء جنود الاحتياط والإعلان عن تعبئة جديدة إلا في حالة حدوث تدهور حاد في الأوضاع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القوات المسلحة الروسیة العاملین فی على الحدود
إقرأ أيضاً:
سؤال طفولي: لماذا تكرهين القوات المسلحة؟
سؤال طفولي: لماذا تكرهين القوات المسلحة؟
رشا عوض
ما هي مشكلتك مع الجيش؟ لماذا تكرهين القوات المسلحة؟
أسئلة مكررة في سياق التعليق على ما أكتب حول الجيش! إن شخصنة القضايا العامة هي طفولة سياسية وعجز فكري، لو أن مواقفي في الشأن العام تتحكم فيها الاعتبارات والمصالح الشخصية فلن تكون لي أدنى مشكلة مع الجيش! لأنني من الناحية الإثنية انتمي إلى تلك المجموعات المحظية بالرتب العليا في الجيش! ولي أقارب أعزاء من جهة الأم والأب ضباط في الجيش بعضهم ما زال في الخدمة! ورغم كل ذلك أرى أن هذا الجيش مؤسسة مأزومة تحتاج إلى إعادة بناء من جديد أو على الأقل تحتاج لإصلاحات هيكلية عميقة تفضي إلى إعادة البناء بالتدريج لأسباب فصلتها في عدد من المقالات السابقة، ونقد الجيش لا يعني مخاصمة وكراهية أي فرد انتمى لهذه المؤسسة ضابطاً كان أو جندياً أو قائداً لفرقة، مؤكد هناك أناس محترمين ونزيهين ووطنيين وأكفاء خدموا في الجيش، ولكن المعضلة تكمن في “عقل المؤسسة العسكرية” ومناهج عملها وشبكة المصالح الداخلية والخارجية المرتبطة بها والمتحكمة فيها، وقاصمة الظهر في عهد الإسلامويين هي التسييس المغلظ والهيمنة الحزبية!
هذه المعضلة هي التي جعلت الجيش أكبر مشروع استنزاف للثروة القومية وفي ذات الوقت الغالبية العظمى من جنوده وضباطه الصغار فقراء يعانون شظف العيش!! وهؤلاء أصحاب مصلحة راجحة في إصلاح الجيش!
هذه المعضلة هي التي جعلت الجيش يفشل في وظيفته الأساسية “احتكار العنف نيابة عن الدولة في إطار دستوري وقانوني” وتحول إلى مصنع لإنتاج المليشيات أو على أحسن الفروض متحالف معها ومتوكئاً عليها في حروبه الداخلية!
هذه المعضلة هي التي جعلت الجيش يقصف مواطنين سودانيين بالبراميل المتفجرة والقنابل المحرمة!
هذه المعضلة هي السبب في أن المواطن السوداني يستقبل في بيته الدانات والرصاص الطائش وقذائف الطيران فيقتل ببشاعة أو ينزح بعسر ومذلة رغم أنه هو من دفع ثمن كل هذه الآليات العسكرية لحمايته وليس لقتله وترويعه في صراع سلطة!
هذه المعضلة هي سبب تحويل الجيش إلى “حزب سياسي مسلح” يردد جنوده شعارات سياسية “قحاتة يا كوم الرماد” و”براؤون يا رسول الله”.
معضلة الجيش هي جزء من معضلة السودان السياسية والاقتصادية المزمنة، ولا نهوض ولا تقدم إلى الأمام دون الاعتراف بكل عيوب مؤسساتنا العسكرية والمدنية على حد سواء ولكن المشكلة هي سياج القدسية الذي يحرم تحريماً غليظاً أي كلمة نقد للجيش!
الجيش يا سادتي مؤسسة خدمة عامة (الخدمة العامة في الدولة الحديثة هي الخدمة المدنية والخدمة العسكرية)، علاقة المواطن والمواطنة بمؤسسات الخدمة العامة لا مجال فيها للحب والكراهية أو الولاء والبراء، بل هي علاقة محكومة بحقوق وواجبات دستورية، المواطن هو دافع الضرائب ومالك الثروة القومية التي تمول مؤسسات الخدمة العامة التي من واجبها خدمة المواطن في مجال اختصاصها، ومن حق المواطن قياس جودة ما تقدمه له من خدمات بمعايير موضوعية.
ثقافة القهر والتخلف السائدة في مجتمعنا والتي تزاوجت مع مشاريع الاستبداد والفساد العسكري المتطاول أدخلت في روع السودانيين أن الجيش بحكم أن في يده السلاح ويستطيع أن يقتل فهو قاهر فوق السودانيين ومالك للدولة وللوطن بما فيه وبمن فيه، وأي نقد للجيش هو كفر بواح يخرج صاحبه من ملة الوطنية ويسلب حقه في ملكية الوطن إذ يتحول إلى خائن وعميل! وأصبح للجيش حصانة وقدسية لا تستند إلى أي منطق سوى منطق القوة، وللأسف لمنطق القوة هذا حاضنة ثقافية معتبرة في المجتمع بحكم الجهل والتخلف وثقافة العنف، وحتى في القطاع الحديث هناك فقر في الثقافة الديمقراطية وتواطؤ معتبر بين بعض التيارات على مشروعية الحكم استناداً إلى قوة السلاح وتمجيد من يحمله.
يجب أن نتذكر دائماً أن الجيوش المحصنة من النقد والتي تجعل من نفسها نصف آلهة أو آلهة كاملة هي أكثر الجيوش تلقياً للهزائم العسكرية وأقلها كفاءة ومهنية.
وأقوى الجيوش في العالم هي جيوش الدول الديمقراطية حيث الجيش خارج الصراع السياسي وملتزم بتنفيذ قرارات الحكومة المنتخبة ديمقراطياً.
الوسومالخدمة العامة الديمقراطية السودان الفساد العسكري القوات المسلحة المليشيات براؤون ثقافة القهر رشا عوض