اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إسرائيل -اليوم الثلاثاء- بجر المنطقة بأكملها إلى الحرب، بعد سلسلة هجمات نفّذتها ضد حزب الله بلبنان، وتساءل عما ينتظره المجتمع الدولي للدفاع عن سكان غزة وعن الموظفين الأمميين. ودعا المجتمع الدولي إلى إيقاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو و"عصابته المجرمة" بتحالف إنساني.

وقال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن قيم منظومة الأمم المتحدة والعالم الغربي تحتضر في غزة مع استمرار الصراع هناك، ودعا إلى تشكيل "تحالف للإنسانية" لردع إسرائيل.

وأوضح أن 41 ألف شخص قتلوا وفُقد ما يزيد على 10 آلاف شخص ومئات الآلاف من الجرحى في المجزرة المستمرة في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأن الصور المسربة من السجون الإسرائيلية "تشير إلى نوع الاضطهاد الذي نتعامل معه"، متسائلا "أليس من يقطنون قطاع غزة والضفة الغربية بشرا؟".

انهيار معنوي

وقال إن ما يجري في فلسطين مؤشر على الانهيار المعنوي الذي نشهده حاليا، وإن الفلسطينيين يمارسون حقهم المشروع في مقاومة الاحتلال ومقاومة التطهير العرقي والإبادة، مشيرا إلى أن السبب الوحيد لعدوان إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هو ما تحظى به من دعم غير محدود، مضيفا أن الأمم المتحدة وقيمها الإنسانية ومبادئ الغرب هي التي تُقتل في غزة، وليس فقط الأطفال.

واستمر يقول إن الحكومة الإسرائيلية تمارس تطهيرا عنصريا ضد الفلسطينيين وتقتلهم وتصادر أراضيهم، مضيفا أن هناك دولا تدعو لوقف إطلاق النار والهدنة، لكنها تزوّد إسرائيل بالأسلحة سرا و"هذا نفاق".

وقال إن إسرائيل أثبتت أنها لا تريد السلام بقتلها الرجل المسؤول الوحيد الذي كانت تتفاوض معه، في إشارة إلى اغتيال إسماعيل هنية.

ودعا إلى مد يد المساعدة لشعب غزة الذي يعاني من ظروف معيشية ستزداد صعوبة مع قرب فصل الشتاء، مؤكدا أنهم سيتخذون كل الخطوات الضرورية لضمان إعمال العدالة في الانتهاكات والمجازر الإسرائيلية المتواصلة.

تحالف إنساني

كما دعا أردوغان المجتمع الدولي إلى إيقاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "وعصابته المجرمة بتحالف إنساني، كما تم إيقاف أدولف هتلر قبل عقود".

وحث سائر الدول التي لم تعترف بعد بفلسطين على الاعتراف بها، وأن تقف إلى جانب الحق. وأكد رفضه معاداة السامية بالقدر ذاته الذي يرفض به معاداة الإسلام.

لبنان

وأعلن وقوف بلاده إلى جانب الشعب اللبناني ودولة لبنان التي تتعرض للاعتداء في الوقت الذي تستهدف فيه إسرائيل مقاتلي حزب الله بغارات جوية هناك. وقال إن إسرائيل تجب معاقبتها على جرائمها ويجب عليها دفع ثمن الأضرار التي تسببت فيها.

وقال إن الاعتداءات السيبرانية الإرهابية التي تعرض لها لبنان تظهر أن التكنولوجيا يمكن أن تتحول إلى سلاح فتاك، وإن الإرهاب السيبراني الذي ضرب لبنان الأسبوع الماضي يثبت خطورة إساءة استخدام التقنية والذكاء الاصطناعي.

وأشار إلى أنه يتحدث بصفته رئيس جمهورية قام أجداده بحماية اليهود قبل 500 عام.

أوكرانيا والسودان والإسلاموفوبيا

وتناول أردوغان حروبا وأزمات أخرى في العالم، إذ دعا إلى احترام وحدة الأراضي الأوكرانية وسلامتها وسيادتها، ودعم الخطوات الحاسمة التي يتخذها العراق لإعادة الإعمار، قائلا إن نجاح دعم الجهود العراقية يبقى مرهونا بالقضاء على "الإرهاب" المتمثل في حزب العمال الكردستاني.

وأكد أن تركيا تواصل اتخاذ خطوات إيجابية لعملية السلام بين أذربيجان وأرمينيا. وقال إن للقبارصة الأتراك حقوقا في جزيرة قبرص، وإنهم –القبارصة الأتراك– وتركيا أظهرا رغبة صادقة للتوصل لحل دائم للمسألة القبرصية.

كذلك دعا إلى تقديم المساعدات الكافية للشعب السوداني الذي يعاني ظروفا إنسانية صعبة والعمل على حل الصراع هناك وإنهاء الحرب. وأوضح أن إسطنبول تتواصل مع الصين بشأن مسلمي الأتراك الإيغور وضمان حصولهم على حقوقهم، ودعا المجتمع الدولي إلى المساهمة في بناء الثقة بين الأطراف في ليبيا.

وقال إن ظاهرة الإسلاموفوبيا آخذة في الاتساع والانتشار، ومن مظاهر ذلك الاعتداء على مساجد عديدة في أوروبا، مضيفا أن بلاده تتوقع تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة لمكافحة الإسلاموفوبيا في الأجل القريب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المجتمع الدولی وقال إن

إقرأ أيضاً:

ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟

ما دمنا لم نفارق بعد نظام القطب الواحد المهيمن على العالم تظل النظرية القديمة التي نقول إن الشعب الأمريكي عندما يختار رئيسه فهو يختار أيضا رئيسا للعالم نظرية صحيحة. ويصبح لتوجه هذا الرئيس في فترة حكمه تأثير حاسم على نظام العلاقات الدولية وحالة الحرب والسلم في العالم كله.

ولهذا فإن فوز دونالد ترامب اليميني الإنجيلي القومي المتشدد يتجاوز مغزاه الساحة الداخلية الأمريكي وحصره في أنه يمثل هزيمة تاريخية للحزب الديمقراطي أمام الحزب الجمهوري تجعله عاجزا تقريبا لمدة ٤ أعوام قادمة عن منع ترامب من تمرير أي سياسة في كونجرس يسيطر تماما على مجلسيه.

هذا المقال يتفق بالتالي مع وجهة النظر التي تقول إن اختيار الشعب الأمريكي لدونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية ـ رغم خطابه السياسي المتطرف ـ هو دليل على أن التيار الذي يعبر عنه هو تيار رئيسي متجذر متنامٍ في المجتمع الأمريكي وليس تيارا هامشيا.

فكرة الصدفة أو الخروج عن المألوف التي روج لها الديمقراطيون عن فوز ترامب في المرة الأولى ٢٠١٦ ثبت خطأها الفادح بعد أن حصل في ٢٠٢٤ على تفويض سلطة شبه مطلق واستثنائي في الانتخابات الأخيرة بعد فوزه بالتصويت الشعبي وتصويت المجمع الانتخابي وبفارق مخيف.

لكن الذي يطرح الأسئلة الكبرى عن أمريكا والعالم هو ليس بأي فارق من الأصوات فاز ترامب ولكن كيف فاز ترامب؟ بعبارة أوضح أن الأهم من الـ٧٥ مليون صوت الشعبية والـ٣١٢ التي حصل عليها في المجمع الانتخابي هو السياق الاجتماعي الثقافي الذي أعاد ترامب إلى البيت الأبيض في واقعة لم تتكرر كثيرا في التاريخ الأمريكي.

أهم شيء في هذا السياق هو أن ترامب لم يخض الانتخابات ضد هاريس والحزب الديمقراطي فقط بل خاضه ضد قوة أمريكا الناعمة بأكملها.. فلقد وقفت ضد ترامب أهم مؤسستين للقوة الناعمة في أمريكا بل وفي العالم كله وهما مؤسستا الإعلام ومؤسسة هوليوود لصناعة السينما. كل نجوم هوليوود الكبار، تقريبا، من الممثلين الحائزين على الأوسكار وكبار مخرجيها ومنتجيها العظام، وأساطير الغناء والحاصلين على جوائز جرامي وبروداوي وأغلبية الفائزين ببوليتزر ومعظم الأمريكيين الحائزين على نوبل كل هؤلاء كانوا ضده ومع منافسته هاريس... يمكن القول باختصار إن نحو ٩٠٪ من النخبة الأمريكية وقفت ضد ترامب واعتبرته خطرا على الديمقراطية وعنصريا وفاشيا ومستبدا سيعصف بمنجز النظام السياسي الأمريكي منذ جورج واشنطن. الأغلبية الساحقة من وسائل الإعلام الرئيسية التي شكلت عقل الأمريكيين من محطات التلفزة الكبرى إلي الصحف والمجلات والدوريات الرصينة كلها وقفت ضد ترامب وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم ينحز منها صراحة لترامب غير موقع إكس «تويتر سابقا». هذه القوة الناعمة ذات السحر الأسطوري عجزت عن أن تقنع الشعب الأمريكي بإسقاط ترامب. صحيح أن ترامب فاز ولكن من انهزم ليس هاريس. أتذكر إن أول تعبير قفز إلى ذهني بعد إعلان نتائج الانتخابات هو أن ترامب انتصر على هوليوود. من انهزم هم هوليوود والثقافة وصناعة الإعلام في الولايات المتحدة. لم يكن البروفيسور جوزيف ناي أحد أهم منظري القوة الناعمة في العلوم السياسية مخطئا منذ أن دق أجراس الخطر منذ ٢٠١٦ بأن نجاح ترامب في الولاية الأولى هو مؤشر خطير على تآكل حاد في القوة الناعمة الأمريكية. وعاد بعد فوزه هذا الشهر ليؤكد أنه تآكل مرشح للاستمرار بسرعة في ولايته الثانية التي تبدأ بعد سبعة أسابيع تقريبا وتستمر تقريبا حتى نهاية العقد الحالي.

وهذا هو مربط الفرس في السؤال الكبير الأول هل يدعم هذا المؤشر الخطير التيار المتزايد حتى داخل بعض دوائر الفكر والأكاديميا الأمريكية نفسها الذي يرى أن الإمبراطورية ومعها الغرب كله هو في حالة أفول تدريجي؟

في أي تقدير منصف فإن هذا التآكل في قوة أمريكا الناعمة يدعم التيار الذي يؤكد أن الامبراطورية الأمريكية وربما معها الحضارة الغربية المهيمنة منذ نحو٤ قرون على البشرية هي في حالة انحدار نحو الأفول. الإمبراطورية الأمريكية تختلف عن إمبراطوريات الاستعمار القديم الأوروبية فبينما كان نفوذ الأولى (خاصة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية) على العالم يبدأ بالقوة الخشنة وبالتحديد الغزو والاحتلال العسكري وبعدها يأتي وعلى المدى الطويل تأثير قوتها الناعمة ولغتها وثقافتها ونظمها الإدارية والتعليمية على شعوب المستعمرات فإن أمريكا كاستعمار إمبريالي جديد بدأ وتسلل أولا بالقوة الناعمة عبر تقدم علمي وتكنولوجي انتزع من أوروبا سبق الاختراعات الكبرى التي أفادت البشرية ومن أفلام هوليوود عرف العالم أمريكا في البداية بحريات ويلسون الأربع الديمقراطية وأفلام هوليوود وجامعات هارفارد و برينستون ومؤسسات فولبرايت وفورد التي تطبع الكتب الرخيصة وتقدم المنح وعلى عكس صورة المستعمر القبيح الأوروبي في أفريقيا وآسيا ظلت نخب وشعوب العالم الثالث حتى أوائل الخمسينات تعتقد أن أمريكا بلد تقدمي يدعم التحرر والاستقلال وتبارى بعض نخبها في تسويق الحلم الأمريكي منذ الأربعينيات مثل كتاب مصطفى أمين الشهير «أمريكا الضاحكة». وهناك اتفاق شبه عام على أن نمط الحياة الأمريكي والصورة الذهنية عن أمريكا أرض الأحلام وما تقدمه من فنون في هوليوود وبروداوي وغيرها هي شاركت في سقوط الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي بنفس القدر الذي ساهمت به القوة العسكرية الأمريكية. إذا وضعنا الانهيار الأخلاقي والمستوى المخجل من المعايير المزدوجة في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية للفلسطينيين واللبنانيين والاستخدام المفرط للقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية كأدوات قوة خشنة للإمبراطورية الأمريكية فإن واشنطن تدمر القوة الناعمة وجاذبية الحياة والنظام الأمريكيين للشعوب الأخرى وهي واحدة من أهم القواعد الأساسية التي قامت عليها إمبراطورتيها.

إضافة إلى دعم مسار الأفول للإمبراطورية وبالتالي تأكيد أن العالم آجلا أو عاجلا متجه نحو نظام متعدد الأقطاب مهما بلغت وحشية القوة العسكرية الأمريكية الساعية لمنع حدوثه.. فإن تطورا دوليا خطيرا يحمله في ثناياه فوز ترامب وتياره. خاصة عندما تلقفه الغرب ودول غنية في المنطقة. يمكن معرفة حجم خطر انتشار اليمين المتطرف ذي الجذر الديني إذا كان المجتمع الذي يصدره هو المجتمع الذي تقود دولته العالم. المسألة ليست تقديرات وتخمينات يري الجميع بأم أعينهم كيف أدي وصول ترامب في ولايته الأولى إلى صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتمكنه في الوقت الراهن من السيطرة على حكومات العديد من الدول الأوروبية بعضها دول كبيرة مثل إيطاليا.

لهذا الصعود المحتمل لتيارات اليمين المسيحي المرتبط بالصهيونية العالمية مخاطر على السلم الدولي منها عودة سيناريوهات صراع الحضارات وتذكية نيران الحروب والصراعات الثقافية وربما العسكرية بين الحضارة الغربية وحضارات أخرى مثل الحضارة الإسلامية والصينية والروسية.. إلخ كل أطرافها تقريبا يمتلكون الأسلحة النووية!!

حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري

مقالات مشابهة

  • العدالة والتنمية يدعو لمقاطعة المجموعة الناشرة لجريدة ’’الأحداث المغربية’’ بسبب “إسرائيل”
  • أردوغان: الحلقة تضيق حول نتنياهو وعصابته
  • أردوغان: الدائرة تضيق على نتنياهو وعصابته
  • ايران: على المجتمع الدولي الجدية بتنفيذ قرار اعتقال نتنياهو وغالانت
  • من بيده إيقاف حروب إسرائيل؟
  • وزارة الخارجية تلفت نظر المجتمع الدولي للفظائع التي يرتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • أردوغان: ندعم قرار "الجنائية الدولية" لاعتقال نتنياهو وغالانت
  • نائب يطالب الحكومات العربية بالضغط على المجتمع الدولي لتنفيذ قرار اعتقال نتنياهو
  • العراق يوجه رسائل إلى المجتمع الدولي بشأن تهديدات إسرائيل