الذخائر الموقوتةبفرنسا.. إرث مسموم من ألغام الحربين العالميتين
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
جيرارميه"أ.ف.ب": بعد مرور ثمانين عاما على تحرير فرنسا، لا تزال بحيرة في منطقة فوج في شرق فرنسا تخفي في أعماقها عشرات الأطنان من الذخائر التي تعود إلى الحربين العالميتين.
ويُقبِل السيّاح بكثافة على بحيرة جيرارميه الواقعة وسط الجبال على ارتفاع 660 مترا عن سطح البحر، وبالقرب من بلدة ساحرة، فيستمتعون بالسباحة فيها صيفا.
ولكن في نقطة غير بعيدة من تلك المخصصة للسباحة، دُفِنَت كل أنواع المتفجرات العائدة إلى الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وتنتشر في فرنسا الآلاف من هذه المخلّفات، بحسب جمعية "روبن دي بوا" الفرنسية التي كانت السبّاقة إلى إعداد جردة وطنية في هذا الشأن عام 2001.
ونُظِّمَت 12 حملة لإزالة هذه المخلّفات الحربية من البحيرة بين عامي 1977 و1994، على إثر حادث تعرض فيه رجل للحرق بقنبلة فسفورية.
وأوضح نائب رئيس البلدية والرئيس السابق لمركز جهاز الإطفاء في جيرارميه بيار إمبير لوكالة فرانس برس أن عملية التنظيف تمت على عمق يتراوح بين صفر وعشرة أمتار عند حافة البحيرة.
وأشار الغوّاص السابق إلى أن "120 طنا من الذخيرة أزيلت، أي نحو مئة ألف قطعة ذخيرة متنوعة من حربَي 1914-1918 و1939-1945".
وشرح إمبير أن خبراء إزالة الألغام انتشلوا أولا هذه الذخائر إلى سطح الماء، ثم "فصلوا المفجّر عن العبوات الناسفة وفجّروها في آخر البحيرة".
وتُظهِر الصور التي احتفظ بها "قنابل يدوية محلية الصنع من 1914-1918، أو ذخائر أحدث من 1939-1945 وحتى فأسا صغيرة".
وتوقفت الحملات عند هذا الحدّ نظرا إلى صعوبة تنفيذها بعيدا من الشاطئ وفي نقاط أكثر عمقا تحت الوحل، وفقا لكتاب أرسلته السلطات المحلية إلى جمعية "روبن دي بوا" التي تقدّر كمية المخلّفات التي لا تزال مغمورة بالمياه في جيرارميه بنحو 70 طنا.
وأوضح إمبير أن من غير الممكن "تقدير كمية الذخيرة التي لا تزال مطمورة بالطمي" حتى عمق 30 مترا.
ودعت رئيسة جمعية السياحة البيئية المحلية "آ كا إم" أوريلي ماتيو إلى "تطهير كل ما يقع عند حافة" البحيرة من الذخائر.
فبعد عقود من إيداع الجيش الفرنسي البحيرة هذه الذخائر، وهي مهمة كان يطلب من جنوده تنفيذها سرّا في الليل، أظهرت العينات التي أخذتها جمعية أخرى هي "أوديسيوس 3.1" عام 2023، أن هذه الأسلحة تُسبّب تلوثا.
واكتشفت "أوديسيوس 3.1" خلال إحدى عمليات الغوص قنابل يدوية بعضها "سليم" وبعضها الآخر "تسرّبت المواد المتفجرة التي كان يحتوي عليها" من فجوات فيه، على ما أفاد مؤسِسُها ليونيل رار في الفيلم الوثائقي "فير دو راج" الذي تم عرضته في مايو الفائت محطة "فرانس 5" العامة.
وأظهرت نتائج فحص العينات التي أُرسِلَت إلى مختبر في ألمانيا أن مستويات مادة "تي إن تي" من بين "أعلى المستويات التي تولى قياسها على الإطلاق فريق الباحثين الألمان"، بالإضافة إلى تركيزات "من الحديد والرصاص والتيتانيوم تتجاوز المعايير"، بحسب الفيلم.
وبعد تبلغه هذه النتائج، اتصل رئيس بلدية جيرارميه ستيسي سبيسمان-موزاس بالسلطات وتحديدا هيئة الصحة الإقليمية ومحافظة فوج.
لكنّ الهيئات الحكومية نظّمت حملة جديدة لأخذ العينات في فبراير الفائت "بمشاركة مختبرات فرنسية وألمانية". وأشارت المحافظة إلى أن "النتائج الأولية أكدت ما خلصت إليه الحملات السابقة، إذ لم يتم رصد أي محتوى مثير للقلق"، مؤكدة عدم رصد "أي خطر صحي" لا على الاستهلاك البشري ولا على السباحة.
ورغم هذه النتائج، طالب رئيس البلدية بتعديل النصوص التنظيمية المتعلقة بمياه الشفة. وقال "إذا كان يوجد خطر على السكان من جرّاء هذا الجزيء ("تي إن تي")، فلا بدّ من تطوّر تشريعي يأخذ ذلك في الاعتبار ويفرض إجراء اختبارات للتأكد من تأثيره على جودة المياه".
عرضت إحدى الشركات خدماتها بشكل عفوي لرسم خريطة وتحديد مكان وجود المخلّفات. وأوضح رئيس البلدية أن تكلفة هذه المهمة تبلغ "نحو 300 ألف يورو"، داعيا إلى أن تتولى السلطة المركزية تمويلها، إذ أن "الجيش الفرنسي هو الذي أودع هذه الذخائر".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المخل فات
إقرأ أيضاً:
بايدن يسمح بإرسال ألغام مضادة للأفراد إلى أوكرانيا في تحول سياسي كبير آخر
(CNN)-- وافقت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على إرسال ألغام مضادة للأفراد إلى أوكرانيا للمرة الأولى وذلك في تحول كبير آخر في السياسة، وفقًا لمسؤولين أمريكيين، ويأتي هذا القرار بعد أيام قليلة من منح الولايات المتحدة لأوكرانيا الإذن بإطلاق صواريخ أمريكية بعيدة المدى على أهداف في روسيا، وهو التحول الذي حدث فقط بعد أشهر من الضغوط الأوكرانية.
وتتوقع الولايات المتحدة أن تستخدم أوكرانيا هذه الألغام المضادة للأفراد لتعزيز الخطوط الدفاعية داخل الأراضي الأوكرانية ذات السيادة، وليس كقدرة هجومية في روسيا، كما طلبت الولايات المتحدة ضمانات بأن أوكرانيا ستحاول الحد من المخاطر التي يتعرض لها المدنيون بسبب الألغام.
وكانت صحيفة واشنطن بوست أول من نشر قرار الإدارة.
ومنذ الأيام الأولى للحرب، زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بألغام مضادة للدبابات لإضعاف التفوق العددي لروسيا في المركبات المدرعة، لكن حتى الآن، لم تزود إدارة بايدن أوكرانيا بألغام مضادة للأفراد بسبب مخاوف بشأن الخطر الدائم الذي قد تشكله. ولطالما انتقدت جماعات حقوق الإنسان استخدام الألغام المضادة للأفراد لأنها يمكن أن تقتل بشكل عشوائي ويمكن أن تظل مسلحة لسنوات بعد انتهاء النزاع الذي استخدمت فيه في البداية.
وتعتزم الولايات المتحدة أن تستخدم كييف الألغام المضادة للأفراد في الجزء الشرقي من البلاد، حيث أحرزت القوات الروسية تقدمًا بطيئًا ومطردًا ضد الخطوط الدفاعية الأوكرانية، وكلفت المعركة الطاحنة موسكو تكاليف باهظة، حيث زعمت أوكرانيا أن روسيا تكبدت أكبر عدد من الضحايا هذا الأسبوع، لكن الضغوط الروسية المتواصلة، إلى جانب النقص في القوة البشرية والذخيرة الأوكرانية، سمحت للجيش الروسي بالاستيلاء تدريجياً على المزيد من الأراضي.
وفي يونيو/ حزيران 2022 بعد أربعة أشهر من بدء الحرب في أوكرانيا، تعهدت إدارة بايدن بالحد من استخدام الألغام المضادة للأفراد، وفي إعلانها عن القرار، الذي كان بمثابة تراجع عن إدارة ترامب السابقة، قال البيت الأبيض إن هناك "حاجة للحد من استخدام (الألغام المضادة للأفراد) في جميع أنحاء العالم"، وأن الولايات المتحدة لن تقوم بعد الآن بتطوير أو تصدير الألغام المضادة للأفراد وستعمل على تدمير جميع مخزوناتها الحالية (كان الاستثناء الوحيد لهذه السياسة هو كوريا الجنوبية).
إن الإعلان عن الألغام المضادة للأفراد في أوكرانيا، خاصة مع بقاء أسابيع فقط في إدارة بايدن، يمثل تغييراً مفاجئاً في السياسة التي كانت قائمة منذ فترة طويلة.
إن نوع الألغام التي توفرها الولايات المتحدة لأوكرانيا سيكون "غير دائم"، وفقاً للمسؤولين، مما يعني أن لديهم آلية داخلية لتقصير عمر الزناد، وقال المسؤولون إن الألغام مصممة لتصبح خاملة بعد فترة زمنية تتراوح بين أربع ساعات إلى أسبوعين. تستخدم الألغام فتيلاً كهربائياً يتطلب بطارية، ويصبح اللغم خاملاً عند نفاد البطارية.
وقامت روسيا بنشر الألغام المضادة للأفراد والألغام المضادة للدبابات منذ الأيام الأولى للحرب، ومع تقدم القوات الروسية داخل أوكرانيا وإنشاء خطوط دفاعية خاصة بها، أنشأت حقول ألغام لإبطاء أي هجوم مضاد لأوكرانيا، وفي الصيف الماضي، عندما شنت القوات الأوكرانية هجوماً مضاداً فاشلاً في نهاية المطاف، وصف أحد المسؤولين الأوكرانيين كثافة الألغام الروسية بأنها "جنونية".