واشنطن «د.ب.أ» بعد مرور أكثر من عامين ونصف العام على بدء الحرب الروسية الأوكرانية وتقديم الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لمساعدات اقتصادية وعسكرية ضخمة لأوكرانيا، ما زالت نهاية هذه الحرب بعيدة للغاية، ولم تظهر أي مؤشرات على إمكانية تحقيق الهدف الغربي الأسمى وهو انتصار أوكرانيا.

وفـي المناظرة الانتخابية التي جمعت نائبة الرئيس الأمريكي ومرشحة الحزب الديمقراطي فـي الانتخابات الرئاسية كامالا هاريس، ومنافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، وردا على سؤال «هل تريد أن تكسب أوكرانيا الحرب؟» لم يقل ترامب نعم، وإنما قال إنه يريد إنهاء الحرب.

وكذلك لم تقل هاريس نعم وإنما وعلى عكس منافسها قالت إنها ستدعم أوكرانيا فـي مواجهة التدخل الروسي.

وفـي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية قال توماس جراهام زميل مجلس العلاقات الخارجية وكبير مديري إدارة روسيا فـي مجلس الأمن القومي الأمريكي فـي إدارة الرئيس جورج بوش الابن: إن السؤال ليس بسيطًا، كما أنه لا توجد إجابة مشتركة بين دول الغرب ولا بين دول الغرب وأوكرانيا للسؤال عن معنى النصر فـي حرب أوكرانيا.

منذ البداية حدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي النصر بأنه تحرير كل الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا منذ 2014 واستعادة الحدود الدولية المعترف بها لبلاده منذ انفصالها عن الاتحاد السوفـييتي السابق عام 1991. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أغلب الأوكرانيين يتفقون مع زيلينسكي فـي الهدف رغم ظهور بعض التحولات فـي الرأي العام، مع ارتفاع تكلفة الحرب.

ويمكن لآخرين إعلان النصر، إذا نجحت أوكرانيا فـي إخراج القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها منذ بداية الحرب الحالية فـي 23 فبراير 2022، وهناك معسكر ثالث يمكنه اعتبار مجرد الحفاظ على أوكرانيا كدولة مستقلة ذات سيادة فـي نهاية الحرب انتصارًا لها حتى مع استمرار سيطرة روسيا للأراضي الأوكرانية. وقد يذهب البعض إلى الادعاء بأن أوكرانيا انتصرت بالفعل؛ لأن روسيا قد لا تتمكن من التقدم فـي الأراضي الأوكرانية بأكثر مما فعلت.

حالة الغموض التي تحيط بمفهوم النصر لدى الأوكرانيين موجودة وبدرجة أكبر فـي واشنطن، حيث لا تمتلك إدارة الرئيس جو بايدن ونائبته هاريس تعريفًا واضحًا للنصر ولا أهدافًا واضحةً تسعى لتحقيقها فـي أوكرانيا. كما أنها لم تعلن أبدا تبنيها لهدف زيلنسكي. وبدلا من ذلك تحدث بايدن مرتين عن قوة الحرية فـي الانتصار على الاستبداد، لكنه لم يحدد النصر فـي أوكرانيا بمصطلحات ملموسة.

وقد قدم مسؤولون آخرون لمحات عن تفكير الإدارة الأمريكية، لكن أيا منهم لم يقدم تفصيلًا شاملًا لأهداف الإدارة. وتحت ضغط الكونجرس، أرسلت الإدارة أخيرًا إستراتيجية سرية للتعامل مع ملف أوكرانيا فـي منتصف سبتمبر لكن لم يتم الكشف عن تفاصيلها حتى الآن.

ويقول جراهام: إن هذا يعني أن أمريكا لا تمتلك إلا مجموعة عناصر غير متماسكة لسياستها تجاه أوكرانيا. على سبيل المثال تتعهد الإدارة بمواصلة دعم أوكرانيا «طالما كانت تحتاج لذلك»، لكنها تركت تعبير الحاجة دون تحديد. وهي تقول إنها تسلح أوكرانيا؛ لكي تعزز موقفها على مادة المفاوضات دون إشارة إلى طبيعة الاتفاق الذي تأمل أن تحصل عليه أوكرانيا عبر المفاوضات.

كما أن الإدارة الأمريكية أعلنت هدفها وهو المحافظة على أوكرانيا دولة مستقلة ذات سيادة، لكنها لم تحدد بوضوح ضمن أي حدود، رغم أن الولايات المتحدة تعترف رسميًا بحدودها عام 1991. وقبل بدء الحرب قال الرئيس بايدن إن بلاده لن تحارب روسيا وتخاطر بوقوع كارثة نووية دفاعًا عن أوكرانيا. ولكن هل يمكن استمرار هذا الموقف إذا اتضح أن السبيل الوحيد للمحافظة على أوكرانيا دولة مستقلة ذات سيادة هو دخول أمريكا الحرب ضد روسيا؟ لا أحد يعرف الإجابة حتى الآن بحسب توماس جراهام.

كل هذا يوضح أن الإدارة ذاتها لم تتفق داخليًا على أهدافها أو أنها تعتقد أن تلك الأهداف لن تصمد أمام قوة النقاش العام. وربما تشعر أيضا بالقلق من أن يؤدي إعلان أهدافها إلى نسف الوحدة الغربية والتحالف مع أوكرانيا فـي مواجهة التدخل الروسي.

ويرى مسؤول الأمن القومي الأمريكي سابقا توماس جراهام فـي تحليله أن هذه إستراتيجية فاشلة، وتهدد الدعم الشعبي المطلوب بشدة لنجاح أي سياسة خارجية فـي المجتمع الديمقراطي. كما أنها تؤكد أنه سيتم هدر الموارد المخصصة لدعم أوكرانيا، فـي الوقت نفسه يعزز اعتقاد روسيا بقدرتها على الصمود أمام الغرب لتحقيق أهدافها من هذه الحرب.

لذلك حان الوقت لكي تبلور الولايات المتحدة رؤية واضحة لما تريد تحقيقه من الحرب فـي أوكرانيا مع وضع استراتيجية لتحقيق هذه الأهداف بنجاح. ويجب أن تستند الأهداف والإستراتيجية إلى الحقائق الموضوعية مع تقييم واضح للمصالح والقدرات الروسية والأوكرانية والأوروبية والأمريكية، وتحديد الموارد التي ستكون مطلوبة لتحقيق هذه الأهداف. كما يجب أن تكون أهدافها لأوكرانيا فـي إطار رؤية أوسع لهيكل مستقبل أمن أوروبا فـي مواجهة استمرار العداء الروسي. فـي الوقت نفسه يجب بلورة مسار للتعايش مع روسيا، بغض النظر عن نتيجة الحرب الأوكرانية، على أساس أنها وإن ظلت خصما إستراتيجيا، فإنها ستظل شريكا ضروريا فـي إدارة الاستقرار الإستراتيجي للعالم، والتعامل مع التهديدات الملحة وفـي مقدمتها مشكلة التغير المناخي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أوکرانیا فـی کما أن

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا تقول إنها دمرت 71 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا

قالت القوات الجوية الأوكرانية اليوم الأحد إن وحدات الدفاع الجوي دمرت 71 من أصل 80 طائرة مسيرة هجومية أطلقتها روسيا الليلة الماضية.

وذكرت القوات الجوية عبر تطبيق تيليجرام أن ست مسيرات روسية أخرى اختفت بعد تحييدها باستخدام وسائل حربية إلكترونية أوكرانية.

وأضافت أن روسيا أطلقت أيضا صاروخين موجهين من جزئين محتلين في منطقة لوجانسك الأوكرانية. ولم تشر القوات الجوية إلى مصير الصاروخين.

المصدر رويترز الوسومأوكرانيا روسيا

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية الصين: لسنا طرفا في الحرب الأوكرانية بل ندعو للسلام
  • روسيا تهاجم مدينة زاباروجيا الأوكرانية لأول مرة باستخدام قنابل انزلاقية تعود للحقبة السوفياتية
  • «الحرب الروسية الأوكرانية».. ماذا تعرف عن خطة النصر الأوكراني؟
  • أميركا لا تعرف أهدافها من الحرب في أوكرانيا
  • تقرير: أمريكا لا تعرف أهدافها من الحرب في أوكرانيا
  • بريطانيا تتوقع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية لما بعد عام 2026
  • "زيلينسكي" يؤكد أنه سيعرض على الرئيس الأمريكي "خطة النصر الأوكرانية"
  • أوكرانيا تقول إنها دمرت 71 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا
  • روسيا تكشف عن موقفها من "قمة السلام" مع أوكرانيا