تدمير الدول أهم الأهداف من خلال نشر الفكر الإرهابى

 

فى كل مرة يطل الإرهاب برأسه القبيح وتغتال يداه الملطخة بالسفك والدماء رجال الشرطة الشرفاء , وفى دراسته القيمة « مفهوم الدولة وتطورها , واستغلال الجماعات الإرهابية للخلافة لهدم استقلال الدول» تناول القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة فى دراسته أن الجماعات الإرهابية تتخذ من الدين ستاراً بدعوى الخلافة إنكاراً لوجود الدول وتدميرها , ويجيب عن السؤال الأصعب الذى تتجنبه كثير من المؤسسات الدينية , هل الخلافة تتناسب مع طبيعة العصر ؟ وأنه يجب ألا تغفل الدول عن مواجهة الإرهاب ولا تغمض العين عنه برهة, وأن وزارة الداخلية ليست وحدها بمعزل عن المجتمع ومؤسسات الدولة الأخرى المكلفة بالقضاء على الفكر الإرهابى , وذلك فى نقطتين فى غاية فى الأهمية هما أولاً: أهم الوظائف الأساسية للدولة, ثانياً : السؤال الأصعب: هل يعد مفهوم دولة الخلافة مناسباً لطبيعة العصر؟

 يقول د محمد خفاجى تكمن أهم الوظائف الأساسية للدولة فيما يلى :  نشر الأمن والأمان فى المجتمع, فلايمكن منح هذه المهمة إلى أى جماعة أخرى وإلا انهارت الدولة , فللدولة وحدها حق ممارسة السلطة التى خولها لها الشعب.

أما حماية موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب : حيث نص الدستور فى المادة 32 منه على أن موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها، وحُسن استغلالها، وعدم استنزافها، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها. كما تلتزم الدولة بالعمل على الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، وتحفيز الاستثمار فيها. وضرورة القيام على توفير الحاجات الضرورية للشعب وخدمات مرافقها العامة  (4) حماية الأمن القومى من الأعداء فى الداخل والخارج ومكافحة الإرهاب :  ووفقا للمادة 86 من الدستور السارى فإن الحفاظ على الأمن القومى واجب، والتزام الكافة بمراعاته مسئولية وطنية، يكفلها القانون. والدفاع عن الوطن، وحماية أرضه شرف وواجب مقدس , ووفقا للمادة 237 تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمنى محدد، باعتباره تهديداً للوطن وللمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة. وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه.

حماية الأمن القومى من أهل الشر ضرورة وطنية

 

ويجيب الفقيه الدكتور محمد خفاجى عن السؤال الأصعب الذى تتجنبه كثير من المؤسسات الدينية: هل يعد مفهوم دولة الخلافة مناسباً لطبيعة العصر ؟ وذلك فى سبع نقاط متتالية 

يقول الدكتور محمد خفاجى يجب أن نشير إلى أن النبى محمد صلى الله عليه وسلم مارس إيصال الرسالة والتبليغ عن ربه، فلمّا توفى النبى صلى الله عليه وسلم - فى 12ربيع أول عام11هـ،)، هُرع الصحابة رضوان الله عليهم إلى الاجتماع فى سقيفة بنى ساعدة، ثم قاموا بمناقشة أمر خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حماية الدين وإدارة شكل الدولة، فاتفقوا بعد خلاف بين المهاجرين والأنصار على تولى الصدّيق أبى بكر خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تتابع الخلفاء من بعده، فى خلافة راشدة (11هـ/41هـ)، ثم خلافة أموية على شكل ملك وراثى (41هـ/132هـ)، ثم خلافة عباسيّة على شكل ملك وراثى (132هـ/656هـ)، ثم دويلات إسلامية كثيرة، ثم خلافة عثمانية على شكل ملك وراثى (699هـ/1341هـ)، ثم عصر دويلات أخرى يحكمها حكّام بطرق وراثية.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى سقطت الخلافة الإسلامية عندما أعلن مصطفى كمال أتاتورك نهاية الخلافة العثمانية وقيام الدولة التركية عام 1924 , وبعدها بأربعة أعوام وتحديدا عام 1928 ظهرت جماعة الإخوان الإرهابية فى مصر على يد مؤسسها «حسن البنا» ونادت بعودة وإحياء فكرة الخلافة الإسلامية مستغلة الدين فى السياسة ضد مفهوم الدولة الحديثة الذى  يتصادم مع فكرة الخلافة، وتعدّدت الجماعات الإرهابية فى القرن الحادى والعشرين التى تشكل نهجاً مستمدا من تلك الجماعة ومن فروعها وعاش المجتمع الدولى فى أيام حالكة السواد ضد حقوق الإنسانية تحت ستار محاولات إحياء الخلافة، منها «القاعدة» و«طالبان»، و«تنظيم داعش»و«أنصار بيت المقدس» ،وغيرها من التنظيمات الإرهابية.

ويشير د محمد خفاجى أنه فى الواقع لا يوجد نص قطعى الثبوت والدلالة  فى إنكار وجود الدولة كوطن يظلل المواطنين أو وجوب أن ينصب المسلمون فى الأرض على رأسهم خليفة أو أميراً يجمع المسلمين كافة فى الأقطار والأمصار تحته لوائه فى بلد واحد , ليحكمها بنموذج حكم بداية نشر الدعوة  أو حكم الخلفاء الراشدين , فذلك النموذج قد ساد فى عصر نشر الدعوة الإسلامية.

ويطرح الدكتور محمد خفاجى تساؤلاً مهماً : هل مفهوم دولة الخلافة الإسلامية يتناقض مع مفهوم الدولة الحديثة ؟ وهل يخالف حقيقة العصر؟ فيجيب أن مفهوم دولة الخلافة الإسلامية يتناقض مع مفهوم الدولة الحديثة ويخالف حقيقة العصر ومعطيات الزمن الحديث , ويتعارض مع تطور الإنسانية عبر تاريخها الطويل , وأنه من باب الاستحالة المطلقة فى العصر الحديث هدم كيان الدول والاستعاضة عنها بمفهوم الخلافة وإلا أدى ذلك إلى الفوضى الدولية التى تقضى على البشرية , فضلا عن أن نظام دولة الخلافة قد اقتضته الظروف التى واكبت وفاة رسول الله من أصحابه للحفاظ على الدين الجديد وليس لازماً أن تقف فكرة الخلافة ضد التطور والتقدم الذى شهدته المدنية الحديثة عبر تاريخها الطويل وعصر العولمة ووسائل الاتصال والتنكولوجيا الحديثة , ذلك أنه ضد طبيعة الحياة التى خلقها الله إلغاء الأوطان بأعراقها المختلفة بحجة الانضواء تحت لواء دولة واحدة تحكم العالم بالعنف والتطرف والإرهاب تحت ستار الخلافة.

ويطرح الدكتور محمد خفاجى تساؤلاً آخر أكثر عمقاً , هل نموذج دولة الخلافة أمر منبت الصلة عن صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان ؟ وهل يتناقض معه لأن صلاحيتها لكل الأزمنة والأمكنة تعنى التطور مع كل المستجدات ؟ أن الشريعة الإسلامية ذاتها صالحة لكل زمان ومكان , لذا نص الدستور المصرى فى المادة الثانية منه على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. أما نموذج دولة الخلافة فأمر منبت الصلة عن صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان بل يتناقض معه لأن صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان تعنى التطور والتناغم والاتساق مع كل المستجدات والمستحدثات فى كل عصر , أما دولة الخلافة فتعنى التحجر والوقوف ضد كل تطور بل ضد سنة الحياة التى خلقها الله تتبدل أحوالها وتتغير فى غير ثبات. 

ويؤكد الدكتور محمد خفاجى أن الجماعات الإرهابية تتخذ من الدين ستاراً بدعوى الخلافة وتسلك العنف والتطرف كشرعة ومنهاجاً لها , والتطرف هو فى حقيقته وجوهره إنكار لوجود الدول وتدمير لكياناتها، ومن ثم فإن الحرب ضد الإرهاب يجب ألا تغفل الدول عن مواجهتها مجتمعة  ولا يجب أن تغمض العين عنها برهة من الزمن هذه البرهة كلفت دولاً بالانهيار وتشتتت شعوبها واحل الرعب فى نفوسهم محل الأمن والأمان , والوقوف ضد الجماعات الإرهابية بحجة الخلافة هو لحماية حقوق الإنسان. وحينما تحمى الدول حقوق الإنسان، فإنها تعالج الأسباب الجذرية للإرهاب.

وفى النهاية يؤكد الدكتور محمد خفاجى أن وزارة الداخلية ليست وحدها وبمعزل عن المجتمع ومؤسسات الدولة الأخرى المكلفة بالقضاء على الفكر الإرهابى , ذلك أنه إذا كانت مواجهة الجماعات الإرهابية مهمة وزارة الداخلية فى الأساس , إلا أنه لا يجب أن تؤديها وحدها وبمعزل عن المجتمع ومؤسسات الدولة الأخرى المتصلة بالقضاء على الفكر الإرهابى منها المؤسسات القضائية والمؤسسات الدينية والمؤسسات الثقافية والمدنية , ولو اعتقدت قيادات الشرطة أنها وحدها تحتكر مواجهة الفكر الإرهابى فلن تفلح فى قلع جذوره منفردة فى غيبة من مؤسسات الدولة الأخرى وعلى قمتها القضاء الوطنى المؤمن بوحدة نسيج هذا الوطن وغيره من مؤسسات الدولة والمجتمع ككل.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المستشار دراسة الجماعات الإرهابية حماية الأمن الامن القومي رجال الشرطة نائب رئيس مجلس الدولة الجماعات الإرهابیة صلى الله علیه وسلم الشریعة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

أحمد فيصل علي بطلاً لتحدي القراءة العربي على مستوى الدولة

توج تحدي القراءة العربي، اليوم، أحمد فيصل علي من مجمع زايد التعليمي في البرشاء بطلاً لتحدي القراءة العربي على مستوى دولة الإمارات. والتي شهدت مشاركة 700 ألف طالب وطالبة، وذلك خلال احتفالية كبيرة، بحضور معالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، وعدد كبير من المسؤولين والتربويين القائمين على مبادرة تحدي القراءة العربي، وأولياء أمور الطلبة المتنافسين، والمهتمين بالشأن الثقافي والمعرفي، وجمع من طلاب وطالبات دولة الإمارات.

أخبار ذات صلة طالب إماراتي في جامعة خليفة ينضم لفريق مهندسين "توكاماك إنيرجي" العالمية فلاي دبي تدشن رحلاتها المنتظمة إلى إسلام أباد ولاهور

وينظم تحدي القراءة العربي، مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، وهو التظاهرة القرائية الأكبر من نوعها باللغة العربية على مستوى العالم، وأطلق في دورته الأولى في العام الدراسي 2015 – 2016 بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله.

المصدر: الاتحاد - أبوظبي

مقالات مشابهة

  • حزب الله: الرد على اغتيال القائد محمد نعمة سيستمر
  • السيرة الذاتية لوزير الدولة للإنتاج الحربي اللواء محمد صلاح الدين
  • بعد آدائه اليمين.. من هو الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف الجديد
  • وزير الأوقاف في الحكومة الجديدة.. من هو الدكتور أسامة الأزهري؟
  • أسامة الأزهري.. السيرة الذاتية لوزير الأوقاف في التشكيل الوزاري الجديد
  • أسامة الأزهري وزيرًا للأوقاف.. جمعة يودع الكرسي بعد 11 عامًا
  • أحمد فيصل علي بطلاً لتحدي القراءة العربي على مستوى الدولة
  • انعقاد برنامج البناء الثقافى لأئمة محافظة سوهاج
  • 30 يونيو | باحث: الجماعة الإرهابية ماتت إكلينيكيًا
  • "انظروا إلينا نرقص".. رواية لـ"هشام النجار" في مواجهة التطرف والإرهاب