لجريدة عمان:
2025-03-18@20:23:39 GMT

الصين وأمريكا- صراع دولي من أجل القوة والنفوذ

تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT

ترجمة: قاسم مكي

أحيانا تبدو السياسة الخارجية للولايات المتحدة وكأنها صورة مِرْآوية (نسخة طبق الأصل) للسياسة الخارجية الصينية. فالأمريكيون مهووسون باحتواء النفوذ الصيني والصينيون مهووسون باحتواء النفوذ الأمريكي. لكن التطابق بينهما ينتهي عندما يتعلق الأمر بالكيفـية التي يتم بها تنفـيذ هذه السياسات. فواشنطن وبكين تأتيان بقوى مختلفة لمعركتهما من أجل القوة والنفوذ.

نتيجة لذلك تتَّبعان استراتيجيات مختلفة.

القوة الفريدة التي تمتلكها الولايات المتحدة هي قدرتها العسكرية واستعدادها لتقديم ضمانات أمنية إلى حلفائها. فالولايات المتحدة لديها اتفاقيات دفاعية جماعية مع 56 بلدا حول العالم وتحديدا فـي أوروبا وآسيا والأمريكيتين. كما تقدم عونا عسكريا حاسما فـي أهميته لبلدان أخرى ليست حليفة بموجب معاهدات رسمية كإسرائيل وأوكرانيا.

الصين بالمقارنة لديها معاهدة دفاع مشتركة مع بلد واحد فقط هو كوريا الشمالية. وخلافا للولايات المتحدة لها أيضا نزاعات حول أراضٍ مع العديد من جيرانها. وهو وضع ينحو إلى الدفع بهم فـي اتجاه الولايات المتحدة.

لكن الصين هي التي تملك الأفضلية والميزة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الاقتصادية. فوفقا لحسابات معهد لوي الأسترالي هنالك حوالي 128 بلدا تزيد معاملاته التجارية مع الصين عن معاملاته مع الولايات المتحدة. وخلال العقد الماضي أنفقت الصين أكثر من تريليون دولار فـي أكثر من 140 بلدا على استثمارات البنية التحتية. وصارت بذلك أكبر بلد دائن فـي العالم وأكبر قوة تجارية فـي العالم. نتائج ذلك واضحة للعيان فـي كل أرجاء المعمورة سواء كانت خط سكة حديد عالي السرعة فـي إندونيسيا أو موانئ وجسور فـي إفريقيا أو طريقا عابرا للقارات يخترق آسيا الوسطي.

يمكن للبلدان الغربية الإشارة إلى عيوب مبادرة الحزام والطريق الصينية. وهي تفعل ذلك. فهذه البلدان تشير تحديدا إلى الديون الضخمة المُستحَقَّة للمقرِضين الصينيين التي تثقل كاهل بلدان مثل باكستان وسريلانكا وزامبيا. لكن بالنسبة للبلدان النامية التي تسعى إلى تحقيق تقدم اقتصادي سريع يظل العرض الصيني جذابا.

فكما أبلغ دانييل رندي وهو مسؤول سابق بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الكونجرس هذا العام بأن «الصين بداية بتحديد المشروع وإلى التوقيع عليه والشروع فـي تنفـيذه وإكماله أسرع وأرخص كثيرا من الولايات المتحدة فـي كل مرحلة من هذه المراحل تقريبا.»

تحاول الولايات المتحدة الحدَّ من تمدد الصين. ففـي العام الماضي وقَّع بنك التصدير والاستيراد الأمريكي اتفاقية لتمويل مشروعات نقل وطاقة بأكثر من بليون دولار فـي أنجولا. لكن مع اتساع عجز الموازنة الأمريكية وعدم تضمين اتفاقيات تجارية جديدة فـي أجندة مداولات الكونجرس سيستحيل على أمريكا منافسة الصين فـي عروضها الاقتصادية.

بدلا عن ذلك يركِّز الأمريكيون على أفضل ما يجيدونه. فنظرا إلى أن إدارة بايدن تسعى لاحتواء القوة الصينية فـي منطقة المحيطين الهندي والصيني عززت الولايات المتحدة روابطها المتعلقة بالأمن الإقليمي «وسجلت أهدافا كثيرة،» بحسب عبارة أحد كبار المسؤولين. وخلال سنوات بايدن يمكن للولايات المتحدة الإشارة إلى تقوية المعاهدة الأمنية اليابانية الأمريكية وتدشين معاهدة «أوكوس» الأمنية مع استراليا وبريطانيا وتمتين الروابط الأمنية مع الفلبين والهند والتقارب بين حليفتين رئيسيتين للولايات المتحدة هما كوريا الجنوبية واليابان.

لكن استراتيجية الولايات المتحدة المرتكزة على الأمن من أجل بسط نفوذها ربما تصل الى حدودها القصوى. فالصين حاليا تستعرض عضلاتها فـي بحر الصين الجنوبي. وتهدد الصداماتُ العنيفة بين السفن الصينية والفلبينية باختبار صلابة تعهدات واشنطن الأمنية.

وفـي مسعى لاحتواء النفوذ الصيني فـي الشرق الأوسط تفكر الولايات المتحدة فـي تأمين اتفاقية سلام إقليمية وأيضا تقديم ضمانات إقليمية. لكن مثل هذا التحرك إشكالي فـي واشنطن. كما سيعني مزيدا من العبء على القوات الأمريكية المُثقَلة سلفا بالتزاماتها فـي أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادي.

لكن مع بلوغ الولايات المتحدة حدود دبلوماسيتها المرتكزة على الأمن، تدخل استراتيجية الصين المرتكزة على التجارة والاستثمار فـي متاعب أيضا. فجهود الرئيس الصيني شي لإحياء الاقتصاد المحلي من خلال الاتجاه مجددا إلى التصدير تثير قلق بلدان نامية عديدة تخشى من تقويض صناعاتها المحلية. لقد زادت مؤخرا كل من إندونيسيا والمكسيك والبرازيل والهند وشيلي رسومها الجمركية على السلع الصينية. وهذا يؤكد ما يدعوه المؤلف جيمس كرابتري «المعضلة الإستراتيجية الكبرى للصين.» فهو يرى أن السياسات التي صاغتها الصين لإنعاش اقتصادها المحلي «تهدد بنسف روابطها مع جنوب العالم».

صحيح، الدعمُ الأمريكي لإسرائيل أضرَّ بالولايات المتحدة فـي جنوب العالم وخصوصا فـي البلدان المسلمة. لكن الصين دفعت ثمنا باهظا من سمعتها فـي أوروبا لموقفها المنحاز فـي حرب أوكرانيا.

التنافس بين الولايات المتحدة والصين ليس سيئا كله لأطراف عديدة أخرى. فبلدان مثل جنوب إفريقيا والفلبين والبرازيل تشعر بامتلاكها مزيدا من الحرية لتحدي واشنطن أو بكين فـي عالم ثنائي القطبية.

لكن حتى بالنسبة للبلدان غير المنحازة هنالك جوانب سلبية كبيرة للتنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين.

فالحمائية وانشطار اقتصاد العالم سيضرُّ فـي نهاية المطاف بالنمو الاقتصادي لأي بلد. وانطلاق سباق تسلح جديد يشكل إهدارا للموارد ويزيد من خطر نشوب حرب كارثية.

أيضا التنافس بين الصين والولايات المتحدة يُضعِف من احتمال تعاون البلدين لمواجهة التحديات العالمية التي تهدد كل أحد مثل الذكاء الاصطناعي غير المنظَّم والاحترار المنفلت لكوكب الأرض. واقع الحال، الاحتفاء بحرب باردة جديدة شطَطٌ كبير وتجاوزٌ للحدّ.

جيديون راكمان كبير معلقي الشؤون الخارجية بصحيفة الفاينانشال تايمز.

ترجمة خاصة لـ عُمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: للولایات المتحدة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

إيران تردّ على «ترامب»: أي عمل عدواني ضدّنا سيواجه بعواقب وخيمة

بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبار مسؤولي إدارته، العلني باستخدام القوة، أكدت إيران “أن أي عمل عدواني ضدها سيواجه بعواقب وخيمة، وأن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية الكاملة عن أي تصعيد محتمل”.

وفي خطاب رسمي موجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، قالت بعثة إيران لدى المنظمة الدولية: “إن الجمهورية الإسلامية “ستدافع بحزم عن سيادتها وسلامة أراضيها ومصالحها الوطنية وفقا للقانون الدولي”.

واتهمت البعثة الإيرانية، الإدارة الأمريكية، “بالسعي إلى تبرير أعمال العدوان وجرائم الحرب التي ارتكبتها واشنطن ضد اليمن”.

وأكدت البعثة أن “هذا الخطاب الأمريكي التحريضي يعد انتهاكا صارخا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لا سيما المادة 2(4) التي تحظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد الدول ذات السيادة”.

وشددت البعثة الإيرانية “على أن طهران ترفض بشدة هذه التصريحات التي وصفتها بـ”الاستفزازية والعدائية”، داعية مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ موقف واضح من مسألة إدانتها”، كما طالبت المجلس “بالضغط على الولايات المتحدة لحملها على الوفاء بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة”.

وأكدت البعثة أن “التهديد باستخدام القوة يُمثل سابقة خطيرة من شأنها أن تُعرض السلم والأمن الدوليين لمخاطر جسيمة، محذرة من أن الصمت الدولي إزاء هذه الاستفزازات قد يؤدي إلى تصعيد غير محسوب العواقب”.

وكانت “أدانت إيران بشدة العدوان العسكري الأخير الذي شنته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على اليمن”، معتبرة أن “هذه العمليات العسكرية تمثل انتهاكا صارخًا لسيادة اليمن وسلامة أراضيه”.

وأشارت البعثة الإيرانية إلى أن “هذا التدخل العسكري يخالف القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ويُشكل تهديدًا خطيرًا للسلام والاستقرار الإقليميين”، وطالبت طهران المجتمع الدولي “بتحمل مسؤولياته”، مؤكدة أن “أي تصعيد عسكري سيسهم في زعزعة الأمن في المنطقة ويفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية في اليمن”.

وكان “توعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران بـ”عواقب وخيمة”، وحملها المسؤولية عن أي هجوم تنفذه حركة “أنصار الله” اليمنية، وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن الولايات المتحدة ستستخدم “القوة المميتة الساحقة” في اليمن حتى تحقق أهدافها هناك”.

 :

مقالات مشابهة

  • باحث: الولايات المتحدة منحازة لنتنياهو.. وممارساته الوحشية تهدد موقف إسرائيل دوليًا
  • علاج مكثف لكنو قبل مواجهة الصين
  • الأزهر يدين العدوان الصهيوني على غزة ويدعو لتحرك دولي عاجل
  • إيران تردّ على «ترامب»: أي عمل عدواني ضدّنا سيواجه بعواقب وخيمة
  • الولايات المتحدة: الطبيبة التي تم ترحيلها إلى لبنان لديها صور للتعاطف مع حزب الله
  • العدوان على اليمن يتسبب بازمة شحن دولي
  • الإمارات وأمريكا.. شراكة للتنمية وتعزيز الاستقرار العالمي
  • الأخوين ماركيز.. صراع عائلي على قمة سباقات الدراجات النارية
  • صراع القوة يهدد مستقبل دولة جنوب السودان
  • ارتفاع عدد قتلى العاصفة القوية التي ضربت الولايات المتحدة إلى 28