جمهور المسرح يحطمون الجدر ويعزفون الزمر بشغف فني
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
تقدم المسرحية عددا من الرؤى والرسائل المختلفة، وهي في شكلها التراجيدي تسعى أن توضح الصراع بين المتغيرات المتعددة، بين الماضي الذي يفسر وجوده من خلال حامل كتاب التاريخ، والتمرد من خلال الحطاب الثائر الذي أبى السكوت على الظلم وراح يكسر الجدر، وبين الخوف الذي يسكن في أبيلا المقيدة بسلاسل ضليل.
واختار المخرج في المسرحية أن يوظف الجوقة بشكل كبير في المسرحية، وتكون هي نمط التعبير السائد عن معظم حالات الموجودين على الخشبة، وهو ما أسهم في إعطاء المسرحية أبعادا لاقت استحسان الجمهور وإعجابهم.
تعقيبا على عرض "الجدر" ..
وعقبت العرض المسرحي جلسة تعقيبية أدارها هلال الزيدي، قالت فيها الدكتورة نرمين الحوطي: "أن نص مسرحية "الجدر" يحمل كلمات وعبارات رمزية، والكلمة لها ابعاد نفسية للمثل، وما يميز المسرحية أن البطل فيها لم يكن شخصا واحدا، وإنما جميع عناصر العرض السمعية والبصرية جعلهم المخرج أبطال يتحدثون عما كتب في النص".
وتحدث الحوطي عن أبرز ما ميز العرض المسرحي حيث أكدت على أن حضور الجوقة بأسلوب المخرج استطاع أن يضفي جماليات للعرض، وأضافت: "المخرج استطاع توظيف الكلمة من خلال الاداء الحركي، وكذلك مشهد الشجرة الذي تكونت في أحد المشاهد باستخدام الممثلين، كما أن لغة الجسد والأداء الحركي للمثلين استطاع إيصال الكثير من التفاصيل للجمهور، إضافة إلى ضرورة التأكيد على أن عناصر النص المسرحي كلها مرتبطة برؤية المخرج وكلمة المؤلف، ووظف المخرج الموسيقى الحية الصادرة من الإنسان بصورة رائعة، لا سيما صوت الخطوات".
كما تحدث الفنان المعتمد اليافعي عن العرض المسرحي فقال: "النص جميل وعميق لما طرحه في كثير من الاسقاطات
اسقاط سياسي، واجتماعي، نبدأ بالعنوان ودلالته، حيث يرمز الجدر إلى الجدار او الحاجز أوالمانع، ذلك الحاجز الذي يمنع التجديد والحرية والاصلاح، ليقف بجانب العبودية والاستبداد، ويوضح الفرق بين الحقيقة والزيف، والاختلال والتوازن".
ركز اليافعي في مداخلته على النص الذي استعرض مجموعة من حواراته ذات العمق والأبعاد المختلفة، وقال: "اختار الملك ضليل أن يضع البلدة في دائرة مغلقة للحد الذي أصبحت فيه المدينة باهتة لا لون فيها الا اللون الرمادي"، وأضاف: "تسوء احوال اهل المدينة الى ان جاء اليوم الذي حدث فيه ما كان متوقعا من سكان المدينة، صنعوا فؤوسا للقضاء على الوباء اللعين".
وقال اليافعي أن أسماء الشخوص في العرض المسرحي كان له دلالات رمزية جميلة، حيث ترمز "امورنا" لآلهة فرعوني، وهو إله الخصب والخصوبة والولادة، وضليل هو من يسير على الضلال.
كما تداخل الحضور والمشاركين في نهاية الندوة متحدثين عن مواضع القوة والضعف في العمل المسرحي.
فعاليات مصاحبة ..
واحتضن المهرجان صباح اليوم عدد من الفعاليات المصاحبة للمهرجان حيث أقامت فرقة مسرح مسقط مؤتمرا صحفي عن عرضها المسرحي "الزمر"، من تأليف عبدالله البطاشي، وإخراج جاسم البطاشي.
كما أقيمت جلسة حوارية لضيوف المهرجان، أدارها الفنان زكريا الزدجالي، وتحدث فيها الدكتور مرزوق بشير أستاذ الدراما والنقد بكلية المجتمع بدولة قطر، والدكتور مصطفى حشيش أستاذ المسرح بجامعة المنوفية في جمهورية مصر، حول تجربتهم المسرحية، وضرورة أن يرفع الوعي بأهمية المسرح حتى يكون مستمرا ومعطاء، وعرج المتحاورون في الجلسة للحديث عن المسرح التجريبي، كما تم التطرق للحديث عن أهمية استمرار إقامة المهرجانات المسرحية لما لها من فائدة تعود للمسرح وإثراء الساحة الفنية والمسرحية.
سايكولوجية الشخصية المسرحية
وضمن الأنشطة المرافقة لمهرجان المسرح العماني الثامن نظمت إدارة المهرجان صباح اليوم ورشة عمل بعنوان "سايكولوجية الشخصية المسرحية"، قدمها المسرحي العُماني عمير أنور البلوشي، ، تناولت الورشة بشكل معمق الجوانب النفسية للشخصيات المسرحية، ودورها الحيوي في تعزيز أداء الممثلين على الخشبة وبناء علاقة متينة مع الجمهور.
واستعرض البلوشي في ورشته مدارس في التحليل النفسي، مستندًا إلى "مثلث هاوكينز للوعي"، والذي يُعدّ من الأساليب البارزة لفهم الشخصيات في المسرح. وشرح كيفية تطبيق هذه النظرية لفهم أعمق للعواطف والمعتقدات النفسية التي تحرك الشخصيات، مما يسهم في تقديم أداء تمثيلي متكامل وتفاعلي.
وخلال الورشة، قُدّم للمشاركين فرصة لتطوير مهاراتهم في فهم دوافع الشخصيات وكيفية توقع تصرفاتها، الأمر الذي يساعد على تجسيدها بشكل أكثر واقعية وإقناعاً، وتم تخصيص جزء عملي من الورشة لتطبيق هذه التقنيات، حيث تم تقسيم المشاركين إلى مجموعات لتمثيل مشاهد تفاعلية تعكس الفهم النفسي العميق للشخصيات.
ولم تقتصر الورشة على الجانب النظري فقط، بل تضمنت مداخلات من شخصيات بارزة في المجال، من بينهم الفنان الكويتي عبدالله التركماني، الذي تحدث عن تجربته في المسرح وربط السيكولوجيا بالحياة اليومية، وأكد أن هذا العلم ليس مقتصرًا على الممثلين، بل يشكل أداة تعبير فعّالة لكل فرد في المجتمع.
في ختام الورشة، شجع البلوشي المشاركين على مواصلة دراسة السيكولوجيا المسرحية، مؤكدًا أنها تفتح آفاقًا جديدة للإبداع وتطوير الأداء المسرحي. وتجدر الإشارة إلى أن عمير أنور البلوشي يُعتبر من الأسماء الصاعدة في المسرح العماني، حيث حصل على العديد من الجوائز المحلية والدولية في مجالات التمثيل والإخراج بلغت 9 جوائز، وشارك في عدة مهرجانات مسرحية على المستوى العربي والدولي، وهو أحد خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت بتخصص تمثيل وإخراج.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العرض المسرحی فی المسرح
إقرأ أيضاً:
"الفنون الشعبية" و"أوركسترا الأوبرا" تُشعلان حماس جمهور معرض الكتاب
شهد معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 إقبالًا جماهيريًا كبيرًا على العروض الفنية التي قدمتها "فرق الفنون الشعبية" و"أوركسترا الأوبرا المصرية"، حيث تفاعل الحضور بحماس مع الفقرات الموسيقية والاستعراضية التي مزجت بين التراث الأصيل؛ والإبداع المعاصر.
وقدمت "فرقة سوهاج للفنون الشعبية"، التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، عروضًا مبهرة مستمدة من التراث السوهاجي الأصيل، حيث تألقت في تقديم الأغنيات الصعيدية التراثية التي لاقت تفاعلًا واسعًا من الجمهور.
وتنوعت العروض، بين عزف الربابة؛ ورقصات التحطيب الشهيرة، والتي تم تسجيلها ضمن قائمة التراث غير المادي المصري؛ بمنظمة اليونسكو، مما أضفى على الفعاليات بعدًا ثقافيًا عالميًا؛ وبين كل استعراض وآخر، قدّم الفنان عصام عبد الله؛ فواصل غنائية أضفت على الأجواء طابعًا احتفاليًا.
وفي لمسة فنية خاصة، استضاف "مسرح بلازا 2"؛ "فرقة عمان للفنون الشعبية"، بوصفها "ضيف شرف المعرض"، حيث قدمت عرضًا استثنائيًا عكس ثراء التراث العماني وتنوعه الموسيقي، وتميّز العرض بمزيج فريد جمع بين الفنون العمانية التقليدية، مثل "فن البرعة"، إلى جانب "الفلكلور العماني الأصيل".
من جهة أخرى، قدمت "أوركسترا دار الأوبرا المصرية"؛ عرضًا موسيقيًا ساحرًا، حيث عزف مجموعة من المعزوفات المبهرة التي دمجت بين الموسيقى الكلاسيكية والمعاصرة في تناغم واضح، حيث تفاعل الجمهور بشغف مع أداء الأوركسترا.
وعكست هذه الفعاليات التنوع الفني والثقافي الذي يحتضنه معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث نجح في دمج الفنون التراثية والمحلية مع الموسيقى العالمية، ما أضفى على المعرض بُعدًا احتفاليًا جعل منه ليس فقط ملتقى فكريًا، بل أيضًا ساحة إبداعية تحتفي بالفن بجميع أشكاله.
مناقشة ديوان "الصباح رباح" في معرض القاهرة الدولي للكتاب
من ناحية أخرى ، وفي إطار الفعاليات الثقافية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، شهدت قاعة العرض بجناح وزارة الثقافة ندوة أدبية لمناقشة ديوان "الصباح رباح" للشاعر إبراهيم محمد إبراهيم، بحضور الناقدة الدكتورة فاطمة الصعيدي، أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة حلوان.
استهلت الندوة بقراءة الشاعر إبراهيم محمد إبراهيم لبعض قصائد الديوان، أعقبها تعليق الدكتورة فاطمة الصعيدي التي أشادت بأسلوبه الشعري العميق، مؤكدة أنه شاعر يسعى إلى ما هو أبعد من الواقع، ويستلهم روحه من التراجيديا البطولية.
وتطرقت الناقدة إلى استخدام ضمير المتكلم في الديوان، مشيرةً إلى أن اللجوء إليه يعبر عن الذات الشاعرة وانفعالاتها، رغم أن الشاعر نفسه قد ينكر حضوره داخل النص. واستشهدت بقصيدة "وحيد" التي حذف منها الشاعر الضمير لكنه يظل حاضرًا ضمنيًا، مؤكدةً أن التناص مع قصة إبراهيم عليه السلام وتحطيمه للأصنام يحمل بعدًا فلسفيًا وشعريًا عميقًا.
كما ألقت الضوء على البنية التركيبية لعناوين الديوان، حيث اختار الشاعر 24 عنوانًا مفردًا، فيما جاءت ست قصائد بأسماء مركبة مثل "مسجد جانبي لسفارة أجنبية" و"مرايا بني عبّاد".
وعلّقت على المعجم اللغوي للديوان، مشيرةً إلى سيطرة الألفاظ ذات الطابع الحزين والمحبِط، مما دفعها إلى التساؤل حول غياب الطاقة الإيجابية في التعبيرات الشعرية.
ردًا على ذلك، أوضح إبراهيم محمد إبراهيم أن الشاعر ليس بالضرورة أن يفسر نصوصه، لكنه يسعى لاستفزاز القارئ، بحيث يستدعي الأخير الأمل من خلال مواجهة الحزن في النصوص. كما كشف أن التنمر الذي تعرض له في طفولته بسبب مشاكل في النطق دفعه لكتابة الشعر، حيث وجد فيه وسيلة للتعبير عن معاناته وتحويل الألم إلى إبداع.
أثارت الناقدة تساؤلًا حول تكرار ذكر القطط والفئران في قصائد الديوان، فأجاب الشاعر بأن القط يمثل الروح في التراث، كما أنه كان يخشاه في طفولته بعد أن كان يقتل القطط، فحاول مواجهة هذا الخوف عبر الكتابة عنه. أما الفأر، فهو بالنسبة له رمز الغربة والوحدة، إذ كان يعيش وحيدًا في فترة من حياته، فلم يجد رفيقًا سوى الفأر.
فيما يتعلق بالجانب الموسيقي، أوضحت الناقدة أن إبراهيم محمد إبراهيم يجمع بين شعر التفعيلة وقصيدة النثر، وأن إتقانه للشعر العمودي في بداياته ساعده على امتلاك أدواته الإيقاعية بمهارة. كما أشارت إلى الموسيقى الداخلية في نصوصه، والتي تجلّت في استخدام التكرار، المد، والمقابلات اللفظية.
في ختام الجلسة، أشادت الصعيدي بديوان "الصباح رباح"، مؤكدةً أن الشاعر يملك رؤية عميقة وصورًا شعرية مكثفة، حيث لا يعتمد على الألفاظ البراقة بقدر ما يهتم بالتفاصيل الصغيرة التي تُحدث تأثيرًا كبيرًا. واعتبرت أن قصيدة "الوفاء" ستكون من الأعمال الباقية، نظرًا لأنها تعبر عن حاجة إنسانية تتجاوز تجربة الشاعر الشخصية، لتصبح ملكًا للقارئ والمجتمع بأسره.